باحث نرويجي: هذا الخيط يقود إلى حل لغز اغتيال عبدالله عزام

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشر الباحث والكاتب النرويجي توماس هيغهايمر، سلسة تغريدات عبر حسابه في موقع "تويتر" حاول فيها الإجابة عن لغز اغتيال الأب الروحي للجهاد الأفغاني عبدالله عزام، وهي تغريدات مستلة من كتابه الذي سيصدر قريبا، الذي يتناول فيه سيرة الشيخ عزام.

وتأتي سلسلة تغريدات هيغهايمر في الذكرى الثلاثين لاغتيال الشيخ عبدالله عزام، بانفجار قوي استهدفه في 24 من نوفمبر/ تشرين الثاني 1989 عندما كان في طريقه لإلقاء خطبة الجمعة في مسجد "سبع الليل" بمدينة بيشاور الباكستانية.

طريقة الاغتيال

وأوضح الكاتب، أن مقتل عزام جاء بعد أقل من شهر على محاولة اغتيال أخرى تعرض لها بتفخيخ المنبر الذي كان يخطب عليه؛ إلا أنه في المرة الثانية قُتل هو ونجلاه محمد (ابنه البكر) وإبراهيم (ابنه الأوسط) ودُفنوا في "مقبرة الشهداء العرب" بالمدينة، ولم يعرف قاتله حتى اليوم.

وقال الباحث النرويجي: إنه قضى 12 عاما في كتابة سيرة حياة الشيخ عبدالله عزام، مشيرا إلى أنه توصل إلى خيط عن أكبر لغز للقتل في تاريخ الحركات الإسلامية.

وأضاف توماس هيغهايمر، أنه "في عام 1989، كان عبد الله عزام من أكثر الأيديولوجيين الجهاديين نفوذا في العالم. كان واعظا فلسطينيا وأحد الإخوان المسلمين، قاد تعبئة المقاتلين العرب إلى أفغانستان في الثمانينيات. ونشر رسائله على نطاق واسع، وسافر وتنقل كثيرا في العالم الإسلامي، لقد كان نجما من نجوم  الحركات الإسلامية".

وتابع الكاتب: حدث الاغتيال في بيشاور، باكستان، يوم الجمعة 24 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1989، في الساعة 12 و20 دقيقة ظهرا. كان عزام قد شارف على الوصول إلى "المسجد العربي"، إذ كان من المقرر أن يخطب الجمعة، عندما انفجرت قنبلة على جانب الطريق أسفل السيارة، مما أدى إلى مقتله وابنيه.

ولفت إلى أن الانفجار تسبب في مقتل الأبناء على الفور، وترك عزاما يعاني جروحا قاتلة، (وقد توفي في طريقه إلى المستشفى أو في المستشفى). حالة حطام السيارة والحفرة التي أحدثها الإنفجار تشهد على قوة الانفجار.

ونوه الكاتب إلى أن الحادث كان صدمة ليس للمجتمع العربي الأفغاني فحسب، ولكن أيضا للحركة الإسلامية بطيفها الأوسع. حضر الآلاف الجنازة في ذلك المساء، وتم تنظيم الاحتفالات في العديد من البلدان. وألقيت المئات من كلمات النعي والقصائد التي كتبت في الأسابيع التالية.

حيّرت عملية الاغتيال المراقبين. من سيقتل رجل دين، وشيخا وقورا مثل عزام؟ ولماذا في هذا الوقت، في نهاية الحرب؟ كان الروس قد انسحبوا في فبراير/شباط 1989، وكان الكثير من العرب الأفغان عائدين إلى بلادهم في الخريف.

وبحسب الكاتب، فإن الناس المقربين من عزام كانوا يعلمون أن شيئا ما كان يُحاك في الظلام. قبل ثلاثة أسابيع من الاغتيال، ذكرت مجلة "الجهاد" أنه تم العثور على قنبلة تحت منبر عزام في المسجد العربي. ولا يزال العمل مسجل ضد مجهول.

من الجاني؟

وأشار إلى أن الشرطة المحلية أجرت تحقيقا في عملية الاغتيال، لكنه لم يسفر عن شيء، ولم يتم توجيه تهمة إلى أي جهة على الإطلاق. وأدى ذلك إلى قدر كبير من التخمينات، ولكن لم يتم حل القضية على الإطلاق. 

وأجاب الكاتب: "دعونا أولا ننظر إلى التحاليل الجنائية. بحسب ما ورد كانت القنبلة مكونة من 20 كلغ من المتفجرات (النوع غير واضح). كان هناك في الواقع جهازان، أحدهما على جانبي جسر صغير فوق خندق. يصل بينهما سلك توصيل من أسفل الخندق. بينما يبدو أن سلك الصمام غير موصول".

ورصد الكاتب النرويجي خلال عملية بحثة ملاحظات عدة:

  • أولا: من أراد القيام بهذه العملية، أراد أن يخلق مشهدا يخيف العرب، فثمة طرق أسهل لقتل عزام، على سبيل المثال يمكن التخلص منه عن طريق إطلاق رصاص من سيارة إلى أخرى. لقد كان منزل عزام معروفا، وقد كان يظهر في الأماكن العامة كثيرا.
  • ثانيا: لقد كان الجناة يستهدفون عزام بعينه، لأن السيارات الأخرى عبرت نفس الجسر دون أن تصاب في نفس الوقت. كما ينبغي أن يكونوا أيضا ذوي خبرة، لأنه من الصعب استهداف سيارة متحركة في مكان محدد. وأخيرا ينبغي أن تشتمل العملية على فريق من العملاء.
  • ثالثا: من فعل ذلك كانت لديه حماية تشغيلية ممتازة. إذ ليس من السهل وضع الأجهزة مسبقا، ورصد الموقع أثناء الهجوم، وإخراج المعدات بعد ذلك، كل ذلك دون ملاحظة الشرطة الباكستانية أو المخابرات.

وبحسب الباحث، فإنه يمكن لهذه الملاحظات أن تساعد في تأمل النظريات العديدة حول من قتل عزام. فمن فعل ذلك يجب أن يكون لديه أمران اثنان:

  • أولا: الدافع للقيام بذلك بهذه الطريقة في هذا الوقت.
  • ثانيا: القدرة على القيام بها والابتعاد دون أن يتم اكتشافها.

وتساءل توماس هيغهايمر قائلا: هل كان الجاني ابن لادن أو الظواهري؟. وأجاب: أشك في ذلك، لأن تكلفة المحاولة الفاشلة كان يمكن أن يكون مدمرا لسمعتهم. أضف إلى ذلك أنه لم يكن خلافهم مع عزام يصل بهم إلى هذا الحد، كما أنه من الواضح أن ليس لديهم القدرة، ولا توجد سوابق للعرب الأفغان في قتل بعضهم البعض في الثمانينات.

كما تساءل أيضا: هل كان المنفذ أجهزة مخابرات أجنبيّة، مثل وكالة المخابرات المركزية أو الموساد؟ وأجاب: لا أعتقد أن عزام كان مهما بما فيه الكفاية ليكون هدفا لهما. الولايات المتحدة كانت تنسحب من الحرب الأفغانية، وكان الموساد مشغولا بالانتفاضة وحزب الله. كما أن الأردن والسعودية لم تكونا تعملان على اغتيال الإسلاميين بالخارج في ذلك الوقت.

الاحتمال الأقرب

ورأى الباحث النرويجي أن "المرشح الأكثر احتمالا غالبا هو جهاز خاد أو وكالة الإستخبارات الأفغانية التي عملت على نطاق واسع في بيشاور ويجب أن تكون على علم بتحركات عزام. ولكن لماذا تقتله في نهاية الحرب؟

وتابع: "قد يشير البعض إلى أن المشتبه به في كثير من الأحيان هو حكمتيار، زعيم المجاهدين الأفغان من 1988 إلى 1989، فقد كان عزام صديقا لمسعود، والذي يُعد منافس حكمتيار. كما أن لحكمتيار تاريخ في تصفية أعدائه. لكن بحثا جديدا (عملت عليه أنا وكريس ساندز) يظهر أن عزام وحكمتيار كانا صديقين حميمين حتى النهاية".

وزاد الباحث قائلا: "هذا يتركنا مع جهاز الاستخبارات الباكستانية (آي إس آي)، الذي ربما أراد من العرب أن يرحلوا بعد الانسحاب السوفيتي. كما كرهت المخابرات الباكستانية تقارب عزام مع مسعود، إضافة إلى انتقادات عزام للحكومة الباكستانية من 1988 إلى 1989، ولكن لا يوجد دليل قاطع يربط جهاز الاستخبارات بالجريمة".

واستطرد: لذلك، أخشى أن أكون قد جعلتك تقرأ كل هذا فقط لأقول إن اللغز لا يزال دون حل. ولكن بشكل عام، أعتبر أن جهاز الاستخبارات الباكستانيّة المرشح الأكثر ترجيحا ليكون الجاني والمنفذ لاغتيال عزام، لكن لا يمكنني الجزم. وقد تبقى القضية عائمة، حتى تنشكف ملفات سرية، أو يدلي أحد الشهود بشهادته.

واختتم الباحث تغريداته بالقول: لم يكن اغتيال عزام مجرد لغز جريمة قتل فحسب، بل كانت له عواقب مهمة، إذ أدى موت عزام إلى تسريع تشظي وتطرف الحركة الجهادية، مما ساعد على إنتاج مجموعات مثل تنظيم القاعدة.