ماجد فرج.. "وكيل للموساد" يقود مخابرات عباس وينافس على خلافته

حسن عبود | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

ظهر اسم مدير جهاز المخابرات العامة الفلسطيني ماجد فرج في تسريبات جديدة ضمن "معركة خلافة" رئيس السلطة محمود عباس (87 عاما).

ونهاية ديسمبر/ كانون الأول 2022، انتشر بمواقع التواصل الاجتماعي تسريب صوتي منسوب لـ"حسين الشيخ"، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أبرز خليفة محتمل للرئيس عباس، ما أثار جدلا كبيرا.

وأظهر التسجيل غضب الشيخ من عباس وفرج، وتهجمه عليهما، متهما رئيس السلطة بـ"المشاركة في الفوضى الحالية والاستفادة منها".

وفي تسجيل آخر، هاجم الشيخ، فرج، متسائلا عن سبب وجوده في قطاع غزة وسط حوار بين مصر وحركة فتح.

وأضاف متحدثا عن فرج: "ما حد عبّره في كل غزة (..) ومش بدك المزبوط، عليّ الطلاق ما عنده شيء".

كما أبدى الشيخ غضبا، وفق التسجيل، من اصطحاب عباس، فرج معه بالطائرة إلى إحدى الزيارات الخارجية.

وأردف: "لما عرفت إنه ماخد ماجد معه بالطيارة قررت إني ما أروحش، عشان أقلك الحقيقة، على إيش ماخذ ماجد فرج معك".

ويُسمع في التسجيل شتائم نابية وجهها الشيخ لكل من عباس وفرج.

وبات التسريب حديث الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة بعد أن سارع الشيخ للتوضيح بأنه مفبرك ويهدف للإيقاع بينه وبين وزير المخابرات ماجد فرج.

من هو؟ 

ولد ماجد فرج عام 1962، وهو من سكان مخيم الدهيشة للاجئين جنوب بيت لحم وينحدر من قرية "راس أبو عمار" المحتلة عام 1948 بقضاء القدس.

والده علي كان عامل بسيط استشهد خلال اجتياح قوات الاحتلال لمدينة بيت لحم عام 2002.

كما رحل شقيقه أمجد وهو في أواسط الثلاثينيات من العمر بعد أن كابد مرضا عضالا وكان أحد كوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأمضى أكثر من 6 سنوات في المعتقلات.

ودرس فرج في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في الدهيشة واعتقل في بداية المرحلة الثانوية لعام ونصف العام، بحسب ما أوردت سابقا وكالة معا القريبة من السلطة الفلسطينية.

وتوالت الاعتقالات وتكثفت في سجون الاحتلال وقتها، وكان فرج من أوائل المعتقلين في سجن الفارعة كما اعتقل في سجون الظاهرية والمسكوبية والخليل ونابلس وعتليت والنقب.

وبحسب الوكالة، وصل مجموع عمليات اعتقال فرج إلى أكثر من 15 مرة ليمضي إجمالا حوالي 6 سنوات في السجون الإسرائيلية.

وحصل فرج على شهادة البكالوريس في الإدارة من جامعة القدس المفتوحة، وكان من مؤسسي لجان الشبيبة الذراع النقابي والجماهيري لحركة فتح، التي حظرت عام 1987.

كما كان من قيادات الانتفاضة الأولى عام 1987 وجرى تسميته في اللجان السياسية قبيل اتفاق أوسلو عام 1993، بحسب وكالة معا.

والتحق فرج مع قدوم السلطة، بجهاز الأمن الوقائي صاحب السمعة السيئة كمدير لأكثر من محافظة مثل دورا وبيت لحم.

ووفق الوكالة، جرى تعيينه مديرا لجهاز الاستخبارات العسكرية عام 2006 وكان من ركائز "إدارة وضبط الفلتان الأمني"، في إشارة إلى عمليات المقاومة والمواجهات مع الاحتلال.

كما كان من ضمن اللجنة الثلاثية لحركة فتح في الحوار مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في القاهرة، ضمن جولات المصالحة الفلسطينية.

وفي سبتمبر/ أيلول 2009، كلف الرئيس محمود عباس، ماجد فرج برئاسة جهاز المخابرات العامة، أكبر الأجهزة الأمنية الفلسطينية خلفا لرئيس الجهاز السابق اللواء محمد منصور أبو عاصم.

وأصبح فرج بذلك رابع مدير للجهاز منذ نشأة السلطة الفلسطينية عام 1994، بعد أمين الهندي وتوفيق الطيراوي ومحمد منصور.

"الرجل القوي"

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، ظهر ماجد فرج في دبي، في زيارة أثارت اهتماما كبيرا، وقيل إنها كانت أول خطوة لتجديد العلاقات مع الإمارات بعد اتفاقيات التطبيع.

وظهر ضمن الصور المنشورة في ذلك الوقت، لقاء حاكم دبي محمد بن راشد مع ماجد فرج، رغم إعلان السلطة سابقا عن مقاطعتها إكسبو دبي احتجاجا على توقيع الإمارات اتفاقية للتطبيع مع إسرائيل في سبتمبر/أيلول 2020.

وأشار موقع "عرب إسكبورت" العبري وقتها إلى أن اللواء ماجد فرج يعد "الرجل الأقوى" في رام الله، وهو مساعد رئيس السلطة محمود عباس.

وبحث ماجد فرج مع حاكم دبي تحسين العلاقات بين السلطة الفلسطينية والإمارات، والتي تراجعت في السنوات الأخيرة.

وينبع اضطراب العلاقات من سببين رئيسين، أولهما التطبيع، وثانيهما محمد دحلان المنافس اللدود لرئيس السلطة الفلسطينية، والذي يعمل كمستشار لرئيس الإمارات محمد بن زايد.

ودحلان المفصول من حركة فتح، مطلوب للسلطة الفلسطينية بتهم القتل والفساد المالي، لكن الإمارات تدعمه كرئيس مقبل وخليفة لمحمود عباس.

وهو ما يثير غضب عباس وماجد فرج وحسين الشيخ، الثلاثي الذي بات يحكم ويقرر كل شيء في السلطة الفلسطينية وحركة فتح.

وجاءت زيارة ماجد فرج بعد تقارير عربية تحدثت عن تحديد مهام دحلان في الإمارات والخارج وفرض سلسلة قيود عليه.

ونقل الموقع العبري وقتها، أن كبار مسؤولي فتح يزعمون أن ماجد فرج جاء إلى دبي لتسويق نفسه كخليفة لمحمود عباس في المستقبل وأيضا لطلب المساعدة المالية للسلطة الفلسطينية.

ويقول إن مكانة فرج في حركة فتح وفي الأراضي المحتلة أقوى من محمد دحلان وهو مقرب جدا من رئيس السلطة الفلسطينية، ويعد المرشح الثاني له بعد حسين الشيخ.

وجاء القلق بشأن زيارة ماجد فرج وقتها إلى دبي أولا من قبل محمد دحلان الذي نفى رفاقه والمقرّبون منه بشدة ما تردد عن تحجيم صلاحياته من قبل الإمارات.

ووفقا لوسائل إعلام محلية وعبرية، عزز ماجد فرج موقعه داخل السلطة الفلسطينية وخارجها في الأشهر الأخيرة استعدادا لمعركة الخلافة على الرئاسة.

ونوه المحلل الأمني الإسرائيلي "يوني بن مناحيم" إلى أنه حسب التقسيم على قيادة السلطة فإن حسين الشيخ سيكون رئيس "الحقيبة السياسية" وماجد فرج رئيس "الملف الأمني"، لكن التسريبات الأخيرة تشير إلى رغبة وتنافس أقوى حليفين في السلطة على خلافة عباس.

يحارب المقاومة

ويقود ماجد فرج خط الحرب على المقاومة ويقوي التعاون الأمني ​​مع إسرائيل والولايات المتحدة والأنظمة العربية ويمنع حماس من السيطرة على الضفة الغربية، بحسب ما تقول وسائل إعلام عبرية.

وأشار "يوني بن مناحيم" في مقال سابق إلى أن فرج يحظى بشعبية كبيرة لدى الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب علاقاته الوثيقة مع وكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه" وجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" وحربه على الإرهاب، وفق وصفه.

وفي نفس الوقت، يحظى ماجد فرج بكُرْهٍ كبير في الشارع الفلسطيني بسبب اتهامه بالتعاون مع جيش الاحتلال وتسليم واعتقال المقاومين ضمن ما يعرف بـ "التنسيق الأمني" الذي وصفه عباس مرارا بـ "المقدس". 

وينظر إلى ماجد فرج وحسين الشيخ على أنهما متحدثين باسم الأميركيين والإسرائيليين، وأنهما من أبرز رموز الفساد في السلطة الفلسطينية.

وبات فرج يفقد سيطرته في الضفة الغربية مع ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة ضد الاحتلال، والدعم الشعبي المتزايد للمجموعات العسكرية التي تشكلت في الآونة الأخيرة، وفق موقع إنتلجينس أونلاين الاستخباراتي الفرنسي، في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وبحسب الموقع فإن التوترات الحالية في الضفة الغربية دفعت إسرائيل للحديث أخيرا وبكثرة عن ضرورة دعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

وتطرقت وسائل إعلام عبرية خلال الشهور الأخيرة إلى فقدان ماجد فرج السيطرة على الأوضاع بعد ظهور مجموعات عسكرية مثل عرين الأسود وكتيبة جنين وغيرها.

وسافر فرج والشيخ إلى واشنطن في أكتوبر؛ لمناقشة الموقف في الضفة الغربية مع مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وفي منتصف سبتمبر/ أيلول 2022، كشفت هيئة البث الإسرائيلية "كان" أن مسؤولين كبيرين في الجيش وجهاز "الشاباك" عقدا خلال ذات الشهر اجتماعا سريا مع حسين الشيخ وماجد فرج.

وكان اللقاء يهدف إلى التوصل لتفاهمات حول عودة الأجهزة الأمنية للعمل في مدن شمال الضفة الغربية خاصة في نابلس وجنين التي تتصاعد فيها المقاوم.

وأفادت بأن "ضعف الأجهزة الأمنية الفلسطينية أدى لعقد لقاء سري بين قادة المنظومة الأمنية وأقوى شخصيتين في قيادة السلطة الفلسطينية"، مبينة أن الأجواء في اللقاء كانت "مشحونة".

وذكرت أن الشيخ وفرج أكدا خلال اللقاء أن الأجهزة الأمنية تعمل في شمال الضفة، ولكن يجب على تل أبيب أن لا تتوقع أن تكون فاعلية الأجهزة الأمنية كبيرة بسبب الاقتحامات المستمرة بشكل يومي للجيش.

وتكشف وسائل إعلام عبرية على الدوام عن عقد لقاءات بين فرج وقيادات الاحتلال، ومن بينها اجتماعه مطلع 2022 مع وزير الخارجية السابق يائير لابيد، وقبلها مع وزير الجيش بيني غانتس.

وكيل للموساد

ولا تقتصر العمليات القذرة لرئيس المخابرات ماجد فرج على محاربة المقاومة في الداخل، بل امتد أثره لملاحقة الناشطين والمعارضين في الخارج.

ففي أكتوبر 2021، كشفت صحيفة "صباح" التركية، عن تفكيك مخابرات البلاد شبكة للموساد الإسرائيلي من 15 شخصا منظمين في خلايا من ثلاثة أشخاص كانت تعمل ضد الفلسطينيين المقيمين هناك.

وأوضحت أنه نجم عن العملية السرية التي استمرت عاما كاملا، أن الشبكة كانت تهدف لجمع معلومات عن أشخاص من مواطني الدولة التركية والطلاب الفلسطينيين المعروفين، خاصة أولئك الذين يمكن أن يعملوا في الصناعات الدفاعية مستقبلا.

وقالت صحيفة تيكون أولام العبرية إن تلك الخلايا "كانت مكونة من عملاء فلسطينيين من جهاز الأمن التابع للسلطة الفلسطينية".

وبحسب المعلومات، جرى تكليف 15 رجلا يعملون لصالح رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، بالتجسس على الطلاب والناشطين الفلسطينيين المقيمين في تركيا.

وأردفت الصحيفة: "عملاء الأمن التابعون للسلطة الفلسطينية تصرفوا كقطع غيار للموساد، وربما تآمروا لاغتيال الفلسطينيين".

وبينت أنه جرى تمويلهم من قبل الموساد، لكن "الأوامر ربما تكون قد جاءت عن طريق قائدهم الفلسطيني (ماجد فرج)".

وأوضح مسؤول كبير سابق في الموساد لصحيفة المونيتور الأميركية وقتها، أن إسرائيل لا تتجسس على تركيا، والدولتان ليستا في حالة حرب وأنقرة ليست على قائمتنا، لما يسمى بأهداف المعلومات الأساسية.

وعلقت الصحيفة العبرية على تصريحات المسؤول بالقول: "الحقيقة هي أنه يستطيع أن يقول بشكل مخادع إن الموساد لا يتجسس على تركيا لأنه بالمعنى الدقيق للكلمة ليس كذلك، لكن السلطة الفلسطينية تقوم بهذا العمل القذر نيابة عنه"، وفق وصفها.

وإلى جانب ذلك، ظهرت تسريبات عام 2019، أفادت بتورط ماجد فرج في تسهيل هجرة يهود اليمن إلى إسرائيل خلال السنوات السابقة.

وفي نفس العام، نقلت وسائل إعلام محلية عن ضابط كبير في مخابرات رام الله أن فرج وحسين الشيخ يحاولان القضاء على الأسير في سجون الاحتلال مروان البرغوثي وهو قيادي بحركة "فتح" يحظى بشعبية كبيرة وينافس عباس على رئاسة السلطة.

كما تحدثت تقارير سابقة عن تورط فرج أيضا في اغتيال الموساد الإسرائيلي، للقيادي في الجبهة الشعبية عمر النايف في بلغاريا، في فبراير/شباط 2016.