"ميلي غازيتي": خسارة تركيا الحقيقية ليست في نتائج الانتخابات

12

طباعة

مشاركة

قال الكاتب التركي مصطفى كسادار في مقال نشرته صحيفة "ميلي غازيتي": إن "المشكلة الحقيقية في الانتخابات التركية ليست من فاز ومن خسر، وإنما أعمق من ذلك بكثير؛ وهي البقاء".

وذهب الكاتب ليقول إن في الهجوم على المسجدين في نيوزيلندا، وقتل 50 مسلما بينهم نساء وأطفال، استهدافا لتركيا؛ وهو ما أكدته جميع الأطراف والأقطاب السياسية في البلاد.

غياب العلماء

ومضى كسادار يذكر أستاذ العلوم الشرعية محمود أفندي، وهو صاحب علم غزير دروسه لا تنقطع، تعرف عليه الكاتب في المدرسة الإعدادية بمدارس الإمام الخطيب بتركيا ثم توطدت العلاقة بينهما، وهو يرى أن "الشريعة يجب أن تكون مركز الفعل وصاحبة القرار في تركيا، وفي كل البلاد الإسلامية".

وأشار المقال إلى أن علم الرجل ليس بالشيء القليل، ووقاره جعل قادة الأحزاب السياسية -من بينهم رجب طيب أردوغان- وحتى رئيس الجمهورية الأسبق تورغوت أوزال يستدعيه للزيارة.

لم يكن محمود أفندي وحيد عصره، بحسب الكاتب، كان المشايخ والعلماء في تلك الفترة على درجة من العلم والوعي والبصيرة وتنوع كبير بين الآراء، وكانت هناك حركة للعلم والعلم الشرعي على وجه الخصوص، وهو أصل المسألة والمهم فيها.

واعتبر كسادار أن "المشكلة تكمن اليوم في فكرة الحزب الواحد"، ما يجعل السياسة بحسب المقال، "عديمة الفائدة، ولا تتعدى كونها مناقشات سياسية يومية لا طائل منها وهو أمر خطير".

وربط كاتب الرأي بين السياسة ورجال الدين عندما قال على "ميلي غازيتي": "ما يزيد من خطورة الأمر، غياب العلماء وأصحاب الرأي والمعرفة"، معتبرا أن "كل حزب في تركيا لا يسمع إلا نفسه، ولا يرى الحقيقة إلا فيما يقوله".

وذهب المقال إلى حد اعتبار أن ما وصفه بـ"كسر التأثير الروحي العميق لأهل العلم والحكمة على المجتمع" أمر مقصود؛ وذلك لجعل جزء من المجتمع في أيدي الموجهين.

وشدد الكاتب على أن هناك رياحا قوية عصفت بالبلاد، وهي معاكسة لحركة الدعوة والمشايخ والعلماء، الذين احتفظوا على مدار عصور مضت وفي أحلك الظروف، بدورهم في هذا الاتجاه التوعوي بحضورهم وكرامتهم، وأضاؤوا محيطهم كمصباح، ليستمر تواجد المدارس، خاصة في شرق الأناضول، على الرغم من العواصف.

واعتبر كسادار أن مشكلة البقاء الحقيقية ليست في الزيادة أو النقصان في عدد أصوات الحزب في الانتخابات، بل هي مشكلة سلطة بشكل أو بآخر وصراع عليها. والمشكلة الأهم من وجهة نظر الكاتب هي كرامة المؤسسات التعليمية وخسارتها المحتملة، خسارة هيبتها وقيمتها وتعددها الفكري والحضاري، وزاد قائلا؛ "هذه هي الخسارة الحقيقية".

خطاب الشرفة

وأدلى 57 مليون ناخب في تركيا بأصواتهم في الانتخابات المحلية في نسختها الـ19، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها استفتاء على شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية، بينما يعاني الاقتصاد التركي من حالة ركود مع ارتفاع التضخم إلى 20 في المئة، وهبوط سعر صرف الليرة التركية بواقع الثلث، وهو ما أدى إلى حالات إفلاس.

وأعلن أردوغان، أن حزبه فاز بـ56% في نتائج الانتخابات البلدية التي أقيمت يوم الأحد. جاء ذلك في "خطاب الشرفة" الذي ألقاه أمام حشد من أنصاره في المقر الرئيسي لحزب العدالة والتنمية بالعاصمة التركية أنقرة.

وقال الرئيس: إن "الشعب التركي جعل حزب العدالة والتنمية اليوم في الصدارة للمرة الـ15 في الانتخابات". وأكّد أن الحزب فاز بالانتخابات لوحده أو في إطار "تحالف الشعب" بـ16 بلدية كبرى و24 بلدية مدينة و538 بلديات أقضية، و200 بلدة.

وأضاف أردوغان: "اعتبارًا من صباح (الإثنين) سنقوم بتحديد أوجه القصور لدينا، والعمل على تلافيها إذا كانت لدينا نواقص، في أداء حزب العدالة والتنمية، فإن إصلاحها دين على عاتقنا".

وتابع: "نتائج الانتخابات المحلية تعني بالنسبة لنا أن 56% تقريبًا من البلديات التركية ستدار من قبل حزب العدالة والتنمية".

وأكّد أنه "لا توجد أمامنا أية استحقاقات انتخابية لمدة 4 أعوام وهي مدة سنركز خلالها على العمل على الصعيدين المحلي والدولي، وسنعمل على رفع دولتنا بإذن الله إلى مستوى الحضارات المعاصرة".

ومضى يقول: "أولويتنا خلال الفترة الممتدة للعام 2023 هي تعزيز الاقتصاد ومواصلة النمو مع التركيز على التكنولوجيا والتصدير وزيادة فرص العمل". أردوغان، لفت إلى أن "هدف تركيا مساعدة اللاجئين السوريين للعودة إلى ديارهم وجعل منبج وشرق الفرات مناطق آمنة". وأضاف: "نحن بصدد مرحلة سنعمل فيها بإذن الله على إنجاح جهودنا في المسائل المتعلقة بأمننا الوطني".

مرحلة الاعتراض

وأجريت الأحد 31 "مارس/آذار" الانتخابات المحلية في نسختها ال19، وبحسب وكالة الأناضول التركية أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا سعدي غوفن، نتائج الانتخابات المحلية غير النهائية لبلدية إسطنبول بعد فرز 31 ألفًا و102 صندوقًا إنتخابيًا.

وأوضح غوفن، في مؤتمر صحفي، الاثنين، أن مرشح حزب الشعب الجمهوري لبلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، حصل على 4 ملايين و159 ألفًا و650 صوتًا مقابل حصول مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم على 4 ملايين و131 ألفًا و761 صوتًا.

وأشار غوفن إلى تواصل مرحلة الاعتراض على نتائج الانتخابات. ولفت إلى أنه تم حتى الآن فرز 31 ألفًا و102 صندوقًا انتخابيًا في إسطنبول، ولا يزال 84 صندوقًا لم تفرز بسبب الاعتراض.

وأفادت تقارير سابقة أن حزب العدالة والتنمية الحاكم ركز في حملته الانتخابية على مصيرية هذه الانتخابات، مصوراً إياها بأنها انتخابات البقاء أو الوجود، بالنظر إلى المخططات الخارجية التي تحيط بتركيا، وتسعى إلى نشر الفوضى فيها.

ولذلك رشح الحزب شخصيات بارزة لخوضها، فقد اختار بن علي يلدريم، رئيس الوزراء السابق، الذي استقال من رئاسة البرلمان التركي، ليخوض الانتخابات في ولاية إسطنبول، في مواجهة أكرم إمام أوغلو مرشح تحالف الشعب.

ورشح الحزب في مدينة إزمير، وزير الاقتصاد السابق، نهاد زيبكجي، كي ينافس تونج سويار مرشح تحالف المعارضة.