حظي بإجماع سياسي.. لماذا تأخر الكاظمي بتشكيل حكومة العراق؟

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رغم التأييد الكبير الذي حصل عليه من أغلب القوى السياسية في مهمة تشكيل الحكومة العراقية، فإن مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء المكلف يواجه تحديات عدة حالت دون إعلان حكومته بعد مرور أكثر من 20 يوما على تكليفه، خلفا للمعتذر عدنان الزرفي.

الكاظمي الذي يعتبر ثالث شخصية كلفت بتشكيل الحكومة، بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في ديسمبر/ كانون الأول 2019، بضغط جماهيري، قد ينتهي به المطاف بسبب العقبات التي تواجهه إلى مصير سلفيه، عدنان الزرفي، ومحمد توفيق علاوي، ولا سيما أن آخر موعد لتشكيل الحكومة هو 9 مايو/ أيار 2020.

أبرز التحديات

جملة التحديات التي يواجهها الكاظمي، قد تكون مفتعلة للإبقاء على رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي في السلطة، إذ إن معطيات عدة تشير إلى ذلك، وربما تقود المشاورات الحكومية التي يجريها رئيس الوزراء المكلف إلى طريق مسدود في نهاية المطاف.  

وفي حديث لـ"الاستقلال" قال النائب رعد المكصوصي عن تحالف"سائرون" بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر: إن "أبرز التحديات التي تواجه الكاظمي في إكمال تشكيل الحكومة، هو الاعتراض على بعض الشخصيات الموجودة في تشكيلته التي قدمها في 22 أبريل/ نيسان 2020".

وأشار إلى أن التحديات الأخرى هي "طمع بعض الكتل السياسية في أن تكون من حصصها بعض الوزارات، إضافة إلى عدم تنازل المكونين السني والكردي عن تقديم وزراء مستقلين وغير تابعين لهم، وهذا السبب الأساسي في تأخير إعلان حكومته".

وأوضح المكصوصي أن "سبب التظاهرات ضد حكومة عبدالمهدي هو تردي الخدمات في عموم العراق، وبالتالي فإن كل المكونات مشتركة بذلك التقصير، لأنه إذا كان الوزير كرديا أو سنيا، فذلك يعني أنه مشترك بطريقة أو بأخرى بالتقصير في تقديم الخدمات".

وبحسب رأي النائب، فإنه "من الممكن أن تكون حكومة مصطفى الكاظمي منوعة وليس بالضرورة أن تكون تابعة للأحزاب، التي تعيدنا إلى المحاصصة، والتي تسببت بتردي الخدمات في عموم البلاد".

لكن النائب السابق ماجد شنكالي عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بقيادة مسعود البارزاني، رأى في تغريدة له على "تويتر" أن عرقلة تشكيل حكومة الكاظمي ربما تكون مقصودة للإبقاء على عبدالمهدي في منصبه، بالقول: "أين ذهب إجماع الكتل الشيعية ومن ورائها السنية والكردية في اختيار الكاظمي بديلا للزرفي؟".

وتساءل القيادي في الحزب الديمقراطي، قائلا: "أين هي تغريدات البعض عن عودة استحقاق المكون إلى أصحابه بتكليف الكاظمي؟ هل كان كل ذلك هواء في شبك وضحكا على ذقون الشعب هدفه الإبقاء على حكومة الغائب الطوعي أم ماذا؟".

وفي 27 أبريل/ نيسان 2020، أكد الكاظمي عبر تغريدة على "تويتر" تعرضه للضغوط السياسية، بالقول: "المسؤولية التي تصديت لها في هذا الظرف العصيب ووسط تحديات اقتصادية وصحية وأمنية، هي مسؤولية وطنية".

وأضاف: "الحكومة التي أسعى إلى تشكيلها يجب أن تكون بمستوى الأزمات وحلولها. على الجميع وضع مصلحة العراق في الأولوية. أقبل الضغوط فقط عندما تدعم مسار الدولة، وأرفض أي ضغط هدفه تقويض الدولة".

تشكيلة مرفوضة

الكاظمي قدم تشكيلة حكومية في 22 أبريل/ نيسان 2020، ضمت 17 وزيرا، في حين تأجلت خمس وزارات، من بينها الدفاع والداخلية، وقسمت بين المكونات العراقية، بالتشكل التالي: الشيعة 11 وزارة، السنة 6 وزارات، والأكراد 4، أما الأقليات: التركمان والمسيحييون، فلكل واحد منهما وزارة.

وكشفت القائمة، التي تداولتها وسائل إعلام عراقية عن احتفاظ وزير المالية فؤاد حسين ووزير الصحة جعفر علاوي بمنصبيهما في الحكومة المقبلة، كما ضمت وزراء سابقين، وهم: جبار لعيبي وزيرا للنفط، وحارث حسن للخارجية، وإبراهيم بحر العلوم وزيرا للتعليم العالي، محمد شياع السوداني للزراعة.

كما ضمت أيضا: نزار قحطان وزيرا للكهرباء، وعلاء حسين للنقل، فيما بقيت وزارات الصناعة والداخلية والدفاع والشباب والهجرة شاغرة. لكن هذه التشكيلة الحكومية قوبلت بالرفض الشديد من القوى السياسية الشيعية.

وأفادت تقارير إعلامية، بأن القوى الشيعية عقدت اجتماعا مع الكاظمي في منزل رئيس تحالف الفتح هادي العامري في 24 أبريل/ نيسان 2020، وأبلغته رفض إعادة ترشيح عدد من الوزراء في الحكومات السابقة ومنهم وزراء في الحكومة المستقيلة الحالية، إضافة إلى مرشحين آخرين في حكومات سابقة.

وأشارت إلى أن "رؤساء الكتل السياسية الشيعية سلموا الكاظمي عددا من الملاحظات على المنهاج الحكومي والكابينة الوزارية، إضافة إلى منحه مهلة 48 ساعة للرد على ملاحظات واعتراضات الكتل على أسماء المرشحين للكابينة الوزارية".

ونوهت التقارير إلى أن "رئيس الوزراء المكلف أبلغ القوى الشيعية استعداده لتغيير أسماء بعض المرشحين للكابينة الوزارية، على رأسهم المرشحين لوزارتي الشباب والرياضة والخارجية".

"انقلاب سياسي"

رفض القوى السياسية الشيعية، صاحبه تلويح من بعض القوى بسحب التأييد للكاظمي، الذي حظي خلافا للزرفي وعلاوي بمباركة جميع الكتل الشيعية، إضافة إلى السنة والأكراد، في حالة ربما تكون نادرة في المشهد السياسي العراقي.

وقالت مصادر سياسية في حديث لـ"الاستقلال": إن "الرفض الشيعي للكاظمي بدأ يكبر، ظاهره إحساسهم بالغبن بالتوزيع الوزاري، وحقيقته التخوف منه على مستقبل الشيعة لارتباطه الوثيق بالولايات المتحدة".

المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أكدت أن "القوى السياسية الشيعية لا تزال تخشى الكاظمي على الرغم من التأييد الكبير الذي أعلنته في بداية الأمر، والذي أدى إلى اعتذرا الزرفي عن تكليفه ليحل محله رئيس الوزراء المكلف في الوقت الحالي".

وأشارت المصادر إلى أن "أبرز القوى السياسية الشيعية التي لوحت للكاظمي بسحب التأييد، هما تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، وكلاهما من المقربين لإيران".

وفي السياق ذاته، قال السياسي العراقي بهاء الأعرجي على حسابه في "تويتر": إنه "عندما تدعم بعض الكتل تكليف رئيس الوزراء بقوة ثم تتخلى عنه فهذا نكوص بالعهد".

وأضاف نائب رئيس الوزراء السابق: أنه "عندما يعلن البعض منح الحرية للمكلف باختيار كابينته ثم يفرض شروطه محاصصاتية فهذا نفاق، وعندما يراهن البعض الآخر على الوقت لإحراج المكلف، فهذا عدم تقدير للمسؤولية. هذه هي صفات كتلنا، فأعانك الله يا عراق".

أما موقع "فورين بوليسي" الأميركي، فقد نشر مقالا تحليليا للزميل بمعهد العلاقات الخارجية الأميركي، ستيفن كوك في 24 أبريل/ نيسان 2020، عن الوضع بالعراق، قال فيه: إن "سياسات العراق في مرحلة ما بعد الغزو تشبه نظاما من الغنائم مع ما يصاحبه من فساد ورقابة معدومة، ومعظم السياسيين والأحزاب متواطئون".

وأضاف كوك: "يمكن للسياسي أن يكون رفيع المستوى، ولكنه يعمل مع مؤسسات منحرفة تجعل من الصعب التغلب على الأمراض السياسية المتأصلة في النظام السياسي، ويبدو أن هذا هو مأزق الكاظمي الذي شهد العراقيون والأميركيون بكفاءته".

وأشار المقال الذي كان متشائما للغاية إلى أنه "بغض النظر عن شخصية المكلف برئاسة الوزراء، فإن الوضع في العراق غير قابل للإصلاح"، لأنه "من شبه المؤكد أن المؤسسات السياسية في العراق ستقوض قدرة الكاظمي على الحكم"، مضيفا: أن "النظام السياسي فاسد للغاية، والأميركيون مشتتون للغاية، وإيران تحب العراق كما هو".

وتعبيرا عن صعوبة تشكيل الحكومة، قال وزير الإسكان العراقي الحالي بنكين ريكاني في تغريدة على "تويتر": إن "حال تشكيل الحكومات العراقية كحال من يقوم بتحميل برنامج بحجم كبير على موبايل بذاكرة قليلة وبعد ساعات من التحميل تأتي الرسالة بان الذاكرة لا تكفي. وبدلا من زيادة الذاكرة أو البحث عن برنامج أقل حجما يقومون بالضغط على زر إعادة المحاولة".