صحيفة إفريقية: السيسي ديكتاتور يحكم بالخوف لكن مصيره السجن أو القبر

12

طباعة

مشاركة

رغم أن رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي يفرض استبداده وديكتاتوريته بالقوة على الشعب، فإن "نظامه لا يمكن أن يحافظ على ثباته وقوته على المدى الطويل".

هذه خلاصة نشرتها صحيفة "Africa report"، تطرقت فيها إلى ما أسمته "خوف السيسي"، مستدلة على ذلك بحديثه الشهير إلى الطلاب في الأكاديمية العسكرية في القاهرة ديسمبر/كانون الأول 2020، من خلف لوح زجاجي مضاد للرصاص. 

وفي هذا السياق تقول ميشيل دن، كبيرة الزملاء والمديرة في برنامج الشرق الأوسط التابع لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن إنه "بالنسبة للديكتاتور الذي يحكم بالخوف، من الأفضل عدم المخاطرة".

وترى أنه "لا يوجد انتقال للسلطة في مصر، السيسي يحكم بالإكراه لا بالرضا والناس مرعوبون حقًا".

وتقول دن إن المصريين الذين خضعوا للصمت يعتقدون في السر أن حكم السيسي غير مستدام وأن المصير المرجح له، في السلطة منذ الانقلاب العسكري في 2013، هو "السجن أو القبر". 

وفقدت المؤسسات المدنية مثل القضاء والسلطة التشريعية وهيئة التدقيق استقلاليتها في عهد السيسي، كما شوهت السيطرة العسكرية السياسة الاقتصادية للبلاد. 

ولم يتم إيلاء الاهتمام الكافي للقضايا الأساسية مثل ضمان إمدادات المياه، وبناء الصناعات التحويلية أو الخدمات التي يمكن أن توفر الوظائف، وفق دن.

وبدلاً من ذلك، كانت هناك فورة في الإنفاق على التسلح، كما سُمح للشخصيات العسكرية بجني الأموال في قطاعات متنوعة مثل الإسمنت ووسائل الإعلام بينما كان القطاع الخاص مزدحماً.  والنتيجة، كما تقول دن، هي نقص في الاستثمار الإنتاجي، لا سيما خارج قطاع الطاقة.

تدهور اقتصادي

وأثر فيروس كوفيد-19 (كورونا) على الاقتصاد المصري بشدة، وتضاءلت أهمية احتياطيات النفط والغاز في البلاد وسط تحول عالمي للطاقة. ورغم أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ساعدتا مصر من خلال استيعاب القوة العاملة الزائدة، لكن اقتصاداتهما الآن في مأزق.

وتشير الخبيرة إلى أنه "لا توجد إستراتيجية اقتصادية يمكن تمييزها، وعلى الرغم من إدراك السيسي لأهمية المالية العامة، إلا أنه لا يفهم كيف يعمل الاقتصاد". 

كان هناك الكثير من التركيز على المشاريع الضخمة "لمجد السيسي" مثل توسيع قناة السويس التي لم تؤت ثمارها بسبب نقص الطلب. وتقول الخبيرة "لا يمكن لمصر أن تصبح دولة غنية في صادرات الغاز".

لا يوجد تناقض ضروري بين السيطرة العسكرية والازدهار الاقتصادي إذا سمح للمؤسسات القائمة على السوق بالعمل، كما يقول هاري برودمان، رئيس ممارسة الأسواق الناشئة في Berkeley Research Group LLC في واشنطن.  

لكن السيسي لا يؤمن بذلك وينظر للأمر من زاوية سياسية حيث يرى أن الجيش ضروري لمنع خطر الفوضى، وفق برودمان.

ويقول إن السيسي "لا يظهر أي مؤشر على وجود أجندة إصلاح مستقبلية"، ذلك أن برنامجه يقتصر على الإثراء الشخصي واحتواء المعارضة، وهو "غير مستدام" كخطة حكم. 

وأدلت دن بشهادتها أمام لجنة فرعية تابعة للكونغرس الأميركي في سبتمبر/أيلول 2020، ونقلت أن مصر بحاجة إلى إعادة التفكير في مناهجها في الزراعة واستخدام المياه وكذلك وضع برنامج للحد من النمو السكاني إذا أريد وقف انهيار الأمن الغذائي.

وقالت إن "حوالي 3 بالمئة فقط من أراضي مصر صالحة للزراعة، وهذا يتضاءل بسبب تغير المناخ، في الوقت الذي يتواصل فيه إهدار المياه بسبب ممارسات الري القديمة".

ويبني السيسي عاصمة إدارية جديدة على بعد 30 ميلاً شرق القاهرة، بتكلفة تقدر بنحو 58 مليار دولار، ويجري بناء المدينة من قبل الجيش باستثمارات صينية.

وفي هذا السياق قالت دن للكونغرس إنه لم تكن هناك حاجة لعاصمة جديدة في الصحراء وأن المشروع "إشكالي للغاية" من حيث استهلاك المياه، مؤكدة أن القروض المستقبلية لمصر يجب أن تكون مشروطة بالإصلاحات التي تقضي على الامتيازات العسكرية وتسمح للقطاع الخاص بخلق فرص عمل. 

ضرائب المستهلك

يتوقع برودمان أن يلوح الحكم السليم في الأفق كمعيار للسياسة الخارجية في ظل إدارة جو بايدن أكثر من دونالد ترامب، الذي وصف السيسي بأنه "الديكتاتور المفضل" لديه، حيث يرى الخبير بأن "بايدن سيقدم المشروطية". 

ويضيف برودمان: "ذلك قد يدفع مصر إلى الاقتراب من فلك الصين. وفي حين أن النظام قد يكون مستدامًا من حيث التمويل الخارجي، فإن السيسي محكوم عليه بإثارة المزيد من الاضطرابات الاجتماعية".

ويقول إن وحشية القمع تظهر عدم ثقة رئيس النظام المصري في إمكانية استمرار حكمه.

وحتى قبل تفشي فيروس كورونا، أصبحت الإيرادات الحكومية تعتمد بشكل متزايد على الضرائب غير المباشرة المرتبطة بطلب المستهلكين.

 وفقًا لفرانسوا كونرادي، كبير الاقتصاديين السياسيين في NKC African Economics في كيب تاون، شكلت الإيرادات الضريبية 78 بالمئة من إجمالي الإيرادات الحكومية في عام 2019، مقابل 65 بالمئة في عام 2002.

وانخفضت الضرائب المباشرة التي شكلت 51 بالمئة من الضرائب في 2007، إلى 34 بالمئة في 2019، في حين قفزت حصة الضرائب غير المباشرة من 34 إلى 48 بالمئة.

وكانت عائدات المنح من حكومات الخليج التي دعمت السيسي بما يصل إلى 100 مليار جنيه مصري (6.4 مليار دولار) في عام 2014، ضئيلة في عام 2019. 

 ولا يبدو أن لدى السيسي إستراتيجية واضحة لتسليم السلطة. وعلى الرغم من أنه يسعى إلى ترقية أبنائه، فإنهم ما زالوا أصغر من أن يكون لهم مكانة رفيعة أو خلفاء موثوقين، كما تقول دن.

وتضيف "إذا مات الآن، سيتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة زمام الأمور"، مبينة أن "خوف السيسي من المعارضة يجعله يرفض السماح لأي شخصية معارضة ذات مصداقية بالتنافس معه في الانتخابات الرئاسية".

لكن حتى الانتخابات التي لا تعدو كونها تمثيلية يمكن أن تصبح نقطة محورية للمعارضة السياسية، كما تقول دن.

وبمجرد انتهاء أسوأ ما في الوباء "لن يكون السياق الإقليمي والعالمي لطيفًا مع بلد مثل مصر، فقد يكون من الممكن للنظام البقاء على قيد الحياة لبضع سنوات أخرى ولكن ليس لعقود"، وفق دن.