"لوب لوج": سمعة بن سلمان تمنع السعودية من التدخل في الجزائر

الاستقلال - قسم الترجمة | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

حذر  موقع "لوب لوج" من التدخل السعودي الإماراتي في تشكيل مستقبل الجزائر السياسي عقب إعلان رئيس البلاد عبدالعزيز بوتفليقة استقالته بعد احتجاجات جماهيرية واسعة استمرت لأسابيع رافضة ترشحه لولاية خامسة.

وبيّن مقال مدير معهد دراسات دول الخليج، جورجيو كافيرو، أن الدول المعادية للثورات في المنطقة، التي تتزعمها كل من السعودية والإمارات، تتخوف من صعود الإسلاميين في الجزائر إلى قمة السلطة.

موت الثورة يريحهم

وقال كافيرو: "في عام 2011، كان هناك الكثير من التفاؤل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأن ما يسمى بثورات الربيع العربي ستجعل المنطقة أكثر ديمقراطية"، مضيفا: "مع ذلك، وعلى مدى الثمان سنوات الماضية، أصبحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر استبدادا".

ومضى قائلا: "هذا العام، يؤمّن رئيس النظام المصري بصفة أساسية رئاسته مدى الحياة، بينما يشن السودان حملة على المتظاهرين، وأصبحت الملكيات الخليجية أكثر استبدادا، والعالم العربي يقبل بشكل أساسي بعودة النظام السوري إلى الساحة الدبلوماسية الإقليمية".

وأوضح: "فكرة أن الربيع العربي ميت توفر شعورا بالراحة لقادة الخليج الذين ارتجفوا من موجة الحراك الثوري السابقة". ولفت المقال إلى أن المسؤولين في الرياض وعواصم الخليج الأخرى مصممون على منع تكرار ما حدث عام 2011.

ونوّه كافيرو بأن الحملة على المعارضين (الإسلاميين والعلمانيين على حد سواء) في هذه البلدان المعادية للثورة منذ عام 2011 كانت قاسية بشكل خاص.

ومضى يقول: "لكن قادة دول الكتلة التي تناهض الثورات، وهي الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات العربية المتحدة، فعلوا أكثر من مجرد تشديد قبضتهم في الداخل".

وأضاف: "على حد تعبير مارك لينش (أستاذ علوم سياسية متخصص في الشرق الأوسط)، فإن هذه الكتلة المعادية للثورة جددت المنطقة بأكملها في محاولة لمنع ربيع عربي آخر".

وأردف الكاتب: "على سبيل المثال، قدمت الرياض وأبو ظبي الدعم الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري لحكام آل خليفة البحرينيين في عام 2011، وقامتا بتمويل الانقلاب المصري عام 2013، ورعتا الجنرال الليبي خليفة حفتر وحاصرتا الدولة الوحيدة في الخليج التي تؤيد الربيع العربي؛ وهي قطر".

السعودية تترقب

لكن، وبحسب الكاتب، فإن المظاهرات الأخيرة في شوارع الجزائر والسودان تشير إلى أن الربيع العربي لم يمت.

ونوه بأن القيادة في السعودية وغيرها من الدول المؤيدة للوضع الراهن في العالم العربي تخشى من أن ينتشر التغيير من القاعدة إلى القمة في الجزائر والسودان عبر الحدود الدولية.

وأشار إلى أن الخبير الأمريكي، بروس ريدل، يقول: إن "المسؤولين السعوديين الذين يراقبون الأحداث في الجزائر يشعرون بالقلق من الآثار المترتبة على إزاحة زعيم مسن عاجز بشكل متزايد بسبب المظاهرات الشعبية والمطالب بإقامة نظام سياسي أكثر انفتاحاً، وهي أمور مستهجنة من قبل النظام الملكي السعودي المطلق".

ولفت كافيرو إلى أن الاحتجاجات الأخيرة في العراق والأردن ولبنان والمغرب وتونس تقول إن الشارع العربي يستعيد صوته في عام 2019.

ومضى يقول: "من المرجح أن القيادة في الرياض تأمل في أن تظل الدولة العميقة في الجزائر (الجيش الجزائري والأجهزة الأمنية وأباطرة رجال الأعمال) في السلطة في البلد المغاربي".

هل تُقنع أمريكا بدعم الجيش؟

وأوضح أنه مثلما دعمت السعودية الجيش الجزائري في عام 1992 -بمساعدة مالية وبتشجيع جورج  بوش الأب على أن يحذو حذوها- فمن المحتمل أن تحاول القيادة في الرياض مساعدة السلطات الجزائرية على الحفاظ على سيطرتها على البلاد، خاصة في أعقاب استقالة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة التي أعلن عنها مؤخرا.

لكن، وبحسب الكاتب، فمع انخفاض أسعار النفط بشكل دائم والحرب الباهظة في اليمن، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح، قد لا تملك الرياض أموالاً كافية لمساعدة قادة الجزائر على الحفاظ على سلطتهم، علاوة على الوفاء بالالتزامات المالية تجاه مصر والدول العربية الأخرى.

وأضاف: "علاوة على ذلك، يعاني ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من مشكلة في السمعة في الجزائر؛ إذ أن المتظاهرين احتجوا على زيارته للبلاد العام الماضي، كما قام الرئيس الجزائري بتجاهله من خلال إلغاء اجتماعهما".

ونوه كافيرو بأنه من غير الواضح ما إذا كانت الرياض تستطيع إقناع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدعم الجيش الجزائري، وأشار إلى أن أسوأ سيناريو في الجزائر من وجهة نظر السعودية سيكون نشوء نظام سياسي في الجزائر معادٍ للوضع الراهن.

الخوف من الإسلاميين

ولفت إلى أن الرياض تخشى من صعود الإسلاميين في الجزائر، على غرار مصر في 2011/2012، لا سيما على خلفية الغضب في الشارع العربي الناجم عن تودد الدول العربية إلى إسرائيل.

ومضى يقول "في فبراير/ شباط، هاجم عبد الرزاق المقري، رئيس الحزب الجزائري "حركة مجتمع السلم" المتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين، الرياض وأبو ظبي بسبب دعمهما لـصفقة القرن، وأعلن أن المملكة تستغل نفوذها وصلاتها لفرض تنفيذ اتفاق القرن وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في حين أن دولة الإمارات تلفق المخطط مع دولة الاحتلال لتجسيد مثل هذه المؤامرة".

وبحسب كافيرو فإنه في سياق جيوسياسي أعظم، يشعر المسؤولون في الرياض وأبو ظبي بالتوتر حيال أن تشكل العلاقات الودية للإسلاميين الجزائريين مع قطر وتركيا لحقبة ما بعد بوتفليقة في البلاد بما يزيد من إبعاد الجزائر عن نفوذ المملكة.

وأضاف: "في قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في تونس، كان هناك إجماع كبير في المناقشات حول الأزمة العميقة في الجزائر والسودان".

ومضى يقول: "لكن مع اتحادهم لقمع جماعي لإرادة مواطنيهم، فضلا عن تجاهل الحاجة إلى إصلاحات يمكن أن تعالج المظالم الأساسية، فإن هذه الحكومات الاستبدادية لا تضع الأسس لاستقرار طويل الأجل، إذا لم يتم تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، وإذا لم يشعر الجمهور بالرضا عن الخدمات الحكومية، فإن الغضب المدني سيغلي حتماً في شكل مقاومة للسلطات، بغض النظر عن مدى حكمها القمعي".

وأضاف الكاتب: "ما سيحدث بعد ذلك في الجزائر، حيث يتجمع المواطنون العاديون ضد النخب العسكرية والتجارية والسياسية، سيكون مهمًا للغاية بالنسبة لمستقبل المنطقة".

وتابع بقوله: "في النهاية، يبدو أن معظم الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي قد تعلمت الدروس الخاطئة من أحداث 2011، وتعتقد الآن أن المزيد من القمع فقط هو الذي يمكن أن يحقق الاستقرار في زوايا غير مستقرة في المنطقة". ولفت إلى أن النخبة الحاكمة في الجزائر تتبنى مثل هذا التفكير معرضة نفسها للخطر.

لاعبين أساسيين

وكان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة قدم استقالته من منصبه إلى المجلس الدستوري مساء الثلاثاء الماضي. وأعلن المجلس، الأربعاء، شغور منصب الرئيس.

وبموجب الدستور الجزائري يتولى رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح رئاسة البلاد بالوكالة لمدة أقصاها 90 يوما، تجري خلالها انتخابات رئاسية.

وعقب استقالة بوتفليقة، أصبحت العملية الانتقالية السياسية في هذا البلد أكبر تحد تواجهه البلاد.

وقبل ساعات قليلة من إعلان الاستقالة، دعا رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح في بيان إلى التطبيق الفوري للحل الدستوري الذي يتيح عزل بوتفليقة.

ويفتح رحيل بوتفليقة المجال أمام لاعبَين هما المؤسسة العسكرية والشارع الجزائري، ويظهر الرحيل قطيعة بين الجيش والرئاسة بعد سنوات طويلة من دعم الجيش لبوتفليقة ودعم الشعب للجيش.

ويواجه الجيش خطر خسارة هيبته في حال ارتكب خطوات ناقصة خلال العملية الانتقالية بل إن المؤسسة العسكرية ترغب في البقاء فوق التجاذبات وليس لديها المقومات اللازمة لكي تدير بنفسها العملية الانتقالية السياسية، لكن في الوقت نفسه يمكن لإرادة سياسية صلبة أن تقود إلى رئيس منتخب بالاقتراع العام وإلى انتخابات حرة ونزيهة.