"نيويورك تايمز" تكشف قرار ترامب المرتقب بخصوص اللاجئين

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إنَّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تعتزم المُضي في خطة لمنع تدفُّق اللاجئين إلى الأراضي الأمريكية، مشيرة إلى خيارين قيد الدراسة سيُنهيان وضع الولايات المتحدة كدولة رائدة في قبول واستضافة اللاجئين من جميع أنحاء العالم.

وكشفت الصحيفة في تقرير كتبه كل من جوليا هيرشفيلد ومايكل دي تشير، أنَّه وفقاً لمسؤولين حاليِّين وسابقين في الإدارة الأمريكية الحاليِّة، فإنَّ البيت الأبيض يفكر جدياً في تنفيذ خطة من شأنها إبعاد اللاجئين الفارين من مناطق الحروب والاضطهاد في العالم من دخول الولايات المتحدة، مما يُقلِّل بشكل جدي من برنامج استغرق عشرات السنوات من احتضان اللاجئين الفارين من الحروب والاضطهاد.

خياران قيد الدراسة

وأفاد التقرير بأنَّ الخيار الأول الذي يدرسه السياسيون الأمريكيون هو تخفيض أعداد اللاجئين إلى النصف أو ما يعادل حوالي 10 إلى 15 ألف لاجئ، إضافة إلى إعطاء الأولوية للاجئين من دول أو مجموعات محددة مثل العراقيين والأفغان الذين يعملون مع القوات الأمريكية في البلدين، إضافة إلى الدبلوماسيين والعناصر المخابراتية، أما الخيار الآخر الذي يدرسه المسؤولون هو تخفيض عدد اللاجئين إلى الصفر، مع منح الرئيس صلاحية قبول البعض كلاجئين في الحالات الطارئة.

وأوضح، أنَّ كلا الخيارين سيُنهيان وضع الولايات المتحدة كدولة رائدة في قبول واستضافة اللاجئين من جميع أنحاء العالم، مشيراً إلى أنَّ هذه القضية من المحتمل أن تصل ذروتها الثلاثاء المقبل، حيث يعتزم المسؤولون في البيت الأبيض عقد اجتماع رفيع المستوى لمناقشة الأعداد المقترح قبولها هذا العام وفق مقترح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

ونقل التقرير عن إريك شوارتز، رئيس منظمة اللاجئين الدولية قوله: "إنَّه في الوقت الذي يرتفع فيه أعداد اللاجئين لرقم تاريخي لم يسبق الوصول إليه تتخلي الولايات المتحدة عن قيادتها للعالم في استضافة اللاجئين الفارين من الحروب والاضطهاد، لنصل إلى نتيجة مفادها بأنَّ العالم أصبح أقل تعاطفاً وأقل قدرة على مواجهات التحديات الإنسانية في المستقبل".

ستيف ميلر

وكشفت الصحيفة، أنَّ ستيفين ميلر، مستشار ترامب لشئون الهجرة استخدم سلطاته لمدة عامين لتقليل أعداد اللاجئين لأقلِّ مستوى يمكن أن تصل إليه، فعلى سبيل المثال، اقترح تقليل عدد اللاجئين، المفترض قبولهم، هذا العام إلى 30 ألف لاجئ، مما يوصل التخفيض هذا العام إلى أكثر من 70 بالمئة من مستواه في عهد الرئيس الأمريكي السابق، أوباما.

وأكَّد التقرير، أنَّ هذه الخطوة كانت جزء من خطة ترامب واسعة النطاق لتقليل عدد المهاجرين الموثقين وغير المسجلين الذين يدخلون الولايات المتحدة، إضافة إلى فرض العديد من القيود على اللاجئين الفارين من الحروب والاضطهاد من كل أنحاء العالم ويعبرون الحدود من المكسيك أو كندا لدخول الولايات المتحدة.

ونقل عن أحد المسؤولين المشاركين في نقاشات تخُص أعداد المقبولين، رفض الكشف عن اسمه، قوله: "إنَّ ميلر وحلفاؤه الذين وضعهم في وزارات الخارجية والأمن الداخلي يدفعون بقوة في اتجاه لتقليص أعداد اللاجئين المقبولين في الولايات المتحدة إلى أقل مدى يمكن الوصول إليه".

وحاولتِ الصحيفة التواصل مع مسؤولي البيت الأبيض لكنهم لم يردوا على طلب الصحيفة بالرَّد على أسئلة تخص اللاجئين.

وأوضح التقرير، أنَّ جون زدروزني، وهو مسؤول كبير في مصلحة المواطنة والهجرة بالولايات المتحدة، طرح مجرَّد خفض السقف إلى الصفر، بينما اقترح آخرون تقديم "مواقف" لبلدان أو سكان مُعينين، مثل العراقيين والأفغان، الذين يُعرِّضهم عملهم نيابة عن الحكومة الأمريكية لكل منهم وعائلاتهم للخطر، مما يجعلهم مؤهلين للحصول على وضع خاص للمجيء إلى الولايات المتحدة من خلال برنامج اللاجئين.

وبحسب الصحيفة، يخشى المدافعون عن برنامج إعادة توطين اللاجئين ذو الأربعين عاماً، داخل وخارج الولايات المتحدة، من أنَّ هذا النهج الذي تنتهجه الإدارة الأمريكية سوف يفرغ البرنامج من أهدافه ومضمونه، ويزيد من معاناة اللاجئين في جميع أنحاء العالم، مما يجعل من المستحيل قبول إعادة توطين اللاجئين الفارين من الحروب والاضطهاد.

"سحب السجادة"

ونقلت الصحيفة عن نازانين آش، نائب رئيس السياسة العالمية للجنة الإنقاذ الدولية قوله: "إنَّ سحب السجادة من تحت اللاجئين وبرنامج إعادة التوطين، كما ورد، أمرٌ غير عادل وغير إنساني ومعيب بشكل إستراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة. هذا برنامج مخصص وضروري للاجئين الأكثر ضعفاً".

وبحسب التقرير، فإنَّ المسؤولين والمدافعين عن برنامج حماية اللاجئين يقولون: إنَّ مصير البرامج في الوقت الراهن مرتبط بشكل متزايد بشخصية وزير الدفاع الأمريكي، مارك توماس إسبر، حيث يأملون أن يقوم بإنقاذ البرنامج من خلال الاحتجاج على خطط الخفض والوصية بأنَّ يُحدِّد ترامب سقف عدد اللاجئين المقبولين.

وأشار التقرير إلى أنَّ إسبر يُعدُّ الشخصية الأكثر حداثة على مائدة المفاوضات الخاصة بأعداد اللاجئين المفترض قبولهم، كونه تسلَّم منصبة مُنذ شهرين فقط، بينما كان موقف سلفة جيم ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي السابق، مدافعاً عن اللاجئين ورافضاً لخطط خفض أعدادهم، يظل موقف إسبر غير واضح.

وذكرت الصحيفة، أنَّه وفقاً لشخصيات مطَّلعة على المفاوضات داخل وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، تضغط القيادة العسكرية العليا في وزارة الدفاع على إسبر ليتَّخذ نفس موقف سلفه ويكون مدافعاً عن برنامج إعادة توطين اللاجئين.

وأوضحت: لكنَّ مسؤولين عسكريين حاليِّين وسابقين قالوا إنَّ وزير الدفاع لم يكشف لهم عما إذا كان سيقاتل من أجل قبول أعداد أعلى للاجئين في اجتماع البيت الأبيض الأسبوع المقبل، إلى الحدِّ الذي وصف فيه أحد الجنرالات السابقين إسبر بأنَّه في موقف "ثعلب الثعلب"، وهو مصطلح عسكري لجنود المشاة في البقاء محمية أو مخفية عن نيران العدو.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير بوزارة الدفاع قوله: إنَّ إسبر لم يُقرِّر ما هي توصيته لبرنامج اللاجئين هذا العام، ونتيجة لذلك، تبذل مجموعة قوية من الجنرالات المتقاعدين ومجموعات المساعدات الإنسانية جهوداً مكثفة لإقناعه بانتهاج نهج سلفه، جيم ماتيس بالدفاع عن برنامج إعادة توطين اللاجئين.

رسالة إلى ترامب

في سياق متصل ذكرت الصحيفة، أنَّ أبرز ضباط الجيش المتقاعدين وجهوا خطاباً للرئيس ترامب، الأربعاء الماضي، يناشدون فيه أن يُعيد النظر في خططه المتعلقة بخفض أعداد اللاجئين، وتناولوا حُجة الأمن القومي التي قدَّمها ماتيس عندما كان في البنتاجون، واصفين برنامج اللاجئين بأنَّه "شريان حياة حرج" للأشخاص الذين يساعدون القوات الأمريكية والدبلوماسيين ومسؤولي المخابرات في الخارج، وحذروا من أنَّ قطعه يُعرِّض لخطر عدم استقرار وصراع أكبر.

واستطردت: كتب الضباط العسكريون، بمن فيهم الأدميرال ويليام ماكرافين، قائد العمليات الخاصة السابق للولايات المتحدة؛ الجنرال مارتن ديمبسي، الرئيس السابق لرؤساء الأركان المشتركة؛ واللفتنانت جنرال مارك هيرتلينج، القائد العام السابق لقوات الجيش في أوروبا: "نحن نحثُّك على حماية هذا البرنامج الحيوي والتأكُّد من أنَّ هدف قبول اللاجئين قوي، بما يتماشى مع سابقة طويلة من الزمن، بما يتناسب مع الاحتياجات العالمية المُلحة اليوم".

وزادت: "الضباط أضافوا في رسالتهم لترامب، أنَّه حتى السقف الحالي الذي يبلغ 30 ألف لاجئ يترك الكثير من اللاجئين على حافة خطر الموت".

وأوضحت الصحيفة، أنَّ الجنرال جوزيف فوتيل، الذي تقاعد هذا العام بعد الإشراف على قيادة الجيش الأمريكي الذي يُدير عمليات في الشرق الأوسط، وقَّع الرسالة، وأشار في مقابلة  إلى أنَّ تدفقات اللاجئين الذين يفِرُّون من بلادهم التي مزقتها الحرب مثل سوريا، التي كانت واحدة من القوى الدافعة لعدم الاستقرار في المنطقة.

ونقلت عن الجنرال فوتيل قوله: إنَّ العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الأمريكي في الخارج تتمُّ بمساعدة مواطنين عراقيين تحولوا إلى لاجئين مضطهدين، ولا يعتبر هذا فقط الثمن لمساعدتهم، بل التزامنا بمساعدتهم.

وأكَّدت الصحيفة: قد حاول وزير الدفاع السابق، جيم ماتيس، استخدام نفس الحُجج في عام 2018، حين حاول مقاومة خطط ميلر لخفض أعداد اللاجئين المقبولين في الولايات المتحدة، التي تمَّ تقليصها إلى 50 ألف لاجئ بموجب أمر ترامب بحظر السفر.

وأردفت: مما يجدُر ذكره أنَّ وزير الخارجية السابق، تيلرسون انضمَّ إلى ماتيس ونجحوا في الحفاظ على سقف 45 ألف لاجئ في عام 2018 ولكن مع رحيل تيلرسون، استطاع ميلر اقناع ترامب بخفض سقف اللاجئين المقبولين إلى 30 ألف.

ماذا عن بومبيو؟

وأشارت الصحيفة إلى أنَّ مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، جادل العام الماضي بقوله: إنَّ قبول أعداد كبيرة من اللاجئين من الحدود الجنوبية الغربية، أدَّى إلى خفض أعداد اللاجئين القادمين من الخارج.

وقال بومبيو في ذلك الوقت: "يعكس سقف اللاجئين هذا العام الزيادة الكبيرة في عدد الأفراد الذين يلتمسون اللجوء في بلدنا، مما أدَّى إلى تراكم هائل لقضايا اللجوء المعلقة وزيادة النفقات العامة".

وتابعت "نيويورك تايمز" قائلة: "الآن ، بعد مرور عام، قدَّم ميلر وحلفاؤه مراراً وتكراراً نفس الحُجة في حثِّهم على خفض العدد".

وأوردت الصحيفة تصريحات لباربرا ستراك، التي تقاعدت العام الماضي كرئيس لقسم شؤون اللاجئين في خدمات المواطنة والهجرة الفيدرالية قالت فيها: إنَّ الولايات المتحدة اعتادت أن تكون نموذجاً للدول الأخرى من خلال قبول اللاجئين من جميع أنحاء العالم، وقالت إنَّه بعد أن بدأت أمريكا تقبل اللاجئين البوتانيين من نيبال، حذت بلدان أخرى حذوها.

كانت وزارة الخارجية في السابق المضيفة الرئيسية لبرنامج إعادة توطين اللاجئين، لكن في ظِلِّ ادارة ترامب، تغيَّر هذا الأمر، حيث أوضح الرئيس وميلر أنهم ينظرون إليه بازدراء، حيث إنَّ أندرو فيبريك، المسؤول السابق في وزارة الخارجية المكلف باللاجئين الآن، وهو مساعد سابق لميلر في مجلس البيت الأبيض للسياسة الداخلية الذي كان - مع السيد زدروزني - لاعباً رئيسياً في عام 2017 في الجهود المبذولة لتقليص إعادة توطين اللاجئين بقدر ما بقدر الإمكان، بحسب الصحيفة.

ولفتت إلى أنَّ ذلك أدَّى إلى اعتبار وزارة الدفاع باعتبارها الوكالة الأخيرة التي يمكن أن تحافظ على برنامج اللاجئين، حيث  يقول مؤيدوها داخل الإدارة إنهم يشعرون بشعور باليأس في انتظار معرفة ما إذا كان إسبر سيصبح مناصريها.

وأشارت الصحيفة الى أنَّ الشعور بخيبة الأمل قد تكثَّف خلال الأسابيع الأخيرة ، حيث فرض  ميلر سياجاً من السرية حول عملية تحديد سقف اللاجئين، للحماية من التسريبات وخفض الفُرص أمام المسؤولين للتدخُّل لإنقاذها، سيتمُّ إبلاغ المسؤولين على مستوى الحكومة مسبقاً بالخيارات التي سيتمُّ مناقشتها في اجتماع مثل الاجتماع المقرر يوم الثلاثاء المقبل.

واختتمت "نيويورك تايمز" تقريرها بالقول: إنَّه تم إخبار المسؤولين، هذه المرة بأنهم سيعلمون الأرقام المقترحة فقط عن الجلوس إلى مائدة المفاوضات ويطلب منهم التفكير فيها.