احتفت بالقرار.. ما علاقة الإمارات بإغلاق نقابة المعلمين في الأردن؟

سليمان حيدر | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ألقت قوات الأمن الأردنية القبض على أعضاء مجلس نقابة المعلمين بعد اقتحامها مقر النقابة في العاصمة عمان، وأغلقت مقراتها العامة والفرعية لمدة عامين بعد احتجاجات للمعلمين تطالب بتنفيذ اتفاق تم إبرامه في 2019 بين الحكومة والنقابة كونها الممثل الرسمي للمعلمين. 

وقالت مصادر في نقابة المعلمين الأردنيين للجزيرة: إن الأجهزة الأمنية اعتقلت في 2 أغسطس/آب 27 معلما وعضوا في النقابة، ليرتفع عدد المعتقلين على خلفية الأزمة مع الحكومة إلى 51 معتقلا من بينهم قيادات مجلس النقابة.

وجاء في قرار النائب العام الصادر في 25 يوليو/تموز، "كف يد أعضاء مجلس نقابة المعلمين وأعضاء الهيئة المركزية، وهيئات الفروع وإداراتها، ووقف النقابة عن العمل وإغلاق مقراتها لمدة سنتين".

وأمرت النيابة بالتحفظ على أعضاء مجلس النقابة لمدة سبعة أيام على ذمة التحقيقات في التهم الموجهة إليهم، حيث وجهت للقائم بأعمال نقيب المعلمين ناصر النواصرة تهما بالتحريض على الحكومة. 

وجاءت عملية الاعتقال بعد ثلاثة أيام من تنظيم النقابة مظاهرة شارك فيها مئات المعلمين للمطالبة بتطبيق الاتفاق المبرم بين النقابة والحكومة والذي يتضمن 15 بندا بينها صرف علاوة تتراوح بين 35% و75%. 

وفعليا بدأت الحكومة في صرف تلك العلاوة منذ بداية العام 2020، إلا أنها في إبريل/نيسان أوقفت صرف علاوة أجور القطاع العام حتى نهاية العام بسبب الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها وباء كورونا. 

وتقول النقابة: إن تلك التظاهرات ليست من أجل هذا البند فقط وإنما لتطبيق باقي البنود التي لم تف الحكومة بأي منها حتى الآن.

وخلال المظاهرة التي نظمها المعلمون في 22 يوليو/تموز نفى نائب نقيب المعلمين الأردنيين ناصر النواصرة الاتهامات الموجهة لمجلس النقابة بأنه يسعى للصدام مع الدولة وأكد فيها أن المعلمين هم القطاع العريض من الدولة متسائلا فكيف يتصارعون مع أنفسهم؟. 

واقتطعت بعض وسائل الإعلام جزءا من الكلمات التي تحدث بها نواصرة خلال الوقفة الاحتجاجية وأخرجتها عن سياقها لإثارة المجتمع الأردني ضد النقابة. 

من جانبها بررت الحكومة الأردنية الاعتقالات التي نفذتها بصفوف نقابة المعلمين بأنها لتفادي حملة احتجاجات كانت ستشل خدمات حكومية أساسية في وقت تكافح فيه الدولة للتغلب على الآثار الناجمة عن وباء كورونا

شيطنة إماراتية

ولاقت الإجراءات التي نفذتها السلطات الأردنية استهجانا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي ورد الناشطون بهاشتاج #مع_المعلم الذي تصدر موقع تويتر في الأردن وأكد خلاله الناشطون وقوفهم إلى جوار المعلمين في قضيتهم. 

ورفضت الكثير من التعليقات التدخل الخارجي في قضية نقابة المعلمين، بعد أن احتفت وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية بالقرار، ضمن الحرب التي تشنها الدولتان الخليجيتان على ما يعرف بالإسلام السياسي واستهدافها لجماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها أبوظبي بأنها جماعة إرهابية. 

وجرى التغريد على هاشتاج #مع_الوطن الذي يقف في صف القرار الحكومي من قبل حسابات مصدرها الإمارات والسعودية، وشنت تلك الحسابات حملة تحريضية ضد النقابة وادعت انتماءها لجماعة الإخوان المسلمين وهو ما تنفيه النقابة.

يقول الكاتب الصحفي الأردني خير الدين الجابري على حسابه بموقع تويتر: إن عشرات التقارير والمقالات باللغتين العربية والإنجليزية ومئات المنشورات الصادرة عن وسائل الإعلام الإماراتية ومغرديها المؤثرين تستهدف نقابة المعلمين وتشيطن تيارا أردنيا كبيرا وتتهمه بالإرهاب.

وأوضح أن النشاط في هذا الاتجاه بدأ قبل أيام من استهداف النقابة، مشيرا إلى تقرير لموقع إندبندنت عربية في 23 يوليو/ تموز والذي تنبأت فيه بحل نقابة المعلمين واتهمت جماعة الإخوان المسلمين بالسيطرة على النقابة. 

ويضيف الجابري في تغريدة أخرى: "قبل يومين من ضرب النقابة وحلها تنبأت إندبندنت عربي التي تروج للسياسات السعودية والإماراتية بحل مجلس النقابة عبر مصادر أردنية خاصة استكمالا لخطة تقليم أظافر جماعة الإخوان".

ونفذ المعلمون في 2019 إضرابا عاما في الأردن استمر لمدة شهر للمطالبة بصرف علاوة 50% من الراتب الأساسي تم التوصل إليها في 2014.

وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وقعت وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين اتفاقا جديدا يتكون من 15 بندا وإنهاء الإضراب واستئناف الدراسة. 

أما الناشط علاء القضاة فقال على حسابه بتويتر :"سكاي نيوز والعرب يحتفلون وينشرون بشكل منهجي حول حل النقابة كما لو كانت انتصارا على الإخوان في محاولة لصبغ النقابة"، مؤكدا أن تدخل الإمارات والسعودية في الشؤون الأردنية أمر خطير وغير مقبول ولا يمكن التسامح معه.

كما رصدت وكالة الأناضول للأنباء بعض احتفالات القنوات الإعلامية الإماراتية بالقرار، وأشارت إلى أن قناة سكاي نيوز عربية ومقرها أبوظبي ألحقت جميع أخبارها المتعلقة بالنقابة بجملة "الفساد والخطاب التحريضي الإخواني". 

وقالت: إن موقع "العين الإخباري" الإماراتي لم يخف الأجندة الإماراتية وعكف على نشر تحليلات ركزت على ربط نقابة المعلمين الأردنية بجماعة الإخوان المسلمين بالإضافة إلى اتهامها بالفساد. 

وربما يفسر الأمر ارتباط بدء الحملة بالتزامن مع زيارة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين عاهل الأردن إلى الإمارات ولقائه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان وهو ما يؤشر إلى احتمال وجود ضغوط إماراتية.

وفي هذا الاتجاه يرى صاحب حساب "الأردنية نت" أن الإمارات مارست ضغوطا على الملك عبد الله الثاني لاتخاذ إجراءات ضد النقابة خلال زيارته لأبوظبي. 

كما ربط بين بدء الحملة الرسمية في الأردن ضد النقابة وتصدير وسائل إعلام إقليمية محسوبة على الإمارات للخبر واتهامها للنقابة بأنها تابعة للإخوان، مشيرا إلى أن أبوظبي أخذت على عاتقها ملاحقة الجماعة في المنطقة. 

جولة ثانية

وردا على ما فعلته الحكومة ضد المعلمين أعلنت العديد من الأحزاب والشخصيات العامة والنقابات تضامنها مع المعلمين ودعت للمشاركة في وقفة  واعتصام الخميس 29 يوليو/ تموز على الدوار الرابع بالعاصمة عمان.

ومن أبرز الذين دعوا للوقفة أحزاب "الشراكة والإنقاذ"، و"الوحدة الشعبية" و"الحياة والتيار الديمقراطي التقدمي" والحراك الأردني الموحد والحراك الأردني (كرامة) واتحاد النقابات العمالية المستقلة وعدد من الشخصيات العامة.

وقال المشاركون في بيان مشترك: إن ما فعلته الجهات الرسمية ضد المعلمين من تجميد نقابتهم وتوقيف قياداتهم واعتقال المعلمين في الشوارع وتكبيلهم بالأصفاد وتغطية رؤوسهم وعيونهم وكأنهم مجرمون ما هو إلا إجراء عرفي يتنافى مع مكانة المعلم ومع حقوق الإنسان. 

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن مقاطع تظهر حشودا ضخمة من قوات الأمن بالمناطق المحيطة بالدوار الرابع قبل وصول المعلمين والمتضامنين معهم إلى مكان الاعتصام. 

كما أظهرت الصور قيام قوات الأمن بمنع كل من حاول الوصول إلى الدوار الرابع بالقوة واعتدت بالضرب على عدد من المعلمين.

واعتبر الصحفي الأردني علي يونس أن التعامل الأمني مع مظاهرة المعلمين السلميين يؤكد أن الحكومة مصممة على سحق المعلمين واتحادهم لأن نقابة المعلمين هي النقابة الوحيدة في البلاد التي لا تخضع لسيطرة الحكومة.

واستنكر حزب جبهة العمل الإسلامي موجة الاعتقالات بحق المعلمين واعتبر أن استمرار النهج الأمني في التعامل مع القضية سيزيد من تعقيدها وسيفاقم من تداعياتها. 

وطالب الحزب في بيان رسمي على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الحكومة بالتراجع عن كافة الإجراءات التي اتخذتها ضد نقابة المعلمين والإفراج عن جميع المعتقلين من أعضاء مجلس النقابة وغيرهم من المعلمين، والعودة لطاولة الحوار لمعالجة الملفات العالقة. 

ويشكو معلموا الأردن من تدني أجورهم ويصفونها بأنها الأسوأ بين موظفي الدولة ولا تتناسب مع الأسعار المرتفعة، وفي وقت سابق قال نائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة: إن راتب المعلم يبدأ بـ 360 دينارا بما يعادل 500 دولار.