أحمد الجبوري.. "سارق أبقار" نصّبته إيران زعيما على سنة العراق

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في كل أزمة سياسية تمر بالمكون السني في العراق، يتصدر اسم أحمد الجبوري المعروف إعلاميا بـ"أبو مازن"، أحد أكثر الشخصيات جدلا في الوسط السياسي، إذ تطاله العديد من الاتهامات المتعلقة بعدة قضايا.

"أبو مازن" مؤسس وزعيم حزب الجماهير العراقية، ونائب يرأس كتلة "الجبهة العراقية" البرلمانية المكونة من 35 نائبا، تقلد العديد من المناصب في الدولة بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، فقد كان محافظا لمحافظة صلاح الدين، ووزير دولة لشؤون المحافظات.

دليل الأميركان

ينحدر أحمد عبد الله عبد خلف الجبوري من مدينة بيجي شمال محافظة صلاح الدين، من مواليد 1968، غادر العراق عام 1992 وانضم إلى صفوف المعارضة العراقية في الخارج.

حاصل على البكالوريوس والماجستير في القانون من جامعة تكريت، والدكتوراة في التخصص ذاته من الجامعة الإسلامية في لبنان عام 2011، وفق حديث له خلال مقابلة تلفزيونية في مايو/ أيار 2019.

تنقل بعد مغادرته العراق بين الأردن وسوريا ومصر ثم الولايات المتحدة وبريطانيا. وأصبح عضوا في الجهاز السري والمكتب السياسي لحركة الوفاق بزعامة السياسي ورئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي.

عاد إلى العراق عام 2003 قبل دخول القطعات العسكرية الأميركية، وذلك لتنفيذ مهمة كلفه بها إياد علاوي مع 15 آخرين، حيث تسلم جهاز هاتف "ثريا" لإرسال إحداثيات عن مطار صدام (بغداد حاليا) الدولي.

ألقت المخابرات العراقية القبض على الجبوري قبل سقوط نظام صدام حسين لكنه نجا من الموت في السجن مع 7 آخرين بعد مقتل 6 من أفراد مجموعته وأعدم اثنين آخرين، حسبما أكد في تصريحاته التلفزيونية.

ويقول ألد خصومه السياسيين، النائب العراقي السابق مشعان الجبوري في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك" في يوليو/تموز 2019: إن "أبو مازن" عمل "دليلا لقوات الاحتلال ومخبرا لديهم، وبدعمهم نجح بالسيطرة على محافظة صلاح وسرقة كل أموالها ومقدراتها".

"سارق الأبقار"

"أبو مازن"، وفقا لوثائق ينفيها الأخير، هو صاحب سجل جنائي حافل بالجرائم والسرقات خلال المدة من عام 1985 وحتى مغادرته للعراق عام 1992، إذ يقيد السجل أنه سارق سيارة نوع "تويوتا" من شارع السعدون وسط العاصمة بغداد.

وبحسب السجل الجنائي، وتصريحات غريمه مشعان الجبوري، فإن "أبو مازن" سرق شاحنة حمل كبيرة نوع (لوري) بعدما فقع عين سائقها بمفك، ودفعت بعدها عشيرته (الجبور) دية لأهل الضحية، وكذلك متهم بسرقة الأبقار من إحدى مزارع محافظة صلاح الدين.

وتطاله أيضا اتهامات بقتل معلم في محافظة صلاح الدين بإسقاط قذيفة هاون على منزله لأنه يحمل نفس اسمه (أحمد عبد الله عبد)، وبعدها أخذ شهادته ودخل فيها الانتخابات وقال: "أنا خريج إعدادية"، وفقا لمشعان الجبوري.

وتدور اتهامات حول "أبو مازن" بأنه استولى على "البترودولار" (حصول المحافظة على 5 دولار عن كل برميل نفط تصدره) المخصص لمحافظة صلاح الدين على مدار ثماني سنوات، حيث يقال إنه صادر نحو مليار دولار من ميزانية المحافظة.

لكن "أبو مازن"، خرج في مقابلة تلفزيونية في 19 مايو/ أيار 2019، واتهم خصمه مشعان بأنه "مسرحي ومهرج" ولا يستحق الرد وأنها كلها قصص ملفقة، "وليس لدي أي سجل جنائي تتضمن الجرائم التي ذكرها".

أنقذه سليماني

مجموع القضايا المرفوعة ضد أحمد الجبوري في المحاكم العراقية يصل إلى نحو 220، لكنه وبعد أكثر من محاولة لمحاكمته تتدخل أطراف سياسية داخلية وأخرى خارجية لإنهاء اعتقاله ورفع الحصانة عنه في البرلمان.

وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، كشفت هيئة النزاهة في العراق عن صدور أمر قبض بحقِ أحمد عبد الله الجبوري، على خلفية قضية حققت فيها وأحالتها إلى القضاء، مبينة أن المتهم ارتكب مخالفات خلال مدة توليه منصب محافظ صلاح الدين، حسبما أفادت وكالة الأنباء العراقية.

وذكرت دائرة التحقيقات في الهيئة أن "محكمة مكافحة الفساد المركزية أصدرت أمر قبض بحق النائب الحالي محافظ صلاح الدين السابق، وذلك لعدم حضوره جلسة المحاكمة في القضية الخاصة بالمخالفات المرتكبة في إنشاء مشروع البناء الجاهز للأقسام الداخلية لجامعة تكريت".

وكانت الهيئة أعلنت صدور أمر استقدام بحق النائب الحالي ومحافظ صلاح الدين السابق على خلفية صرف مبالغ لغير الأغراض المخصصة لها خلال مدة توليه منصب المحافظ.

وفي يوليو/ تموز 2019، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، فرض عقوبات على 4 عراقيين بتهمة انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والفساد، بينهم الجبوري.

وشغل "أبو مازن" منصب وزير الدولة لشؤون المحافظات من 2014 إلى 2015 ومحافظ صلاح الدين من عام 2013 إلى 2014.

 ففي انتخابات أبريل/ نيسان 2014، ترأس ائتلاف قائمة العربية في صلاح الدين الذي فاز بأكبر عدد من الأصوات في المحافظة. كما حصل في أغسطس/آب 2014 على مقعد في البرلمان واستقال من منصب المحافظ.

عُين في منصب وزير الدولة لشؤون المحافظات في حكومة رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، في 8 سبتمبر/أيلول 2014، لكن في أغسطس/آب 2015 وبسبب الاحتجاجات ضد الفساد الحكومي، ألغى العبادي 11 وظيفة في مجلس الوزراء، بما في ذلك وزارة الجبوري. 

وبعد إبعاده عن المنصب، جرى الكشف عن أن هيئة النزاهة أصدرت حظرا على السفر ضده ليتم اعتقاله. وبعد فترة قصيرة خرج من السجن بريئا وفق الشرطة العراقية آنذاك.

وعن هذه الحادثة، يقول السياسي مشعان الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية في أغسطس/آب 2020: إن "أبو مازن أدين بقضيتين، والقضاء العراقي حكم عليه بالسجن لكن أبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي السابق، توسط للإفراج عنه بضغط من قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني".

وأضاف: "الضغط على القضاء وإطلاق سراحه يخالف الدستور والقانون، كونه مدانا بأحكام قضائية باتة، وهو عليه 220 قضية".

وفسر دعم قاسم سليماني لأبو مازن، بأن إيران تأتي بالفاسد وتوليه أمور السنة في محافظة صلاح الدين لسرقة الجمل بما حمل، وذلك انتقاما من أهالي السنة.

رشاوى ضخمة

في سبتمبر/ أيلول 2018، لعب "أبو مازن" دورا كبيرا في وصول محمد الحلبوسي إلى رئاسة البرلمان العراقي، وذلك بعد سحب ترشحه للمنصب وتلقيه لقاء ذلك مبلغ 30 مليون دولار.

وتأكيدا على ذلك، غرد النائب خالد العبيدي والذي كان أحد منافسي الحلبوسي على رئاسة البرلمان، قائلا: "لتفرح العائلة الفاسدة ببضاعتها التي اشترتها بـ 30 مليون دولار (كما يقال)، وليفرح الفاسدون الذين بدؤوا يتبادلون التهاني، وللعراق والعراقيين أقول: لكم الله فهو خير معين".

لكن أحمد الجبوري رد خلال لقاء تلفزيوني في مايو/ أيار 2019 على اتهامه بتسلم 30 مليون دولار، بأنه لو "امتلك مثل هذا المبلغ لصرفه على الراقصات واعتزل السياسة، ولغادر العراق ولم يرشح نفسه لسبع دورات برلمانية".

وبعد ذلك، نشبت خلافات بين الحلبوسي وأبو مازن، دفعت الأخير إلى التحالف مع "جبهة الإنقاذ والتنمية" بزعامة السياسي أسامة النجيفي وتشكيل "الجبهة العراقية" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، لإقالة رئيس البرلمان من منصبه.

يأتي ذلك بعدما صوت البرلمان العراقي في الشهر ذاته على قانون الانتخابات والذي يمنع ترشح أي شخص أطلق سراحه من السجن بقانون عفو، والذي اعتبره أبو مازن استهدافا شخصيا له.

لكن حديث بعض الأوساط ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ قال السياسي يزن الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020: إن أبو مازن يسعى إلى فتح خط علاقة مع دولة الإمارات لأنه ليس لديها شخصية سياسية نافذة في العراق بعدما أنهت علاقتها بالحلبوسي مؤخرا.