اعتقلت أعضاء بالحركة.. لماذا أعلنت السعودية الحرب على حماس؟

مؤخرا شنت المملكة العربية السعودية حملة اعتقالات واسعة على أعضاء من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، داخل الأراضي السعودية، شملت الحملة نحو 40 فردا، بمن فيهم المتعاونين على أساس شراكات مالية واقتصادية، بعضهم سعوديون وبعضهم لا ينتمون لحماس تنظيميا.
مصادر "خاصة" قالت لـ"الاستقلال": "السلطات السعودية تحفّظت على أموال المعتقلين، وتركت عوائلهم بلا رعاية، ورفضت مغادرتهم البلاد، فصاروا بلا أموال، ولا عائل".
وتشير المصادر إلى "أن حملة الاعتقالات تزامنت مع إغلاق ورقابة مشددين على الحسابات البنكية، وحظر على إرسال أي أموال من المملكة إلى قطاع غزة".
وأكدت أن "جهات عليا في المملكة أخبرتهم، أن الأمر تم بناء على توجيه أعلى سلطة في النظام بأمر مباشر، ودخلت تحت بند دعم (الإرهاب - غسل الأموال) لدعم التطرف، مما يزيد الأمر تعقيدا".
واختتمت المصادر حديثها بأن "الضربة التي وجهت لقيادات حماس في الداخل السعودي غير مسبوقة، ومستجدة على المملكة التي ربطتها علاقات تاريخية قديمة بالحركة، وبالقضية الفلسطينية".
وفي 17 أبريل/ نيسان الماضي، أفاد الأكاديمي السعودي "سعيد بن ناصر الغامدي" (معارض- مقيم بالخارج) عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بشن السلطات بالمملكة حملة اعتقالات واسعة في صفوف المقيمين الفلسطينيين، لاتهامهم بتأييد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتعاطف مع المقاومة والاهتمام بالقدس.
وقال "الغامدي" في تغريدة على "تويتر"، إن بعض الفلسطينيين الذين طالتهم الاتهامات السابقة منعوا من السفر، والبعض الآخر جمدت حساباتهم المصرفية وتمت مصادرة مؤسساتهم.
في #المملكة حملة اعتقالات جديدة وواسعة لأعداد من الفلسطينيين.
— سعيد بن ناصر الغامدي (@SAEED_NASSER) April 16, 2019
ومنع سفر آخرين منهم،وتجميد حساباتهم ومصادرة مؤسساتهم.
التهمة:
التعاطف مع المقاومة في #فلسطين واهتمامهم بـ #القدس و #غزة وتأييد #حماس
والاعتقالات تطال مواطنين كان الفلسطينيون على كفالتهم أو يعملون في مؤسساتهم.
تاريخ العلاقات
منذ انطلاقتها في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، كانت السعودية تسعى لفتح قنوات اتصال مع "حماس"، لا سيما في ظل حالة الاستياء والغضب من موقف قيادة "منظمة التحرير" في ذلك الوقت المؤيد لاحتلال العراق لدولة الكويت، الأمر الذي انعكس سلبا ما بين المنظمة، ومعظم الدول الخليجية، وخاصة الرياض، التي كانت تتزعم محور ممانعة سطوة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.
ومع الوقت تطورت العلاقات بين المملكة وحماس، حيث سمحت السعودية للحركة بفتح مكتب لها في جدة، كما قدمت الرياض لحماس دعما ماليا رسميا مرتين، كان الأول عام 1988.
والثاني أثناء زيارة الشيخ أحمد ياسين عام 1998، والتي حظيت باهتمام رسمي وإعلامي واسع، وتركت لحماس الحرية في جمع التبرعات من مواطنيها، وإن فرضت على ذلك بعض الضوابط بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وفي مايو/ آيار 2019، نشرت صحيفة "مكة" السعودية، مقالا أدرجت فيه العديد من قيادات حماس على قائمة الإرهاب، لكن الصحيفة اضطرت لحذفه من موقعها ومن حسابها على تويتر بعد موجة الغضب العارمة التي أثارها.
وحسب المقال المحذوف، فإن هناك 40 شخصية على علاقة بالإخوان المسلمين، دعموا الإرهاب، ومن بينهم مؤسس حركة "حماس" الشيخ أحمد ياسين، والقيادي بالحركة عبد العزيز الرنتيسي، ومؤسس حركة الإخوان الشيخ حسن البنا، والشيخان يوسف القرضاوي وسيد قطب.
بن سلمان وإسرائيل
في 3 أبريل/ نيسان 2018، خلال لقاء مع مجلة أتلانتك الإخبارية الأمريكية، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان: "إن الإسرائيليين لهم حق في أن يكون لهم وطن"، فيما اعتبر تحولا ملحوظا ودراماتيكيا في الموقف السعودي من دولة إسرائيل التي ليس لها علاقات دبلوماسية رسمية مع السعودية حتى الآن.
وأضاف بن سلمان "أؤمن بأن لكل شعب، في أي مكان، الحق في العيش في سلام في بلاده. أؤمن أيضا بأن الفلسطينيين والإسرائيليين من حقهم أن تكون لهم أراضيهم الخاصة بهم".
التصريحات غير المسبوقة لمسؤول سعودي جاءت في ظل بداية الحديث عن ما يعرف ب"صفقة القرن". وأثناء المقابلة مع "جيفري غولدبرغ" رئيس تحرير أتلانتك، شدد ولي العهد السعودي: "لدينا مخاوف دينية حيال مستقبل المسجد الأقصى وحقوق الفلسطينيين، هذا كل ما نفكر فيه، ولسنا ضد أي شعب آخر".
كما أخبر غولدبرغ بأن السعودية ليس لديها "مخاوف دينية" حيال عيش الفلسطينيين مع الإسرائيليين في سلام طالما كانت هناك ضمانات لحماية المسجد الأقصى.
ولفت بن سلمان النظر إلى أن هناك الكثير من المصالح التي تتقاسمها بلاده مع "إسرائيل"، التي وصفها أنها "دولة" ذات اقتصاد كبير مقارنة بحجمها. موضحاً أنه "إذا كان هناك سلام بيننا فسيكون هناك الكثير من المصالح المتبادلة بين إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي ودول مثل مصر والأردن".
محور الشر
وعلى نقيض حديث ولي العهد "الحميم" عن إسرائيل، وجّه بن سلمان سهامه إلى أطراف أخرى، وتكلم عن ما أسماه "مثلث الشر"، الذي يحوي على حد تعبيره (إيران، الإخوان المسلمون، الجماعات الإرهابية)، وقال: "هم يسعون للترويج لفكرة أن واجبنا كمسلمين هو إعادة تأسيس مفهومهم الخاص للخلافة، ويدّعون أن واجب المسلمين هو بناء إمبراطورية بالقوة وفقًا لفهمهم وأطماعهم".
وخص جماعة الإخوان المسلمين قائلا: "إن جماعة الإخوان، تحاول استخدام النظام الديمقراطي من أجل حكم الدول ونشر الخلافة في الظل تحت قيادتهم المتطرفة في شتى أنحاء المعمورة، ومن ثم سيتحولون إلى إمبراطورية حقيقية متطرفة يحكمها مرشدهم".
وفي 19 مارس/ آذار 2018، خلال لقائه مع برنامج "60 دقيقة" على شبكة سي بي اس نيوز الأمريكية، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان: إن "المدارس السعودية تعرضت لغزو من عناصر جماعة الإخوان المسلمين، ولا يزال البعض منهم موجودا، ولكن في القريب العاجل سيتم القضاء عليهم نهائيا".
وصرح الأمير السعودي ردا على سؤال مقدمة البرنامج "نورا أودونيل"، بشأن القضاء على التشدد في النظام التعليمي، قائلا: "بالطبع سنقضي على التشدد، فلا توجد دولة في العالم تقبل تعرّض نظامها التعليمي لغزو من أي جماعة متطرفة".
وجاء مارس/ آذار 2014، لتقطع السعودية كل السبل مع الجماعة، بعد أن صنفتها بشكل رسمي، وعبر مرسوم ملكي، جماعة إرهابية، وجرّمت التعامل معها، في حدث غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين المملكة والتنظيم.
ويوم 16 سبتمبر/ أيلول 2017، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية: "إن السعودية مستمرة في تضييقها الأمني الذي انتقدته المنظمات الحقوقية، وإن بعض كبار المسؤولين بدأوا يقولون الآن إن حملة الاعتقالات الجارية بالمملكة تستهدف مشتبهين في مؤامرة لقلب الحكومة".
وأكد تقرير الصحيفة الأمريكية أن "أغلب المعتقلين لهم روابط واتصالات بكيانات أجنبية بما فيها تنظيم الإخوان المسلمين".
وبتاريخ 24 مارس/ آذار 2018، كشفت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، أنها بدأت في إبعاد الأئمة والخطباء الذين يثبت أن لهم صلة بالإخوان أو تعاطفا معهم أو ميولا لأفكارهم، وحسب نائب وزير الشؤون الإسلامية توفيق السديري "أبدت وزارته استعدادها للتعاون مع وزارة التعليم من أجل مراجعة المناهج الدراسية، للتأكد من خلوها من أفكار جماعة الإخوان".
إضعاف تركيا
في 13 فبراير/ شباط 2019، بثت القناة 13 الإسرائيلية حلقة جديدة من برنامج "التحقيقات" بعنوان "أسرار الخليج"، خصصتها للحديث عن العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وكشفت فيها أن محمد بن سلمان عمل بعد توليه ولاية العهد على تعزيز العلاقات بين البلدين وتنشيطها.
وقالت: "إن العلاقات بين السعودية وإسرائيل دخلت في مأزق انتهى بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز وتولي الملك سلمان الحكم وتعاظم قوة ولي العهد محمد بن سلمان".
وكشف البرنامج القناع عن "أن الرياض أرسلت رسائل مؤيدة لإسرائيل خلال حرب 2006 التي شنتها تل أبيب على لبنان، وحثها على ضرب حزب الله بكل قوتها".
ونقلا عن دبلوماسيين أجانب، ذهب رئيس الموساد الإسرائيلي السابق تامير باردو عام 2014 إلى الرياض بعد فترة من اللقاءات السرية بين المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين.
وفي 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالا تحليليا للكاتبة "تسفيا غرينفيلد" تدعو فيه لضرورة التساهل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في أعقاب مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وقالت: "إنه الزعيم الذي كانت تنتظره إسرائيل منذ 50 عاما" وإن "عزله يعتبر مدمرا بالنسبة لإسرائيل".
وتقول الكاتبة الإسرائيلية، عن الصدام الذي وقع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وولي العهد السعودي، بسبب عملية مقتل خاشقجي: "إن أردوغان قد يكون راغبا في إذلال السعوديين، غير أن هدفه الرئيسي ربما إحباط الخطة التي ابتكرها ترامب ومحمد بن سلمان لتشكيل تحالف إقليمي برعاية الولايات المتحدة -وهو تحالف يضم إسرائيل ودول الخليج والسعودية والأردن ومصر وربما العراق".
في يناير/ كانون الثاني 2019، كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن يوسي كوهين مدير جهاز الموساد الإسرائيلي، التقى بمسؤولين إماراتيين ومصريين وسعوديين لبحث سبل التصدي لنفوذ تركيا في المنطقة.
وأكد الموقع الإخباري في تقرير كتبه رئيس التحرير ديفيد هيرست، أن السعودية والإمارات ومصر دبرت خطة مع تل أبيب تمهيدا لعودة الرئيس السوري بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية بغية تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران.
وكان أخطر ما كشفه موقع "ميدل إيست آي"، هو ما اتفق عليه المسؤولون خلال اللقاء من اعتبار تركيا، هي الخصم العسكري الرئيسي لهم في المنطقة، وليس إيران العدو اللدود للنظام السعودي، ثم بحثوا الخطط اللازمة لتحجيم النفوذ التركي.
وذكر الموقع، أن مدير جهاز الموساد الإسرائيلي قال أثناء الاجتماع: "إن القوة الإيرانية هشة، أما التهديد الحقيقي فيأتي من تركيا".
المصادر
- حماس والسعودية.. آفاق العلاقة المستقبلية
- السعودية على مفترق طرق
- ستراتفور يكشف "العلاقات الدافئة" لإسرائيل مع دول الخليج
- ياسين والرنتيسي ضمن قائمة تضم 40 إرهابيا بصحيفة سعودية
- السعودية تعتقل العشرات من السعوديين بتهمة دعم حركة حماس الفلسطينية
- أنباء عن حملة اعتقالات لفلسطينيين بالسعودية بسبب حماس والقدس
- ولي العهد السعودي: الإسرائيليون لهم الحق في العيش على أرضهم
- قنبلة بن سلمان عن العلاقات مع "إسرائيل" تربك الإعلام السعودي