​​​​​​​موت عزمي مجاهد.. لماذا فزعت أبواق السيسي وأذرعه وشمت المصريون؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مؤخرا، رحل الإعلامي والرياضي المصري عزمي مجاهد، متأثرا بفيروس كورونا، وأثارت وفاته حالة من الشماتة بين الكثيرين، الذين عقدوا له محاكمة شعبية، بسبب دفاعه الأعمى عن رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، وتحريضه الدائم على قتل معارضيه، بل خاض في الأعراض ونال منها الكثير.

في 12 سبتمبر/ أيلول 2020، أعلن أمير نجل عزمي مجاهد نجم الزمالك السابق للكرة الطائرة، والإعلامي الذي أثار جدلا حوله طيلة ظهوره على الشاشة، عن وفاة والده بعد صراع مع فيروس كورونا.

عرف عزمي مجاهد بتصريحاته الصادمة ومواقفه السياسية الحادة، لا سيما بعد الانقلاب العسكري في يوليو/ تموز 2013، ونصرته الدائمة والمستمرة لنظام السيسي، لدرجة أنه طالب بتعديل الدستور ليصبح الأخير رئيسا لمصر مدى الحياة.

دأب مجاهد على التحريض على العنف والقتل واعتقال الخصوم السياسيين، خاصة أنصار جماعة الإخوان المسلمين، وذهب إلى أبعد من ذلك عندما خاض في أعراض معارضي الانقلاب العسكري، وقذف المحصنات بتهم باطلة. 

"دفاتر العزاء" التي أقامتها بعض الصحف الرسمية مثل "اليوم السابع، والمصري اليوم" لرثاء مجاهد تحولت إلى انتقادات وهجوم على شخصه ومواقفه السياسية، وولائه للسيسي، الذي قال عنه النشطاء: "لن ينفعه اليوم أمام الله".

محاكمة شعبية

فور إعلان وفاة مجاهد، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بالتدوينات والتغريدات والمقاطع المصورة، التي أظهرت شماتة وفرحة في موت أحد أذرع السيسي الإعلامية، منددة بمواقفه السياسية ودفاعه المستميت عن الانقلاب العسكري، واتهامه المخالفين بأبشع التهم والألفاظ.

الناشطة زهرة اللوتس قالت: "عزمي مجاهد صاحب مقولة جهاد النكاح في ذمة الله.. عقبال أحمد موسى وأديب وبكري وكل من باع وخان وقبض التمن (الثمن) وعند الله تجتمع الخصوم".

ودون الباحث المصري أحمد مولانا: "عزمي مجاهد نموذج لمن باع دينه وشرفه ووطنه من أجل دنيا زائلة، وهكذا سيموت الجميع، لكن يبقى الحساب في الآخرة".

وقال الناشط عبد الرحمن فارس، بطريقة ساخرة: "عزمي مجاهد يا مش أخانا .. كيف العتمة في الجبانة".

وقال الناشط محمد صلاح: "ما الذي بينك وبين الله يا عزمي مجاهد؟ من زمان ما شوفتش حد مات وخد كمية اللعنات والدعوات دي.. أنت إيه يا أخي كنت إبليس ؟".

وغرد السياسي مصطفى السلماوي: "مات عزمي مجاهد.. لا أستطيع أن أشمت أو أدعو عليه بقدر ما أصابني صوته من غضب وقهر.. لم أعتد أن أشمت في أحد أيا كان.. جميع أو قل ٩٩٪؜ من التعليقات على خبر رحيله كانت قاسية، لم يدع له أحد..وهذا يؤكد مهما زيف الإعلام الحقائق فإن وعي الشعوب لا يموت أبدا".

بينما دون الحقوقي المصري هيثم أبو خليل: "عزمي مجاهد.. مات، يا عمرو أديب.. يا نشأت الديهي.. يا محمد الباز.. يا أحمد موسى.. وسيحاسب على كل (كلمة)، نطق بها من عنده، أو بتوجيهات (جهاز السامسونج)، أو بتعليمات من أشرف بيه!" في إشارة لضابط المخابرات الذي كان يلقن الإعلاميين، نصوص المحتوى الموجه إلى المواطنين.

ونشر المؤرخ الإسلامي محمد إلهامي، متسائلا: "ترى لو كان يعلم أنه لم يبق من عمره إلا سبع سنوات.. هل كان سيقضيها في النفاق والكذب والزور؟! لقد حمل كل أوزار القتل والسجن والحرق والظلم برضاه بها وتحريضه عليها.. ثم مضى إلى الآخرة وحده، لن ينفعه السيسي ولا العسكر ولا المخابرات ولا أمن الدولة.. مات وذهب وحيدا.. ليلقى ربه بذنوب ملايين الناس.. ما أبشعه من مصير".

وأعاد الناشط المصري محمد مصطفى، نشر مقطع مصور لعزمي مجاهد، يرمي فيه شباب الثورة بأحط الاتهامات، وعلق عليه: "عزمي مجاهد (كل شباب الثورة شواذ). محدش هيحميك عند ربنا للأسف، عند الله تجتمع الخصوم"⁦.

موتهم عبرة

الأستاذ بجامعة الأزهر، الدكتور محمد أبو زيد، قال: "شماتة الناس في موت الظالم والطاغية الذي آذى الخلق، أمر طبيعي ومشروع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله تعالى، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب".

وأضاف أبو زيد، لـ"الاستقلال": "وهناك الحادثة المشهورة في السيرة النبوية، بعد انتصار النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر، عندما وقف على القليب، الذي دفن فيه قتلى المشركين، وخاطبهم، وعاتبهم في تكذيبه ومحاربته، ولما سأل قال: ما أنتم بأفهم لقولي منهم، وقد أصبحوا عبرة للمكذبين والمفسدين في الأرض عبر التاريخ". 

وتابع: "بالنسبة للظالمين من المسلمين الذين تسببوا في إيذاء الخلق على الملأ، وسفكوا الدماء وحرضوا على عباد الله، وخاضوا في الأعراض، فإن موتهم عظة وعبرة، ويجب أن يتم التذكير بمصيرهم، حتى يتعظ عباد الله، ولا يسقطوا فيما سقطوا فيه، لأن الدنيا زائلة غير باقية".

"فلو حاولنا تجميل وجه الظالم، والتهوين من جريمته، سيكون ذلك مبررا لآخرين أن يقعوا في نفس الإثم، وقد رأينا التابعين، ومنهم إبراهيم النخعي، وعمر بن عبد العزيز قد بكوا من شدة الفرح لما علموا بهلاك الحجاج بن يوسف الثقفي"، حسب أبو زيد.

وذكر: "يجب أن يعلم كل مسلم أن حرمة المسلم لا تضاهيها حرمة، دمه وماله وعرضه، ولا يستحق أي حاكم مهما بلغ شأنه، أن يطاع في ذلك، وأن يعصى الله من أجله، فإن طاعة الخلق في معصية الخالق من الشرك الظاهر وليس الخفي، التي يجب أن نتنجنبها".

وختم أبو زيد حديثه: "يقول الله تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}، وهو أمر مستحق للعقوبة، ولا ننسى أن الخلق هم شهود الحق، فمن شهدوا له بالصلاح والتقوى وجب ذلك له، وإذا شهدوا بعكس ذلك وجب ذلك عليه".

فزع أقرانه

عبارات الشماتة والكراهية، التي خرجت من الشعب المصري في حق مجاهد، استفزت وأفزعت أقرانه من السياسيين والنخبة المقربة من السيسي، وعلى رأسهم المستشار مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك.

منصور قال خلال مداخلة هاتفية على قناة "الزمالك" في 12 سبتمبر/ أيلول 2020: "إننا أمام ظاهرة إجرامية، ما هذه (السفالة) بعد وفاة الرجل، هو كل واحد يقول كلمة حق، في حق السيسي وجيش بلده يحدث فيه هذا الأمر!". 

وأضاف: "أوجه حديثي إلى بعض الناس العاملين في الأجهزة (المؤسسات الأمنية والمخابراتية)، انظروا إلى ما يحدث لنا في الحياة وبعد الممات، هل تقدرون ما يحدث لنا؟!".

عبارة قال بالعامية المصرية: "علشان في ناس حاليا على الحجر"، في إشارة إلى  أن نظام السيسي وأجهزته تقرب بعض الشخصيات إليها، وتستبعد أخرى، في عبارة حملت غبن رئيس نادي الزمالك وسخطه على هذه الأجهزة.

وتساءل مرتضى منصور: "ماذا فعل عزمي مجاهد؟ كل ما فعله أنه كان مساندا للدولة المصرية من خلال برنامجه (الملف) مع الإعلامي سعيد حساسين، فلماذا يدخل إلى هذه المفرمة الإجرامية بعد موته، بهذه الطريقة؟!".

واختتم رئيس نادي الزمالك حديثه قائلا: "أنا وعزمي مجاهد ندفع ثمن حبنا ودفاعنا عن وطننا وجيشنا وبلدنا ونحن أحياء ونحن أموات في حين أن بعض رؤساء الأندية الجماهيرية الكبرى التي تدعم الإخوان (في إشارة للنادي الأهلي ورئيسه محمود الخطيب) تجد من يدافع عنهم للأسف".

 

أعداء الشعب 

الباحث السياسي المصري محمد ماهر، قال لـ"الاستقلال": "هذا النوع من السياسيين والإعلاميين، ليسوا مجرد أبواق دعائية لنظام مستبد، لكنهم أعداء حقيقيون للشعب، الذي يمر بأحلك لحظات تاريخه بعد ثورة 25 يناير، ومع الانقلاب العسكري الدموي بقيادة السيسي، الذي استباح حق المواطن في الحياة، بمباركة هؤلاء الإعلاميين، وتحريضهم المستمر على القتل والاعتقالات".

وأضاف: "لم يتعظ هؤلاء بما حدث للإعلاميين بعد ثورة يناير، من نبذ ووضع في القوائم السوداء، بل زادوا في سياستهم المضللة تجاه المصريين، وتورطوا في الدماء، وخاصة رجل مثل عزمي مجاهد، دأب بشكل مستمر على الخوض في الأعراض، في حالة استثنائية خارجة على أعراف وتقاليد الشعب المصري، لذلك كان لموته خصوصية في النيل منه والهجوم عليه بهذه الطريقة الملحوظة".

وتابع: "كانت هذه رسالة قاسية من المصريين لهؤلاء الذين ظنوا أن بخدمتهم للنظام، سينالون الحظوة، لكن على العكس كتبوا في سجلات سوداء لن تمحى، تماما كما حدث مع كثير من أتباع كل نظام مستبد".

واستشهد ماهر بـ"واقعة موت أحمد سعيد مذيع النكسة، الذي طالما تغنى بأمجاد الناصرية، وشوه وحرض على خصوم الزعيم السياسيين، وغيره مثل عبد الله كمال الذي كان مقربا من مبارك، ولم يشفع لهم ما قدموا، بل ضرب بهم المثل في التضليل والكذب، وتمت محاكمتهم شعبيا على الأقل". 

وختم الإعلامي المصري حديثه بالقول: "علينا أن نقر أن خطابات التحريض أضرت الشعب المصري، وساهمت في تفكك نسيجه الاجتماعي، وهذه من أسوأ جرائم النظام قاطبة، الإعلامي الذي تفوه بكلمات تحريضية، لم يكن أقل في جريمته من الجندي أو الضابط الذي رفع سلاحه في وجه الشعب وقتل أفراده، فكلاهما يجب أن يحاكم، ويخضع للمساءلة".