Thursday 23 March, 2023

صحيفة الاستقلال

قيادي في الجهاد الإسلامي لـ”الاستقلال”: إسرائيل فشلت بتحقيق أهداف العدوان

منذ 2022/08/30 20:08:00 | حوارات
أي مواجهة تحتاج إلى تقييم واستخلاص الدروس والعبر استعداداً للجولات القادمة
حجم الخط

أكد رئيس الدائرة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين محمد الهندي أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها الثلاثة المعلنة من العدوان على قطاع غزة، وهي إضعاف "الجهاد" وبث الفرقة بينها وبين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.

وبين الهندي في حوار مع "الاستقلال" أن "الجهاد" نجحت في ربط الضفة بغزة خلال المواجهة الأخيرة التي بدأت في 5 أغسطس/آب 2022 واستمرت ثلاثة أيام، إذ يريد الاحتلال أن يتعامل مع الوضع في القطاع على أنه حالة خاصة ومنفصلة في همومها عن الضفة الغربية والقدس.

وأضاف أن حركة "الجهاد" استوعبت الضربة الإسرائيلية الأولى وكثفت صواريخها التي بلغ مداها 95 كم في عمق مدن الاحتلال ولأول مرة، ما جعل العدو "يدرك عجزه عن إضعاف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة".

وأكد الهندي أن البيئة الإقليمية والداخلية الحاضنة أصبحت أكثر قوة وتماسكا في دعمها للمقاومة الفلسطينية التي أصبحت أكثر استعدادا لمواجهة الاحتلال، مشيرا إلى أنه ليس هناك اتفاق بين إسرائيل وحركة الجهاد ولم تجر أي مفاوضات مباشرة، وما جرى كان عبر مصر مثل المرات السابقة.

الربح والخسارة

  • هل تحقق الهدف الإسرائيلي من هذه الحرب؟

كان لإسرائيل ثلاثة أهداف من العدوان، وهي إضعاف حركة الجهاد، وبث الفرقة بينها وبين (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، وعدم ربط ما يجري في الضفة بما يحدث في غزة.

بالنسبة لإضعاف حركة الجهاد الإسلامي صحيح قدمت الحركة 12 شهيدا من بينهم اثنان من الغرفة العسكرية المشتركة إلا أن صواريخها استمرت في الانطلاق حتى آخر لحظة من وقف إطلاق النار.

كما أعلنت الحركة استعدادها لاستنزاف العدو لفترة طويلة، وهو ما يؤكد فشل العدو الصهيوني في إضعاف سرايا القدس، وهذا الهدف لم يتحقق.

وبالنسبة للهدف الثاني وهو محاولة زعزعة العلاقة بين حركتي حماس والجهاد وإحداث شقاق بينهما؛ فإن هذا الهدف أيضا فشلت فيه إسرائيل ولم تفلح.

بل توطدت العلاقة بين حماس والجهاد الإسلامي والآن أصبحت أكثر قوة؛ رغم الضخ الإعلامي الصهيوني المكثف لمحاولة بث بذور الشقاق.

ففي هذه الجولة من المواجهة مع العدو الصهيوني أخذت حركة الجهاد الإسلامي على عاتقها القيام بها؛ بينما أخذت حماس على عاتقها أداء واجبها في حماية الجبهة الداخلية في غزة.

كما أن حماس والجهاد خاضتا معا تجارب مختلفة وقاتلتا العدو الصهيوني جنبا إلى جنب، وفشلت إسرائيل في زرع بذور الفتنة بينهما.

وفصائل المقاومة وفي مقدمتها حركتا حماس والجهاد متماسكة في حماية الحاضنة الشعبية والتنسيق بين فصائل المقاومة للاستمرار في مواجهة العدو الإسرائيلي.

فهذه ليست أولى المواجهات ولا آخرها، وفي معركة سيف القدس (مايو/أيار 2021) وقبلها ظلت كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حناس) جنبا إلى جنب مع سرايا القدس وفي المواجهات المقبلة سيكون شعبنا الفلسطيني بالكامل إلى جانب المقاومة حتى تحقيق النصر.

أما بالنسبة للهدف الثالث بفصل الضفة الغربية المحتلة عما يجري في قطاع غزة فقد فشلت فيه أيضا وذلك بعدما تعهد الوسيط المصري بالتزامه العمل على الإفراج عن الأسيرين بسام السعدي وعواودة؛ بل وأعلنت مصر عن ذلك الربط في البيان الذي أصدرته، وكل أهداف إسرائيل فشلت.

  • ما حسابات المكسب والخسارة للكيان الصهيوني وحركة الجهاد الإسلامي في حرب الأيام الثلاثة؟ 

بداية أسأل الله أن يرحم الشهداء وأن يعجل بشفاء المصابين من أهلنا في فلسطين، وهذه جولة في صراع مفتوح مع العدو الإسرائيلي، وشعبنا الفلسطيني لديه الاستعداد الكامل لمزيد من التضحيات من أجل الحفاظ على زخم المقاومة وتحقيق النصر النهائي على الاحتلال.

في نهاية التحليل فالحرب هي حرب إرادات والجهاد أظهرت إرادة لا تنكسر وأدرك العدو عدم استطاعته ردع المقاومة الفلسطينية، فطلب العدو التهدئة منذ اليوم الثاني مباشرة.

صحيح أننا قدمنا اثنين من أعضاء المجلس العسكري سرايا القدس (خالد منصور وتيسير الجعبري) إلا أنه تم استبدالهم مباشرة، فالشعب الفلسطيني لا يعاني فقرا في القيادات والكوادر.

بينما إسرائيل عندما تواجه من المقاومة تنظيما واحدا ويستطيع أن يشل الحياة في مستوطنات غلاف غزة وصولا إلى تل أبيب والقدس في اليوم الثاني يمكن القول أن إسرائيل مردوعة في جبهتها الداخلية.

إسرائيل فشلت في كسر معادلة الردع التي أقرتها معركة سيف القدس بأن الضفة وغزة والقدس شعب واحد، وصواريخ سرايا القدس ضربت تل أبيب والقدس وعسقلان ومداها قارب 100 كم في عمق دولة الاحتلال.

الردع والشروط

  • كيف نجحت حركة الجهاد الإسلامي في فرض شروط المقاومة على المحتل الإسرائيلي؟

حركة الجهاد أدت واجبها في الرد على العدوان الإسرائيلي ضد غزة، واستوعبت الضربة الأولى التي تمثلت في استشهاد القائد تيسير الجعبري، ووسعت كثافة الصواريخ ومداها في اليوم الثاني والثالث، وأعلنت استعدادها لاستنزاف العدو الإسرائيلي لفترة طويلة.

وعندما ألح الوسيط المصري في طلب وقف إطلاق النار أصرت الحركة على الربط بين الضفة وغزة، واشترطت الإفراج عن الأسيرين بسام السعدي وخليل عواودة.

  • كيف تقيمون موقف المقاومة ومعادلة الردع التي رسمت ملامحها معركة سيف القدس ؟

سيف القدس رسم معادلة أن فلسطين شعب واحد ومعركة واحدة ولا يمكن إغراق كل منطقة من فلسطين بقضايا وهموم مختلفة ومنعزلة، وحاولت إسرائيل تجاوز هذه المعادلة بالاستفراد بجنين وشمال الضفة الغربية وكان الرد من غزة.

وفي التفاوض مع الوسيط المصري جرى التأكيد ولو بشكل رمزي على معتقلي الضفة الغربية.

هناك بث إعلامي صهيوني وكأنهم حققوا إنجازا ضد المقاومة أو ردعوا الجهاد الإسلامي، وإسرائيل أعلنت أن هدفها القضاء على سرايا القدس ونحن أعلنا أن هدفنا التأكيد على ربط غزة بالضفة وأننا شعب واحد.

وبالفعل إذا كانوا استطاعوا في الضربة الأولى استهداف القائد الجعبري واليوم الثاني منصور فإن الحركة استوعبت الضربة الأولى واستبدلت الشهيدين على الفور وإسرائيل قالت إن صواريخ غزة لا تعبر الغلاف وإذ بها تتجاوز تل أبيب والقدس وعسقلان ووصل مداها 95 كم.

  • ماذا سيجري في حال لم تلتزم إسرائيل بالاتفاق؟

ليس هناك اتفاق بين إسرائيل والحركة، ولم تجر أي مفاوضات بشكل مباشر؛ ولكن ما جرى كان بطريق غير مباشرة عبر مصر كما في المرات السابقة، والذي حدث أن الأخيرة أعلنت ورقة تدعو فيها الطرفين لوقف إطلاق النار وأنها تلتزم بالعمل على الإفراج عن السعدي وعواودة.

وإذا ماطلت إسرائيل وهذا متوقع فالمشكلة عند مصر التي ألزمت نفسها بهذا الموقف، والحركة في كل الاحوال تقيم الموقف، وعلى مصر كما نتوقع أن تسعى لحل هذه المسألة التي هي بينها وبين العدو الصهيوني وليست بين الجهاد الإسلامي وإسرائيل.

وعلى كل فنحن نقيم ما يحدث مع الجانب المصري لأن الاتفاق كان معه وهو من أصدر البيان ونحن رحبنا به بعد أن ألح على ضرورة وقف إطلاق النار وتعهد لنا بالإفراج عن الأسيرين.

وأكدنا على الربط بين الضفة وغزة وأننا شعب واحد ومعركة واحدة ولا نقبل أي عزل بين الأراضي الفلسطينية.

هل مصر قادرة على تنفيذ وعودها بالإفراج عن بسام السعدي والأسير عواودة المضرب عن الطعام؟

الوسيط المصري قال لنا إنه سيبذل قصارى جهده من أجل جعل الصهاينة ينفذون تعهداتهم التي طلبناها منه، وأعلن الجانب المصري في البيان الذي أصدره تعهده بالإفراج عنهما ولهذا فلا بد لمصر أن تمارس ضغوطا على إسرائيل لإلزامها بتنفيذ وعودها.

وليس هناك سقف زمني التزم به المصريون، وهم قالوا نحن سنبذل جهدنا ونتعهد بذلك ورفضوا تحديد سقف زمني.

مواضع الإخفاق

  • هل بالغت حركة الجهاد في التهديد ورد الفعل بعد اعتقال السعدي مما جر غزة إلى الحرب، وهل تضررت الحركة شعبيا جراء ذلك؟

العدوان على غزة قرار مبيت وليس له علاقة بتهديد الجهاد الإسلامي عقب اعتقال الشيخ بسام السعدي.

وأقول إن الشعب الفلسطيني صامد وصابر وفي كل المواجهات قدم تضحيات أكثر من ذلك منذ اعتداءات 2008 و2012 مرورا بـ 2014 وحتى عدوان 2021  وكل مرحلة لديه الاستعداد لمزيد من التضحيات.

كيف لا وهو يرى الإنجازات في صورايخ المقاومة التي تشل الحياة في معظم مدن الكيان الصهيوني الرئيسة إضافة إلى مستوطنات غلاف غزة.

والآن الحاضنة الشعبية من الشعب الفلسطيني لم تئن رغم أن الجهاد الإسلامي قدم وحده 12 شهيدا كما أن أكثر من 80 بالمئة من ضحايا العدوان الإسرائيلي من المدنيين.

ومع ذلك إسرائيل التي تتغنى كذبا بإضعاف قدرة الجهاد الإسلامي؛ كانت صواريخها تمطر عمقها حتى آخر لحظة ورغم ذلك لم يستشهد أي من أبطال سرايا القدس وأن من استشهدوا كانوا في الضربة الأولى التي استهدفت الشهيدين الجعبري ومنصور.

بينما لم تتضرر السرايا على مستوى مقدرتها على التحكم بالنيران، ومدى اتساع نيران صواريخها، بل واستوعبت الضربة الأولى وبدأت في السيطرة على الموقف في إطلاق الصواريخ بلا توقف.

والشعب الفلسطيني يرى أن فصائل المقاومة تردع الاحتلال الصهيوني، والآن فصيل واحد وهو سرايا القدس استطاع أن يردع إسرائيل التي تزعم أنها خامس أقوى دولة في العالم.

  • ما مواضع الإخفاق -إن صح التعبير- التي يمكن للجهاد الإسلامي تجنبها عند أي مواجهة قادمة؟

لا شك أن أي مواجهة تحتاج إلى تقييم واستخلاص الدروس والعبر استعدادا للجولات القادمة؛ فهذا صراع مفتوح مع العدو نيابة عن كل الأمة، وهذا الأمر متروك لقيادة السرايا في الميدان.

كما كان هناك تفاعل مع أهلنا في غزة من قبل جماهير الضفة وفلسطينيي 48 والذي بدأ في ثاني أيام العدوان بصورة أبكر مما حدث في معركة سيف القدس.

 وكذلك توالت الإدانات العربية والإسلامية في اليوم التالي مباشرة؛ من قبل 7 وزارات خارجية أصدرت بيانات إدانة مشددة لأن العدوان على قطاع غزة كان مبيتا وليس له أي مبرر، وأن إسرائيل تردد مبررات واهية وكان صدور تلك البيانات أبكر وأسرع وأقوى منها في معركة سيف القدس. 

  • إلى أين وصلت جهود رفع الحصار عن قطاع غزة مستقبلا؟

استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة هو أداة من قبل الاحتلال لابتزاز الحاضنة الشعبية للمقاومة من سكان القطاع من أجل عزله عن القضية الفلسطينية.

والصراع مع الاحتلال أساسا يجري على القدس والضفة الغربية التي هي قلب المشروع الصهيوني.

ولذلك فإن الحصار المفروض على غزة متواصل وبوتيرة مختلفة طالما المقاومة متمسكة بمواجهة العدو الصهيوني وفرض قواعد الاشتباك معه في إطار معركة سيف القدس. 

الربط والاستعداد

  • الضفة وغزة والقدس.. ما طبيعة العلاقة بين أطراف هذا المثلث الفلسطيني في مواجهة الاحتلال؟

نحن شعب واحد وقضية واحدة ومعركة مفتوحة، ولها أبعاد عقدية وتاريخية وثقافية، كما لها أبعاد اقتصادية وسياسية وجغرافية وعسكرية.

ولا يمكن أن نسمح بإغراق أي جزء من أجزاء هذا الشعب في همومه الخاصة فضلا عن أن القدس هي البوصلة والعدوان.

ويريد الاحتلال أن يتعامل مع الوضع في قطاع غزة على أنه حالة خاصة ومنفصلة عن الضفة والقدس، وأنها تتمثل في المعابر والطلاب والعمالة وحركة الحواجز فقط، وكأن الضفة لها هموم أخرى.

وهو ما دفعنا للإصرار على أن تكون معركة الفلسطينيين في الضفة وغزة والقدس معركة واحدة وفرضنا شروطنا على المحتل وهو الربط بينها.

  • كيف يجري صناعة القيادات البديلة والصف الثاني في حركة الجهاد الإسلامي ولدى فصائل المقاومة ؟

لا شك أن طبيعة الصراع والمواجهات العسكرية بين فصائل المقاومة الفلسطينيية كافة وبين العدو الصهيوني دفعته لترتيب صفوف الكوادر المنضوية تحت لوائهم حيث يبايعون على الشهادة في سبيل الله ويبيعون أنفسهم لله.

وحتى لا تقف مسيرة الجهاد في سبيل الله ضد الاحتلال الصهيوني فإن إعداد الكوادر بالصف الثاني والثالث وحتى الرابع أمر لا مفر منه وهو ما تعودت عليه فصائل المقاومة.

وأعتقد ان البيئة الإقليمية والداخلية الحاضنة أصبحت أكثر قوة وتماسكا في دعمها للمقاومة وأيضا، سرايا القدس، أصبحت أكثر استعدادا ولديها من الإمكانيات على ملء الفراغ واستبدال القادة ودائما نقيم ونتعلم من هذه المواجهات ونستخلص منها الدروس والعبر.

  • ما موقفكم من عدم مشاركة حركة حماس بالمواجهة؟ وهل كانوا على تنسيق وقت العدوان؟

أكدت في بداية الحوار أن علاقة الحركتين اليوم على أفضل ما تكون ولم تهتز من قريب أو بعيد العلاقة بيننا، فسرايا القدس أخذت على عاتقها أن تخوض هذه الجولة وترد على العدوان، وأعلنت أنها قادرة على الاستمرار فيها فترة طويلة.

وحماس كانت حاضرة في حماية تماسك الجبهة الداخلية ولو استمر العدوان فترة أطول أتوقع من حماس المشاركة. 

  •  هل مهدت الحرب لصفقة جديدة لإطلاق الأسرى الفلسطينيين على غرار صفقة وفاء الأحرار؟

تبادل الأسرى ملف مختلف، وشروط المقاومة المعروفة هي إطلاق سراح الأسرى الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم من صفقة شاليط دون أن توجه إليهم اتهامات جديدة، وعددهم يقارب 50 معتقلا.


تحميل

كلمات مفتاحية :

إسرائيل الجهاد الإسلامي حرب حماس سرايا القدس مصر وحدة الساحات