"إيران المستفيدة".. معهد عبري يدافع عن أنظمة عربية أمام انتقادات بايدن

12

طباعة

مشاركة

رأى معهد دراسات عبري أن جعل حقوق الإنسان أولوية قصوى في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط سيقوض الأنظمة العربية ويضعف التحالف المناهض لإيران، وهو بالضبط ما فعله الرئيس السابق باراك أوباما "بشكل مدمر". 

وأشار معهد القدس للإستراتيجية والأمن العبري إلى أنه منذ دخول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، يبدو أن إسرائيل والولايات المتحدة في مسار تصادمي.

ويرى المعهد أن الخوف في إسرائيل يأتي بعد الاستنتاجات والتقديرات التي تشير إلى أن الإدارة الديمقراطية لن تصمد في وجه مهارات إيران التفاوضية الممتازة وستقبل في النهاية شروطها للعودة إلى الاتفاقية النووية الموقعة في عام 2015. 

وتابع المعهد، أنه على الرغم من تصريحات كبار المسؤولين الحكوميين بأنهم سينجحون في التوصل إلى اتفاق نووي أفضل في المرحلة الثانية، يبدو أن هناك قدرا كبيرا من "السذاجة" في هذا الأمر.

ونوه إلى أنه بعد تخفيف الخناق عن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة دونالد ترامب، من غير المرجح أن تتوصل الولايات المتحدة إلى اتفاق أفضل في المستقبل.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد وعدت بالتشاور مع إسرائيل وحلفائها العرب في كل خطوة تقوم بها في السياق الإيراني، فإن تل أبيب لا تتوقع الكثير من هذه الاتصالات.

ويعتقد المعهد أن الهدف الأميركي هو فقط إخراج الملف النووي الإيراني من جدول الأعمال. وتشترك معظم الدول في أوروبا أيضا في هذا الاتجاه، مما يزيد من الشعور الإسرائيلي بالتهديد.

ولفت إلى أنه بالنظر إلى إيران النووية كخطر وجودي، لا يمكن للحكومة الإسرائيلية قبول نهج إدارة بايدن في هذه القضية, في ضوء التقدير المتمثل بوجود احتمال ضئيل لارتكاب طهران أخطاء أو الانسحاب من مطالبهم.

وتدرك إسرائيل أنه سيتعين عليها التعامل مع اتفاقية مماثلة لتلك الموقعة في عام 2015، على الرغم من معارضتها الشديدة.

وطالب المعهد العبري الحكومة الإسرائيلية باتخاذ قرارات صعبة. وبحسب رئيس الأركان أفيف كوخافي، فإن الجيش الإسرائيلي يعمل بالفعل على تحديث خططه للعمل العسكري ضد إيران.

ولا تعارض الولايات المتحدة تهديدا عسكريا لإيران كجزء من نفوذها، لكن من الواضح أن هجوما إسرائيليا أثناء تفاوض واشنطن مع طهران سيلحق الضرر بإدارة بايدن.

الدبلوماسية والعقوبات

وأشار رئيس معهد القدس للإستراتيجية والأمن البروفيسور افرايم عنبار، إلى أن الكثيرون في إسرائيل يعتقدون أن الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية قد استنفدت فائدتها في إزالة التهديد النووي الإيراني.

ولفت إلى أن العمليات السرية التي تهدف إلى إبطاء المشروع النووي الإيراني هي التي يجب الاستثمار فيها، لمنع وصول طهران إلى القنبلة النووية.

 وإذا تصرفت إسرائيل بدافع من الغرائز الوجودية ووجهت ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية، فستواجه حتما إدارة أميركية لا تشارك تل أبيب في تصور التهديد الإيراني الملقى عليها وتؤمن باعتقاد ديني تقريبا في الدبلوماسية.

ويرى عنبار أنه لا يزال من غير الواضح موقف إدارة بايدن من الاتفاقات الإبراهيمية (التطبيع العربي مع إسرائيل)، وهو إنجاز للإدارة السابقة، والتي هي في الأساس تحالف مناهض لإيران، وفق قوله.

فهل تبتعد واشنطن عن التحرك المهم للمنطقة لإرضاء طهران أم ستستخدمها كرافعة ضد إيران؟ هل ستحاول الإدارة توسيع نطاق تلك الاتفاقات لتقوية إسرائيل وتقليص شكوكها؟

كما تتابع إسرائيل بقلق تصريحات واشنطن الأخيرة للسعودية ومصر (بشأن الملف الحقوقي)، خاصة في ظل غياب حقوق الإنسان كقضية في العلاقات الأميركية مع إيران. 

وأكد عنبار على أن شطب إدارة بايدن الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية ومنع المساعدات للسعودية خلال حربها في اليمن، وهي دولة ذات أهمية إستراتيجية كبيرة، خطوة غير حكيمة تقوي إيران ومبعوثيها، وفق قوله.

وقد يؤدي الارتباط بين تل أبيب وموسكو أيضا إلى زيادة التوترات بين إسرائيل والولايات المتحدة.

ولفت البروفيسور إلى أن إسرائيل تنسق حاليا أنشطتها العسكرية ضد إيران في سوريا مع روسيا ويخدم هذا التنسيق مصلحة أمنية مهمة.

 وبحسب تقارير أجنبية، مولت إسرائيل مؤخرا نقل لقاحات كورونا روسية الصنع إلى النظام السوري مقابل إطلاق سراح شابة إسرائيلية عبرت الحدود إلى سوريا. ولم يتضح بعد رد بايدن على التقارب بين إسرائيل وروسيا.

وأضاف البروفيسور: "قد تميل إدارة بايدن إلى التدخل في الانتخابات (البرلمانية) الإسرائيلية (23 مارس/آذار)".

ويقول: "يمكن النظر إلى الأزمة السياسية الإسرائيلية المستمرة والتي قد لا تنتهي بعد الانتخابات المقبلة، على أنها فرصة لمحاولة التخلص من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وترقية أحد المرشحين الذي سيكون أكثر راحة للإدارة (الأميركية)".

وتدخلت الإدارات الأمريكية السابقة، بما في ذلك إدارة أوباما، التي شغل بايدن خلالها منصب نائب الرئيس فيها، في السياسة الداخلية لإسرائيل، وكانت هذه التدخلات غير ناجحة بشكل عام، وفق الكاتب. ولكن عندما فاز نتنياهو في الانتخابات أثار ذلك استياء واشنطن، ونشأت التوترات الأولية بين البلدين.

قطار دبلوماسي

ويرى البروفيسور إن العلاقات مع الولايات المتحدة ركيزة من ركائز الأمن القومي لإسرائيل, إلى الحد الذي تقلل فيه الولايات المتحدة من دورها في الشرق الأوسط.

وقد تتمتع إسرائيل بمجال أوسع للمناورة وعلى الرغم من أنها لم تستجب دائما للرغبات الأميركية، فإنها يجب أن تفعل ذلك بحكمة وعزم، في محاولة لتقليل الضرر الذي قد يلحق بالتحالف القوي بين البلدين.

وعلى صلة، أشارت صحيفة هآرتس العبرية إلى أن قطار بايدن الدبلوماسي غادر إلى إيران ولن يتوقف في إسرائيل، "فإذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات ، فسنتراجع على الفور عن جميع الخطوات التي اتخذناها".

 وكانت الكلمة الافتتاحية الرئيسة في بيان أصدره وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف هي في البداية "إذا".

ولفتت الصحيفة العبرية إلى أنه في الأيام الثلاثة الماضية (منتصف مارس/آذار)، كانت هناك مناقشات حميمة في الإدارة الأميركية، وبينها وبين الشركاء الأوروبيين الذين وقعوا الاتفاقية النووية مع طهران في عام 2015. 

ينص الموقف المعلن للرئيس الأميركي جو بايدن على أنه لن يتم رفع العقوبات قبل أن تتوقف إيران عن انتهاك الاتفاقية والعودة إلى الوضع الذي كان محددا لها في الأصل.

ومن جانبها تطالب إيران برفع العقوبات كشرط سابق لاستئناف الاتصالات بين الطرفين.

وتساءل المحلل السياسي في صحيفة هآرتس "تسفي برئيل" عن مدى مقدار المساحة المتبقية للتفاوض بين هذين الموقفين الحازمين، اللذان يفتحان طريق "الدبلوماسية الحذرة" كما حدد بايدن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي؟

 افتراض العمل هو أن كلا الجانبين مهتمان بإحياء اتفاقية 2018 التي انسحبت منها، وفق قوله.

وأوضح بايدن في حملته الانتخابية أن هذه هي نيته، وأن هذه هي القضية الأولى في جدول أعماله السياسي.

ولفت المحلل برئيل إلى أنه في العامين الماضيين، لم تتوقف إيران عن الادعاء بوجود الاتفاق النووي, وانتظرت عاما قبل أن تبدأ في انتهاك بنودها، وحتى الآن تعلن أن "كل ما تطلبه هو أن تفي الولايات المتحدة بالتزاماتها بموجب الاتفاقية" .