فائق الشيخ علي.. سياسي شيعي فضح دور إيران بالعراق ورشح نفسه للحكومة

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"فاضح المليشيات، ومحطم الديكتاتورية، ومشيع المدنية في العراق"، هكذا يصف نفسه السياسي والبرلماني العراقي، فائق الشيخ علي، الذي طالما أثار الجدل بتصريحاته ضد الأحزاب السياسية الممسكة بالسلطة، والدور الإيراني في "قتل العراقيين" بعد عام 2003.

الشيخ علي يعد أحد أبرز المعارضين العراقيين لنظام صدام حسين في الخارج من تسعينيات القرن العشرين، قبل أن يعود إلى العراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، ويصبح نائبا في البرلمان لدورتين متتاليتين منذ عام 2014، ويطمح إلى رئاسة الحكومة.

عدو المليشيات

السياسي الليبرالي ابن مدينة النجف الدينية في العراق، هاجم في أكثر من مناسبة المليشيات وقادتها، متوعدا بمحاسبتها وإعدام كل من تورط بإزهاق أرواح العراقيين، بالقول: "لا خيار لدي سوى القضاء على المليشيات إلى الأبد إذا وصلت إلى رئاسة الحكومة".

الشيخ علي قال خلال مقابلة تلفزيونية في 25 مارس/ آذار 2021 بأنه "لن  يمارس أيا من صلاحياته إذا وصل إلى رئاسة الحكومة، إلا بعد القضاء على المليشيات بمساعدة الشعب العراقي، وسأجعلهم بين مقتول وهارب إلى خارج الحدود، والقاتل أقتله لو يصبح عددهم مليون، ولا يرجف لي جفن".

وأوضح أنه "مجرد إعلان فائق الشيخ علي رئيسا للوزراء، فإن هؤلاء القتلة والمليشيات لن يبقى واحد منهم في العراق لثانية واحدة، لأنني سأذبحهم مهما كانوا، لذلك فإنهم سيعودون إلى أصلهم في إيران، وعندها سألاحقهم حتى أعيدهم وأحكامهم".

ويعدد الشيخ علي انجازاته منذ دخوله العملية السياسية في العراق عقب 2003، بالقول: "فضحت كل أساليب المليشيات القائمة على إدارة صالات القمار والخمور والملاهي. حطمت كل ساعي إلى الدكتاتورية سواء بزمن صدام حسين أو نوري المالكي، وكل شخص يطمح إلى ذلك أنهيته".

وتابع: "أنا راعي المدنية في العراق ومشيع هذه الثقافة، وأنا أبو المدنية، وربيت جيلا عظيما سيمسك الدولة مستقبلا ويقضي على كل هؤلاء المرتزقة الذين رهنوا مصير البلد والشعب العراقي بيد الخارج".

ووصف الشيخ علي كل عراقي قاتل إلى جانب إيران في الحرب العراقية الإيرانية خلال ثمانينيات القرن العشرين، بأنهم "خونة"، وخص منهم بالذكر "زعيم مليشيا بدر هادي العامري، ونائب رئيس الحشد الشعبي السابق أبو مهدي المهندس، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي".

وفي مقابلة تلفزيونية عام 2020 توعد الشيخ علي، هادي العامري بملاحقته دوليا بتهمة قتل المتظاهرين، وإعدامه في ساحة التحرير وسط بغداد أمام العراقيين، مستغربا مما أسماه "الهالة التي وضع فيها العامري".

فاضح إيران

الشيخ علي يتهم إيران باستمرار بأنها وراء مقتل مليون عراقي عقب الاحتلال الأميركي عام 2003، وذلك لأنها أدخلت تنظيم القاعدة إلى العراق بحجة محاربة الأميركيين في العراق، حسبما صرح بذلك.

وكشف السياسي العراقي تفاصيل لقاء سري عام 2004، وقال إن "لقاء سريا حصل بيني وبين علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني آنذاك في غرفة مغلقة لوحدنا وكانت لغة الحوار بيننا بالعربية، لأن أبطحي يتحدث العربية بلهجة لبنانية".

وأضاف الشيخ علي أنه سأل أبطحي خلال حديث استمر ساعتين: "لماذا تدخلون القاعدة إلى العراق؟، فأجابني: نحن كحكومة ضد هذا العمل، أنا ورئيس الجمهورية (وقتها) محمد خاتمي، لسنا مع إدخال القاعدة إلى العراق، لكن القرار ليس منا وإنما من جهة أعلى، القرار بيد خامنئي (مرشد إيران) الذي يوعز إلى الحرس الثوري بإدخالهم".

وأردف: "تحدثنا بشيء من التفصيل عن كيفية إدخال إيران القاعدة إلى العراق، وكانت أعداد عناصر القاعدة الذين يعيشون في إيران بالآلاف، وذلك بعد القصف الأميركي لحركة طالبان والقاعدة في أفغانستان، ونزوح الكثير منهم إلى إيران".

وتابع: "استقبلتهم إيران في مدنها ومعسكراتها عند الحدود الأفغانية وآوت قياداتهم وقدمت لهم كل ما يحتاجون، وعندما دخل الأميركيون للعراق، سهلت دخولهم تحت ذريعة مقاومة الأميركيين".

وفي أغسطس/ آب 2018، طالب الشيخ علي من الحكومة الإيرانية دفع تعويضات مالية قدرها 11 مليار دولار، تعويضا "عن دعمها تنظيم القاعدة، وإدخاله إلى العراق".

وغرد الشيخ علي على "تويتر" قائلا: "ردا على مطالبة نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني محمود صادقي، العراق بتعويضهم عن الحرب بـ1.1 مليار دولار، فإنني باسم عوائل ضحايا الإرهاب أطالبك وأطالب دولتك بـ11 مليار دولار، تعويضا عن مليون عراقي قتلتموه، حينما أدخلتم القاعدة إلى بلادنا منذ 2003 بحجة محاربة الأميركيين".

مرشح الحراك

على ضوء المظاهرات الشعبية الواسعة التي شهدها العراق في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، تصاعدت حظوظ فائق الشيخ علي، بتقديمه، مرشحا إلى رئيس الجمهورية لترؤس الحكومة الانتقالية عقب استقالة رئيس الحكومة في وقتها عادل عبد المهدي.

ورفعت صور الشيخ علي في ساحات الاعتصام الرئيسة في 10 محافظات وسط وجنوب العراق، بعد رفضهم عشرات الشخصيات السياسية والبرلمانية التي طرحتها كل الأطياف السياسية لتسلم المنصب.

ونظم الشيخ علي استفتاء على موقعه الرسمي قبل تقديم ترشيحه رسميا إلى رئاسة الجمهورية، صوت عليه نحو 135 ألف شخص، وحازت الموافقة على ترشيحه في هذا الاستفتاء على 67 بالمئة من الأصوات، فيما صوت 33 بالمئة بالرفض.

وفي تصويت أجراه الإعلامي الساخر أحمد البشير، حول ترشيح الشيخ علي، صوت نحو 176 ألف شخص، وحازت الموافقة على ترشيح الشيخ علي 82 بالمئة من الأصوات، مقابل 18 بالمئة كانوا رافضين.

كما أظهرت نتائج استفتاء أجراه الصحفي ستيفن نبيل، بشأن تكليف الشيخ علي برئاسة الوزراء، موافقة 78 بالمئة من المصوتين أمام رفض 22 بالمئة منهم، حيث صوت على هذا الاستفتاء نحو 197 ألف شخص.

وبدأ اسم الشيخ علي يدخل ضمن الحسابات السياسية، بعد أن كانت فكرة ترشيحه متداولة شعبيا فقط، عندما نشرت صفحة صالح محمد العراقي المقربة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اسم الشيخ علي من بين 3 أسماء أخرى قال إنه لمس رضا الشعب والمتظاهرين عليهم.

والشخصيات هم كل من رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي (رئيس الوزراء الحالي) والقاضي رحيم العكيلي والنائب فائق الشيخ علي، قبل أن يتراجع "العراقي" عن الأسماء الثلاثة.

لم تأخذ القوى السياسية والجهات الرسمية، بترشيحات ساحات الاحتجاج للشيخ علي بنظر الاعتبار، رغم رفع الأخير اسمه بكتاب رسمي إلى رئيس الجمهورية برهم صالح يطالبه بتكليفه بتشكيل الحكومة.

لاجئ سياسي

فائق دعبول الشيخ علي محامي وسياسي ليبرالي عراقي من مواليد محافظة النجف عام 1963، تخرج في كلية القانون والسياسة جامعة بغداد - قسم القانون عام (1986 - 1987).

رغم ولادته لأسرة دينية شيعية معروفة في النجف، فقد دعا ومنذ عام 1991 بعد انتفاضة مارس/ آذار أو "الشعبانية" في العراق، إلى إقامة الدولة المدنية الديمقراطية التي تحافظ وتحمي المجتمع بأكمله بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية.

كان الشيخ علي قائدا للمجموعة التي أفرجت عن الأسرى الكويتيين في أحد سجون محافظة النجف، أثناء المواجهات المسلحة التي اندلعت مع القوات العراقية خلال الانتفاضة.

وغادر الشيخ علي العراق عام 1992 إثر مشاركته في الانتفاضة إلى منطقة رفحاء في السعودية، وكان مسؤولا عن إنشاء مخيم رفحاء للاجئين العراقيين هناك، والتي غادرها بعد عامين إلى جمهورية إيران، حيث قضى فيها شهرين.

لم يشعر الشيخ علي بارتياح في إيران من اليوم الأول، لكنه اضطر للبقاء فيها لشهرين بسبب وضع زوجته الحرج التي كانت توشك على ولادة ابنته الأولى أروى، وبعدها اتصل بالسلطات السعودية وطلب منهم مساعدته للخروج من إيران، وفقا لتصريحاته خلال مقابلته التلفزيونية في 25 مارس/ آذار 2021.

الشيخ علي وصل الرياض بعدها واستخرجت السلطات السعودية له جوازا دبلوماسيا سعوديا بمساعدة مباشرة من رئيس الاستخبارات العامة الأمير تركي الفيصل، وغادر منها إلى العاصمة البريطانية أوائل يناير/كانون الثاني 1993 ومكث فيها حتى سقوط نظام صدام.

اندمج الشيخ علي سريعا في صفوف المعارضة العراقية وعاش معارضا سياسيا خلال عقد التسعينيات، وأصبح مقربا من السياسي العراقي سعد صالح جبر، نجل رئيس الوزراء في العهد الملكي صالح جبر.

صحاف المعارضة

كان الشيخ علي كثير الظهور في القنوات الفضائية يهاجم نظام صدام حسين، الأمر الذي جعل السلطات العراقية تعتقل والدته ووالده وشقيقه وشقيقته وتظهرهم على القناة الرسمية وهم يتبرؤون من ابنهم ويطالبونه بالكف عن مهاجمة النظام.

وشارك في العديد من الاجتماعات والمؤتمرات للمعارضة العراقية في المملكة المتحدة، من بينها الاجتماع التداولي للمعارضة في أبريل/ نيسان 1993 وآخرها مؤتمر لندن في ديسمبر/ كانون الأول 2002.

ونشر العديد من البحوث والمقابلات والتحليلات السياسية في التسعينيات من القرن الماضي في كبريات الصحف والمجلات العربية الصادرة في لندن كـ (الحياة) و(الوسط) و(العراق الحر) و(المؤتمر) وغيرها، وكان كاتبا أسبوعيا في صحيفة (الحياة) اللندنية طوال 7 سنين (1994 - 2001).

 كانت له لقاءات كثيرة قبل عام 2003، خصوصا على قنوات الـANN والجزيرة والمستقلة، حيث عرف بصحاف المعارضة العراقية، في إشارة إلى محمد سعيد الصحاف آخر وزير إعلام في عهد صدام حسين. 

إلا أنه انقطع عن المشهد السياسي لثمانية أعوام بعد 2003 قبل أن يعود بشكل أقوى عام 2011 بعد حلقة مثيرة للجدل في شهر رمضان هاجم فيها المسؤولين القائمين على الحكم بالأسماء وتحدث عن ملفات الفساد في عدد من الوزارات كالدفاع والكهرباء والتجارة.

أسس الشيخ علي حزب "الشعب للإصلاح" وهو حزب ليبرالي مدني وضع له نظاما داخليا وعارض بشدة سياسة حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وأشاد الشيخ علي في أكثر من مقابلة مثيرة للجدل برئيس العراق الراحل أحمد حسن البكر كونه وزع الأراضي على المواطنين وبنى الدولة، وقال إن "حذاءه يشرف الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، والتي أتت بهم الولايات المتحدة من الشوارع ونصبتهم قادة للبلد".

كما امتدح في أكثر من مقابلة قوة صدام حسين وقدرته على إدارة البلد، وأنه كان خصما يستحق الخصومة، ولا يصح الكلام ضده بعد وفاته كون ذلك ليس من الشجاعة بشيء، فالشجاعة مهاجمته أثناء وجوده بالسلطة لا بعد ذلك.