"مظلومية 70 عاما".. ما الحلول المقترحة لإنهاء أزمة البدون بالكويت؟

الكويت - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أثار انتحار شاب من البدون (غير محددي الجنسية) بالكويت مساء أمس الأحد، غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ودفعهم لمطالبة أمير البلاد وحكومته بالتدخل العاجل وحسم ملف البدون نهائيا ووضع حلول جذرية لأزمتهم المتفاقمة التي تدفعهم للانتحار.

وتناقل الناشطون عبر وسمي #انتحار_بدون، #انتحار_شاب_بدون على موقع "تويتر"، تفاصيل الإفادات التي نشرتها وسائل الإعلام الكويتية، والتي أوضحت أن الشاب البدون قام بشنق نفسه بشماغ (غطاء الرأس للرجال) في منزله بمنطقة تيماء، ونقل على إثر ذلك لمستشفى الجهراء، إلا أنه فارق الحياة.

وأفادت جريدة "الرأي" الكويتية، بانتحار شاب من البدون في منزله، مشيرة إلى أنه لم تفلح محاولات إسعافه بالمستشفى.

ونقلت الجريدة عن مصادر أمنية، قولها: إن غرفة العمليات تلقت بلاغا عن انتحار الشاب، الذي تبين أنه من فئة البدون ومن مواليد 1984، إذ عمد إلى شنق نفسه بشماغ في منزله بمنطقة تيماء، مضيفة أنه جرى نقله إلى مستشفى الجهراء، ولكن الفحص الطبي أظهر أنه فارق الحياة قبل وصوله.

و"البدون" أو "المقيمون بصورة غير قانونية بحسب التسمية الحكومية"، تختلف تقديرات أعدادهم بين أرقام حكومية صادرة عن الجهاز المركزي المعني بمعالجة أوضاعهم، الذي يشير إلى أنهم 85 ألف مقيم، وأخرى أعلنتها منظمات حقوقية تؤكد أنهم يتخطون الـ100 ألف.

وأرجع ناشطون السبب وراء توالي حالات انتحار "البدون" خاصة في الفترة الأخيرة، إلى تردي أوضاعهم المعيشية، وضيق المادة وتوقف مصادر رزقهم وتعنت الجهات الحكومية في تقنين أوضاعهم، فضلا عن ضغوطات الحياة وخشية المصير المجهول والشعور بالقهر، مطالبين بالقصاص لهم.

تعسف حكومي

وأبرز ناشطون صورا عدة من تعسف الهيئات الحكومية في التعامل مع "البدون" وحرمانهم من الحقوق التي يتمتع بها المواطن الكويتي، مؤكدين أن تزايد حالات الانتحار بينهم متوقع مادام ظلمهم مستمرا.

وقال المغرد غريب: "تروح وزارة الداخلية يقول تعليمات من الجهاز المركزي، تروح وزارة الصحة يقولون لك تعليمات من الجهاز المركزي، تروح وزارة التربية يقولون لك تعليماتهم من الجهاز المركزي". وأضاف: "كل هالتضييق ومايبون أحد ينتحر وإذا انتحر أحد من البدون قالو حرام ليش مو حرام الي قعد تسونه".

وأرفق الناشط الحقوقي نواف البدر منشورا لأخبار متعددة تبين عشرات حالات الانتحار للبدون، متسائلا: "هل تعلمون أن هناك عشرات البدون ينتحرون بسبب تعسف وظلم الجهات الحكومية المعنية ؟".

دوافع الانتحار

وتحدث ناشطون عن الأسباب التي تدفع البدون للانتحار، والتي دوما ما ترجعها السلطات الكويتية لأسباب أصبحت معلبة مثل: "معاناة المنتحر من أمراض نفسية، أو أنه مدمن مخدرات أو غيرها من المبررات الأخرى التي تستخدمها لتهدئة الرأي العام".

وأكدت رئيسة تحرير صحيفة "برس نيوز" الإلكترونية هدى الكريباني، أن البدون يتساقطون قهرا وذلا واحد تلو الآخر وفي هذه الظروف الاستثنائية ومع توقف العمل ازدادوا حسرة وحرمانا، مشيرة إلى أنهم "فئه ضحت من قبل وما زالت تضحي لهذا البلد". وتساءلت: "أما آن الأون لحل مشكلتهم؟".

ورأت أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة الكويت ابتهال الخطيب، أن "متلازمة فقدان الأمل تؤدي لفقدان الحياة"، متسائلة: "يا ترى أي تهمة ستلصق بالشاب هذا؟ مدمن أو مجرم أو مريض نفسي؟ نعم، الأمراض النفسية أصبحت تهمة للبدون".

وأشار الناشط بدر في تغريدة على "تويتر" إلى أن "مسلسل انتحار البدون من الظلم ليس له نهاية".

حلول مقترحة

ونصح ناشطون بالتوقف عن الحديث عن الأسباب التي تدفع البدون للانتحار، واقتراح مكانها حلولا لمعاناتهم، مؤكدين أنهم أحق وأولى بالنظر في أمرهم من غيرهم خاصة في الوقت الراهن.

وقال باحث في الشؤون القانونية أبو فهد الشمري: "لا تتكلموا عن الأسباب لانتحار (البدون) الكل يعرفها و يعلمها  إنما تكلموا عن الحلول الجذرية و الفورية لإنقاذ هذة الفئة المظلومة منذ ٧٠ عاما".

وتأسف أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت غانم النجار، على انتحار الشاب البدون واعتبره مؤشرا جديدا على تردي أوضاع البدون، مؤكدا أن "إدماج البدون بالمجتمع وإحلالهم محل العمالة الوافدة أحد مداخل حل القضية ويساعد في مشكلة التركيبة السكانية التي فضحها وباء كورونا".

وحثت نجلاء الرشيدي على تشغيل "البدون" بشهادتهم، مشيرة إلى أنهم يلجؤون إلى الانتحار من الضيم والقهر.

وأكدت سوسن في تغريدتها على تويتر أن "البدون" ينتظرون معاملة تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم ولا تدفعهم غصبا للانتحار.

سياسات الجهاز

وصب ناشطون جام غضبهم على "الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية"، وناصر الفضالة الذي يرأس الجهاز منذ 2010، واتهموه بالتعسف في التعامل مع البدون، واتخاذه قرارات تضر بمصالحهم.

وطالب الناشطون بالقصاص من كل مسؤول كان سببا في انتحار أحد من البدون، مؤكدين أن لجوء البدون للانتحار هو ناتج متوقع للسياسات الخاطئة والمتعمدة التى يقوم بها "الجهاز المركزى" لمعالجة أوضاعهم.

وكان عدد من "البدون" قد لجؤوا إلى القضاء للطعن على قرارات الجهاز المتحكم في تفاصيل حياتهم وتنقلاتهم وتعليمهم وتوظيفهم وفقا لشروطه، واتهموه بالامتناع عن قيدهم، وبالتالي عدم إصدار بطاقات أمنية مدنية لهم تمكنهم من إنهاء معاملاتهم.

تضحيات البدون

وتحدث ناشطون عما قدمه "البدون" الذين يقطن أغلبيتهم مناطق الجهراء وتيماء والصليبية، لدولة الكويت "بداية من حرب الخليج ومشاركتهم في الدفاع عن البلاد واستشهاد أعداد منهم وأسر آخرين".

ورأى عضو منظمة العفو الدولية الدكتور عبيد العنزي، أن "البدون كانوا صمام أمان ويعملون في الداخلية والدفاع بكل إخلاص وتفاني، منهم الشهيد ومنهم الأسير وعندما حل الوباء كانوا في الصفوف الأولى، وما يحك ظهيرك إلا ظفيرك".

وأعربت الناشطة عبق عن صدمتها حين علمت أن "نسبة كبيرة من البدون شاركوا بحرب الخليج".

عنصرية ولا إنسانية

وشدد ناشطون على أن إصرار السلطات الكويتية على التعامل مع "البدون" بعنصرية أبرز الدوافع التي توصلهم إلى الانتحار، واصمين دولة الكويت الملقبة بدولة الإنسانية بأنها دولة "لا إنسانية".

وأكد حساب "الزير أبو ليلى المهلهل"، أن "الأسباب والدوافع وراء انتحارب الشباب البدون واضحه لكن العنصرية أكبر من الاعتراف بها".

 وكتب مغرد آخر: "شخص ينولد ببلد ويكبر ويصير نكرة لا دراسة ولا شهادات ولا زواج ولا جنسية وتسألون أيش دوافعه؟ أقسم بالله الكويت وصلت لفل عالي من العنصرية، والجنسية اللي باخلين فيها على خلق الله، العنصرية بكل مكان لكن بالكويت وصلت لفل عالي ويخليك تشعر بالعار والاشمئزاز".

تغييب القضية

واستنكر ناشطون تجاهل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للبدون ومعاناتهم، وتغيبهم للحديث عن حالة انتحار أحدهم وتركيز الحديث عن أحداث فرعية وهامشية.

وقال أبو نايف الخالدي: "تويتر من أمس (الأحد) شغال على الوافدين والي سووه وفي إنسان انتحر في دولة لا إنسانيه كم واحد من إخوانه البدون الكويتين ينتحر عشان البقية يأخذ حقه ويعيش في الكويت مثل باقي البشر".

وكتب أحمد العتيبي: "أحس بالكويت صار خبر انتحار بدون مثل خبر هوشة (مشاجرة) في الشارع محد مهتم ولا أحد يفكر كيف يعيش هذا البدون، ولكن مانقول إلا بلادي، وإن جارت علي عزيزة".

مناشدات للأمير

واستنكر ناشطون أن تتواصل معاناة البدون في ظل حكم الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت، مناشدينه بالتدخل وحسم الملف خاصة أن رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، سبق أن صرح بأن الأمير حريص على حل القضية حتى لا تورث للجيل القادم.

وناشد الناشط عبدالعزيز "أمير الإنسانية يرد معاشاتهم –البدون-"، داعيا "كل واحد قادر يساعدهم ولجنة الخيرية".

وكتب مغرد آخر، قائلا: "أمس انتحر إنسان.. واليوم انتحر إنسان.. وغدا سينتحر إنسان.. وكل هالانتحارات في عهد والدنا وحبيبنا وقائدنا صاحب السمو أمير الإنسانية".