"أروع نسخة".. لماذا أشاد مشجعون غربيون بمونديال قطر وشوهته حكوماتهم؟

داود علي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

"اكتشفنا أن الصور السلبية التي كانت تأتينا عن قطر قبل المونديال مجرد افتراءات" بهذه العبارة لخصت مراسلة قناة "فوكس نيوز" الأميركية لولا هيرنانديز، رؤيتها تجاه الدوحة خلال تغطيتها كأس العالم 2022. 

شهادة هيرنانديز واحدة من عشرات المواقف المماثلة لإعلاميين ومشجعين أجانب جاءوا إلى الدوحة محملين بدعاية سلبية روجتها وسائل إعلام غربية ضد قطر طوال أسابيع قبل المونديال. 

وعبر هؤلاء الأجانب عن صدمتهم إزاء الأجواء غير التي توقعوها في قطر، من حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة والتسامح، إضافة إلى جودة التنظيم وفخامة الملاعب، كما صرح معظمهم. 

تلك الشهادات كانت كفيلة لدحض المزاعم الغربية في حق قطر والمونديال العربي المقام على أرضها، والذي وصفه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" جياني إنفانتينو، أنه "الأروع على الإطلاق". 

صدمة مضادة

وكانت ألمانيا من أشد الدول المتحاملة على مونديال قطر 2022، وأدخلت السياسة في الرياضة، لترسيخ أفكار مضادة لقيم المجتمعات العربية والإسلامية. 

حتى إن المنتخب الألماني في مباراته الافتتاحية أمام اليابان، قام بحركة استفزازية للجماهير، عندما أقدم لاعبوه على وضع أيديهم على أفواههم، احتجاجا على حظر قطر ترويج الشذوذ الجنسي.

وعلى نفس النسق مضى الإعلام الألماني من خلال القنوات والصحف في مهاجمة قطر وتنظيمها للبطولة، ولم يترك شاردة ولا واردة إلا انتقدها وأظهر سلبياتها. 

لكن ما حدث يوم 3 ديسمبر/ كانون الأول 2022، كان مختلفا إذ أشاد رئيس رابطة مشجعي نادي بايرن ميونيخ الألماني، بمونديال قطر والتنظيم الرائع الذي شهده خلال وجوده في الدوحة.

وأكد لمذيع القناة الأولى الألمانية (Das Erste) أن ما عاشه في الدوحة ذكريات جميلة ستظل خالدة في ذاكرته، مشددا على ضرورة احترام ثقافة الآخرين.

وأضاف: "كنا نتحرك بحرية كأننا في أي بلد آخر، وقلت لأصدقائي نحن ضيوف في هذا البلد ولا بد أن نحترمه وبتلك الطريقة سار الأمر على أحسن ما يرام".

واستطرد: "في كل مكان كان هناك لطف وترحيب من المواطنين، وذهبت إلى السوق مع أصدقائي ثم جاء عرب وتمت دعوتنا للطعام وشرب القهوة وقالوا لنا إن ألمانيا صديقتنا، لقد كان الأمر رائعا".

كما تحدث عن الأجواء قائلا: "من الأمور الرائعة كذلك تنظيم المونديال في مدينة واحدة فتمكنا من التعرف على الناس من 32 دولة".

ولم يطب للمذيع الحديث الإيجابي لرئيس رابطة مشجعي بايرن ميونخ، فبادره بالسؤال عن حقوق الإنسان والعمال.

ليرد المشجع مفاجئا المذيع وضيوفه: "في زيارتنا الأولى مع المشجعين ممثلي المنتخبات طرحنا هذه المواضيع وتحدثنا حول كل شئ، قالوا إن كل عامل مات هو خسارة".

ثم صدم المذيع حين قال: "لكن حتى في ألمانيا مات 6 آلاف عامل في آخر 10 سنوات". 

شهادات متعددة 

وفي لقاء مع وكالة الأنباء القطرية "قانا" في 9 ديسمبر 2022، أعرب الصحفي بصحيفة "تريبون دي جنيف" السويسرية دانيال فيسنتي، عن إعجابه بالتنظيم القطري لكأس العالم.

وقال فيسنتي: "تنظيم المونديال جيد جدا ولا يمكن قول عكس ذلك، كل شيء مذهل، بلد صغير لكنه كبير بمنشآته ومعالمه وملاعبه المذهلة الفريدة من نوعها والقريبة من بعضها".

وأضاف: "لقد نجحت قطر في رهانها من خلال هذه الإنجازات من ملاعب متطورة وبطولة منظمة جدا تمتاز ببنية تحتية فائقة".

كما أثنى الصحفي الفرنسي كليمون أنطوني من صحيفة "ليكيب" الرياضية الفرنسية، بالتنظيم المبهر لنهائيات كأس العالم قطر 2022.

وقال أنطوني: "قطر بلد متطور جدا، لقد زرت مختلف مناطق قطر ولاحظت سهولة التحرك في الطرقات، لا وجود للازدحام في الشوارع وكل الأمور تسير على ما يرام".

وأوضح: "وذلك عكس ما كنا نتوقعه قبل قدومنا إلى هنا من أن بلدا واحدا سيحتضن المونديال بحضور ملايين من الجماهير سيشهد ازدحاما كبيرا في شوارعه وستكون الأمور معقدة، لكننا وجدنا العكس".

وتحدث المتطوع الألماني هوبيرت بيهلر (76 عاما) عن الأجواء الاستثنائية التي يسودها الوئام والترحاب في مونديال قطر 2022.

وأشاد بمظاهر احتفال المشجعين معا، والاحترام المتبادل بين جمهور النسخة العربية الأولى من المونديال.

وقال يوم 9 ديسمبر، في حوار خاص مع "موقع اللجنة العليا للمشاريع والإرث" القطرية، إنه "يشعر بالفخر لمساهمته في دعم العمليات التشغيلية لكأس العالم واستمتاعه بأوقات رائعة خلال عمله التطوعي بالبطولة"

وذكر أنه تطوع في 4 نسخ سابقة من كأس العالم، هي ألمانيا 2006، وجنوب إفريقيا 2010، والبرازيل 2014، وروسيا 2018، إضافة إلى كأس العالم للسيدات 2011، لكن قطر ستظل بالنسبة إليه نسخة استثنائية ومختلفة. 

وخص بالذكر إعجابه بصفات الكرم وحسن الضيافة والمعاملة الودية من الجميع التي لمسها في قطر، وترحيبهم الشديد بزوار البلاد.

بطولة استثنائية

تلك الشهادات وغيرها كسرت العنجهية الغربية ضد كأس العالم 2022 المقام لأول مرة على الأرض العربية والإسلامية قطر. 

وهو ما عبر عنه الكاتب واللاعب السابق في المنتخب الإنجليزي جون بارنز، في مقالة لصحيفة "ذا تايمز" يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، ناقش فيها الانتقادات الغربية التي تتعرض لها قطر.

وقال بارنز إن "الزمن تغير ولم يعد مقبولا أن يسمح الأوروبي لنفسه بإعطاء الدروس للعالم ويعلمهم ما الخطأ وما الصواب، ويشعر بأنه من حقه أن يربي ويعلم ويحضر الشعوب والثقافات التي يراها دونية، الأمور لم تعد تسير بهذه الطريقة".

وأضاف: "قطر دعت الجميع إلى نهائيات كأس العالم، مثليين وغير مثليين، لكنها طالبت الجميع باحترام عاداتها وثقافتها وقوانينها، وهذا يعني عدم إظهار الميول الجنسية في الأماكن العامة، فكل شخص حر في حياته ولكن عليه احترام قوانين البلاد سواء وافق عليها أم لم يوافق".

وشدد بارنز بالقول: "خلط الرياضة بالسياسة والأخلاق والدين يعقد الأمور دائما". 

من جانبه، أكد الصحفي المقيم في قطر عبد الرحمن محمد، لـ"الاستقلال"، أن "الواقع أصدق من كل حملات الأكاذيب والتشهير التي تعرضت له قطر قبل وأثناء كأس العالم".

وأضاف محمد: "ما فعلته قطر لمواجهة تلك الحملات الممنهجة يعد درسا في إستراتيجية إدارة التصدي للشائعات والأكاذيب الموجهة في توقيت حساس وصعب". 

وأوضح أن "قطر لم تقابل الأمر بعنف أو جنون وعشوائية، لم تسخر آلات دعائية موتورة، أو تطلق إعلاميين يصرخون ويهللون طوال الوقت، بل ارتكزت على الفعل والواقع مع إبراز تلك الوقائع بهدوء".

وأرجع محمد ذلك النهج إلى أنها "واثقة من نفسها ومما قدمته للعالم من بطولة استثنائية بالفعل في كل شيء من التنظيم إلى تنسيق البلد بالكامل، ليعمل الجميع في عجلة ترس منظمة وفريدة". 

ومضى يقول: "وجدت أفواج المشجعين من مختلف دول العالم نفسها في الدوحة في أجواء غير مسبوقة، من استقبال رائع وحسن ضيافة غير مسبوق، وجدوا العطاء بلا حساب، من المطاعم إلى الأسواق، وحتى بيوت المواطنين استقبلت المشجعين وأكرموهم".

حتى إن مواطنا قطريا أخذ حقيبة وافد أرجنتيني للمبيت عنده بعدما تعثر في الحصول على مكان، وهي لقطة انتشرت في وسائل الإعلام الغربية ولاقت ترحيبا شديدا، يتابع الصحفي المقيم بقطر. 

وخلص محمد للقول: "سيظل كأس العالم 2022 محطة تاريخية في كل شيء، الأمر كان أكبر من بطولة كبرى، بل معركة حقيقية بين ثقافات وحضارات وقيم وثوابت، وكان على قطر اجتياز تلك الحواجز بسلاسة لأن الصدام معناه الفشل، ومعناه إثبات ما يريد خصومك أن يسقطوك فيه".

وختم بالقول: "وبالفعل نجحت قطر، وجعلت من الأصوات الغربية المنصفة والمحايدة هي التي ترد عنها، وتقول الحقيقة، وتدون التاريخ من الدوحة".