قيادي بالمعارضة السورية: روسيا فشلت في "تعويم" الأسد سياسيا (حوار)

شدوى الصلاح | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في 30 سبتمبر/أيلول 2019 تمر الذكرى الرابعة لبدء توجيه سلاح الجو الروسي ضربات إلى الأراضي السورية، بطلب من رئيس النظام بشار الأسد، وبذلك أعطت موسكو قبلة الحياة إلى السلطة الحاكمة على حساب الشعب السوري، ووقفت ضد رغبته في إسقاط النظام.

التقارير أفادت بأن روسيا اتبعت تكتيك الأرض المحروقة في كل المدن التي دخلتها، وعمدت إلى استهداف المستشفيات والمساجد والمدارس ومخيمات اللاجئين، بذريعة مكافحة الإرهاب والإرهابيين.

منذ تدخلها في 2015 وتسعى روسيا إلى تبيض دبلوماسيتها كقوة توازن عالمية، وتسويق قدرتها على استعادة بعض المناطق التي دمرتها وحرقتها لصالح نظام الأسد على أنها نصر سياسي وإستراتيجي، إلا أنها لم تتمكن من تحقيق ذلك، فهي لم تحرز أي مكاسب على كافة المستويات.

هذه المحاور وغيرها كانت محل نقاش وحوار "الاستقلال" مع عبد المنعم زين الدين منسق عام الفصائل السورية، إليكم نص الحوار.

ثروات ونفوذ

  • ما الأسباب الحقيقة وراء تدخل روسيا عسكريا في سوريا؟

روسيا دخلت الحرب قائلة إنها ستحارب تنظيم الدولة، إلا أنها على الأرض كانت تقاتل قوى الجيش ‏الحر وقوى المعارضة المعتدلة، وكان ‏أكثر من 90% من غاراتها مركزة على مناطق ‏المعارضة والثوار. ‏

وقالت إنها ستعيد المناطق لمن تسميها السلطة الشرعية -حكومة بشار الأسد- والحقيقة هي تريد وضع يدها على ثروات البلاد وتضع قدمها في المياه الدافئة وتقايض على الملف السوري بملفاتها العالقة مع أمريكا وأوروبا.‎

  • ‏‎ ‎وماذا حققت بعد 4 سنوات من تدخلها العسكري؟

هي زعمت أنها ستقضي على المعارضة في غصون 3 ‏أشهر، ومرت 4 سنوات على تدخلها ‏ومازالت عاجزة عن حسم المعركة لصالح عميلها بشار ‏الأسد عسكريا، وعاجزة عن تأهيله وتعويمه سياسيا، فالشعب السوري لن يقبل أن يعود إلى حكم الأسد مهما كانت القوة المستخدمة ‏ضده‎.

  • ‏لكنها استعادت بعض المناطق لصالح النظام..

روسيا استرجعت لسلطة العصابة الأسدية مناطق في حلب ودرعا والغوطة وريف حماة، مدمرة ‏بالكامل بعد حرب إبادة ‏وتدمير، ولكن حتى تلك المناطق التي اغتصبتها لم تخمد بها ا‎لثورة، ‏وهي تشهد حركة مقاومة شعبية، تنذر أن تنفجر كبركان من جديد في المناطق التي شهدت ما يسمى (تسويات ‏ومصالحات) لأن تلك العملية تمت تحت وطأة القتل والتهديد والحصار ولم تحقق مطالب الشعب‎ برحيل جلاده.

  • لكن ماذا يعني توسيع روسيا لقواعدها العسكرية بسوريا وآخرها حميم وطرطوس؟

يعني أن كل دعاوى الروس بإنهاء الحرب في سوريا واللجوء للحل السياسي دعاوى كاذبة، كما ‏يعني أنها تدرك جيدا أن المعركة لم ولن تنته بالسهولة التي تسوقها، وهي تفضح نوايا روسيا ‏لإدامة الاحتلال العسكري لأمد طويل، فهي تريد السيطرة على الموارد عبر العقود التي أجرتها مع عميلها بشار، وفي ذات الوقت تخشى من انتفاضة المدن التي دخلتها كحلب ‏ودرعا وغيرها، وتدرك أن انتهاء معركة إدلب وما حولها لن يكون بالأمر السهل.‏

  • أعطت أمريكا الانطباع أن تدخل روسيا كان رغما عنها وأنها عارضت هذا التدخل، ما تحليلكم لحقيقة الموقف الأمريكي من هذا التدخل؟

بالتأكيد أمريكا لم تمانع من التدخل الروسي لأنها لو رفضت ذلك لكان لديها وسائل كثيرة لمنعه، ‏ومعارضة أمريكا تتلخص في الاكتفاء بالتنديد والشجب دون أن تتطور لأي خطوات فعلية، بدليل أنه في ‏المناطق التي تسيطر عليها القوات المدعومة من أمريكا لم تستطع روسيا أن تشن غارة واحدة أو ‏أن تتقدم قوات النظام بغطاء روسي، ولا حتى في منطقة التنف في (مخيم الركبان) ما يدل أن كل ‏المناطق التي تقدمت إليها روسيا كانت بضوء أخضر أمريكي أو عدم ممانعة منها على الأقل.

  • لكن ما أهداف أمريكا من ذلك؟

أمريكا تريد إغراق روسيا في المستنقع السوري، وهي تدرك أن باستطاعتها في أي وقت أن تتدخل وتعيد روسيا إلى نقطة الصفر، فروسيا تأخذ فرصة التمدد والوجود في سوريا بناء على الغياب الأمريكي، ومصالحهما حتى وإن اتفقت في وقت ما ‏على تقاسم نفوذ فإنها ستتضارب لاحقا.

  • ما الفائدة التي عادت على نظام بشار الأسد من التدخل الروسي؟

النظام السوري لم يتبق منه شيء إنما هناك احتلال روسي إيراني هو من يقاتل السوريين، ‏وما كان يسمى نظام لم يعد سوى مليشيات مفككة، قرارها العسكري والسياسي مرتهن للمحتل الروسي‎ والإيراني.

  • لكن النظام السوري يراهن على روسيا وإيران في معاركه الداخلية؟

النظام السوري يراهن على أن روسيا وإيران يمكن أن تثبته في الحكم، لكن الحقيقة أن الثورة أكبر ‏من أن يستطيع النظام القضاء عليها حتى ‏لو استعان بروسيا وإيران، الثورة مازالت مشتعلة، ولن يحميه المحتل إلى ما لا نهاية.

عميل فاشل

  • إذا من المتحكم الفعلي في القرارات السورية؟

كل القرارات التي تصدر على مستوى الدفاع والداخلية والخارجية والمالية هي قرارات روسية إيرانية، لا دخل للنظام بها، هو مجرد واجهة لشرعنة الاحتلال.

  • من يدير العمليات على الأرض؟

مؤخرا روسيا اضطرت أن تتدخل بريا بعد أن فشلت القوات البرية للنظام وإيران في تحقيق تقدم رغم الغطاء الجوي الروسي المكثف، واعترفت أن لديها على الأرض ما يزيد عن 45 ألف ‏مقاتل وضابط وهي تدير العمليات ‏على الأرض‎.

  • هل تدخلها بريا تخوين لنظام الأسد؟

روسيا لم تعد تثق في هذا النظام حتى في العمليات البرية، فهو فاشل في كل المجالات وحتى ‏المناطق التي ‏استعادتها له في حلب ودرعا وريف حمص وغيرها فهي تخشى أن يفقدها مجددا، كما أن تلك المناطق تشهد انفلاتا أمنيا كبيرا، وارتفعت بشكل كبير حوادث القتل والاغتصاب والسرقات.

  • ‏لكن ماذا عن موقف المهجرين من سوريا ؟

لدينا في الشمال 5 ملايين من أهل الشمال وممن هجرهم النظام من المناطق الأخرى، كلهم يرفضون العودة لحظيرة ‏العبودية الأسدية، ‏ولدينا خارج سوريا أيضا أكثر من نصف الشعب السوري يرفضون ‏العودة لسطوة هذه العصابة المجرمة.

  • ‎ وماذا عن وضع الفصائل؟

‎بالنسبة لوضع الفصائل لدينا في الشمال السوري حالة تكتل لفصائل الجيش الحر تمثلت ‏في الجبهة الوطنية للتحرير التي تنتشر على مناطق إدلب وريف الساحل وريف حلب الغربي ‏والشمالي والذي يضم أكثر من 13 فصيلا اندمجوا في هذا التشكيل.

وفي ريف حلب الشمالي ومناطق درع الفرات وغصن الزيتون تشكيل الجيش الوطني وهو يضم ‏‏3 فيالق وهناك جهود لكي يتم دمج الجبهة الوطنية مع الجيش الوطني ضمن وزارة دفاع واحدة ‏وأركان وجيش واحد بحيث تصبح كل الفصائل ضمن قيادة تسلسلية واحدة وقائد واحد يخضع له ‏الجميع وعسى أن تكلل بالنجاح قريبا.

الفصائل الثورية قدمت تضحيات وأثبتت أنها تستحق أن تكون في طليعة الجيوش، لأننا عندما ‏نتحدث عن ثوار يواجهون روسيا بكل قدراتها العسكرية، بإمكانات بسيطة وسلاح خفيف، فإننا ‏نتحدث عن معجزة في العلم العسكري، ومع ذلك أنهكوا روسيا‎.‎

نشعر بالخذلان والتآمر الدولي عندما مُنع السلاح النوعي مثل مضاد الطيران عن الثوار وتُركوا ‏تحت رحمة عشرات الطائرات تقصف من الجو وترميهم البارجات من البحر وهم لا يملكون إلا ‏أسلحة بسيطة‎.‎

  • لكن هل تملك تلك الفصائل القوة لمواجهة القوى المتدخلة؟

بلا شك من حيث القوة العسكرية في قتال هذه الفصائل مع العدو لا يوجد أي تكافؤ في القوة، كما أن هذا العدو يستخدم سياسة الأرض المحروقة، لكن مع ذلك الفصائل (الثوار) يمتلكون سلاحا لا يقهر وهو سلاح العدل والإيمان والصدق والإرادة الذي يصنع المعجزات ويجعلهم يتابعون الصمود ويصرون على المواجهة ولا يفكرون أبدا في الاستسلام أو التوقف عن متابعة الدرب.

  • النظام الروسي لإسرائيل بقصف مناطق في سوريا..

القصف الإسرائيلي مسرحيات لتلميع النظام المجرم ليبقى في إطار دعواه الكاذبة الممجوجة بأنه ضمن محور ‏الممانعة والمقاومة وخط الدفاع الأول عن القضايا العربية، والأهداف ‏التي يستهدفها الطيران الإسرائيلي، لا تعدو أن تكون أهدافا قد تم تفريغها مسبقا عبر تنسيق إسرائيلي روسي ليقوم الأخير بإخبار النظام بتفريغ الأماكن قبل قصفها، بدليل ‏عدم وجود ضحايا بشرية في الأهداف التي تقصفها إسرائيل.‏

تغيير الدستور

  • هناك حديث عن إصلاح النظام ووضع دستور جديد وغيرها من الحلول المقترحة..

هذه العملية هي التفاف على مطالب الشعب السوري وثورته المتمثلة بهدف واضح هو إسقاط النظام ومحاكمته وليس ‏تغيير الدستور، أما التعويل على حلول مائعة في إصلاح النظام ومشاركته الدستور والانتخابات فهي لن تقدم إلا إعادة إنتاج هذه العصابة وتثبيتها في السلطة.

  • ‏حتى لو كانت بضمانات الأمم المتحدة

الاعتماد على ضمانات الأمم المتحدة أثبت أنه رهان خاسر، فهي منذ 9 سنوات لم تنجح في وقف حمام الدم على الشعب السوري، ولا في إجبار النظام المجرم على وقف انتهاكاته وإطلاق سراح المعتقلين، بالأمس القريب سجلت عجزها عن إصدار قرار ‏بوقف إطلاق النار من قبل النظام والروس على الشمال السوري.‏

وفي مجلس الأمن هناك الفيتو الروسي الذي يعارض أي قرار لوقف جرائم النظام أو محاسبته، وأظهرت الأمم المتحدة عجزها عن إدخال قوافل ‏المساعدات إلى المخيمات (مخيم الركبان) وقبلها عجزت عن إدخال حليب الأطفال والدواء إلى الغوطة التي بقيت ‏محاصرة 5 سنوات، وقبلها إلى حلب والزبداني وغيرها من المناطق التي حاصرها النظام.‏

بالتالي الضمانات التي ‏ستقدمها الأمم المتحدة لتأمين بيئة آمنة محايدة من أجل انتخابات وكتابة دستور كلها ضمانات كاذبة وخادعة لا قيمة لها.

  • ‏أعلنت الأمم المتحدة تشكيل اللجنة الدستورية السورية قبل أيام.. هل ‏تعتقد أن الدستور الجديد سيحصل على إجماع من السوريين؟

اللجنة الدستورية تجاوز لخطوات الحل السياسي التي تنص عليها القرارات الأممية والتي أهمها ‏البدء بهيئة حكم انتقالية، فالانتقال إلى دستور يُكتب في ظل بقاء عصابة بشار الأسد في السلطة ‏يعني أننا نضع العربة قبل الحصان وبالتالي لن ينجح هذا الحل مطلقا.

الشعب السوري الذي ‏ثار وقدم كل هذه التضحيات يدرك أن مشكلته لم تكن في تعديل بنود الدستور ومواد القانون، وإنما مشكلته مع العصابة ‏الأسدية التي تدوس على القوانين والدساتير وتتعاطى مع الشعب بقبضة أمنية مخابراتية، وبالتالي ‏لن يكتب لهذا الدستور أن يكون هو الحل والشعب السوري لم يقدم ملايين الشهداء ليحصل على ‏دستور جديد.‏

  • لكن روسيا اعتبرت تشكيل اللجنة الدستورية إنجاز حقيقي لكل أطراف المجتمع الدولي..

لا فائدة من أفضل دستور في العالم في ظل بقاء العصابة الأسدية التي جاءت عبر القفز على ‏الدستور وقراراتها كلها تدوس على القوانين والدساتير متى شاءت وتتحكم في مفاصل الدولة من ‏مجلس الشعب والقضاء والوزارات.‏

  • هناك شخصيات معارضة انضمت إلى اللجنة الدستورية..

قد يوجد بعض الشخصيات المعارضة داخل قائمة المعارضة أو قائمة المجتمع المدني، لكن هؤلاء لن يكون لهم قرار ‏في ظل الغالبية الموجودة التي تتجسد في قائمة النظام وعبر الأسماء التي وضعها في قائمة ‏المجتمع المدني التابعة للأمم المتحدة، والاختراقات التي حققها في قائمة المعارضة، وبالتالي حتى ‏لو كان هناك من يحمل الهم السوري واجتهد ليكون ضمن هذه اللجنة الدستورية فلن يكون قادرا ‏أن يغير في القرارات التي ستصدرها وستكون لصالح النظام.‏

  • ‏ما حقيقة أن الخلاف بين المعارضة والنظام على الدستور والانتخابات؟ ‏

هذا تلاعب على الحل ومغالطة كبيرة ولن تنجح أبدا في الحل، لأن هذا النظام لا يحترم دستورا ‏أو انتخابات أو حقوق، وإنما هذه العصابة الأسدية ‏الديكتاتورية لا تفهم إلا لغة الإزاحة عن ‏السلطة والاجتثات لأنها عصابة متجذرة في الظلم والقتل والإفساد منذ 50 عاما ولا يمكن ‏‏التعويل على إصلاحها أو مشاركتها في انتخابات أو دستور‎.‎

  • ‏إلى أين تتجه الأوضاع؟

القضية السورية شائكة ومعقدة ويصعب التنبؤ بمسارها غير أن المؤكد أن ثورة الشعب السوري ‏بعد 9 سنوات يجب أن ‏يدرك الجميع أنها لا يمكن أن تنطفئ أو تنكسر ولا يمكن القضاء عليها، مهما ‏كان حجم التآمر الدولي عليها، ولابد من الإصغاء لمطالب الثوار.

سياسيا يوجد تعثر وانسداد في الأفق السياسي منذ بداية الثورة السورية لأنه لم يتم التعاطي مع مطالب ‏الشعب بالشكل الصحيح وستبقى الدول عاجزة عن حل ملف القضية السورية مالم تستجب ‏لطلبات الشعب الذي قدم أكثر من مليون ونصف شهيد في سبيل قضيته العادلة.

  • ‏برأيك كيف يمكن حل القضية السورية؟

لا يمكن تصور أي حل في سوريا لا يتضمن تحقيق وتلبية مطالب الشعب السوري التي خرج من أجلها ‏وهي إسقاط العصابة ‏الأسدية المجرمة وتفكيك الأجهزة الأمنية وإطلاق سراح المعتقلين وعودة ‏المهجرين ومحاكمة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم ضد ‏الشعب السوري في جيش النظام ‏وعصابتها وأجهزته الأمنية.‏