جورج حسواني.. رجل روسيا في دمشق يواجه اتهامات بتفجير مرفأ بيروت

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

عاد رجل الأعمال السوري المثير للجدل جورج حسواني، إلى الواجهة مجددا، بعد اتهامات وجهت إليه بخصوص صلته بالانفجار الذي دمّر مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، ولقي فيه 200 شخص مصرعهم.

ونفى حسواني، خلال تصريحات صحفية من العاصمة السورية دمشق، في 28 يناير/كانون الثاني 2021، أي صلات له بالانفجار، بقوله إنه لا يعرف شيئا عن شركة لها صلة بعملية شراء شحنة نترات الأمونيوم التي انفجرت في المرفأ، وفق وكالة "رويترز".

وبعد أيام على تداول معلومات تتحدث عن تورط حسواني، في ملف شحنة نترات الأمونيوم، التي خزنت لسنوات في مرفأ بيروت قبل أن تنفجر، تعرض نجله باسل، في 19 يناير/ كانون الثاني 2021، لمحاولة اغتيال في بلدته يبرود (شمالي دمشق).

تفجير المرفأ

جاء اسم حسواني في تقارير أوردتها "رويترز" وقناة "الجديد" اللبنانية، في يناير/ كانون الثاني 2021، بعد أن تبين أن شركة "هيسكو" لأعمال الهندسة والبناء التي كان يمتلكها أبقت على سجلها التجاري بنفس العنوان المسجلة به شركة "سافارو" المحدودة في لندن.

وكانت الشركة التي طلبت شحنة نيترات الأمونيوم التي تستخدم في صناعة الأسمدة، ومقرها موزامبيق، قد قالت إنها طلبت الشحنة من خلال شركة "سافارو"، لكن حسواني قال إنه لجأ إلى شركة "انترستاتوس" القبرصية لتسجيل شركته، وهي الوكيل نفسه الذي قام أيضا بتسجيل "سافارو".

وأضاف حسواني لـ"رويترز" أن "الشركة الوكيلة نقلت موقع تسجيل الشركتين إلى العنوان نفسه في اليوم ذاته"، واصفا ذلك بأنها ليست سوى محض صدفة بسبب لجوء الشركتين إلى الوكيل نفسه، وأن الاتهامات الموجهة إليه عبر التقارير "زوبعة إعلامية".

وكشف تحقيق تلفزيوني عرضته قناة "الجديد" اللبنانية، في 13 يناير/ كانون الثاني 2021، عن تورط رجال أعمال سوريين مقربين من نظام الأسد في شحنة نترات الأمونيوم، هما مدلل خوري وجورج حسواني.

وبحسب التقرير، فإن عنوان شركة سافارو ليمتد -التي اشترت المواد الكيميائية عام 2013- في لندن كان هو نفس عنوان شركات مرتبطة برجلي الأعمال جورج حسواني وعماد خوري.

وأفاد موقع قناة "الحرة" الأميركية في 20 يناير/ كانون الثاني 2021، بأن حسواني يعمل في لبنان بغطاء من حزب الله اللبناني، إضافة إلى تمتعه بعلاقات وثيقة بضباط كبار في جهاز الأمن العام اللبناني، الأمر الذي يمنع إصدار مذكرة اعتقال بحقه في قضية مرفأ بيروت.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في 20 يناير/ كانون الثاني 2021 بأن شحنة نترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت تعود إلى حسواني، حيث كان من المفترض نقل الشحنة إلى سوريا لخدمة نظام بشار الأسد بتصنيع براميل متفجرة لاستخدامها في عملياته العسكرية.

وذكر المرصد الحقوقي أن أميركا أدرجت اسم حسواني ضمن قائمة العقوبات التي تستهدف رجال أعمال مقربين من النظام السوري، بعد اتهامه بنقل مواد كيماوية إلى سوريا ليستخدمها النظام ضد شعبه.

"حاكم يبرود"

حسواني مسيحي مقرب من النظام، ويوصف بأنه "حاكم يبرود" الفعلي مسقط رأسه في ريف دمشق، يمتلك اتصالات متشعبة داخل سوريا وخارجها، ويعمل في الظل أكثر الأحيان، ولا يظهر إلا نادرا في وسائل الإعلام.

درس في الاتحاد السوفييتي بمعهد البوليتكنيك، ونال فيه شهادة الدكتوراه عام 1979 عبر منحة مقدمة من وزارة التعليم السورية. وبعد تخرجه عمل أستاذا في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، ثم عُين مديرا لمصفاة بانياس السورية لمدة وجيزة.

حسواني تزوج من امرأة روسية الجنسية، وله ابنة منها، ثم طلقها وتزوج بأخرى سوريا، والتي يرجح أن يكون نجله باسل منها. وله صهر يدعى عربش، يعتبر بمثابة يده اليمنى في جميع المشاريع النفطية.

في مطلع تسعينيات القرن العشرين، بدأ حسواني الحاصل على الجنسية الروسية، بتأسيس عدة شركات منها شركته، "حسواني إخوان"، والتي ساهمت في أعمال ثلاث منشآت روسية اثنتان منهما لخياطة الألبسة، والثالثة لصناعة الدراجات الهوائية.

لاحقا أسس حسواني شركة "هيسكو" للهندسة والإنشاء، ودخل من خلالها بقوة في عالم الأعمال، حيث نفذ مشاريع عدة مع شركات سورية حكومية تعمل في مجال النفط والغاز، كما نفذ مشاريع لوزارات الطاقة والنفط والثروة المعدنية والصناعة، وكذلك لوزارة الدفاع.

وتعتبر "هيسكو" ذراعا لشركة روسية تدعى "ستروي ترانس غاز" وقعت عقدا مع الشركة السورية للغاز لبناء مصنع لمعالجة الغاز، وتجهيز حقول له في حقل توينان القريب من الرقة.

امتد عمل "هيسكو" مع "ستروي ترانس غاز" إلى بلدان أخرى مثل: السودان والجزائر والعراق الإمارات العربية المتحدة، ويملكها الملياردير الروسي كنادي تيمجينكو، وهو وثيق الصلة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأمر الذي مكّن حسواني من إقامة صلات وثيقة مع الأوساط الاقتصادية والسياسية العليا في روسيا.

وكان لحسواني الدور الأبرز في إقناع الشركة الروسية بمواصلة مشاريعها بعد صدور قرار العقوبات الغربية بحق الشركات الأجنبية العاملة في سوريا على خلفية قيام النظام السوري بارتكاب جرائم بحق الشعب.

وسيط نفطي 

بعد سيطرة تنظيم الدولة على مناطق شاسعة من الأراضي السورية الغنية بالغاز والنفط، ومنها مشروع "توينان" للغاز الواقع ما بين مدينة الرقة وتدمر، أبرم جورج حسواني صفقة مع التنظيم لاقتسام عوائد "توينان"، بحسب تقارير  لمواقع سورية.

وتحدث تقرير لموقع "عين المدينة" في 10 ديسمبر/ كانون الثاني 2021، عن ما قال إنها اتفاقية بين حسواني وتنظيم الدولة، تعهد خلالها الأخير بحماية موظفي المشروع، والسماح لهم بتغيير ورديات عملهم عبر قاعدة عسكرية تابعة لجيش النظام في محافظة حماة وذلك نظير اقتسام الطرفين إنتاج المشروع الذي يذهب لتغذية محطة حلب الحرارية لتوليد الكهرباء.

بحيث تحصل الحكومة على 50 ميغاواط من الكهرباء، ويحصل تنظيم الدولة على 70 ميجاواط، يضاف لها 300 برميل من مكثفات النفط. وتعهدت شركة "هيسكو" بدفع 50 ألف دولار لتنظيم الدولة مقابل حماية المشروع والمعدات التي بداخله.

وحصلت الشركة في الوقت نفسه على مبلغ 120 مليون يورو من وزارة النفط، كتعويضات عن التجهيزات والآليات والمعدّات التي تعرّضت "للنهب والتخريب"، دفعتها الوزارة بموجب بند التأمينات في العقد الموقع بين الطرفين وذلك بعد خروج موقع مشروع غاز "توينان" عن سيطرة النظام مطلع 2013، وفقا للتقرير.

وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول 2015، وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتهامات لحسواني، بالمتاجرة بالنفط السوري مع تنظيم الدولة. 

وقال: "لدينا إثباتات، وسنبدأ بكشفها للعالم، بتورط موسكو في تهريب النفط السوري"، مشيرا إلى اسم رجل الأعمال السوري جورج حسواني "الذي يحمل جواز سفر روسيا"، والذي بحسب أردوغان يستفيد من النفط الذي يستخرجه المسلحون من الحقول التي يسيطرون عليها في سوريا والعراق.

لكن حسواني فسّر حديث الرئيس التركي بأنه مجرد تصديق "لمقال نشر على الإنترنت" وبأن أردوغان حاول تعزيز العقوبات الأميركية التي صدرت بحقه عام 2015. 

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على رجل الأعمال السوري جورج حسواني وشركته هيسكو، التي تمتلك مرافق لإنتاج الطاقة في سوريا في أراض يسيطر عليها تنظيم "الدولة"، بتهمة شراء النفط من التنظيم لصالح النظام السوري، كما أدرج الاتحاد الأوروبي اسم الرجل على قائمته السوداء في مارس/آذار 2015.

كما يعتبر رجل روسيا في دمشق، أحد أهم المفاوضين في صفقة "راهبات معلولا"، في مارس/آذار 2014، وأشرف أيضا على استمرار إقامة القداديس طوال الأزمة السورية، ويعتبر محصنا من أي اعتداء ممكن بسبب الدعم الروسي الكبير له.

وكانت الراهبات اختطفن على يد مقاتلين من "جبهة النصرة" من دير (كنيسة) "مار تقلا" الأرثوذكسيفي ديسمبر/ كانون الأول 2013، وجرى الإفراج عنهن في إطار عملية تبادل معتقلين مع النظام السوري الذي أطلق في المقابل سراح مئة وخمسين امرأة سجينة لديه.