رغم رفضها التحالف مع قوى عظمى.. لهذا تتجه إيران للصين وروسيا
.jpg)
نشرت مجلة فورميكي الإيطالية تقريرا تحدث عن إستراتيجيات وتحركات طهران لفك العزلة الناجمة عن العقوبات الأميركية من خلال إبرام اتفاقيات وشراكات في مجالات متعددة مع موسكو وبكين.
تساءلت المجلة في بداية تقريرها، عن سبب الحماسة التي تسعى بها الصين وروسيا إلى إبرام اتفاق مع إيران، بالإضافة إلى التساؤل عن ماهية القضايا الأساسية والاهتمامات الإستراتيجية والأهداف الجانبية لهذا التقارب.
واعتبرت أن مخاوف وأضواء وظلال التحركات الجارية في الشرق الأوسط، جزء من المواجهة بين الولايات المتحدة والصين.
وأوضحت المجلة أن تشديد نظام العقوبات ضد إيران في إطار ما يسمى بإستراتيجية "الضغط الأقصى"، وفقا لتفكير إدارة دونالد ترامب، كان بهدف خلق ستارة عازلة حول الجمهورية الإسلامية، المتهمة بالمضي قدما في البرنامج النووي سرا على الرغم من توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة.
وطبق ترامب الإستراتيجية "بسبب صناعة صواريخ باليستية جديدة لتقويض التوازنات الإقليمية غير المستقرة بواسطة الأحزاب والمليشيات الموالية والممولة من طرفها".
وباختصار، تُتهم طهران بالسعي إلى الهيمنة على الشرق الأوسط وفقا للمصالح التي تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين (إسرائيل والسعودية)، وفق المجلة.
وتعتقد المجلة استنادا إلى الأحداث، أن الضغوط المسلطة على إيران غيرت الموازين وفتحت الباب أمام إستراتيجية "التوجه نحو الشرق" الإيرانية التي تدفع إلى تنشيط اتفاقيات التعاون مع بكين وموسكو. فضلا عن ذلك ظهرت بوادر حوار مهتم حول إيران من جانب تركيا والإمارات التي اعتبرتها المجلة دول سنية معادية.
وذكرت أنه وفقا لوثيقة حصلت عليها صحيفة "نيويورك تايمز" منذ أقل من شهر، ستشمل الشراكة قيد الإنشاء مع الصين مجالات واسعة مثل قطاع السكك الحديدية، الموانئ، البنوك، النفط والاتصالات.
ليس هذا فحسب، حيث سيشرع الإيرانيون والصينيون في تبادل المعلومات الاستخباراتية أيضا، وستفتح مختبرات للبحوث العسكرية المشتركة، بالإضافة إلى القيام بتدريبات عسكرية مشتركة (جرت مناورة خلال الشتاء في مياه المحيط الهندي أمام خليج عمان).
وأوضحت المجلة أن إيران المعزولة تسعى إلى التقارب مع الصين ورؤوس أموالها.
تنافس ثلاثي
من جهتها، لا تمانع الصين في ذلك خاصة وأن بلاد فارس غنيمة مثيرة للاهتمام، كما أنها تقاطع مفيد على طريق الحرير البري، ودعم قوي على طول خيط اللؤلؤ، الرابط البحري بين الموانئ التي تمتد من مالقة (في إسبانيا) إلى البحر الأبيض المتوسط.
وتقول المجلة: "هذه إستراتيجية مرموقة تسعى من خلالها (الصين) إلى تقديم نفسها إلى العالم كبديل كوني للولايات المتحدة".
وتابعت المجلة: أن الإتفاقية تنطوي على توازنات دقيقة على المحك، خاصة في داخل طهران، من قبل المعارضين ونظرتهم إلى الصين على أنها تنين جائع.
ويحذر المنتقدون، الذين يُقيّمون وزن الاتفاقية منذ أربع سنوات، من الخطر الواضح من أن ينتهي بهم الأمر بين فكي التنين وفقدان السيادة.
لكن يبدو أن التراجع لا مفر منه في هذه المرحلة، بالنظر إلى أن العقوبات الأميركية الإضافية تجعل الاستثمار مع الغرب مستحيلا، كما أن الإمدادات النفطية قد دُمرت عمليا.
وعلى جانب آخر، ما تخشاه سياسة دونالد ترامب في تعاملها مع روسيا يحدث مع إيران، حيث أن عزلها قد يقودها إلى الصين.
وتعد روسيا، في الواقع، جزءا من تنافس ثلاثي، يشعر بنفس مخاوف الإيرانيين من الصين (أن ينتهي بهم الأمر بين فكي التنين).
وأشارت المجلة إلى أن الممثل الدولي للمواقف البرغماتية الإيرانية، وزير الخارجية محمد جواد ظريف، كان في نهاية شهر تموز / يوليو 2020، في موسكو لتجديد اتفاق مدته عشرون عاما، كان سينتهي في آذار / مارس 2021 يتعلق بإمدادات السلاح والتعاون النووي.
وبحسب المجلة، تبدو اللعبة مزدوجة، بينما تحاول طهران فك العزلة، تتحرك نحو توازن بين القوتين. ولدى الصين وروسيا أهداف متشابهة فيما يتعلق بإيران، ويعلم ظريف أن المخاطرة بالانكشاف ستكون ضارة.
وفي الوقت نفسه، قد يؤدي الاتفاق مع كليهما إلى التنافس، في منطقة يكون فيها الصينيون أقل خبرة من الروس، وأكثر ذعرا من مواجهة ثنائية الجوانب مع إيران ومع أعدائها (إسرائيل فيما يتعلق بالموانئ، السعودية والإمارات فيما يتعلق بالنفط والنفوذ).
وترى المجلة أن التقليد الإستراتيجي الإيراني يرفض التحالف الرسمي مع القوى العظمى. والطريقة التي رحب بها البرلمانيون الإيرانيون بالاتفاق مع الصينيين بكونه بلاء هو شهادة على ذلك.
ومن جانبهم، قارن المثقفون المحافظون والمدافعون عن السيادة باتفاقية القرن التاسع عشر التي فرطت بها بلاد فارس في أراضيها إلى مناطق نفوذ روسية وإنجليزية.
لكن حاليا، النقطة المهمة هي أن الأزمة الاقتصادية خانقة وأن السخط الشعبي بلغ أعلى مستوياته. لذلك من الضروري الحصول على دعم خارجي من خلال القروض التي يمكن أن تعيد إطلاق الدورة الاقتصادية الصناعية والتجارية.
وأضافت المجلة أن هناك أيضا لعبة جانبية تلعبها هاتان القوتان لها انعكاسها على إيران.
ففي أكتوبر/تشرين الأول، سينتهي حظر الأسلحة (الوارد في خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015) الذي تنوي الولايات المتحدة وحلفاؤها تجديده بشأن إيران.
لذلك، هل من المحتمل أن تستشعر واشنطن تقاربا مفرطا وغير مريح للجمهورية الإسلامية مع الصين وروسيا، التي لها أهداف أخرى بشأن هذا الحظر، وبالتالي قد تفتح بعض النوافذ؟، تتساءل المجلة.
وفي هذا الصدد، كان هناك حديث لبعض الوقت عن احتمال أنه مع الإدارة الجديدة (مهما كانت) يمكن للولايات المتحدة إعادة فتح شكل من أشكال الحوار مع طهران من ناحية أخرى. وقد تكون هذه الخطوة أيضا في مصلحة الروس والصينيين وبالتأكيد الإيطاليين.