أفظع أزمة إنسانية.. هذه وسائل أميركا وأوروبا لحسم الملف السوري

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع أميركي أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لديها "أوراق ضغط" يمكن اعتمادها لحسم الملف السوري وإنهاء "أفظع الأزمات الإنسانية" في العصر الحديث.

وأوضح "ّذا أتلانتك كاونسل" في تقرير له أن "واشنطن وبقية العواصم الغربية مطالبة بتعويض تقاعسها لسنوات طويلة، عبر العمل بجدية لإيقاف المجازر التي يرتكبها النظام السوري في حق شعبه بدعم من حلفائه".

ومثل سابقاتها -إدارة دونالد ترامب وباراك أوباما- أبقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التوقعات منخفضة فيما يتعلق بسياستها تجاه سوريا.

ورغم عودة المحاربين القدامى في إدارة أوباما إلى البيت الأبيض إلا أن هناك القليل من المؤشرات على أن اختصاصهم ينطوي على تغييرات كبيرة في الموقف، مع استثناء واحد رئيس وهو الرغبة المعلنة في إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه إدارة ترامب عام 2018، وفق الموقع الأميركي.

مشهد مقفر

ومنذ بدء انتفاضتهم الشعبية قبل عقد من الزمن، راقب السوريون، بلا حول ولا قوة دعم الجيش الإيراني لمجازر نظام بشار الأسد.

وقاد الحرس الثوري الإيراني العديد من العمليات البرية لسحق التمرد بوحشية، ومع تقدم المليشيات المدعومة من إيران في سوريا، توسعت المناطق التي تخضع للقيادة الإستراتيجية لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني - حتى اغتياله من قبل واشنطن في يناير/كانون الثاني 2020-.

كما اكتسبت هذه المليشيات قوة كبيرة في الدول المجاورة، مما جعل المسؤولين الإيرانيين يتفاخرون بأنهم يعتبرون عدة عواصم عربية تابعة لهم، والحديث هنا عن صنعاء وبغداد ودمشق وبيروت، بحسب "The Atlantic council".

وفي هذا "المشهد السياسي المقفر"، يبدو أن الولايات المتحدة ترى فقط تنظيم الدولة، كسبب للاحتفاظ بموطئ قدم صغير في بلد مدمر، وتستمر في تجاهل التداعيات الهائلة التي يعاني منها ملايين اللاجئين السوريين في المنطقة وعلى الشواطئ الأوروبية في الوقت الذي تضاعفت فيه أعدادهم.

كما تواصل الولايات المتحدة النظر في الاتجاه الآخر، حيث تترسخ إمبريالية إيران المطلقة في جميع أنحاء المنطقة، مخلفة وراءها  الدمار في العديد من البلدان.

ولا تزال تتخيل واشنطن أن القوة الروسية يمكن أن تحقق في نهاية المطاف استقرارا هشا، مما يسمح للولايات المتحدة وحلفائها بالبقاء مجرد متفرجين على الديناميكيات المتغيرة في المنطقة، وفق التقرير.

ويسيطر "حزب الله" حاليا على لبنان، ويربط مصيره بمصير نظام الأسد ويقود البلاد إلى الانهيار الداخلي، وقد سمحت هيمنة إيران غير المنضبطة في المنطقة لحزب الله أن يفرد أجنحته وأن يصبح أكثر حزما، ويهدد علنا جميع القوى السياسية الأخرى في البلاد ويواصل تنفيذ اغتيالات للمنتقدين، آخرها مقتل الصحفي لقمان سليم في بيروت.

وبينما تحكم المليشيات المدعومة من إيران بالإرهاب من لبنان إلى ما وراء شرق سوريا والعراق، أثبتت روسيا نفسها كصانع الملوك الذي يدير الشؤون الدفاعية والسياسية السورية ويترك الأسد حرا في قمع شعبه.

ومع ذلك، لا تستطيع روسيا إيجاد مخرج من المستنقع السوري أو إقناع الاتحاد الأوروبي بتمويل حتى إعادة الإعمار الجزئي للمناطق التي دمرها سلاحها الجوي.

ويتصرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كفائز، لكن فوزه يعتمد على قدرته على جني أموال من استثماره العسكري في سوريا منذ بدء التدخل العسكري عام 2015.

وأرسل بوتين وزير خارجيته سيرغي لافروف، إلى الخليج لحشد الدعم من حلفاء الولايات المتحدة، والذين أكدوا أن الوقت قد حان للترحيب بسوريا  - في ظل نظامها الحالي - مرة أخرى في حظيرة الدول العربية.

وتقول الولايات المتحدة إنها تتطلع إلى "تغيير سلوك نظام الأسد ومساعديه، لكنها بذلت قصارى جهدها من أجل تحقيق هذا التغيير".

وكانت الإجراءات الأميركية الوحيدة هي نظام عقوبات من خلال قانون "قيصر" ودعم رمزي للعملية السياسية التي نص عليها قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254.

احتواء الكارثة

وأمام عدم وجود آلية لفرض تحقيق الأهداف المعلنة للجنة الدستورية التي فوضتها، سمحت واشنطن للأسد بفرصة أخرى للتباطؤ بينما يستعد للانتخابات الرابعة، وينهار السكان تحت وطأة الانهيار الاقتصادي الساحق.

وطالما لم تتخذ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مقاربات جديدة، سيستمر الوضع في التدهور بالنسبة للشعب السوري، واللاجئين  ودول الجوار المضطربة بشكل متزايد.

وفي ظل الوضع الراهن، لا يرغب اللاجئون في العودة، ولا تخدم المساعدات الإنسانية سوى النظام، أما السوريون فبالكاد قادرون على الصمود في محافظة إدلب.

كما يعاني السوريون بمناطق النظام، في ظل التضخم المفرط والقمع المستمر، ولايبدو أن ظروفهم  تتحسن، بل تزداد سوءا يوما بعد يوم.

ولذلك يتحتم على إدارة بايدن، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، فتح صفحة جديدة في تعاملاتها مع داعمي نظام الأسد والصراع السوري، لأن النظام وأنصاره لا يتفاعلون إلا مع التهديدات الموثوقة.

وفيما أعلن بايدن مؤخرا أن "أميركا عادت" وأبلغ وزير الخارجية أنطوني بلينكين، حلفاء الناتو، أن الولايات المتحدة "تريد إعادة بناء شراكاتها وتنشيط الحلف"، تعد سوريا مكانا جيدا للبدء بالنظر إلى تداعيات الصراع على الدول الأعضاء في الناتو.

ويجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اغتنام فرصة إجراء مفاوضات جديدة حول خطة العمل الشاملة المشتركة، لربط أي اتفاق مع إيران بانسحاب جميع المليشيات التي تدعمها من سوريا ولبنان، والإصرار على عدم الفصل بين البلدين في هذا الصدد، وفق التقرير.

كما يجب على واشنطن وبروكسل سحب دعمهما لعملية اللجنة الدستورية التي تديرها روسيا حتى تضغط موسكو على الأسد وقواته للإفراج عن جميع المعتقلين، كما هو مطلوب بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254. 

وأيضا يجب عليهم فرض وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لجميع السوريين، والعمل على إجبار بوتين على دفع ثمن التكلفة الكبيرة لاستخدام حق النقض ضد المساعدات الإنسانية عبر الحدود دائما، وفق التقرير.

وتابع التقرير: "تمتلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بطاقات سياسية ومالية قوية في مواجهة روسيا، لقد حان وقت تقديم الحجج الأخلاقية حول ضرورة احتواء الكارثة السورية .. لكن حان الوقت الآن لعقد الصفقات وممارسة ضغوط ذات مصداقية على حلفاء الأسد، واستغلال ضعف النظام  السوري الذي أصبح على وشك الانهيار..".

وبدون خطوات حاسمة، ستجد الولايات المتحدة نفسها تتعامل مع قضايا "أكبر بكثير"، حيث تستمر المشاكل في الازدياد من حيث الحجم، وقد تكون المنطقة هي أول من يدفع الثمن، كما لا يمكن لواشنطن ولا حلفائها الإقليميين ضمان الخروج سالمين "من هذا المستنقع".

وختم التقرير بالتأكيد على أنه "بعد 10 سنوات من التردد والتقاعس الدولي الكارثي، أصبحت سوريا الآن بؤرة أعظم الجرائم ضد الإنسانية في التاريخ الحديث، والفشل الجماعي للمجتمع العالمي، لذلك فقد حان الوقت للخروج من الوهم القائل بأن المصالح الأميركية لم تتأثر بهذا الصراع وأن ما يحدث في سوريا يبقى في سوريا".