اتهامات جديدة.. ما حقيقة دعم الإمارات زعيمة الحزب الدستوري الحر بتونس؟

زياد المزغني | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في الوقت الذي تسجل فيه زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي وحزبها أرقاما قياسية في مؤشرات استطلاع الرأي في تونس، والتي يشكك الكثير من المتابعين في مصداقيتها، لا تزال زعيمة "فلول النظام القديم" -كما يصفها منافسوها- محل اتهام بخدمة أجندات أجنبية، وتلقي تمويلات منها. 

وعدَّت الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، في ظهور إعلامي بمناسبتين متتاليتين بداية شهر ديسمبر/كانون الأول 2020: أن عبير موسي فاسدة، وتمولها الإمارات.

وإن لم تكن هذه الاتهامات جديدة، إلا أن ورودها على لسان رئيس الهيئة المكلفة بملف العدالة الانتقالية والمطلعة على أرشيف الدولة التونسية في مرحلة الاستبداد يضفي المصداقية على روايتها، خاصة عن تاريخ المرأة التي لا تزال تمجد فترة حكم زين العابدين بن علي، في مقابل تشويه الثورة والانتقال الديمقراطي. 

 ففي مداخلة لسهام بن سدرين على قناة "آم تونيزيا" (خاصة)، اعتبرت أن موسي كانت تتلقى أموالا مقابل تقارير الوشاية التي كانت تقوم بها لصالح النظام البائد.

وأكدت أنها حصلت على وثائق من رئاسة الجمهورية تثبت أن عبير موسي وغيرها من المحامين كانوا يقبضون أجورا مرتفعة وصلت إلى 125 ألف دينار في عام واحد، ليس على كفاءتهم، وإنما للتقارير التي كانوا يقدمونها.

وورد اسم عبير موسي في التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة، وتحديدا في الجزء الثاني المتعلق بـ"تفكيك منظومة الاستبداد"، ضمن قائمة المحامين المستفيدين من نيابة المؤسسات العمومية "زمن الاستبداد" كمكافأة مقابل ولائهم للنظام وتقديمهم خدمات لحزب التجمع المنحل.

وقال التقرير: إن عبير موسي "التي تميزت بالاعتداء على زملائها خلال الجلسات العامة (في عمادة المحامين)" استفادت من مبلغ بقيمة 125.526 ألف دينار سنة 2009.

وورد أن نظام ابن علي كان يعمد إلى تصنيف المحامين إلى عدة أصناف: "التجمعيون" و"المتحمسون" و"العاديون"، ويجري مكافأتهم دون غيرهم.

وبغض النظر عن كفاءتهم المهنية في الدفاع عن مصالح القطاع العام بنيابة المؤسسات والمنشآت العمومية، توزع عليهم الملفات "ويتم تكثيف التعامل معهم حسب ولائهم للنظام".

ويكشف التقرير الذي جاء في 1700 صفحة حقيقة نظام القمع والفساد المتعدد الطبقات والمعقد الذي ساد في تونس لمدة 60 عاما.

ويفضح التقرير في بعض الحالات التسلسل الهرمي للسلطة والمسؤول عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وكيف أن الأفراد الفاسدين حولوا الأموال والأراضي العامة لصالحهم.

تمويل أجنبي  

وأكدت سهام بن سدرين أن عبير موسي وأمثالها يزيفون ديمقراطية تونس، وصعدوا بزيف المال الانتخابي، مشيرة إلى أنهم ينوون الشر للبلاد، وفق تقديرها.

وأضافت في حوار مع إذاعة إي إف إم  في 7 ديسمبر/كانون الثاني 2020، أن موسي اليوم تتلقى تمويلات من دولة أجنبية، وهو ما كشفته بنفسها مؤخرا، كما أن تقرير دائرة المحاسبات أثبت تلقي حزبها لتمويل من الخارج خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية الماضية.

ففي جلسة حوار مع محافظ البنك المركزي التونسي يوم 5 نوفمبر/ تشرين الثاني، لمحت رئيسة الحزب الدستوري الحر لتلقيها تمويلات أجنبية في شبهة مخالفة خطيرة للقانون وتدخل أجنبي في السياسة التونسية.

وقالت عبير موسي، خلال جلسة عامة برلمانية بحضور محافظ البنك المركزي، ردا على اتهامها بتلقي تمويلات مشبوهة من الإمارات والسعودية: إنها اتصلت بالبنك المركزي وأعلمته بأن حزبها لا علاقات خارجية له ولا تمويلات أجنبية.

وتابعت: "إذا حدث أي شيء من هذا القبيل رغما عن إرادتنا لأننا لا نتحكم في من يرسل أموالا لحسابنا فلا نتحمل المسؤولية، لأننا لا نتحكم في من يضخ أموالا لرصيدنا ولا نعلم مصدرها"، مشيرة إلى أنه ليس لديها وسيلة للتتبع، لذلك تطالب هيئة التحاليل المالية والبنك المركزي بالقيام بدورهما. 

واعتبر ناشطون سياسيون ومدونون أن زلة لسان موسي أوقعت بها وكشفت عن تلقيها أموالا مشبوهة في محاولة غير مقنعة للتنصل من تمويلات موجودة في حسابات حزبها، على حد تعبيرهم.

وأعلن النائب عن حركة "أمل وعمل" ياسين العياري عن توجهه للقضاء من أجل تقديم شكوى فيما صدر عن النائبة عبير موسي، وطلب تحقيقا من لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي وإعلام هيئة مكافحة الفساد ومراسلة رئيس الحكومة والوزيرة المكلفة بالعلاقة مع الهيئات الدستورية.

وتساءل العياري في تدوينة على صفحته الرسمية في فيسبوك:  "هل فعلا تحصل الحزب الدستوري الحر على تمويلات أجنبية؟ كم؟ وممن تلقى هذه التمويلات؟". 

وأضاف: "سنجبر الدولة على التحقيق وفرض تطبيق القانون إن ثبت التجاوز، كما نطالب بتطبيقه على أحزاب النهضة وقلب تونس و كل حزب تلقى تمويلا أجنبيا".

وفي نفس السياق، اتهمت القيادية في التيار الديمقراطي والبرلمانية سامية عبو -في جلسة عامة للبرلمان يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2019- عبير موسي بأنها تقدم "خدمة مدفوعة الأجر للإمارات"، مطالبة بفتح تحقيقات في تمويلات الحزب الدستوري الحر.

دعم علني 

هذه الاتهامات التي تتردد في كل مناسبة، يؤيدها دعم علني من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل مفضوح منذ فترة.

إذ تحولت القنوات الإماراتية إلى المنصة الرئيسة لظهور موسي، بل وصلت في بعض الأحيان إلى قطع برامجها من أجل بث مداخلات رئيسة الحزب الدستوري داخل البرلمان التونسي. 

يُذكر أن سفير الإمارات بتونس سبق وواكب ندوة صحفية للحزب الدستوري الحر مخصصة لتقديم برنامجه الاقتصادي والاجتماعي انعقدت بتاريخ 26 أبريل/ نيسان 2019، وهو ما أثار وقتها جدلا واسعا واستياء واستنكار عديد من السياسيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

طالب حينها القيادي في التيار الديمقراطي غازي الشواشي وزارة الخارجية التونسية بـ"معاينة هذا التجاوز الخطير، ودعوة السفير المذكور للتنبيه عليه ومطالبته بالاعتذار، وعدم التدخل مستقبلا في الشأن الداخلي للدولة التونسية".

وكانت قد نُشرت وثيقة مؤرخة في الأول من يونيو/حزيران 2017، عبارة عن مجموعة توجيهات لسياسة أبوظبي بعنوان: "الإستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس"، صادرة عن "مركز الإمارات للسياسات".

تضمنت هذه الوثيقة إشارة للحزب الدستوري الحر باعتبار أنه "يضم المجموعات التي لا تزال تحافظ على الوفاء للرئيس السابق ابن علي". ودعت الوثيقة وقتها السلطات الإماراتية لدعم حزب عبير موسي.

وبعد أيام قليلة من إعلان دولة الإمارات تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" والذي قوبل باستهجان من قبل غالبية التونسيين ممثلين بأحزابهم ومنظماتهم، رفضت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، التعليق على إعلان التطبيع.

وشددت موسي على أن ذلك "أمر داخلي يهمها"، رغم أنها لم تفوت سابقا فرصة للتدخل في الشأن الليبي والتهجم على دول عربية وإسلامية.

واعتبرت موسي في برنامج" متابعات" على القناة الوطنية الأولى (التلفزيون الرسمي): أن إعلان الإمارات "أمور داخلية.. بالنسبة لنا ولسياستنا الخارجية وثوابت الدبلوماسية التونسية؛ فإننا لا نتدخل.. هذا شأن داخلي".

وهاجمت موسي رئاسة البرلمان التونسي بسبب بيان التنديد بإعلان الإمارات تطبيعها مع إسرائيل، معللة ذلك بأنها "ترفض أي بيان صادر عما يسمى بمؤسسة رئاسة البرلمان التونسي"، التي قالت: إنه "لا وجود لها في القانون الداخلي"، بحسب تعبيرها.