خبير طاقة لـ"الاستقلال": بايدن يستغل أزمة أوروبا.. وبعد الانتخابات يصالح الرياض

لندن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكد مدير "مركز معلومات ودراسات الطاقة" في لندن الدكتور مصطفى البزركان، أن الشركات الأميركية انتهزت حاجة أوروبا للنفط والغاز ورفعت أسعارها بشكل ملموس.

وأضاف البزركان في حوار مع "الاستقلال"، أن الانتهازية الأميركية بلغت بشركات النفط والغاز إلى توجيه الإنتاج إلى أوروبا للحصول على أسعار مضاعفة بدلا من أسواق البيع الداخلية.

ولفت البزركان إلى أن ألمانيا المتضرر الأكبر من الأزمة الراهنة، كانت تشتري الغاز الروسي عبر الأنابيب بأربعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وصارت حاليا تشتريه بنحو 52 دولارا.

إقليميا، أوضح الخبير الدولي أن موقع تركيا الجيوسياسي سيجعلها بوابة لمرور الغاز الروسي لأوروبا، وكذلك الغاز من مصادر أخرى كدول مثل إيران وكذلك في المستقبل القريب من مكامن شرق المتوسط.

كما أشار إلى أنه ما إن تتم الانتخابات النصفية الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، "فسنرى محاولات أميركية مهما كانت النتائج، لرأب الصدع الذي تعرضت له العلاقات مع السعودية" على خلفية قرار "أوبك بلس" الأخير.

وقبل نحو شهر على الانتخابات النصفية المصيرية للرئيس الأميركي جو بايدن وحزبه الديمقراطي، قرر تحالف "أوبك بلس" الذي تقوده السعودية وروسيا، في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، خفض إنتاج النفط مليوني برميل يوميا، ما تسبب بضجة دولية كبيرة.

أزمة أوروبا

ما مستقبل أزمة الطاقة الراهنة، وكيف ستواجه أوروبا برد الشتاء في ظل الوضع الحالي؟

الصراع الحالي بشأن الطاقة صراع متواصل، وفرض على دول الاتحاد الأوروبي عبر إستراتيجية أميركية لتخليص أوروبا من الاعتماد على النفط والغاز الروسيين.

لكنها لم تكن على طاولة النقاش قبل الحرب في أوكرانيا، ولم تكن هناك محاولات أوروبية لإيجاد البديل؛ إلا أن ذلك ليس يسيرا.

ودول الاتحاد الأوروبي ملأت خزاناتها من الغاز الطبيعي، وتمكنت من الحصول على كميات من الغاز المسال في الوقت الحالي، وتقر اتفاقا وشيكا لشراء الغاز بصورة جماعية بين دول الاتحاد الأوروبي.

 ويمكن أن يكون الشتاء القادم عنق الزجاجة، إن تمكنت أوروبا من عبوره فستكون قادرة على توفير البدائل عن النفط والغاز الروسيين.

ما انعكاسات أزمة الطاقة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أوروبا مع استمرار الحرب الأوكرانية؟

من الواضح أن ارتفاع أسعار الطاقة كان سببا إضافيا في ارتفاع مستويات التضخم إلى مستويات لم تشهدها أوروبا منذ 40 عاما.

ففي ألمانيا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية تضاعفت أسعار الغاز 4 مرات، وهب أكثر المتأثرين في أوروبا.

وألمانيا تعد قاطرة الاتحاد الأوروبي، وكانت تشتري الغاز الروسي عبر الأنابيب بأربعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. فصارت بعد حرب أوكرانيا تشتريه بـ52 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

وألمانيا لا تمتلك أي محطة إسالة للتعامل مع الغاز البديل وهو الغاز المسال.

ومع وجود مستويات تضخم عالية في أوروبا وارتفاع أسعار المواد الغذائية تزايدت الاحتجاجات والإضرابات تنديدا بما يتحمله المواطن الأوروبي، وبسبب ذلك كله قد يدخل الاقتصاد مرحلة ركود تتوافق مع التصخم ليكون سببا في ظاهرة اقتصادية خطيرة هي الركود التضخمي.

خطوط إقليمية

ما قراءتك لطرح تركيا بديلا لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا بعد تفجير خط نورد ستريم؟

تركيا تقوم بدور وساطة تقريبية بين روسيا وأوكرانيا، وكان الدور التركي مرحبا به بشأن تصدير الحبوب والأسمدة الأوكرانية.

والغرب في حاجة للنفط والغاز من أي مصدر متوفر، وتركيا كانت قبل حرب أوكرانيا منفذا لتزويد الغاز والنفط، ويمكنها الآن أن تكون بوابة لمصادر الطاقة.

وأعتقد أن موقع تركيا الجيوسياسي وعلاقاتها الدولية سيجعلها بوابة لمرور الغاز الروسي، وكذلك الغاز من مصادر أخرى كدول مثل إيران وكذلك في المستقبل القريب من مكامن شرق المتوسط.

ما انعكاسات توقيع مذكرة التفاهم التركية الليبية الأخيرة على أزمة غاز المتوسط؟

النفط والغاز يمكن أن يكونا أحيانا نقمة ويتسببا في إشعال الحروب والنزاعات العسكرية في مختلف مناطق العالم.

كما يمكنهما أن يكونا نعمة في استتباب الأمن والاستقرار للتمتع بالمردودية المالية الضخمة من أسعار بيع النفط.

وفي ظل هذه الأجواء المتوترة فإن أي اتفاق يتم في شرق المتوسط يعد فرصة سانحة أمام البلدان المنتجة للغاز أو النفط لأن أوروبا بحاجة ماسة للطاقة.

ولذلك ستقدم أوروبا ما يمكن أن تقدمه لتحقيق اتفاقات تضمن مصادر تمدها بما تحتاج إليه من الطاقة.

هل يساهم ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل في حل أزمة غاز شرق المتوسط؟

اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل جاءت بعد خلافات ثنائية لأكثر من 10 سنوات، شهدت رفضا من الجانبين.

ولذلك هذا الاتفاق يعني اعترافا ثنائيا بالآخر ويضع أساسا لترسيم الحدود البرية مستقبلا ولعلاقات سلام بين الدولتين.

أما المردود الاقتصادي فيحتاج إلى سنوات حتى يحين استخراج الغاز وبيعه وحصول لبنان على مردوده المالي.

السعودية وأميركا

كيف ترى قرار تحالف "أوبك بلس" بقيادة السعودية تخفيض الإنتاج على عكس الرغبة الأميركية؟

لا شك أن الأمر الذي أثار حفيظة الإدارة الأميركية هو أن القرار جاء قبل الانتخابات النصفية في أميركا، ما ينبئ بتراجع شعبية الرئيس جو بايدن والحزب الديمقراطي.

وهو ما دفع الرئيس الأميركي إلى اتهام "أوبك بلس" بالعمل لصالح روسيا، متناسيا أن موسكو في الأصل عضو في "أوبك بلس"، ولا بد أن يأتي القرار لصالحها ولصالح كل الدول الأعضاء بالتحالف.

ومن الثابت أن موقف "أوبك بلس" ينبع من مصالح الدول الأعضاء، إضافة إلى قراءة مستقبلية استباقية لما يمكن أن تشهده أسواق النفط من تراجع الطلب بسبب التضخم والركود الاقتصادي، في ظل استمرار الإغلاقات في الصين.

وبالرغم من أنه نشب بعض التوتر في العلاقات بين الرياض وواشنطن أثارته تصريحات الرئيس بايدن؛ إلا أنه ما إن تتم الانتخابات النصفية ومهما كانت النتائج فسنرى محاولات أميركية لرأب الصدع الذي تعرضت له العلاقات الثنائية. 

كيف ترى اتهام السعودية بالتخلي عن حلفائها في الغرب وأميركا؟

الرئيس بايدن تفاجأ بالموقف السعودي وعليه إعادة النظر بمواقفه وتوقعاته السابقة عبر فهم جديد للعلاقات مع السعودية.

هل تتسبب تلك الأحداث في خلل بسوق الطاقة العالمي؟

قرار أوبك+ الاستباقي لم يتسبب كما كانت التوقعات الأميركية بارتفاع كبير للأسعار؛ بل اليوم أسعار النفط بذات المستوى قبل قرار الخفض.

وكرد فعل جاء قرار بايدن بإطلاق كميات من الاحتياطي الأميركي الإستراتيجي لخفض أسعار البنزين لكسب شعبيته وتعزيزها عند المواطنين الأميركيين قبل الانتخابات ليس أكثر.

ما حقيقة اتهام واشنطن باستغلالها الأزمة لبيع النفط الصخري وتوفير الطاقة لأوروبا بأسعار مضاعفة؟

الاتهامات التي توجه إلى الولايات المتحدة بأنها تبيع النفط الصخري وتوفر الطاقه لأوروبا بأسعار مضاعفة عن الأسعار التي كانوا يحصلون بها على الغاز والنفط الروسيين كلها اتهامات حقيقية.

فضلا عن أن أكثر من مسؤول أوروبي أكد هذه الاتهامات لواشنطن؛ فالشركات الأميركية انتهزت الفرصة لحاجة أوروبا للنفط والغاز ورفعت أسعارها بشكل ملموس.

وعلى سبيل المثال، الغاز الطبيعي سعره 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ويتم تسييله بكلفة 4 دولارات، تضاف إليه كلفة الشحن إلى أوروبا بـ6 دولارات، لكنه يباع بـ40 دولارا  أو أكثر.

كما يلاحظ أن شركات النفط والغاز الأميركية توجه إنتاجها لأوروبا للحصول على أسعار مضاعفة بالمقارنة مع أسعار البيع الداخلية.