نتنياهو يمارس ضغوطا داخلية وخارجية.. هل تقبل واشنطن التطبيع بشروط الرياض؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أبدى خبراء نوويون ومسؤولون أمنيون إسرائيليون اعتراضهم على المسار الذي قد يسلكه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تجاه السماح للسعودية بإنشاء برنامج نووي على أراضيها.

وألمح مقربون من "نتنياهو" إلى أنه قد يوافق على أحد شروط الرياض للتطبيع، وهي أن تمكن الولايات المتحدة، السعودية من إنشاء برنامج نووي مدني على أراضيها.

لكن أكد موقع "المونيتور" الأميركي أن "العديد من المسؤولين الأمنيين والخبراء النوويين في إسرائيل يشعرون بقلق عميق إزاء هذه الفكرة".

وقال إنه "في معرض تمجيده لمزايا اتفاق التطبيع مع السعوديين، لم يشر نتنياهو علنا إلى هذا الطلب السعودي، وركز بدلا من ذلك على المكاسب الإستراتيجية والاقتصادية للسلام".

نظرة إسرائيل

وردا على سؤال حول وجهة النظر الرسمية الإسرائيلية بشأن برنامج تخصيب اليورانيوم السعودي الذي تدعمه الولايات المتحدة، أعطى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أخيرا إجابة غامضة على غرار "نحن نثق في الأميركيين".

وهو موقف يمكن أن يقوض الاعتراضات الإسرائيلية الحازمة على الجهود الأميركية، الرامية للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، وفق المونيتور.

وبينما يصمت علنا عن هذه المعضلة السعودية، يمارس نتنياهو ضغوطا شديدة على هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية، وخاصة مديرها العميد المتقاعد الجنرال، موشيه إدري، لدعم الخطة التي تجرى صياغتها بين واشنطن والرياض.

وأوردت تقارير إخبارية للقناتين 12 و13 العبريتين، أن نتنياهو كلف "إدري"، ورئيس الموساد ديفيد برنيع، بمناقشة احتمالية الموافقة على الطلب السعودي مع نظرائهم الأميركيين. 

وأكد المونيتور أن "معظم الخبراء النوويين الإسرائيليين يعارضون هذه الفكرة، إذ بعثت أخيرا مجموعة من كبار المسؤولين الأمنيين السابقين وأعضاء سابقين في لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية بوثيقة إلى هيئة الطاقة الذرية".

وشدد الخبراء الإسرائيليون في الوثيقة المذكورة على مخاطر تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.

وقال مسؤول كبير سابق في لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية للمونيتور، شريطة عدم الكشف عن هويته: "هذه القضية معقدة للغاية ومتقلبة".

وتابع المصدر: "تحتاج إسرائيل إلى طلب توضيحات وضمانات حول ما سيحدث إذا انتهك السعوديون الاتفاق واندفعوا نحو قنبلة باستخدام التكنولوجيا الموجودة لديهم بالفعل في الداخل".

وتساءل: "ماذا سيحدث إذا تغير النظام السعودي، وكيف سيجري الإشراف على قضبان الوقود ومنشأة فصل البلوتونيوم، وما إلى ذلك؟".

وأوضح مسؤول كبير في وزارة الجيش الإسرائيلي، للموقع، أن "كل خبير يعلم أن تخصيب اليورانيوم لاستخدامه في إنتاج الطاقة النووية المدنية يوفر المعرفة والوسائل اللازمة لتحويل المشروع إلى برنامج نووي عسكري".

وأشار المصدر إلى أنه حتى روبرت أوبنهايمر، أبو القنبلة الذرية، أقر بذلك. والسؤال الآن هو ما مستوى المخاطرة التي ترغب إسرائيل في تحمله للحصول على "الحلوى السعودية".

حصد الإنجاز

وأردف: "بشكل أكثر دقة، ما مستوى المخاطرة الذي يرغب رئيس الوزراء في تحمله من أجل فوائد دبلوماسية وسياسية هائلة ستنجم عن حفل توقيع اتفاق التطبيع في الرياض أو واشنطن".

وأوضح المونيتور أن "الأفق المتزايد لتوقيع اتفاق إسرائيلي-سعودي برعاية الولايات المتحدة، يعمل على تعميق مخاوف الخبراء حول الثمن الذي سيتعين على إسرائيل دفعه، مقابل التوصل إلى التطبيع مع زعيمة العالم العربي"، وفق وصفه.

وكشف مسؤول كبير سابق في وزارة جيش الاحتلال أنه "في السابق، كان نتنياهو يقود الاحتجاجات ضد تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية".

ويعتقد المسؤول الإسرائيلي أن "دولة غنية بالنفط مثل السعودية، والتي لا تحتاج إلى الوقود النووي أو بدائل الطاقة، تصر على حق تخصيب اليورانيوم على أراضيها، فقط من أجل الإعداد لبرنامج نووي عسكري".

وتحدث الموقع عن تصريح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأميركية في 20 سبتمبر/أيلول 2023، من أنه إذا طورت إيران سلاحا نوويا، "فسيتعين علينا الحصول على مثيله".

لكن يبدو أن نتنياهو اليوم على وشك مساعدة الزعيم السعودي في تحقيق رغبته، حسب المونيتور.

وأكد ذلك المصدر الأمني الإسرائيلي، الذي قال: "بعيدا عن تصريح الأمير محمد نفسه، فإن نتنياهو هو المُحرك القوي الذي يدفع لإقرار مثل هذا التفاهم".

وتابع: "يريد نتنياهو التطبيع مع السعودية، وهذا يعميه ويصمه ويعزله عن كل شيء آخر، وسيفعل أي شيء في سبيل ذلك".

وفي علامة على تغير الزمان، زار وزير السياحة، حاييم كاتس، المملكة، في 26 سبتمبر 2023، لحضور مؤتمر دولي، في أول زيارة علنية للمملكة لوزير إسرائيلي.

وفي الوقت نفسه، يحاول مساعد نتنياهو المقرب، وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، إقناع كبار مسؤولي الجيش الإسرائيليين بالتخلي عن معارضتهم لاتفاقية الدفاع التاريخية المقترحة بين إسرائيل والولايات المتحدة.

وأوضح الموقع أن الاتفاق يضمن حماية الولايات المتحدة لإسرائيل، ويلزم الجانبين بإبلاغ بعضهما البعض بأي نشاط عسكري مخطط له، باستثناء حالة الرد على "التهديدات الوجودية" أو "التهديدات التي يكون منشأها الشرق الأوسط".

إيران حاضرة

وبمعنى آخر، فإن إسرائيل تسعى إلى التوصل إلى اتفاق لا يُلزمها بإخبار الأميركيين إذا قررت مهاجمة إيران، حسب المونيتور.

وأصدر "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي، ورقة مفاجئة، تعرب عن دعم مثل هذا التحالف؛ مبطلا بذلك الاعتراضات السابقة على أي صفقة تقيد أيدي إسرائيل، عبر اشتراط إخبار واشنطن بخططها.

ونقل المونيتور عن وزير في الحكومة الإسرائيلية قوله: "ليس هناك شك في أن نتنياهو سيحاول تخفيف الدواء المر المتمثل في امتلاك السعودية لتكنولوجيا نووية، عن طريق تحالف دفاعي من شأنه أن يريح عقول المترددين في الجانب الإسرائيلي".

وأشار الوزير إلى الاعتراضات المتوقعة من الكونغرس الأميركي على الاتفاق النووي مع الرياض، مؤكدا أنه "لن يكون من السهل على الرئيس، جو بايدن، تمرير مثل هذا الاتفاق في الداخل أيضا".

وخلص المصدر إلى أن الأمور لن تكون سهلة على نتنياهو أيضا، وسيحتاج إلى دعم كبير من الإدارة الأميركية.

ومن جانبه، قلل الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، من إمكانية التوصل إلى اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل.

وقال "رئيسي" لشبكة سي إن إن الأميركية نهاية سبتمبر: "إن هذا التطبيع لن يحقق أي نجاح"، مشيرا إلى رفض إسرائيل منح الفلسطينيين الحقوق التي يطالب بها العالم العربي، غير أنه لم يأتِ على ذكر مسألة الطاقة النووية.

وأوضح مصدر أمني إسرائيلي أن ردود فعل إيران على التطبيع الإسرائيلي-السعودي المحتمل ستؤثر بشكل كبير على إمكانية إنجاز مثل هذه الصفقة.

وقال المصدر الأمني، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "إيران لاعب متعدد الأوجه، والسعوديون لم يقتربوا من إسرائيل في الآونة الأخيرة فحسب، بل يتحدثون أيضا عن التقارب مع طهران".

وأردف أنه "من الصعب تصديق أن ابن سلمان سيبذل قصارى جهده للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، إذا أبدت إيران معارضة كبيرة".

وختم بالقول: "سيكون على ابن سلمان أن يقرر في مرحلة ما (الاختيار بين الخيارين)، وإن كانت كل الدلائل تشير في هذه اللحظة إلى أنه يسارع للاتفاق مع إسرائيل دون أن يرف له جفن، إلا أن هذا قد يتغير".