بعد الهزائم والجرائم في ليبيا.. هذه الدعاوى مرفوعة ضد حفتر وأعوانه

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لا يواجه اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومساعدوه الهزائم المتلاحقة في ليبيا فحسب، بل هناك دعاوى قانونية وملاحقات قضائية تنتظرهم أيضا في عدد من المحاكم.

يحمل حفتر الجنسية الأميركية، ولأنه مواطن أميركي، فإنه يواجه تهما جنائية، وجهت له من قبل عائلات ليبية تقيم حاليا في أميركا، وذلك لارتكابه جرائم قتل وتعذيب خارج نطاق القانون.

حسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، فإن المحكمة الفيدرالية في فرجينيا قبلت في 12 يونيو/حزيران 2020، دعوى المواطنة الليبية منى سويد والمواطن عبد الله الكرشيني، وذلك لارتكابه جرائم ضدهما وضد أسرتهما في ليبيا.

وحسب الصحيفة، فإن العائلتين كانتا قد رفعتا دعوى جنائية في 2019، ضد حفتر وابنيه خالد وصدام عندما قاموا بشن هجوم في 2014 على بنغازي شرق ليبيا.

وقالت الصحيفة الأميركية: إن حفتر القائد العسكري المقيم في الشرق الأوسط ومحاميه قد تغيبا عن أول جلسة (إجرائية) انعقدت في 12 يونيو/حزيران 2020، ولم يتواصلا مع المحكمة.

قتل ونهب

حسب وكالة أسوشيتد برس الأميركية، فإن مجموعة مسلحة تابعة لقوات حفتر، اقتحمت منزل منى سويد في بنغازي في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2014، وقتلت اثنين من أشقائها بالرصاص، ونهبت منزلها، ثم أضرمت فيه النار.

وأضافت الصحيفة أن المقاتلين التابعين لحفتر اختطفوا والد سويد وشقيقها الآخر، ليتم العثور على جثتيهما بوقت لاحق في مكب نفايات، بعد تعذيبهما وقتلهما برصاصات في رأسيهما.

أما المدعي الآخر عبد الله الكرشيني، فبحسب الصحيفة الأميركية، فقد هاجم مجموعة مسلحة من قوات حفتر منزله، واختطفته مع 5 من إخوانه، ليتم قتل اثنين من إخوانه، ويصاب ثالث برصاصة تسببت فيما بعد ببتر قدمه، فيما تمكن هو من الفرار.

لم تكن هاتان العائلتان هما الوحيدتان، اللتان تم ارتكاب جرائم بحقهما وحق أسرتيهما، فقد كشف تحرير مدينتي طرابلس وترهونة من ميلشيات حفتر، مؤخرا، عن مقابر جماعية جديدة لضحايا على يد الميلشيا الانقلابية.

وأعلن المكتب الإعلامي التابع لعملية "بركان الغضب" لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، عن اكتشاف 3 مقابر جماعية جديدة في مناطق المشروع الزراعي بترهونة، ومشروع الربط، وسوق "الخميس إمسيحل" جنوب شرقي العاصمة طرابلس.

كما أن مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، الطاهر السني، قال في تغريدة على تويتر: إنه تم العثور في ترهونة على "8 مقابر جماعية وجثث لعائلات وأفراد من المدينة ملقاة في آبار وحاويات، وبعضهم دفنوا أحياء"، مؤكدا أن مقتل كل أولئك الضحايا كان قد تم خلال فترة سيطرة ميليشيات حفتر على المدينة.

حكم غيابي

في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أقامت منظمة ليبية أميركية معنية بحقوق الإنسان دعوى قضائية ضد خليفة حفتر، بتهم الإرهاب والقتل خلال القصف العشوائي على مدينة طرابلس.

وحسب الأناضول، فإن عبد الحكيم التونالي، عضو المنظمة الليبية الأميركية لحقوق الإنسان صرح بأن المنظمة وثقت حالات لأسر ليبية تم قتل ذويهم، من خلال القصف العشوائي، وأن المحكمة الأميركية قد قبلت 3 قضايا من الملفات المقدمة.

ووفق التونالي، فإن وسائل الإعلام الليبية تعد، وفق القانون الأميركي، إحدى وسائل الإعلان التي يؤخذ بها كدليل في ظل صعوبة الوصول إلى الأدلة.

يضيف التونالي، أن محكمة الولاية في فرجيينا قد أصدرت مذكرة استدعاء لحفتر في 27 أغسطس/أب 2019، وفي حال لم يتم التجاوب مع المحكمة أو تنصيب محام للدفاع، فإن المحكمة سوف تمضي في إصدار حكم غيابي ضده، بتهمة ارتكاب أعمال إرهابية وانتهاك للقانون الدولي، وتعويضات مالية.

الإمارات متهمة

عند ذكر أي سجل إجرامي، تكون الإمارات هي أبرز الحاضرين، وعلى رأس قائمة المنتهكين في السجلات الإجرامية، ففي فبراير/شباط 2020، تم رفع دعوى ضد حفتر و مسؤولين إماراتيين، من قبل مكتب "مارتن مكماهون" بالنيابة عن 6 عائلات ليبية، تم قتل أو تعذيب أفراد من عائلاتهن من قبل مجموعات مسلحة تابعة لحفتر.

وقال مكماهون، وهو الشريك الإداري لمكتب المحاماة Transnational Business Attorneys Group: إن حفتر مجرم حرب، وبصفته مواطنا أميركيا لديه أصول وعائلات في الولايات المتحدة، فيجب أن يحاسب على أعماله غير القانونية والهمجية.

وعن تورط الإمارات في قضايا القتل، يقول مكتب المحاماة: إن الدعوى تنص على أن "المسؤولين في الإمارات كانوا يعرفون بالضبط تبعات استخدام حفتر للطائرات من دون طيار التي قتلت المدنيين الليبيين، وأحرقت المناطق التي يُعتقد أنها معادية لنظام حفتر".

وقال مكتب المحاماة: إن المتهمين شجعوا أو أمروا أو شاركوا في سلوك إجرامي، وهو ما يشكل جرائم حرب وبالتحديد التعذيب، في حين ينتهك هذا السلوك اللاإنساني اتفاقية جنيف الرابعة وميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبند قانون الأمم في دستور الولايات المتحدة".

أسير سابق

كان حصول حفتر على الجنسية الأميركية، أهم نقطة سوف تستخدم ضده في ملاحقته جنائيا في المحاكم الأميركية، وعن قصة حصوله على الجنسية الأميركية، يقول ديريك هنري فلود، وهو محلل أمني أميركي: فإن حفتر كان قد لجأ إلى ولاية فرجينيا بأميركا مع نحو 400 من أنصاره، بعد أسره في حرب في تشاد، في ثمانينيات القرن المنصرم، وذلك بعد إنكار القذافي أن يكون على صلة به، أو تربطه به أي علاقة.

استقبلته وكالة المخابرات المركزية، ومنحته سكنا في منطقة فولز تشيرش وفيينا، في الولاية بالقرب من مقر المخابرات، وحصل بعد ذلك على الجنسية الأميركية، وطلبت منه الوكالة، عقب ذلك، مساعدتها في تنفيذ انقلاب في ليبيا، وهو الأمر الذي لم يتم.

وحسب نيويورك تايمز، فإن حفتر (الذي لم يكن يمتلك عقارات باهظة الثمن خلال أكثر من 3 عقود مضت) قد اشترى، عن طريق أبنائه، 17 عقارا نقدا بقيمة 8 ملايين دولار، في الفترة بين 2014 وحتى 2017، في ولاية فرجينيا.

وهي الفترة التي تم تمويل حفتر من قبل عواصم الثورات المضادة، على رأسها الإمارات، لتنفيذ انقلاب على الحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا.

مذكرة توقيف

وإلى جانب ملاحقته قضائيا من قبل محكمة أميركية، يواجه حفتر وعدد من أعوانه ملاحقات قضائية من قبل حكومة الوفاق.

وفي أبريل/نيسان 2019، أصدر المدعي العسكري العام مذكرة توقيف بحق حفتر و6 من معاونيه، بتهمة شن غارات جوية على منشآت وأحياء مدنية.

وبالإضافة إلى اسم حفتر الذي ورد على رأس قائمة المطلوبين، ورد اسم عبد السلام الحاسي، آمر غرفة ما تسمى بعملية الكرامة، ومحمد المنفور، آمر غرفة العمليات الجوية، وصقر الجروشي رئيس أركان القوات الجوية، و3 ضباط آخرين.

وحسب مكتب المدعي العام، جاء أمر القبض على خلفية قضيتي قصف مطار معيتيقة في طرابلس، وقصف منطقة سكنية في بلدية أبوسليم بطرابلس ما أدى إلى سقوط مدنيين.

أمر اعتقال

من أهم مساعدي حفتر هو الضابط محمد الورفلي، قائد سرية ضمن الكتائب الخاصة التابعة لما تسمى عملية الكرامة، والذي يواجه مذكرتي اعتقال صادرتين من محكمة الجنايات الدولية.

مذكرة الاعتقال الأولى صدرت في أغسطس/آب 2018، فيما صدرت الثانية في يونيو/حزيران 2019، بسبب ارتكاب الورفلي جرائم حرب وانتهاكات بحق الإنسانية في بنغازي.

أظهرت مقاطع فيديو الورفلي وهو ينفذ عمليات إعدام ميدانية، ويشرف على نبش القبور في شرقي ليبيا، وحسب تقارير حقوقية، فإن الورفلي عرف بوحشيته وفظاعته في مواجهة خصومه السياسيين والعسكريين.

الجدير بالذكر أن الورفلي مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بقرار من مجلس الأمن، ودعت المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا مرارا إلى اعتقاله وتسليمه إلى المحكمة.

وأظهرت مقاطع مصورة حديثة، الورفلي وهو يحث المقاتلين على مهاجمة مدينة مصراتة شرق طرابلس، مشبها إياها بالكعبة، ومعتبرا الحرب عليها "شرعية وعقائدية".

وظهر الورفلي، الذي يعد رجل دين، من السلفية المدخلية، وهو يشدد على أن هذا القتال مرتبط بالعقيدة، ويصف الوضع الراهن بأنه "لحظة تاريخية".

المحاكمة مصيره

حسب مراقبين، فإن الظروف قد لا تكون مساعدة لاعتقالهم في الوقت الراهن، وذلك لأن أموالا طائلة مازالت تنفق عليهم من أجل تنفيذ عمليات تخدم أجندة الثورة المضادة.

غير أن هؤلاء سيتم الاستغناء عنهم، من قبل مموليهم، وسيجدون أنفسهم في قفص الاتهام، في مواجهة جرائمهم، لدى محاكم محلية ودولية، وهو الأمر الذي تم مع عدد من المتورطين بعمليات قتل وتعذيب.

المؤكد وفق متابعين أن حفتر يسير على خطى، الرئيس الباكستاني الأسبق والمعتقل حاليا برويز مشرف، الذي حظي بدعم أميركي طوال سنوات، ويواجه حاليا حكما بالإعدام من قبل محكمة باكستانية، بعد أن تم الاستغناء عنه.

وكذلك الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي صدرت في حقه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية ارتكابه جرائم ضد الإنسانية في دارفور، ويتم الترتيب حاليا لتسليمه، بعد أن وافقت حكومة الخرطوم على ذلك.