مجلة بريطانية: التحالف التاريخي بين السعودية وأمريكا انتهى

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة "سبكتاتور" البريطانية، مقالا للكاتب جون ر. برادلي، رأى فيه أن السعودية تعاني من انهيار تحالفاتها الدولية والإقليمية، مشيرا إلى أن تحالفها مع الولايات المتحدة انتهى، بينما تحالفاتها الإقليمية مع الإمارات ومصر وإسرائيل تتمزق.

الكاتب البريطاني أكد في مقاله، أن "التحالف السعودي الأمريكي الذي تشكل خلال لقاء بين الملك عبدالعزيز آل سعود والرئيس فرانكلين روزفلت عام 1945 على أساس قاعدة النفط مقابل الأمن قد انتهى الآن".

بداية جديدة

ولفت إلى أن رد الفعل الأمريكي على الهجوم ضد المنشآت النفطية السعودية يؤكد هذه الحقيقة، مضيفا: وصف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الهجوم بـ"عمل حرب"، فيما أعلن الرئيس ترامب بوضوح استقلال الولايات المتحدة من الطاقة، قائلا: "لا نحتاج نفط أو غاز من الشرق الأوسط".

وأوضح برادلي، أن تلاشي أصوات طبول الحرب يؤكد أن الشرق الأوسط بصدد بداية لوضع جيوسياسي جديد. وأردف، قائلا: "احتضن ترامب غريزته التي تعلي من فكرة أمريكا أولا، وليس من الصعب معرفة السبب".

وتابع: "لن يجني أي شيء تقريبا، كما أنه سيخسر كل شيء، من القفز داخل مستنقع آخر بالخليج، على الأقل فيما يخص فرص إعادة انتخابه رئيسا للولايات المتحدة. كما أنه بذلك يتماشى مع الغالبية الساحقة من الأمريكيين المتخوفين من احتمال الحرب مع إيران دفاعا عن آل سعود".

وبحسب الكاتب، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الغالبية، من الديمقراطيين والجمهوريين، يعارضون أي تحرك في هذا الصدد، لافتا إلى أن "المسيحيين الإنجيليين يدعمون الحرب لأنهم يعتقدون أنها ستجعل إسرائيل أكثر أمانا، لكنهم سيصوتون لصالح ترامب ليحدث ما يحدث".

وزاد قائلا: "بالنسبة إلى السعودية، هذا يعني كارثة. لا يوجد بالطبع أمر جيد في أن تفقد أي دولة نصف إنتاجها من النفط في هجوم. وأصبح من الواضح الآن، أنه بالنسبة إلى المملكة، فإن الهجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة على منشآت بقيق وخريص الحيوية جاءت في أسوأ توقيت ممكن".

"علامة للسُمّية"

وأردف الكاتب: "بداية، وقعت الهجمات بعد ثلاثة أيام فقط من الذكرى الـ18  لهجمات 11 سبتمبر/أيلول في نيويورك. وهذا العام، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه سيقوم بنشر أسماء مسؤولين سعوديين قدموا مساعدات مباشرة لبعض من 15 مواطنا سعوديا كانوا من بين 19 نفذوا الهجمات، وهي نسبة لن ينساها الأمريكيين أبدا أو يتسامحوا فيها".

ومضى برادلي يقول: "كما يصادف الأسبوع المقبل مرور عام على ذبح جمال خاشقجي، كاتب العمود في واشنطن بوست، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وهو اغتيال أثار غضبا عالميا. وقد خلصت الأمم المتحدة إلى وجود أدلة موثوقة على أن الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مسؤول عن الجريمة، ولا يزال منبوذا في الغرب نتيجة لذلك. باختصار، في الولايات المتحدة، أصبحت العلامة التجارية السعودية الآن أكثر سمية من البوتولينوم".

واستطرد: "من هنا فإن التحول في لهجة وسائل الإعلام الأمريكية الليبرالية عادة ما يكون متشددا مثل المحافظين الجدد عندما يتعلق الأمر بقصف الدول الأجنبية. المرة الوحيدة التي وجدوا فيه شيئا جيدا لقوله عن ترامب كانت عندما شن غارات جوية صاروخية على سوريا حليفة إيران".

تمزق الحلفاء

وزاد قائلا: "مع ذلك، هذه المرة كانوا عالقين في مشكلة، حيث كانوا سيشجعون العدوان العسكري في الوقت الذي أعدوا فيه تغطية موسعة للذكرى السنوية لوفاة خاشقجي، دفاعا عن بلد يزعم أن قائده الفعلي أمر على غرار المافيا بقتل زميلهم الصحفي. حتى كتّاب الأعمدة العظام وجدوا استحالة في الجمع بين الأمرين، فيما يخرج المحور السني - الإسرائيلي الذي يسعى لاحتواء إيران عن المسار بسرعة".

وتابع برادلي يقول: "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حليف ابن سلمان المهووس بالعداء لإيران إلى حد الجنون، غاب هذا الأسبوع للمرة الأولى عن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الذي يستخدمه عادة لإلقاء الضوء على ما يقول إنه أسلحة برنامج نووي سري لإيران. بدلا من ذلك، كان يناضل من أجل حياته السياسية بعد فشله في الفوز في الانتخابات. إذا لم يتمكن من تشكيل حكومة، فسوف يواجه محاكمات بتهم الفساد".

وبخصوص الإمارات، أشار الكاتب إلى أنها "خفضت عدد قواتها في اليمن، حيث كانت تقاتل الحوثيين إلى جانب السعودية، فيما تعمل على تحييد نبرتها مع إيران. ومع تغيير إستراتيجيتها من (العسكرية أولا) إلى (السلام أولا)، تسعى أبوظبي إلى إنهاء الصراع، وهو اعتراف ضمني أنه لا يمكن التغلب على الحوثيين المدعومين من إيران".

وبيّن برادلي، أنه "كما أن حليف السعودية الرئيسي، مصر، تشهد التظاهرات الشعبية الأولى ضد رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، والتي قد تنزلق سريعا نحو فوضى".

النفوذ الإيراني

وعلى النقيض من ذلك، فقد رأى الكاتب البريطاني أن "فلك النفوذ الإيراني لايزال متماسكا. سوريا مستقرة في معظمها، حزب الله يهيمن على السياسة اللبنانية، العراق يهدد بطرد القوات الأمريكية، كما أن الروابط الإيرانية الاقتصادية والعسكرية قوية أكثر مما مضى".

وأردف: "في أعقاب الهجوم السعودي، غردت النائبة الديمقراطية بالكونغرس، تولسي غابارد: تصرف بلادنا كعاهرة السعودية لا يصب في صالح أمريكا أولا".

وتابع برادلي: "لكن ترامب قام بزيادة العقوبات على إيران ويعمل على إرسال بضعة مئات من الجنود الأمريكيين إلى السعودية. وفي الأمم المتحدة هذا الأسبوع، جدد تأكيده على أنه لا يريد الحرب مع إيران، وقال إن المستقبل ينتمى إلى القوميين وليس العالميين، ودعا إيران مرة أخرى إلى التفاوض، وهي كلمات تردد صدى مبدأه (أمريكا أولا) والتي بالكاد طمأنت السعوديين".

وأضاف الكاتب: "بعد فترة وجيزة من وصوله البيت الأبيض، تباهى ترامب بالنجاح في تأمين مبيعات أسلحة إلى السعودية واستثمارات اقتصادية مباشرة بقيمة 110 مليار دولار و350 مليار دولار على مدار 10 سنوات. وكان هذا إضافة إلى الوعد السعودي بأن يتم تخصيص جزء كبير من إنفاق المملكة على البنية التحتية بالولايات المتحدة المتأرجحة التي يريد ترامب الفوز بها".

ونوه إلى أن "السعوديين أنفقوا عشرات الملايين من الدولارات من إقامتهم في فنادق ترامب خلال الزيارات الرسمية، لكن عندما حان وقت الضغط على إيران، تم ترك السعوديين بلا حماية وألقى ترامب بالأمراء الذين يبتزهم للذئاب الشيعية".

وبحسب برادلي، فقد قال ترامب في كتاب "فن الصفقة" إنه "لا يمكنك أن تخدع الناس، على الأقل ليس لفترة طويلة. يمكنك أن تخلق الإثارة، ويمكنك القيام بترويج رائع، لكن إذا لم تقم بتسليم البضائع فسوف يتعلم الناس في النهاية".

واختتم الكاتب البريطاني مقاله بالقول: "لقد فعل السعوديون ذلك للتو، لا يشك أحد في أن لديهم الآن فكرة أوضح بكثير من غابارد عندما يتعلق الأمر بمسألة تحديد الشريك".