معهد إيطالي: هدنة اليمن تميل لمليشيا "الحوثي" وتضعف موقف الحكومة

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحدث معهد إيطالي عن فرص نجاح تحقيق السلام والمصالحة في اليمن وإعادة إعماره في ظل تواصل خرق الهدنة خاصة من قبل مليشيا الحوثي إلى جانب إهمال الأطراف الدولية المتدخلة في الملف مستقبل البلاد.

وقال معهد تحليل العلاقات الدولية في مقال نشره على موقعه الإلكتروني، إن اليمن يحاول إيجاد السلام على أمل أن تؤدي الهدنة بين الحكومة المعترف بها ومليشيات الحوثي إلى اتفاق شامل وطويل الأمد. 

الظروف الحالية 

أشار الموقع إلى أن الصراع في اليمن مستمر منذ عام 2015، ما أدى إلى تفاقم الخلافات بين الأطراف الداخلية وتسبب في "خراب وبؤس" في جميع أنحاء البلاد، وهو ما اضطرها إلى الاعتماد على مساعدات الدول والمؤسسات على المستويين الإقليمي والدولي.

وتعود بداية الأزمة إلى سبتمبر/أيلول 2014، تاريخ استيلاء مليشيا الحوثي الشيعية المدعومة من إيران على السلطة عبر تنفيذ انقلاب. 

فيما انطلقت الحرب فعليا في 26 مارس/آذار 2015، بعد أن بدأ التحالف السعودي الإماراتي قصف الأراضي التي سيطر عليها الحوثيون.

 وقال الموقع إن الجذور العميقة للصراع تعود إلى إعادة التوحيد بين شمال وجنوب البلاد في عام 1990.

في السنوات التالية، أدى التهميش التدريجي لسكان الجنوب إلى اشتباكات عديدة، وكذلك اندلاع الحرب الأهلية بعد أربع سنوات فقط من إعادة التوحيد.

 كما حدثت تمردات وتأسست حركات مستقلة أو انفصالية، ودارت أيضا معارك بين القوات الموالية للحكومة ومليشيا الحوثيين تجددت مرارًا وتكرارًا بين عامي 2004 و2010. 

ولم تقتصر المناوشات على الأراضي الوطنية، بل امتدت أيضًا إلى المستوى الإقليمي بسبب التوترات القائمة بين السعودية التي تقف إلى جانب الحكومة اليمنية المعترف بها وإيران الداعمة لمليشيات الحوثي. 

وبذلك تضاف الخلافات الدينية خاصة بين اليمنيين السنة والشيعة إلى الصراعات القائمة على المستوى السياسي الداخلي وكذلك إلى الانتماءات القبلية المختلفة والتوازنات الإقليمية الدقيقة.

استنكر المعهد تطور الصراع تدريجياً إلى أزمة إنسانية دراماتيكية أدت إلى إفقار اقتصاد البلاد الهش وتسببت في مقتل الآلاف من المدنيين، إلى جانب نقص الغذاء الذي تفاقم بسبب الصراع في أوكرانيا فضلا عن التغيرات المناخية. 

منذ بداية الصيف، أدت الأمطار الغزيرة إلى مقتل عشرات الأشخاص في عموم اليمن، يضاف إليهم ضحايا مداهمات الحوثيين الموثقة من قبل المراسلين المحليين والأجانب وعدم قدرة الحكومة المكلفة على اتخاذ قرارات حاسمة لصالح مواطنيها.

هدنة أبريل 

نوه موقع المعهد الإيطالي بأن الهدنة التي روجت لها الأمم المتحدة وأبرمت في بداية أبريل/نيسان 2022، جرى الترحيب بها بآمال كبيرة من قبل المواطنين والقوى الخارجية في الشرق الأوسط وكذلك على الصعيد الدولي.

وبمساهمة مبعوث الأمم المتحدة الخاص هانس غروندبرغ، والوساطة العمانية ودعم إيران والقوى الإقليمية الأخرى المشاركة في النزاع، جرى تمديدها  مرتين منذ ذلك الحين، وهذا يغذي التوقعات بحل ملموس وطويل الأجل للصراع، يعلق الموقع.

وبحسب المعهد الإيطالي، تكمن أهمية الهدنة في كونها أول وقف للأعمال العدائية منذ عام 2016، وكذلك في ظروفها الشاملة التي يبدو أنها ترسي الأسس لتمديد فترة السلام والمصالحة الدائمة بين الأطراف المتعددة المعنية بالصراع. 

في البداية، أدى تعليق أعمال العنف إلى تنفس المجتمع والاقتصاد في البلاد، في حين بدأ تدفق احتياطيات الطاقة بسهولة أكبر على طول الحدود السعودية، يضيف الموقع.

كما أكد أن نطاق المقترحات غير مسبوق، على غرار إقرار آلية شفافة وفعالة لدفع رواتب الموظفين العموميين والمعاشات التقاعدية.

وكذلك إعادة فتح الطرقات في محافظة تعز وغيرها من المناطق، وإعادة تشغيل الرحلات الجوية التجارية عبر مطار صنعاء الدولي وضمان عبور إمدادات الوقود عبر عدد من الموانئ اليمنية. 

بالإضافة إلى ذلك، اتفق الطرفان على توحيد وتحديد قائمة الأسرى المتبادلين وإنشاء لجنة لتنفيذ اتفاقيات تبادل الأسرى وإطلاق سراحهم بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

لفت الموقع إلى أنه على الرغم من التقدم المحرز نحو تخفيف حدة الصراع، فإن انتهاكات الهدنة تكررت في الأشهر الأخيرة. 

في هذا السياق، سجلت المنظمة غير الحكومية "مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها" زيادة في الهجمات الصاروخية أو المدفعية منذ بداية أبريل.

بينما استنكرت منظمة "أنقذوا الأطفال" تجدد أعمال العنف المسلح وقتل المدنيين والأطفال خاصة في يوليو/تموز. 

ورأى الموقع أن مطالب الجانبين لا تتطابق ولا تزال المباحثات بشأن إدارة سلمية ومشتركة للسلطة بعيدة، بينما طرح بعض المراقبين الدوليين فكرة تعزيز الموقف التفاوضي للمتمردين الحوثيين في الوضع الحالي.

مستقبل البلاد

يرجح المعهد الإيطالي أن يستغرق الأمر أشهرا أو سنوات لتقييم نجاحات وفشل شروط الهدنة. 

وأكد أنه بغض النظر عن الجهود الدبلوماسية، تعد ثقة الشعب اليمني في المصالحة وإعادة إعمار البلاد أساسية، إلى جانب مساهمة الدول الأكثر نفوذاً على المستويين الدولي والإقليمي. 

وفي حين يسود شعور بعدم الثقة بين المواطنين، تبدو القوى الثلاث الأكثر أهمية بالنسبة لمصير الدولة الشرق أوسطية أي السعودية والإمارات والولايات المتحدة غير مهتمة بمستقبل البلاد، على حد قول الموقع. 

وقال إن الرياض وأبوظبي شرعتا في سياسة انسحاب تدريجي من اليمن بعد مرحلة أولية من التدخل العسكري وكسب النفوذ، بينما يولي الرئيس الأميركي جو بايدن اهتمامًا أكثر بالحفاظ على علاقات جيدة مع السعودية. 

وفي هذا السياق، تدخل الاتحاد الأوروبي بين الحين والآخر، معربًا عن استنكاره لهجمات الحوثيين ودعمه للحكومة اليمنية.

ولفت الموقع إلى أن الشكوك بشأن مستقبل الهدنة لا تزال قائمة بسبب التنازلات العديدة التي قدمتها الحكومة اليمنية الرسمية لمليشيات المتمردين والتي نادراً ما ترد عليها بالمثل. 

وألمح إلى أن وقف إطلاق النار الحالي لا يضمن عدم ارتكاب مليشيا الحوثي أي عنف باستخدام وسائل أخرى، مثل التخطيط لمؤامرات جديدة أو تجنيد مقاتلين آخرين. 

وعلى الرغم من الفوائد المتبادلة للهدنة، فإنها في الواقع تبدو غير متوازنة وتميل لصالح المليشيات الشيعية في الجنوب وتهدد بإضعاف الموقف التفاوضي للحكومة اليمنية المعترف بها، يرجح المعهد الإيطالي. 

وحذر من أن استمرار الصراع  يمكن أن يؤدي إلى زيادة تدهور الحياة المعيشية للسكان، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه قد يسهم أيضا بشكل إيجابي في تعزيز وحدة الجماعات السياسية المعارضة للحوثيين في مجلس القيادة الرئاسي، في إطار السلطات المعترف بها.

ويرى أن أسس إنهاء الصراع في اليمن لا تزال غير مكتملة ولا سيما أن المجتمع الدولي يفتقر إلى الإرادة للتحرك بتصميم لصالح البلاد وكذلك للتوصل إلى اتفاق صادق بين الطرفين لإعادة الإعمار. 

وفي الختام، شدد المعهد الإيطالي على ضرورة التعامل مع اليمن باعتباره دولة مستقلة وجزءا لا يتجزأ من المجتمع الدولي من أجل الانطلاق في عملية حقيقية للمصالحة الوطنية وتعاف اجتماعي واقتصادي لصالح منطقة الشرق الأوسط برمتها.