بعد التطبيع.. الإمارات تعزز ترسانتها الإلكترونية بمساعدة إسرائيل

12

طباعة

مشاركة

نشرت وكالة الأناضول التركية مقالا للباحث في مركز الدراسات الإيرانية (إيرام)، أرسين تشاهموت أوغلو قال فيه: إن "أبوظبي وتل أبيب تشيران إلى أنهما ستبدآن شراكات إستراتيجية في قضايا الدفاع والأمن، لا سيما من خلال التعاون في المجالات الحاسمة مثل التكنولوجيا".  

وأوضح تشاهموت أوغلو أنه "من خلال البيانات التي أُدلي بها بعد بعض المحادثات الرسمية، يمكن اعتبار تعريف إسرائيل كـ(شريك إلكتروني إستراتيجي)، من قبل السلطات الإماراتية؛ بمثابة الخطوة الأولى في عملية الشراكة هذه".

واعتبر أن "صدى مبادرات الشراكة الإستراتيجية بين إسرائيل والإمارات في المنطقة يمثل مسألة نقاش، فقد تكون هذه الشراكة علامة على خطر وشيك خاصة بالنسبة لإيران، وبالنظر إلى البعد الفضائي للشراكة القائمة في المجال التكنولوجي، يمكن القول إن طهران في وضع ضعيف نسبيا".

ولفت تشاهموت أوغلو إلى أنه "من غير الواضح إلى أي مدى ستكون القدرات الإلكترونية الحالية المعروفة لإيران والتي تصنف إسرائيل كدولة معادية لها، فعالة ضد التقنيات الإلكترونية للإمارات التي ستطورها إسرائيل".

مبادرة سرية

وأشار الباحث التركي إلى أن "الإمارات التي تسعى جاهدة لاكتساب قدرات إلكترونية مهمة لفترة طويلة، في طريقها لأن تصبح إحدى الجهات الفاعلة الرئيسية في المنطقة من حيث التفوق التكنولوجي".

وأضاف: "هناك نقاشات تجرى حول كيفية تقدم الأدوات الأساسية في الأنشطة الإلكترونية للإمارات وبمساهمة أي الدول كان هذا".

فمنذ عام 2008، وتحت إشراف أجهزة الاستخبارات الأميركية وخبراء الأمن السيبراني، حققت الإمارات خطوات كبيرة في مجال التقنيات الإلكترونية.

وخلال هذه الفترة، تم إرسال "ريتشارد كلارك"، أحد كبار الخبراء في مجال الأمن السيبراني وكبير المستشارين في الولايات المتحدة، إلى الإمارات في مهمة من قبل أميركا، وفقا للكاتب.

وأضاف قائلا: "من المعروف أن كلارك، الذي جاء إلى أبوظبي لبناء مؤسسة في مجال التقنيات الإلكترونية في الإمارات، بدأ مشروعا هاما يعرف باسم (مشروع ريفين) من خلال شركة جود هاربر التي يملكها".

ويُعرف "مشروع ريفين" بأنه مبادرة سرية تساعد الإمارات على متابعة وتعقب بعض الدول والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان.

ونفذ هذا المشروع المهم بشكل سري في فيلا بأبوظبي حتى عام 2014، وبدأ تطويره بعد مشاركة أفراد المخابرات الأميركية وخبراء الأمن في العملية.

وأشار تشاهموت أوغلو إلى أن "الإمارات تركز على العمليات السيبرانية التي تستهدف دولا مثل قطر وإيران وتطور بنيتها التحتية التكنولوجية في مجال التجسس الإلكتروني (السيبراني)".

وبالإضافة إلى ذلك، يُزعم بأن مشروع "ريفين" وجميع عمليات التجسس السيبراني التي ترعاها حكومة الإمارات قد بدأت مع شركة "دارك ماتر"، والتي يُقدر أنها تأسست أواخر 2014.

ويمكن وصف شركة "دارك ماتر"، المعروفة بتأثير مستشاري الأمن الوطني الإماراتيين السابقين ومسؤولي المخابرات في تأسيسها، بأنها "مقر" مهم في برنامج التجسس الإلكتروني لإدارة الإمارات.

ويرى الباحث التركي أن "إدارة أبوظبي، التي يقال إنها تستخدم قدراتها التكنولوجية كوسيلة للضغط على عناصر المعارضة، قد ركزت على تجارة الأسلحة السيبرانية في تعاونها مع الدول والشركات الأجنبية في مجال الاستخبارات".

وفي هذا الصدد، تبيّن أن الإمارات اشترت أدوات تجسس تكنولوجية بهدف الحفاظ على "الأمن القومي ومكافحة الإرهاب والأنشطة غير القانونية"، من شركات مثل "هاكينج تيم" الإيطالية و"فين فيشر" الألمانية و"إن إس أو" (NSO) الإسرائيلية بين عامي 2011 و2016.

وأشار تشاهموت أوغلو إلى أنه "بالإضافة لإسرائيل، من المعروف أن وكالات الاستخبارات الأميركية فعالة أيضا في الإمارات، فهناك تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة قدمت الدعم الفني للإدارة الإماراتية من خلال وكالة الأمن القومي (NSA) كما قدمت حلول وأدوات الأمن السيبراني من خلال بعض الشركات".

وأوضح أن "الإمارات ظهرت في الإعلام من خلال أدوات التجسس الإلكتروني التي تم تطويرها داخل أجهزة الاستخبارات الخاصة بها، وبذلك تكون قد استفادت من التقنيات السيبرانية عالية المستوى للولايات المتحدة وإسرائيل".

وأكد الباحث أن "الإمارات التي تنتج سلاح تجسس إلكتروني يسمى (كارما)، استخدمت هذا السلاح ضد دول أجنبية بشكل خاص، حيث تم استهداف بعض الشخصيات البارزة في بعض الدول الأجنبية، ومن بينهم تركيا من خلال استغلال ثغرة في أجهزة أيفون".

وقال تشاهموت أوغلو: "من المرجح أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستطوران المزيد من المشاريع للإمارات في المستقبل؛ لكونهما الفاعلين الرئيسيين في تطوير التقنيات الإلكترونية من مثل جهاز جمع المعلومات الاستخبارية الإماراتي كارما".

قوى مهيمنة

ويرى تشاهموت أوغلو أن "إدارة الإمارات تحصل على التقنيات الإلكترونية التي تحتاجها بسهولة مع التطور السريع للعلاقات الإسرائيلية الإماراتية بعد الاتفاقية (الموقعة يوم 15 سبتمبر/أيلول الماضي، في العاصمة الأميركية واشنطن)".

وأشار إلى أن "الإمارات تقوم ببناء بنية تكنولوجية قوية في مجال الأمن السيبراني من خلال مشاريع التعاون والشراكة الجديدة".

وأكد تشاهموت أوغلو أن "شركة (إن إس أو)، وهي إحدى الشركات الأهم في إسرائيل، ستتمكن من التعاون بشكل أكبر مع الدول من أجل أن تكون رائدة في سوق الأسلحة الإلكترونية العالمية بمنتجاتها التي تبلغ قيمتها مليون دولار".

وأوضح أن "خطوات التطبيع الإسرائيلية، خاصة مع دول الخليج، تحفز شركات التكنولوجيا الإلكترونية من مثل (إن إس أو) على عقد صفقات جديدة وزيادة نموها في هذا القطاع".

وأشار تشاهموت أوغلو إلى أن "إدارة الإمارات فتحت هذا الطريق من خلال دعوة (إن إس أو) والشركات المماثلة إلى الإمارات".

وفي الأشهر القليلة الماضية، زارت العديد من شركات التكنولوجيا الإلكترونية الإسرائيلية، الإمارات، بتنسيق مع كبار الشخصيات الذين شغلوا سابقا مناصب إدارية في مختلف الوحدات والأجهزة الإسرائيلية مثل "الوحدة "8200 وجهاز الاستخبارات (الموساد)، وفقا للكاتب التركي.

وقال تشاهموت أوغلو: إن "إسرائيل، والتي هي إحدى الدول الرائدة في سوق الأسلحة السيبرانية، تهدف إلى أن تكون واحدة من القوى المهيمنة في سوق الشرق الأوسط من خلال مبادرات الشراكة الإلكترونية مع الإمارات".

وتابع: "بينما ستكون المبادرة التي ستصبح فيها الإمارات شريكا إستراتيجيا في الفضاء السيبراني، والتي عبر عنها المسؤولون في كلا البلدين، خطوة مهمة للإمارات لاكتساب القوة السيبرانية".

صدى العملية

تشاهموت أوغلو قال: "في حين أن الإمارات ترغب في أن تكون دولة فعالة في المنطقة فيما يتعلق بالقوة الإلكترونية، إلا أنه من غير المعروف كيف سيكون رد فعل الدول الإقليمية الأخرى على ذلك".

وتساءل "هل يمكن التوقع بأن الشراكة بين إسرائيل والإمارات، والتي تعتبر تهديدا لإيران بشكل خاص، قد تتسبب في زيادة أعمال وأنشطة إيران في المجال السيبراني؟".

وأشار تشاهموت أوغلو إلى أنه "من المحتمل أن تتمكن إسرائيل من تنفيذ أنشطة استخباراتية ضد الوجود الرسمي الإيراني أو ضد المبادرات الخاصة الإيرانية من خلال الأدوات السيبرانية المقدمة إلى الإمارات".

أما إيران، و"استجابة لتطور القوة الإلكترونية التشغيلية للإمارات، ستكون قادرة على اتخاذ خطوات لتحسين البنية التحتية التقنية والقدرات الهجومية السيبرانية لمجموعات APT (مجموعات الجرائم الإلكترونية)"، بحسب الكاتب.

وذكر أن "الأنشطة الاستخباراتية والمراقبة المحتملة للإمارات، والتي يمكن أن تجعل منها دولة مراقبة في المنطقة، ضد دول الجوار ومواطنيها، هي مسألة أخرى".

وأوضح تشاهموت أوغلو أنه "استنادا إلى أمثلة سابقة، يمكن القول إن إدارة الإمارات ستصبح دولة تشكل تهديدا لبعض الفاعلين في المنطقة بالبيانات الضخمة التي تحصل عليها من خلال نقل هذه الأنشطة الاستخباراتية إلى مستوى أعلى".

ولفت الكاتب إلى أن "الإمارات ستكون قادرة على استخدام تقنيات التجسس الإلكتروني ليس فقط ضد الجهات الفاعلة الحكومية أو غير الحكومية الأخرى في المنطقة، ولكن أيضا حول العالم، حيث يمكن أن تستفيد من تقنيات الإنترنت ليس فقط للعمل في مجال الأمن فحسب، بل للحصول على البيانات والمعلومات أيضا".

واختتم تشاهموت أوغلو مقاله بالقول: "بما أن العديد من دول العالم يمكنها الحصول على بيانات لا تقدر بثمن من خلال التقنيات الإلكترونية، مثل أميركا وبريطانيا والصين وروسيا، فلا ينبغي أن يكون مفاجئا أن دولا مثل الإمارات تتجه إلى هذا المجال".