أسير فجريح ثم شهيد.. فلسطينيون يزفون "قساميا" أفنى عمره بمقاومة الاحتلال

لندن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رجمهم بالحجارة حين كان في الـ16 من عمره فردوا عليه بالرصاص، ولما بلغ الـ23 رشقهم بالرصاص فقتلوه، إنه الشاب الفلسطيني قيس عماد شجاعية الذي ارتقى شهيدا مساء 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بنيران الاحتلال الإسرائيلي.

"شجاعية" من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، استشهد أثناء تنفيذه عملية فدائية برفقة شابين آخرين تمكنا من الفرار، ضد مستوطنة "بيت إيل" قرب مخيم الجلزون بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، أسفرت عن إصابة مستوطن.

سبق أن تعرض الشاب القسامي للإصابة برصاص قوات الاحتلال والاعتقال خلال مواجهات عام 2015 على المدخل الشمالي لمدينة البيرة في الضفة؛ وبوفاته ارتفع عدد الشهداء الذين سقطوا برصاص الاحتلال خلال 24 ساعة إلى أربعة.

يأتي هذا في ظل استمرار عمليات المقاومة في الداخل الفلسطيني المحتل، في أعقاب تصاعد اعتداءات عناصر الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين على المدن والقرى والمخيمات واستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين. 

أحدث هذه الاعتداءات، اقتحام قوات الاحتلال فجر 15 أكتوبر، قرية دير جرير شرقي رام الله، واعتقالها 3 شبان فلسطينيين، ومداهمتها منزل عائلة الشهيد شجاعية ومنازل أقاربه، وعاثت فيها خراباً.

الأمر الذي أثار موجة غضب واسعة بين الناشطين على تويتر، ودفعهم لاستنكار استفزازات الاحتلال الإسرائيلي، متداولين صورا لما خلفه اقتحامهم لمنزل عائلة الشهيد وباقي المنازل التي اقتحمتها من أثار تدمير وخراب.

وصبوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم يحمل اسم الشهيد #قيس_شجاعية، غضبهم على السلطة الفلسطينية، واتهموها بأنها وجدت لحماية الكيان المحتل وإذلال المواطن الفلسطيني، مستنكرين صمتها على تصعيد الاحتلال استهدافه للفلسطينيين.

وذكر ناشطون بأن التنسيق الأمني طعنه في خاصرة القضية الفلسطينية واستسلام للاحتلال وخيانة للمقاومة، مشيدين بعملية إطلاق النار في مستوطنة بيت إيل التي نفذها قيس شجاعية وعدوها دليلا على أن النار التي اشتعلت في شمال الضفة انتقلت لوسط وجنوب الضفة.

بدورها، نعت حركة حماس الشهيد شجاعية، قائلة "إننا إذ نزف شهيدنا المقدام، ونستذكر مشاركته المشرفة وقتاله العنيد في مختلف المواجهات مع الاحتلال، لنؤكد للاحتلال أن أبطال القسام والمقاومة سيلاحقونه في الجبال والوديان وكل بقاع فلسطين المحتلة، وإن تدنيسه للمسجد الأقصى لن يبقى دون عقاب".

التنسيق خيانة

وتفاعلا مع الحدث، كتب المحلل السياسي ياسر الزعاترة، أن قيس عماد شجاعية (23 عاما)، من جيل ما بعد "تقديس" التعاون الأمني؛ بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حمل الحجارة صغيرا، وسُجن وجُرح، ثم حمل سلاحا بالأمس، وهاجم مستوطنة، فارتقى شهيدا.

وتساءل: "كيف يأمل غزاة أشقياء في تركيع شعب يخرِّج أمثال قيس؟!"، قائلا إن "سلطة التعاون تغريهم، لكن قيس يعيد تذكيرهم بالحقيقة".

من جانبها، قالت أسما حريش: "هذه البلاد التي أحبها أبناؤها فأحبتهم، في كلّ مرة يخذلها أبناء التنسيق الأمني، تقوم وتنهض من جديد لتتكئ على تضحيات عائلات لم تتوان يوماً عن تقديم المرابط و الجريح والأسير فالشهيد". فيما ذكرت مها يافا بأن التنسيق الأمني خيانة، مشيدة بتوسع رقعة المقاومة في الضفة الغربية بتسارع وعجز الاحتلال عن وقف الموجة. 

رسائل العملية

وبرز حديث ناشطين عن الرسائل والدلالات التي تحملها العملية الفدائية التي نفذها قيس شجاعية، وأثنوا على سيرته ومسيرته.

وكتب خبير شؤون الجماعات الإسلامية حذيفة عزام: "قيس شجاعية جرح مستوطنا ثم لقي ربه شهيدا يشكو له خذلان المسلمين لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأهل بيت المقدس".

وأضاف: "لم يجد إلا نفسه فلم يلتمس لها عذرا ولا رضي بأن يكون مع الخوالف بل أخذ بالعزيمة والتزم أمر الله (لا تكلف إلا نفسك) أعذر إلى الله وأعد جوابه فأين جواب أمثالنا ؟!!!".

من جهتها، رأت الإعلامية بيان تيسير، أن الشهيد قيس شجاعية ختم مراحل الجهاد وأسقط كل المبررات والوهم، فهو أسير ثم جريح ثم أخيرا شهيد، ولم يدع للمتخاذلين ذريعة إلا وسدها، فكان قيسا شجاعا صنديدا بطلا، صدَّقت أفعاله أقواله.
وقال الكاتب الفلسطيني ماجد الزبدة، أن الشهيد شجاعية يروي حكاية ثورة فلسطين قاوم المحتل مُذ كان يافعا واستمر مستعصما بالمقاومة حتى ارتقى الليلة مقبلا غير مدبر في ذات البقعة التي احتضنته قبل سنوات ثائرا. وأكد الناشط الفلسطيني محمد رضوان العويني، أن مجاهدي المقاومة الفلسطينية يقارعون الاحتلال على كامل التراب الفلسطيني المحتل، فيَقتلون ويُقتلون تحت إمرة المقاومة وقيادتها وبتوجيهاتها من مركز القيادة حتى التحرير. وأقسم الناشط صابر العيان، بأن في سيرة قيس شجاعية ما ليس في تاريخ المئات وربما الآلاف ممن يتصدرون المشهد وينطقون باسم الشعب. ولفت الصحفي والناشط الشبابي الفلسطيني أحمد الخالد، إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيل جرحت قيس ثم أسرته في سبيل إخماد ثورته، لكنه لم يكل ولم يمل حتى ارتقى مجاهدا مشتبكا صنديدا في سبيل الله.

وأكد الصحفي أيمن ماجد، أن مسيرة قيس شجاعية جهادية حافلة بمعاني الوطن وصبر السجن وألم الإصابة وختامه مسك الشهادة.

وأشار إلى أنه ترجل بعد رحلة شاقة اكتسب خلالها حب الأرض وزيتونها ونسيم كل يوم فيها والذي فداها بدمه الطاهر الزكي ليخاطب كل الأحرار "وإنّه لجهاد نصر أو استشهاد".

استنكار واستهجان

واستنكر الباحث العراقي فالح الشبلي، اعتداء قوات الاحتلال بالضرب على نساء ورجال من أسرة الشهيد قيس شجاعية، ووصف الصهاينة بالوحوش المنفلتة.

ونشر الصحفي والأكاديمي محسن الإفرنجي، مقطع فيديو يظهر اعتداء قوات الاحتلال على عائلة الشهيد.  ونشرت مغردة أخرى، صور لآثار تخريب قوات الاحتلال بعد اقتحامها عددا من منازل أقارب الشهيد. وتساءلت إيناس الوفي: "إلى متى سيبقى الشعب الفلسطيني يدفع ضريبة هدا الاحتلال العالمي؟! ".