محمد السوداني يثير أزمة بالعراق.. هل يتمكن من خلافة مصطفى الكاظمي؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثار ترشيح القوى الحليفة لإيران في العراق، النائب محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، الكثير من التساؤلات عن مدى إسهامه في إنهاء حالة الانسداد السياسي التي تخيم على البلاد منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وعقب اجتماع عقده قادة قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي ببغداد في 25 يوليو/تموز 2022، أعلنوا ترشيح رئيس "تيار الفراتين" النائب في البرلمان محمد شياع السوداني، لمنصب رئيس الوزراء، للبدء بمرحلة التفاوض مع القوى السياسية من أجل تشكيل الحكومة.

تصعيد ميداني

وفي أولى ردات فعل الشارع العراقي رفضا لترشيح السوداني، خرج الآلاف من أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تظاهرات حاشدة من ساحة التحرير وسط بغداد في 27 يوليو، حيث اقتحموا مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء شديدة التحصين.

وعلى ضوء ذلك، دعا الصدر أنصاره للانسحاب من البرلمان بعد نحو ساعتين من اقتحامهم للمبنى، قائلا: "وصلت رسالتكم.. عودوا لمنازلكم سالمين"، محذرا إياهم بالقول إن "القوم يتآمرون عليكم، وسلامتكم أهم من كل شيء، فإذا شئتم الانسحاب فإني سأحترم هذا القرار".

وفي وقت لاحق نشر مقتدى الصدر تغريدة على "تويتر" خاطب فيها أنصاره بعد اقتحامهم البرلمان، قائلا: "أقف إجلالا واحتراما، فإنها رسالة عفوية وإصلاحية شعبية رائعة، شكرا لكم".

لكن "الإطار التنسيقي" رد على الصدر، بالقول: "بعدما أكملت قوانا الخطوات العملية للبدء بتشكيل حكومة خدمة وطنية واتفقت بالإجماع على ترشيح شخصية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، رصدت ومنذ يوم أمس تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي".

 وأضاف "الإطار" خلال بيان له في 27 يوليو 2022، أن "ما جرى اليوم من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب والمؤسسات الدستورية وعدم أداء القوات المعنية واجبها يثير الشبهات بشكل كبير".

وحمل حكومة تصريف الأعمال المسؤولية الكاملة عن "أمن وسلامة الدوائر الحكومية ومنتسبيها والبعثات الدبلوماسية والأملاك العامة والخاصة". وطالبها باتخاذ "إجراءات حازمة لحفظ الأمن والنظام ومنع الفوضى والممارسات غير القانونية".

وتابع: "كما ندعو أبناء شعبنا العراقي إلى مزيد من الوعي والحذر من مكائد الأعداء والتصدي لأي فتنة يكون الشعب وأبناؤه وقودا لنارها".

وخاطب جمهوره بالقول: "نحن معكم وبينكم، همنا حفظ أمن وسلامة أبناء شعبنا العزيز، ولن نخذلكم أبدا وندعوكم إلى اليقظة والانتباه وتفويت الفرصة والاستعداد لكل طارئ".

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي، صورا لزعيم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي، وهو يحمل السلاح محاطا بمجموعة من حمايته، يتجول بالقرب من منزله في المنطقة الخضراء وسط بغداد.

المالكي أصدر بيانا عد فيه دخول المتظاهرين إلى باحات مجلس النواب في المنطقة الخضراء والتجاوز على الحماية الأمنية للمنطقة انتهاكا سافرا لحق التظاهر المشروع.

وطالب المالكي حكومة الكاظمي أن "تنهض بمسؤولياتها الدستورية في حماية الوضع الأمني والاجتماعي وتفادي إراقة الدم بين العراقيين، وتعمد إلى استخدام الوسائل المشروعة في ردع أي اعتداء على هيبة الدولة ومؤسساتها"، مطالبا "المتظاهرين بالانسحاب الفوري من المنطقة".

"صدام محتمل"

وبخصوص ترشيح السوداني الذي رفضه الصدر، وكذلك رفض في ساحات الحراك الشعبي عام 2019، ومدى مساهمته في إنهاء الانسداد السياسي الحاصل بالبلد، أفاد مصدر سياسي عراقي بأن "موقف الإطار التنسيقي يزداد حراجة وخطورة، وسيؤدي ما حدث (اقتحام البرلمان) إلى انقسامه تجاه الخطوة المقبلة".

وأوضح المصدر الذي طلب عدم كشف هويته في حديث لـ"الاستقلال" أنه "سيكون هناك طرفان، الأول يتزعمه نوري المالكي لإنهاء التيار الصدري، والثاني بالضد منه ويقوده هادي العامري زعيم منظمة بدر ومن معه والذي لا يريد الصدام مع الصدر وإنما التهدئة وعدم استفزازه".

وأشار المصدر السياسي إلى أن "طرح خيار حل مجلس النواب وإجراء الانتخابات هو الأسلم، لأن التيار الصدري لن يسمح إلا بإمضاء رأيه بعدم ترشيح شخصية لا يوافق عليها، بل حتى الانتخابات ربما ستكون تأجيلا لصدام قادم".

لكن المصدر توقع أن "يصر الجناح المتشدد داخل الإطار بقيادة المالكي على استكمال المرشح السوداني لتشكيل الحكومة".

وأردف: "سنكون حينها أمام صدام عسكري جديد بين التيار الصدري والحكومة التي سيديرها المالكي من خلف الكواليس بحكم سيطرته على السوداني، وكان وراء الدفع بترشيحه".

من جهته، قال الكاتب صادق فياض الركابي خلال مقال نشره موقع "كتابات" العراقي في 27 يوليو 2022 إن "ترشيح السوداني يشير بوضوح إلى صعوبة واستحالة تغيير آلية التوافق والمحاصصة".

ورأى الركابي أن "ترشيح السوداني ينهي مرحلة مهمة في تاريخ العراق وهي مرحلة الشخصية التي كانت بالخارج"، في إشارة إلى أن جميع من تولى منصب رئيس الوزراء منذ عام 2003 وحتى اليوم هو كان يعيش في المهجر، وأن المرشح الجديد لم يكن كذلك.

وأشار الكاتب إلى أن "ترشيح السوداني يبقي سيطرة المالكي على مقاليد الحكم في العراق، ويسد كل الثغرات سواء أمام التيار الصدري أو غيره في الطعن أو الرفض، لأن شخصيته ليست جدلية أو لا توجد لديه تقاطعات مع الكتل السياسية". ولا يعتقد بوجود أن هناك رفضا تجاه السوداني من الدول الإقليمية.

سيناريوهان اثنان

وفي السياق ذاته، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" العراقي إحسان الشمري، إن "رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي ما زال من بين الأسماء المرشحة؛ لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، رغم إعلان (الإطار التنسيقي) عن ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة الجديدة".

وقال الشمري خلال تصريحات لصحيفة "الدستور" المحلية في 27 يوليو 2022 إن "العراق يمر خلال هذه الفترة بسيناريوهين، أولهما أن يكون هناك من يدعم السوداني مرشح الإطار التنسيقي، وهذا أمر متوقع؛ لأن القوى تريد أن تخرج من مأزق الانسداد السياسي وأن تحقق شيئا لاختيار رئيس الجمهورية".

ولفت الخبير في الشأن العراقي إلى أنه "من المرجح أن يكون استمرار رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح في المنصب".

ولا تزال القوى السياسية الكردية غير متفقة على شخصية رئيس الجمهورية التي بدورها تكلف مرشح رئاسة الوزراء بتشكيل الحكومة، إذ جرى العرف السياسي في العراق بعد عام 2003 أن يكون منصب رئيس البلاد من حصة المكون الكردي.

وبحسب الشمري، فإن السيناريو الثاني أن "تتصاعد حدة الاعتراضات تجاه ترشحه من قبل أتباع زعيم مقتدى الصدر لكن بالنهاية الإطار سينظر إلى عملية دعم مرشحه لرئاسة الوزراء".

ولفت إلى أن رئيس الوزراء القادم سيواجه العديد من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والتغييرات المناخية، بالإضافة إلى تحدي أتباع الصدر".

ونوه الباحث السياسي إلى أن "هناك ثلاثة أسماء لتشكيل الحكومة، من بينها مصطفى الكاظمي، والذي يحظى بدعم قوي، فضلا عن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، ومستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي رغم اعتذاره عن المنصب".

وكانت الكتلة الصدرية البرلمانية (73 مقعدا) قدمت استقالتها في يونيو/حزيران 2022 بأمر من زعيمها مقتدى الصدر، بعدما أخفق الأخير في تشكيل حكومة أغلبية سياسية مع حلفائه من السنة والأكراد، وإصرار "الإطار التنسيقي" على حكومة توافقية تضم جميع الأطراف.