أول جولة خارجية.. ما الملفات التي يحملها الكاظمي لإيران والسعودية؟

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحمل الجولة الخارجية الأولى لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، منذ تسلمه رئاسة الحكومة، العديد من الملفات المهمة كونها تشمل إيران والولايات المتحدة الأميركية فقط، بعدما تأجلت زيارته إلى الرياض بسبب عارض صحي مفاجئ ألمّ بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

تلك الزيارات تعول عليها كثيرا طهران والرياض مجتمعتان، وذلك من خلال تصريحات مسؤولي البلدين، إذ أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في 20 يوليو/ تموز 2020 أن بلاده تقدر عاليا اختيار الكاظمي المملكة أول بلد يزوره، وأن التأجيل كان لإعطائها أهمية أكبر باستقباله من الملك سلمان.

أما على الجانب الإيراني، فقد أكدت طهران على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي زار بغداد في 19 يوليو/ تموز 2020 أن المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي شخصيا سيستقبل الكاظمي، كثاني مسؤول يلتقيه منذ أزمة كورونا في فبراير/ شباط 2020.

ووصل الكاظمي، في 21 يوليو/تموز، على رأس وفد حكومي إلى إيران، في أول زيارة خارجية له منذ تسلمه منصبه أبريل/ نيسان 2020.

وساطة إقليمية

أولى الملفات التي من المقرر أن يبحثها الكاظمي خلال جولته الخارجية، هو الحد من التصعيد الحاصل بين إيران والولايات المتحدة وحليفتها الأبرز بالمنطقة المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال وساطة يقودها رئيس الحكومة العراقية.

وفي هذه النقطة، قال الباحث في الشأن العراقي لطيف المهداوي لـ"الاستقلال": إن "الكاظمي على ما يبدو يجيد إيصال الرسائل، فمن خلال أداء دور الوساطة الأمنية يحاول أن يحصل على دفعة معنوية ضرورية في وقت يواجه المزيد من العراقيل التي تقابله بشكل عفوي أو متعمد بالعراق".

وأضاف المهداوي: "قبل الكاظمي اشتهر فالح الفياض (مستشار الأمن الوطني السابق) بزياراته المتكررة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومحاولة لعب ذات الدور، ولكن في النهاية لم نجد إلا دورا يتسم بالتبعية".

وتابع: "لذلك، ربما تمنح إيران مصطفى الكاظمي هذا الدور، لإثبات حسن نواياها لا أكثر، ولكن المعقد في الأمر طبيعة ردة الفعل السعودية خاصة والإماراتية التي تسير خلفها".

ورأى المهداوي أن "الكاظمي يريد لقاء الأميركيين وهو يحمل بعض الإنجاز لا أكثر، ولكن هل ستكون الوساطة منجزا في عين الأميركان وهم الذين يريدون إضعاف النفوذ الإيراني ويجعلون من الكاظمي أداة لذلك؟ هنا تكمن المعضلة". 

في المقابل، رأى السياسي العراقي بهاء الأعرجي في تغريدة على "تويتر" أن زيارة جواد ظريف إلى بغداد جاءت بعد فشل المحاولات في جعلِ زيارة الكاظمي لإيران قبل السعودية (قبل أن يحدث تطور بشأن صحة الملك سلمان)، وهذا تطور في السياسة الخارجية بأن يلعب العراق دور الوسيط مع جيرانه وليس ساعي بريد كما يريد البعض له".

ومثل ذلك، كتب رئيس أكاديمية "المفكرين السياسيين" الدكتور مظفر قاسم على حسابه في "تويتر" قائلا: "العراق وسيط (رسميا) ما بين السعودية وإيران تختلف كليا عن الوساطات السابقة التي باءت جهودها بالفشل".

بدورها أبدت إيران على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، استعدادها للتفاوض مع السعودية، مشيرا إلى إمكانية حل الخلافات بالحوار، وذلك في سياق تقييمه للزيارة المرتقبة للكاظمي، حسبما نقلت وكالة "إرنا" الإيرانية.

وأكد موسوي أن بلاده مستعدة دائما للتعاون والتفاوض مع دول المنطقة، مبينا أن الحوار هو السبيل الوحيد لإزالة الخلافات وسوء التفاهم.

وتابع: "حاولنا مرات عديدة وأعلنا سياستنا المبدئية والثابتة بشأن السعودية، والكرة الآن في ملعبهم، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بحكومة ومسؤولي الرياض ليقرروا موقفهم ورؤيتهم تجاه مقترحات طهران للتعاون والحوار الإقليمي".

وعلى الرغم من صمت السعودية عما يدور من حديث عن الوساطة مع طهران- قبل إعلان تأجيل زيارة الكاظمي للرياض- فإن ذلك لا يمنع الأخير من طرحها على الولايات المتحدة في محاولة لخفض التصعيد على الأراضي العراقية، بحسب مراقبين.

"رفع اليد"

أما زيارة الكاظمي إلى إيران، فيتصدرها ملف الجماعات الموالية لطهران، إذ إن الحكومة العراقية أعلنت في أكثر من مناسبة أنها جادة في حصر السلاح بيدها والتعامل مع المليشيات المسلحة خارج إطار الدولة والخارجة عن القانون.

وأشار تقرير لقناة "الحرة" الأميركية أن مباحثات الكاظمي مع الإيرانيين تتركز على مطالبة الكاظمي طهران برفع يدهم عن بعض المجاميع المرتبطة بهم أو الذين يدعمونها.

ولفتت إلى أن ثلاثة معايير أساسية تسير عليها جولة الكاظمي الخارجية، وهي التشديد على السيادة العراقية، ومصلحة الشعب، والمصالح والمنافع المشتركة والمتبادلة مع أي دولة تفتح معها صفحة أو تزورها.

وفي الآونة الأخيرة شهد العراق، تصاعد حدة التوتر بين الكاظمي والمليشيات الموالية لطهران، على خلفية اعتقال قوات مكافحة الإرهاب عناصر من مليشيا كتائب حزب الله في 26 يونيو/ حزيران 2020، بتهمة التخطيط لاستهداف المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد.

وواحدة من أكثر مراحل التصعيد بين الكاظمي والمليشيات الموالية لإيران، كانت عملية اغتيال الخبير الأمني هشام الهاشمي أمام منزله ببغداد في 6 يوليو/ تموز 2020، واتهمت بها "كتائب حزب الله" كونها هددت الرجل قبل اغتياله، حسبما كشف مقربون من الأخير.

ووضعت عملية اغتيال الهاشمي، حكومة الكاظمي في مرحلة مفصلية للقضاء على حالة اللادولة التي تديرها المليشيات الموالية لإيران في العراق، إلا أن سياسيين عراقيين أكدوا أن رئيس الحكومة لا يمتلك الأدوات في مواجهة هذه الجماعات، كون المؤسسة الأمنية كلها من الشيعة، ولن تصطدم بمليشيات شيعية.

وتساند الولايات المتحدة، الكاظمي في القضاء على المليشيات الموالية لإيران التي تستهدف السفارة الأميركية في بغداد، وفرض سيطرة الدولة، كما أن واشنطن وعلى لسان وزير الخارجية مايك بومبيو طالبت الحكومة العراقية بضرورة محاسبة "كتائب حزب الله" لوقوفها وراء قتل الهاشمي.

ولم يحدد حتى يوم 20 يوليو/ تموز 2020، موعد زيارة الكاظمي إلى الولايات المتحدة لإجراء الجولة الثانية من الحوار الإستراتيجي بين واشنطن وبغداد، والذي كانت جولته الأولى عبر دائرة افتراضية مغلقة في يونيو/ حزيران.

ملف الطاقة

وأحد أهم ملفات الجولة الخارجية للكاظمي، هو ملف الطاقة الكهربائية، والذي يعول عليه الجانب العراقي لإيجاد حل ينهي هذه الأزمة التي لم تجد طريقا إلى الحل منذ 17 عاما على الرغم من تخصيص مبالغ كبيرة، إلا أن الفساد وسوء الإدارة حال دون ذلك.

ورغم أن زيارة الكاظمي إلى السعودية تأجلت، فإن الوفد الذي سبقه إلى الرياض برئاسة وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، وقع مع المسؤولين السعوديين مجموعة اتفاقيات ومذكرات تفاهم ضمن المجلس التنسيقي بين البلدين في مجالات الطاقة والاستثمار والتعليم والرياضة ومجالات أخرى.

ويأتي ذلك استكمالا لما اتفق عليه في 16 يوليو/ تموز 2020 خلال اجتماع افتراضي، بين الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي والعراق والولايات المتحدة، حيث نوقش فيه سير العمل في مشروع الربط الكهربائي بين الشبكتين الخليجية والعراقية، والخطوات المستقبلية لتنفيذه.

إلا أن اتفاق بغداد مع دول الخليج على توريد الطاقة الكهربائية من شأنه دفع إيران إلى الاعتراض وعرقلته عبر حلفائها ببغداد، حيث كشف وزير الكهرباء العراقي السابق قاسم الفهداوي خلال حوار تلفزيوني في أبريل/ نيسان 2020 عن عرقلة طهران لاتفاق وشيك مع السعودية لحل أزمة الطاقة التي يعاني منها العراق.

وقال الفهدواي الذي شغل منصب وزير الكهرباء في حكومة حيدر العبادي خلال الفترة 2014 -2018: إن الحكومة تلقت عرضا من السعودية بتوفير الغاز الذي تحتاجه بغداد وبأسعار أقل من العالمية، لحل أزمة الطاقة في العراق، بعدما قطعتها إيران لإسقاط تلك الحكومة آنذاك.

وأشار إلى أن العرض تضمن منح بغداد الغاز بـ 3 سنتات، مؤكدا أن رئيس الوزراء حينها وافق عليه، ليجري الاتفاق على موعد السفر للمملكة لتوقيع الاتفاقيات، لكن تم إلغاء السفر ورفض العرض قبل توقيعه بيوم، بسبب الضغوطات الإيرانية. وقال الفهدواي: "هل نضحي بمصلحة العراق من أجل إرضاء إيران؟".

ويعاني العراق من نقص شديد في الطاقة منذ 2003، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة إيجاد حلول للأزمة، رغم إنفاقها 62 مليار دولار، وذلك بسبب سوء التخطيط والفساد، حسبما أعلن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، في 15 يوليو/ تموز 2020.

ويبلغ إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية وفقا لوزارة الكهرباء 13500 ميغاواط، ويخطط لإضافة 3500 ميغاواط خلال العام 2020، عبر إدخال وحدات توليد جديدة إلى الخدمة، إلا أن التقديرات تشير لحاجة البلد لأكثر من 20 ألف ميغاواط.

وتزداد معاناة العراقيين في محافظات متعددة، لا سيما في موسم الصيف، الذي تتجاوز فيه الحرارة 50 درجة مئوية؛ بسبب ضعف وصول الطاقة الكهربائية إلى المنازل.

وتزود طهران العراق بالكهرباء بواقع 1200 ميغاواط عبر أربعة خطوط؛ هي "خرمشهر - البصرة"، و"كرخة - العمارة"، و"كرمنشاه – ديالى"، و"سربيل زهاب – خانقين". كما يساهم الغاز المستورد من إيران بتشغيل محطات كهربائية عراقية ترفد المنظومة بما يقرب من 3300 ميغاواط.