"ركود الوساطة".. ماذا تحمل جولة وزير خارجية إيران الأوروبية؟

نشرت وكالة "فرارو" الإيرانية، مقالا تحليليا سلط فيه الضوء على الجولة الأوروبية لوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، وتوقيتها، والنتائج المترتبة عليها، في ظل تهديدات أميركية بإعادة فرض العقوبات أو تفعيل ما يسمى بآلية "الزناد" (سناب باك) في الاتفاق النووي.
ووصفت الوكالة الإيرانية، الزيارات التي يجريها ظريف، بأنها ستكون مصيرية في تحديد الموقف الإيراني تجاه التهديدات الأميركية، مشيرة إلى تعويل السلطات الإيرانية على نتائج هذه الجولة.
سر التوقيت
وقالت الوكالة في المقال: إنه "قُبيل انتهاء المهلة المحددة أميركيا قبل تفعيل آلية (الزناد)، يبدأ رئيس الجهاز الديبلوماسي الإيراني جولة أوروبية قد تثمر عن نتائج هامة في ظل الظروف الحساسة الحالية وهي إما جذب الدعم الأوروبي لإيران أو منع انضمام الدول الأوروبية إلى أميركا".
ونقلت "فرارو" خبرها الحصري لوكالة "إن إتش كي" اليابانية، والتي أعلنت عن نية ظريف عمل جولة أوروبية في أوائل الأسبوع المقبل، وسوف تشمل 7 دول أوروبية من ضمنها ثلاث دول أعضاء في الاتفاق النووي، هي: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى إسبانيا وإيطاليا.
وذكرت أن وزارة الخارجية الإيرانية، قد أعلنت عن بداية جولة أوروبية لظريف، حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده بمؤتمر صحفي في 7 سبتمبر/أيلول 2020، عن زيارة مرتقبة لظريف إلى عدة دول أوروبية، إلا أنه لم يعلن أي تفاصيل عن هذه الجولة.
وأشارت الوكالة في تحليلها إلى أن توقيت زيارة ظريف التالية تأتي إلى أوروبا بعد انقطاع طويل نسبيا عن السفر إلى أوروبا، حيث كانت آخر زيارات حقيقية له إلى أوروبا في أغسطس/آب 2019، عندما قام بعمل جولة لعدة دول إسكندنافية، وبعدها توجه لحضور قمة مجموعة السبع في بياريتز الفرنسية.
ركود الوساطة
ونوهت إلى أنه طوال هذه المدة لم تحدث أي مساع حقيقية للتوسط بين طهران وواشنطن، وفي النهاية ومع اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية، وصلت مساعي التوسط بين إيران وأميركا إلى مرحلة الركود، لأن جميع اللاعبين الدوليين يعتقدون أنه من غير الممكن أن يكون هناك نوع من أنواع التفاهم بين طهران وواشنطن خلال الفترة المتبقية على الانتخابات الأميركية.
وتطرقت الوكالة إلى قضية ركود الوساطات بين إيران وأميركا ولجوء الأخيرة لتفعيل آلية "الزناد"، بالقول: إنه في الوقت الذي أصيبت الوساطات بين إيران وأميركا بحالة من الركود، لجأت واشنطن إلى الآلية المثيرة للجدل في الاتفاق النووي، وهو الأمر الذي شدد من التوترات بين إيران والغرب مرة أخرى.
وتابعت: أنه في 20 أغسطس/ آب 2020، أقدمت الولايات المتحدة على فعل مثير للجدل حينما قدمت شكوى إلى الأمم المتحدة أو ما أسماه الأميركيون "إخطار" وطالبوا فيها بإعلان 30 يوما كعد تنازلي لتفعيل آلية "الزناد" (سناب باك).
ولفتت "فرارو" إلى أن جميع أعضاء الاتفاق النووي، وتقريبا كل أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- باستثناء أميركا وجمهورية الدومينيكان- قد خالفوا المقترح الأميركي، ومع ذلك لا زالت الأخيرة مصرة على تنفيذ عد تنازلي لمدة 30 يوما قد بدأت بالفعل وستنتهي بحلول 20 سبتمبر/أيلول 2020، وبغض النظر عما سيفعله أعضاء الاتفاق النووي ومجلس الأمن، فإن العقوبات الدولية على إيران سوف تُفعل مرة أخرى.
ويبدأ ظريف جولته إلى جميع الدول الأوروبية الهامة تقريبا، في ظل كل هذه الظروف، وكتبت شبكة "إن إتش كي" حول هذه الزيارة: "يبدو أن هذه الزيارة تأتي من أجل إبعاد القوى الأوروبية الكبرى عن الموافقة على المساعي الأميركية لإعادة العقوبات الأممية على إيران". وأضافت الشبكة: "يبدو أن إيران تريد أن تدعم علاقاتها مع الدول الأوروبية عبر زيارة ظريف بهدف إفشال الإجراء الأميركي".
خياران اثنان
وتطرقت الوكالة للحديث حول الخيارات المتاحة أمام إيران لمواجهة التهديدات الأميركية قبل انتهاء المدة. وذكرت أنه لم يتبق على انتهاء المهلة المحددة لإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران سوى أقل من 10 أيام، ولكن الأوروبيين لم يفعلوا أي شيء سوى معارضتهم الديبلوماسية للإجراء الأميركي، ولم ينفذوا أي مساع أخرى لتغيير توجه واشنطن في تفعيل آلية الزناد، إذ تقول بعض التقارير: إنه من الممكن أن يتوافق الأوروبيون مع أميركا حول تمديد حظر التزود بالأسلحة المفروض على إيران من قبل الأمم المتحدة.
وتابعت: "إلا أن النقاش بين أميركا وأوروبا قد ذهب أبعد من العقوبات على التزود بالأسلحة ووصل إلى إعادة فرض جميع العقوبات الأممية، وأعلنت أميركا بكل صراحة أن العقوبات الأممية سوف يُعاد فرضها على إيران بعد الثلاثين من سبتمبر/أيلول 2020، ولو حدث ذلك فبالتأكيد سوف يكون هناك رد إيراني".
وبحسب وكالة "فرارو"، يبدو أن إيران في الوقت الحالي لا تزال تدرس الخيارات المتاحة أمامها، لذا ومن هذا المنطق يمكننا أن نعتبر زيارة ظريف إلى أوروبا في سبيل تحديد الرد الإيراني على أميركا، أما في إيران وبشكل عام هناك وجهتا نظر حول العودة المحتملة للعقوبات الأممية.
وأردفت: يقول البعض إنه إذا عادت العقوبات الأممية على إيران يجب على طهران الانسحاب رسميا من الاتفاق النووي، وخفض إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية على برنامج طهران النووي.
وفي المقابل، تقول المجموعة الثانية، حسب الوكالة: إنه يجب على إيران ألا تخرج من الاتفاق النووي لأن مثل هذه الخطوة قد تخلق إجماعا دوليا ضد طهران، ونتيجة لذلك يجب الانتظار على الأقل حتى لحظة إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وبعدها يخرج رد الفعل الإيراني، لأنه من المحتمل أن تعود أميركا إلى الاتفاق النووي بعد انتصار جو بايدن.
موقف روحاني
وأشارت الوكالة في تحليلها إلى موقف الرئيس الإيراني حسن روحاني، ومدى ميوله للخيارات المطروحة، موضحة أن حكومته تميل بشكل أكبر إلى رأي المجموعة الثانية، حيث على الرغم من التهديدات الأميركية حول آلية "الزناد" وإعادة فرض العقوبات، لم تُصدر الحكومة أي ردود أفعال سوى إدانة هذه التهديدات.
وأضافت "فرارو": أن حكومة روحاني امتنعت عن إصدار رد واضح وقاطع حول إعلان الجدول الزمني لإعادة فرض العقوبات الأممية، ولكن زيارة ظريف لأوروبا من شأنها أن تعطي لإيران صورة واضحة عن الرد الذي يتوجب عليها قوله، لو استطاع ظريف الحصول على وعود أوروبية بأن أوروبا لن تعترف بالعقوبات الأممية إذا ما تم فرضها مرة أخرى.
واختتمت الوكالة تحليلها بالإشارة إلى أنه "من المحتمل أن يكون رد حكومة روحاني هو الإبقاء على الاتفاق النووي، ولكن لو لم يحصل ظريف على نتائج ملموسة في هذا الصدد، ففي هذه الحالة يمكننا أن نتوقع ردا مختلفا من الحكومة الإيرانية".