زيارات متزامنة لقادة من المغرب العربي إلى السعودية.. ماذا وراءها؟

زياد المزغني | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

زيارات متزامنة لقادة ومسؤولين من دول المغرب العربي إلى المملكة العربية السعودية شهدها الأسبوع الأخير في فبراير/شباط 2020، وأثارت التساؤلات في ظل ما تشهده المنطقة من صراع نفوذ وتموقع خاصة فيما يتعلق بالملف الليبي.

وبينما تواجد في السعودية كل من الرئيسين الموريتاني محمد الغزواني، والجزائري عبد المجيد تبون، ووفد مغربي برئاسة فؤاد عالي الهمة، مستشار الملك محمد السادس، غابت تونس عن المشهد البروتوكولي.

تقارير إعلامية أكدت استحالة أن تكون هذه اللقاءات المتزامنة مجرد صدفة، مشيرة إلى احتمالية وجود مبادرة سعودية ترمي إلى الدفع بتكتل المغرب العربي في الملف الليبي، أو المساهمة في إيجاد حل لنزاع الصحراء.

تبون في المملكة

في أول زيارة خارجية له منذ توليه المنصب، توجه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في 26 فبراير/شباط 2020، إلى السعودية حيث التقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده محمد بن سلمان.

خلال هذه الزيارة، أجرى تبون محادثات مع العاهل السعودي الذي خصه باستقبال رسمي بالديوان الملكي بالعاصمة الرياض، وبحثا حسب البيانات الرسمية للدولتين، سبل ووسائل تعزيز التعاون الثنائي والتنسيق والتشاور في القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما أجرى تبون، محادثات مع ولي العهد محمد بن سلمان.

البعض ربط الزيارة بالقمة العربية الإفريقية المقرر أن تستضيفها السعودية منتصف أبريل/ نيسان 2020، في دورتها الخامسة، والتي تشهد ضغوطا من جنوب إفريقيا والجزائر كي تشارك جبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء عن المغرب، الأمر الذي يوضح بعض الأجندات المتوقعة التي حملها المغاربة والجزائريون في زيارتهم الأخيرة للرياض.

الملف الليبي

زيارة تبون للمملكة، سبقها زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود في 6 فبراير/شباط 2020 للجزائر، في إطار جهود مكثفة تقودها السعودية وتهدف لتشكيل حزام عربي في مواجهة ما تسميه "التدخلات التركية في ليبيا بصفة خاصة والمنطقة عموما ".

زيارة ابن فرحان جاءت مباشرة بعد جولة خارجية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان شملت الجزائر، وأعقبها زيارة وزيري الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان، والمصري سامح شكري للدولة التي تربطها حدود طويلة مع ليبيا.

الحراك الدبلوماسي السعودي جاء، وفق مراقبين، في سياق احتدام الصراع في ليبيا بين ميليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، والتي وقعت اتفاقيات للتعاون العسكري مع تركيا تسمح بتزويدها بالسلاح والقوات لحماية العاصمة الليبية طرابلس.

تمويل حفتر

موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أفاد  بأن السعودية تعمل على زيادة دعمها لحفتر، وتكثف جهودها من أجل أن يكون لها نفوذ في أي تسوية سياسية للصراع في ليبيا.

وأورد الموقع في مقال للصحفي صامويل رماني أن السعودية والإمارات قلقتان من تزايد نشاط تركيا في ليبيا لصالح حكومة الوفاق، ويبدو انخراط السعودية المتعاظم في ليبيا واضحا – وفقا لرماني- في المجالين الدبلوماسي والعسكري.

من جهتها قالت صحيفة لوموند الفرنسية: إن هناك مصادر تؤكد أن السعودية مولت عمليات شركة "فاغنر" الروسية التي تقاتل في ليبيا إلى جانب قوات حفتر.

وأكدت الصحيفة أن دعم حفتر ليس أكثر من أداة ضغط تفاوضية استخدمتها روسيا لتثبيت وجودها في ليبيا كلاعب رئيسي، وأضافت الصحيفة أن تقريرا أمميا كشف أن مقاتلين أجانب قادوا 60 غارة جوية دقيقة، من أصل 170 شنها طيران موال لحفتر على العاصمة طرابلس. ونقلت لوموند عن خبراء قولهم: إن هؤلاء المقاتلين من مصر والإمارات.

وكشفت مصادر ليبية ومصرية خاصة لصحيفة العربي الجديد دفعة من السلاح المموّل سعوديا، وصلت إلى شرق ليبيا في الأسبوع الأول من فبراير/شباط 2020، تحت إشراف مصري.

وأكدت الصحيفة أن الدفعة الجديدة من الأسلحة تأتي ضمن تعهدات من قِبل ولي العهد السعودي لحفتر، في إطار دعمه في المعركة العسكرية المندلعة بهدف السيطرة على طرابلس.

دعم نواكشوط

في نفس يوم وصول تبون للرياض، وصل أيضا الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني إلى المملكة، وهي الزيارة الأولى له أيضا خارج بلاده، منذ انتخابه خلفا لمحمد ولد عبدالعزيز، الذي كانت تجمعه علاقات مميزة بالسعودية.

وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس): إن المباحثات بين ولد الغزواني والعاهل السعودي استعرضت "العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تطويرها وتعزيزها في مختلف المجالات، وبخاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، بالإضافة إلى بحث مستجدات الأحداث في المنطقة".

ووقع البلدان على اتفاقية برنامج تنفيذي للتعاون الثقافي بين وزارة الثقافة الموريتانية، ونظيرتها السعودية، وقعها عن الجانب السعودي وزير الدولة عصام بن سعد بن سعيد، وعن الجانب الموريتاني وزير الخارجية إسماعيل ولد الشيخ أحمد.

وتعيش السعودية وموريتانيا علاقات مميزة بين البلدين، كان أوجها حين أعلنت موريتانيا قطع علاقاتها مع قطر بالتزامن مع فرض الحصار عليها من قبل السعودية والإمارات ومصر والبحرين.

وقوبل هذا الإجراء بجملة من الاتفاقات والمنح والمشاريع المقدمة لموريتانيا من السعودية وحليفتها الإمارات، أثرت كذلك على الوضع الداخلي للبلد المغاربي وحتى على علاقتها بدول  الجوار.

ولد الغزواني أكد خلال الزيارة وقوف موريتانيا دوما إلى جانب السعودية في وجه كل ما يطال أمنها واستقرارها ومصالحها، كما دعا إلى "ضرورة إجراء حوار في ليبيا يكون شاملا ولا يستثني أحدا، تُسخّر لنجاحه جهود الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية".

علاقات متوترة  

في ذات الوقت الذي تواجد فيه كل من الرئيسين الجزائري والموريتاني في المملكة، استقبل ولي العهد السعودي، مستشار الملك المغربي فؤاد عالي الهمة، الذي نقل رسالة شفوية لولي العهد من ملك المغرب محمد السادس.

زيارة عالي الهمة جاءت تمهيدا لزيارة مرتقبة للعاهل المغربي إلى السعودية، في محاولة لإنهاء حالة التوتر التي تشوب العلاقات بين البلدين منذ مدة، وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن ولي العهد بحث مع مستشار العاهل المغربي "مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

حضر اللقاء من الجانب السعودي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، بينما حضر من الجانب المغربي، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة.

وشهدت العلاقات بين المغرب والسعودية جمودا خلال 2019، فالرباط أوقفت مشاركتها في التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن، كما استدعت سفيرها احتجاجا على بث قناة العربية لتقرير حول نزاع الصحراء، احتوى اتهامات للمغرب باجتياح هذا الإقليم بعد رحيل الاستعمار الإسباني.

كما أن الرباط  تبقي على علاقاتها القوية مع الدوحة، فضلا عن عدم استقبال المغرب لولي العهد محمد بن سلمان في جولته الخارجية الأولى بعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي  بمبرر "ازدحام جدول الأعمال".

في المقابل، ألغى الملك سلمان عطلته السنوية المعتادة بمدينة طنجة شمال المغرب، ومنحت السعودية صوتها للولايات المتحدة بدلا من المغرب في سباق تنظيم كأس العالم لعام 2026، وبدأت وسائل إعلام مغربية توجه انتقادات حادة للسعودية، بشكل ندر حدوثه خلال السنوات الماضية.