سليمان فرنجية.. وريث العائلة السياسية ومرشح "حزب الله" لرئاسة لبنان

لندن - الاستقلال | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

السياسي اللبناني، سليمان فرنجية، الاسم الحاسم للثنائي الشيعي حركة "أمل" و"حزب الله" بعد تأييدهما له للترشح إلى منصب رئاسة الجمهورية الذي يشهد شغورا منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وبات رئيس "تيار المردة"، فرنجية (58 عاما)، المقرب من محور إيران والنظام السوري، هو خيار "حزب الله" الذي يصر على أن يكون الرئيس القادم للبنان "مطمئنا للمقاومة".

وأعلن حزب الله على لسان زعيمه حسن الله، في كلمة ألقاها عبر الشاشة خلال احتفال حزبي بتاريخ 6 مارس/آذار 2023، دعمه فرنجية للوصول إلى سدة الرئاسة في لبنان.

وسبق ذلك بيومين موقف مماثل من حليف حزب الله، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي كشف رسميا عن تبني ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية.

وفشل البرلمان منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية أكتوبر 2022، خلال 11 جلسة عقدها في انتخاب رئيس، وسط انقسام سياسي بين فريق مؤيد لحزب الله وآخر معارض له.

اللافت أن الثنائي الشيعي يتعاملان مع ترشيح فرنجية على أنه خيارهما الوحيد والأخير، وهذا ما فسره زعيم حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، الخصم الأكبر لحزب الله بقوله خلال تصريحات صحفية في 8 مارس 2023، إن "حزب الله يخشى أي رئيس آخر غير فرنجية، لأن وضعه ضعيف لذلك لا يثق سوى بفرنجية".

النشأة والتكوين

سليمان أنطوان فرنجية ولد عام 1965 في مدينة طرابلس شمال لبنان، لأسرة من الطائفة المارونية المسيحية، حيث كان يسكن أهله شتاء على غرار عديد من العائلات الزغرتاوية.

وسليمان هو الوريث السياسي لعائلة فرنجية، فهو ينتمي إلى عائلة أفرادها تسلموا مقاليد السلطة في لبنان منذ عقود، فهو حفيد الرئيس الأسبق سليمان فرنجية الذي انتخب عام 1970.

ومنذ استقلال لبنان عام 1943، لم يستطع اللبنانيون انتخاب رئيس عبر الانتخاب الديمقراطي إلا لمرة واحدة، وهو الرئيس سليمان فرنجية (الجد) الذي حكم البلاد من 1970- 1976 بفارق صوت واحد.

تلقى سليمان فرنجية علومه الابتدائية في بلدة زغرتا التي تنحدر منها عائلته، ثم  تعلم في "مدرسة الأتينيه جونيه" في بيروت.

بداية عمله السياسي تعود إلى سنة 1987 أثناء الحرب الأهلية عندما كان عمره 22 عاما، حيث أسس كتيبة من 3400 شخص، واتخذ له من قرية بنشعي مقرا كما كانت مقرا لوالده طوني.

وتسلم فعليا القيادة عام 1990 من عمه روبير، وسارع إلى وضع تصور سياسي من رؤية واضحة متكئا على إرث كبير، فعزز العلاقة مع سوريا مكملا علاقة الرئيسين سليمان فرنجية وحافظ الأسد.

عين بعد "اتفاق الطائف" عضوا في المجلس النيابي وذلك عام 1991 وكان حينها أصغر نائب بالبرلمان، كما دخل المجلس النيابي بانتخابات 1992 و1996 و2000، بينما خسر المقعد النيابي في انتخابات 2005، وعاد إلى عضوية البرلمان في انتخابات 2009.

وشارك بالحكومة لأكثر من مرة وحمل أكثر من حقيبة، منها وزير دولة من 23 ديسمبر/ كانون الأول 1990 حتى 16 مايو/ أيار 1992 في حكومة عمر كرامي في عهد الرئيس إلياس الهراوي.

كما عين وزيرا للإسكان والتعاونيات من 16 مايو حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 1992 في حكومة رشيد الصلح في عهد الرئيس الهراوي.

وأصبح وزير دولة للشؤون البلدية والقروية من 31 أكتوبر/تشرين الأول 1992 حتى 25 مايو/أيار 1995 في حكومة رفيق الحريري في عهد الرئيس الهراوي.

وعين كذلك وزيرا للصحة العامة من 1996 حتى 1998 في حكومة رفيق الحريري في عهد الرئيس الهراوي، كما أصبح زيرا للداخلية والبلديات من 26 أكتوبر/تشرين الأول 2004 حتى 18 أبريل/نيسان 2005 في حكومة عمر كرامي في عهد الرئيس إميل لحود.

"مطمئن للمقاومة"

منذ أن حصل الشغور الرئاسي برحيل ميشال عون قبل أربعة أشهر، بدأ اسم سليمان فرنجية تسلط عليه الأضواء، وقفز إلى الواجهة عندما حدد حسن نصر الله مواصفات الرئيس القادم بأنه يجب أن يكون "مطمئنا للمقاومة".

وعلى الفور قرئ كلام نصر الله على أنه إشارة ضمنية إلى "الحليف التاريخي" له ألا وهو فرنجية.

لكن فرنجية تريث بالترشح قبل "نضوج" الظروف التي تتيح له "ضمان" النجاح، تفاديا لأي "معركة خاسرة" باتت تطلق عليها الصحافة اللبنانية "محرقة المرشحين".

لكن رغم ذلك، فقد لعب "تيار المردة" برئاسة فرنجية بتعطيل جلسات انتخاب الرئيس، إلى جانب حزب الله وحليفه "التيار الوطني الحر" بقيادة جبران باسيل صهر ميشال عون.

ويرى فرنجية في تغريدات ينشرها على حسابه في تويتر أن "المقاومة هي التي تحمي مكتسباتنا في لبنان"، في إشارة إلى حزب الله.

وبحسب مراقبين فإن "حزب الله مقتنع بأن فرنجية يمكن أن يحمي ظهر المقاومة ويكون في الوقت نفسه رئيسا توافقيا، لكنه لن يطرح اسمه بشكل علني أسوة بباقي المكونات إلا إذا ضمن الـ65 صوتا لفوزه".

ومع ذلك، فإن فرنجية المرشح الذي يعد حليفا أساسيا لحزب الله والنظام السوري، يواجه أيضا معضلة قبول رئيس التيار الحر، باسيل، على ترشيحه للرئاسة.

وحذر زعيم حزب القوات اللبنانية، جعجع، قبل أيام في حال تمكن حزب الله من جمع الأصوات الضرورية لانتخاب فرنجية "سندخل في عزلة عربية أعمق"، في إشارة على الأرجح إلى السعودية، التي طالما لعبت دورا بارزا في لبنان، وترجح تقارير أنها تعارض انتخاب مرشح قريب من حزب الله.

وأكد جعجع أن كتلته ستقاطع في هذه الحالة جلسة الانتخاب.

ومنذ 19 يناير/كانون الثاني 2023، لم يحدد نبيه بري رئيس مجلس النواب موعدا لجلسة انتخاب جديدة.

وللرياض تجربة سابقة مع فرنجية، إذ أعلن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري في 3 ديسمبر/كانون الأول 2015، أن بلاده تؤيد ترشيح الزعيم المسيحي فرنجية، صديق رئيس النظام السوري بشار الأسد، لرئاسة الجمهورية اللبنانية.

وآنذاك جاء الموقف السعودي بعد 17 شهرا على شغور منصب الرئاسة في لبنان بعدما دخل اسم فرنجية بورصة المرشحين لرئاسة الجمهورية، إثر لقاء جمعه حينها مع رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري حليف الرياض.

صديق الأسد

ويعرف عن فرنجية انتماؤه إلى الدائرة الضيقة المحيطة بعائلة رئيس النظام السوري، ولطالما افتخر بأنه صديق الأسد الابن وأن علاقته مباشرة مع آل الأسد ولم تمر يوما بقنوات أو وسطاء على غرار باقي الأطراف اللبنانية.

فكثيرا ما شوهد فرنجية يتجول مع بشار في مواقع أثرية سورية عقب توريثه الحكم عام 2000 بعد وفاة أبيه الذي صعد للسلطة بانقلاب عسكري عام 1971.

وتعود علاقات فرنجية بعائلة الأسد إلى طفولته عندما كان جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية يصطحبه في رحلات إلى العاصمة دمشق لزيارة صديقه حافظ.

واعتاد سليمان فرنجية الحفيد على القيام برحلات الصيد مع باسل -الأسد الشقيق الأكبر لبشار- والذي توفي في حادث سير غامض بدمشق عام 1994.

ودائما ما يشيد فرنجية بمواقف حزب الله، ومن أبرز ذلك حينما خرج عام 2010 وحذر في مقابلة تلفزيونية من أن لبنان سيشهد "حربا بقرار دولي" إذا صدر عن المحكمة الدولية اتهام حزب الله باغتيال رفيق الحريري عام 2005.

ومن العقبات التي تعترض طريق فرنجية إلى قصر بعبدا الواقعية بعيدا عن التوافقات في الغرف المغلقة، هي أن حجم فرنجية على الساحة المسيحية ضعيف وغير مؤهل لتولي المنصب من ناحية حجم التمثيل الشعبي. 

ولا يتمثل تيار "المردة" الذي يرأسه فرنجية سوى بنائب واحد في البرلمان هو ابنه طوني، في حين يتقاسم حزبا القوات اللبنانية و"الوطني الحر" أكثرية المقاعد المخصصة للنواب المسيحيين.

وبالتالي يعدان أنهما الأحق باختيار رئيس الجمهورية، سواء من كتلتهما أو ممن يمكن أن يحصل توافق عليه من قبلهما، وفق ما يرى الكاتب الصحفي اللبناني، إلياس حرفوش، في مقال نشره في صحيفة "الشرق الأوسط" بتاريخ 10 مارس/آذار 2023.

ويضيف حرفوش حول العقبات في وجه فرنجية، هو "رفض البطريرك بشارة الراعي الدخول في مسألة الأسماء والترشيحات أو تغطية أي من المرشحين، كما أن صورة المرشح التوافقي التي كان يطمح لها فرنجية لم تعد تنطبق عليه، بعدما بادر حزب الله إلى إعلان دعمه والتأكيد أن مواصفات الحزب للرئيس المقبل تنطبق عليه".

التصالح مع الخصوم

عمل فرنجية الذي يعيش في منزله في قرية بنشعي شمال لبنان، خلال السنوات الماضية على تجفيف الخلافات والعداء مع الشخصيات السياسية، حيث صالح عام 2009 الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي.

كما تصافح جعجع وفرنجية الخصمان المسيحيان أثناء الحرب الأهلية اللبنانية عام 2018، إيذانا بمصالحة رسمية أنهت عداوة استمرت لما يزيد على أربعة عقود.

ويرجع العداء بين جعجع وفرنجية، إلى الأيام الأولى من الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 حتى عام 1990.

وكان لكل من الحزبين فصيل مسلح، أثناء تلك الحرب ودارت بينهما معارك. وتدخلت قوى إقليمية في الحرب التي شملت قتالا بين الطوائف اللبنانية الرئيسة وفصائل متنافسة داخل تلك الطوائف.

واتُهم جعجع بقيادة هجوم عام 1978 على منزل طوني فرنجية والد سليمان مما أسفر عن مقتله مع زوجته وابنته وآخرين، في واقعة سميت بـ"مجزرة اهدن"، إلا أن فرنجية لم يكن في المنزل وقتها، وقال جعجع آنذاك إنه أصيب قبل أن يصل إلى منزل فرنجية ولم يشارك بنفسه في الهجوم.

و"تيار المردة" هو حليف لحزب الله الشيعي بينما القوات اللبنانية هي أحد أطراف تحالف الأغلبية المدعوم من الغرب.

وحينما قرر الحريري اعتزال الحياة السياسية كتب فرنجية في 24 يناير/كانون الثاني 2022: "بمعزل عن من يتفق أو يختلف معه فإن الرئيس سعد وجه من وجوه الاعتدال في لبنان. وغيابه عن الساحة السياسية سيخلق فرصة للضعفاء الذين سيعمدون إلى المزايدات التي تعزّز التطرف، والتطرف هو أكبر خطر على مستقبل لبنان".

وسبق أن اتهم فرنجية عام 2013، "تيار المستقبل" الذي يقوده الحريري بمشاركة فصائل المعارضة السورية لقتال نظام الأسد ضمن ما سماه "مشروع دولي"، وقال حينها: "القصير (مدينة بريف حمص) كانت خزان تسليح المعارضة السورية المسلحة من الجانب اللبناني".