المؤتمر الشعبي العام في اليمن.. هل انتهى بمقتل مؤسسه؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"أنا الآن مطارد، وبالكاد استطعت الهرب من صنعاء باتجاه قريتي، لا أستطيع حاليا العودة لمنزلي في صنعاء أو إلى أي مدينة خاضعة لسيطرة الحوثيين، ذنبي الوحيد أنني من أعضاء حزب المؤتمر"، هذا ما قاله وائل سيف، أحد أعضاء "حزب المؤتمر" الشعبي العام، في حديث لصحيفة "الاستقلال".              

منذ مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح في ديسمبر/ كانون الأول 2017، وقيادات حزب المؤتمر بمناطق سيطرة ميليشيا الحوثي تتعرض للملاحقة والتنكيل والاختطاف والاعتقال. وفي تقرير لمنظمة "سام" للحقوق والحريات، أكدت أن "أعضاء من حزب المؤتمر تم تصفيتهم جسديا وإخفاء جثثهم، بينما يتعرض آخرون من قيادات وأعضاء المؤتمر للملاحقة والاعتقال".

ورغم دعوة صالح أعضاء حزبه، للخروج بانتفاضة شعبية ضد ميليشيا الحوثي، قبل مقتله بيومين، إلا أن دعوته تلك لم تلق استجابة، وفجّرت مواجهات بين الحوثيين والحماية الرئاسية، أفضت إلى مقتله ومقتل أمين عام الحزب، عارف الزوكا، وعدد من جنود الحماية الرئاسية.

أطلال حزب المؤتمر

لم يتمكن "حزب المؤتمر" من التماسك بعد مقتل رئيسه صالح، فهو الذي كان قد انسلخ عنه جناح عبد ربه منصور هادي، والقيادات المؤيدة له، وبعد مقتل صالح تفرع لجناحين آخرين، وغدت كل تلك الأجنحة فاقدة التأثير، بما فيها نسخة الشرعية التي يتزعمها هادي.

توزعت تلك التفريعات في دول عدة، وشكلت ثلاثة أجنحة أساسية هي أطلال ما تبقى من الحزب، جناح هادي "الشرعية" ويقيم في الرياض، وجناح "الخارج" ويتزعمه أحمد علي، نجل الرئيس السابق عبدالله صالح، ويقيم مناصروه في القاهرة وعمّان، ويعارضون الحوثيين ولا يعترفون بالشرعية، وجناح الداخل الذي بقي متحالفا مع الحوثيين، ويرأسه صادق أمين أبوراس، الذي جرى تكليفه من قبل الحوثيين برئاسة الحزب.

وكان هادي قد فرّ من بطش سلطة الحوثيين، إثر انقلابهم على السلطة، بعد أن فرض عليه الحوثيون إقامة جبرية وحاولوا قتله، قبل أن يتمكن من الفرار إلى عدن ومنها إلى عُمان ثم السعودية.

أما جناح "الخارج" فقد فرّ إثر مقتل رئيس الحزب صالح، بعد ملاحقة قياداته وتعرض بعض أعضائه للاعتقال والتنكيل، بينما بقي جناح "الداخل" متحالفا مع الحوثيين.

أما طارق صالح، ابن شقيق الرئيس السابق صالح، وقائد الحماية الرئاسية، الذي كان مناهضا للحرب التي يشنها تحالف "الرياض - أبو ظبي" في اليمن قبل مقتل عمه، فتمكن من الفرار، وقرر التنسيق مع قيادة التحالف؛ لتشكيل ألوية عسكرية في الجنوب والساحل التهامي تستوعب ما تبقى من قوات الحرس الجمهوري، وعمل تحت إشراف ودعم إماراتي. الجدير بالذكر أن طارق صالح مازال غير معترف بالشرعية، رغم تلقيه الأوامر من التحالف.

تحالف الانقلاب والاعتقالات

شكل حزب "المؤتمر" -جناح صالح- قبل مقتله تحالفا مع الحوثيين، ووقف ضد القوى الثورية التي طالبت بالتغيير، لم يكن التحالف معلنا، على الرغم من الدعم الكامل الذي تلقاه الحوثيون منه، وجرى الإعلان عن ذلك التحالف لاحقا، تحت مبرر "التحالف ضد العدوان الخارجي" ، أي ضد التحالف العربي بقيادة السعودية.

تلقى الحوثيون دعما عسكريا من صالح وحزب "المؤتمر الشعبي" العام؛ مكنهم من الانقلاب والسيطرة على مؤسسة الدولة، وجرت بعد ذلك ملاحقة كل المعارضين من القوى الثورية، الحزبية والشبابية، لا سيما قواعد وأعضاء حزب "الإصلاح"؛ بحجة العمالة للعدوان السعودي.

بعد انقلاب الحوثيين على الدولة، وتزعمهم ثورة مضادة أعاقت مساعي التغيير، قرر صالح "تأديب" المكونات الثورية التي طالبت بتغييره بطريقته، فشن الحوثيون ومِن خلفِهم صالح، حملة اختطافات واعتقالات طالت قيادات سياسية وحزبية،  كان أبرزها القيادي في حزب "الإصلاح" محمد قحطان، الذي تم اختطافه وظل مخفيا في سجون الحوثيين حتى اللحظة.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها إنه "منذ 2014، عندما احتل الحوثيون العاصمة صنعاء والعديد من المناطق اليمنية، قامت المنظمة بتوثيق عشرات الحالات التي قام فيها الحوثيون والقوات الموالية للرئيس الراحل علي عبدالله صالح باحتجازات تعسفية ومسيئة بالإضافة إلى إخفاءات قسرية وتعذيب، ووثقت مجموعات حقوقية يمنية مئات الحالات الأخرى"، بحسب المنظمة.

غير أن الحوثيين ما لبثوا أن انقلبوا على حليفهم فقاموا بقتل صالح، ولاحقوا قيادات وأعضاء حزب المؤتمر بنفس الطريقة التي لاحقوا فيها قيادات سياسية وشبابية في وقت سابق.

وفي مفارقة عجيبة، يحاكم الحوثيون في الوقت الحالي المتهمين بمحاولة اغتيال صالح، في جامعة دار الرئاسة، صالح الذي قتله الحوثيون في منزله.

مآل قيادات المؤتمر

تمارس كل من السعودية والإمارات سياسة "لا يموت فيها ولا يحيا"، مع أجنحة المؤتمر التي تُبقي عليها عندها. وهمّشت المملكة القرار السياسي للرئيس اليمني الحالي، هادي عبد ربه منصور وجناحه، وأفرغته من تأثيره، وفي الوقت نفسه تُبقي عليه كغطاء قانوني لشن حربها وتمرير أجندتها في اليمن.

وكشفت وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير لها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أن "السعودية منعت هادي وعددا من المسؤولين من العودة لليمن؛ بذريعة الحرص على سلامته، بينما تحتفظ أبو ظبي بأحمد علي، زعيم جناح "الخارج"، وتفرض عليه الإقامة الجبرية، وتعقد لقاءات مستمرة مع قيادات من جناحه، وتبقيهم كورقة للدفع بهم في مراحل مقبلة".

أما دورية "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية، المعنية بشؤون الاستخبارات، فتحدثت في يوليو/ تموز الماضي عن مخطط "سعودي - إماراتي"، يسعى للإطاحة بهادي، وقالت: "إن هذا المخطط يتم بالتنسيق مع أحمد علي عبد الله صالح، وقائد الحرس الجمهوري السابق المقيم في أبو ظبي".

وتأتي محاولات الإحياء تلك، في الوقت الذي تعمل فيه الإمارات على محاولة رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الأمن على "أحمد علي"؛ بتهمة تهديد الأمن والسلم وعرقلة الانتقال السلمي للسلطة في اليمن.