موقع إيطالي: حرب بوتين لا تستهدف أوكرانيا بل السيطرة على دولة أخرى

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع إيطالي أن الهدف الحقيقي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وراء الحرب التي يشنها على أوكرانيا يكمن في إعادة بناء إمبراطورية القيصر أو إحياء زمن الاتحاد السوفيتي

وقال موقع "إيل سوسيداريوا": "يتناسى كثيرون أن الجزء الأكبر والأغنى بالموارد المعدنية والطاقية من الاتحاد السوفيتي السابق يقع في آسيا" في إشارة إلى كازاخستان بصفة خاصة.

لذلك يعتقد القنصل الفخري الأرميني في إيطاليا بيترو كوتشوكيان، بأن "الهدف الحقيقي للكرملين ليس أوكرانيا بحد ذاته، وإنما يسيل لعابه من أجل كازاخستان والسيطرة على آسيا الوسطى".

صرف الانتباه

وبصفته خبيرا في التاريخ الروسي، بدا كوتشوكيان مقتنعا تماما بفكرة أن "الحرب في أوكرانيا ليست سوى محاولة لصرف انتباه الغرب نحو ما يحدث هناك".

بينما يتمثل الهدف الحقيقي في السيطرة على كازاخستان وثروتها الهائلة، خاصة مناجم البيتكوين، وفق تقديره.

وهي "أجهزة كمبيوتر قوية للغاية تعمل على العمليات الحسابية لفك تشفير المعاملات  بالبيتكوين، أشهر العملات المشفرة"، حسبما يعرفها الدبلوماسي.

وحسب مركز كامبريدج للتمويل البديل، أصبحت كازاخستان في العام 2021 ثاني أكبر مركز في العالم لتعدين البيتكوين بعد الولايات المتحدة.

وجاءت كازاخستان في تلك المرتبة بعد أن فرض المركز الرئيس في الصين قيودا على نشاط تعدين العملات المشفرة.

وتذكر تقارير أنه في أغسطس/آب 2021، استحوذت كازاخستان على 18 بالمئة من "معدل التجزئة" العالمي (خُمس الإنتاج العالمي تقريبا).

وهذا المصطلح يستخدم في لغة التشفير لوصف مقدار قوة الحوسبة التي تستخدمها أجهزة الكمبيوتر المتصلة بشبكة بيتكوين.

وكان معدل التجزئة لدى كازاخستان في أبريل/نيسان 2021، قبل حملة الصين قرابة 8 بالمئة فقط.

حتى سنوات قليلة مضت، "حوالي 50 بالمئة من هذه المناجم كانت في أيدي الصينيين، لكن تكلفة الطاقة العالية جدا لتشغيلها دفع نحو التخلص منها "، يشرح كوتشوكيان. 

ويضيف "في عام 2020، قدم وزير الابتكار الكازاخستاني عسكر تشوماغالييف، مشروعا طور مع خبراء دوليين لجذب عمال مناجم العملات المشفرة إلى جمهورية الاتحاد السوفيتي السابقة للاستفادة من هذه التجارة التي انتشرت في نصف العالم".

وألمح إلى أنه في كازاخستان "لا يمثل الويب مشكلة كما أن الطاقة متوفرة بكثرة، إذ تعد الدولة الآسيوية الشاسعة مصدرا رئيسا للفحم والنفط والغاز الطبيعي، ويتوفر بها حجم موارد ضعف الطلب المحلي". 

واستدرك قائلا "لكن في بداية عام 2022، ارتفعت أسعار الطاقة بشكل كبير مما أدى إلى مظاهرات بالشوارع، فيما جرى قمع الاحتجاجات من قبل القوات الروسية" متسائلا عن الأسباب الخفية وراء كل هذه التطورات.

وعن إمكانية وجود دوافع مختلفة للهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، أجاب الخبير الأرميني بالقول "إذا حللنا آخر مائتي عام من التاريخ الروسي، فإننا نكتشف نقاط تشابه مثيرة للاهتمام مع ما يحدث الآن".

مواجهة ممتدة

ويشرح بأنه "طوال مائة عام، تقريبا طوال القرن التاسع عشر، حدثت مواجهة بين بريطانيا العظمى وروسيا على مستوى التجسس وميدانيا أيضا من أجل السيطرة على آسيا الوسطى". 

وتابع "على وجه الخصوص، دارت المواجهة في تضاريس أفغانستان وهو أمر مهم من الناحية الإستراتيجية لكلا البلدين". 

وذكر أن البريطانيين تلقوا هزائم في ثلاث معارك كبيرة على الأقل، خسروا في إحداها ما يصل إلى 17 ألف عسكري قبل التوصل إلى توقيع معاهدة سلام في عام 1907.

وأكد كوتشوكيان أن البريطانيين والروس كانوا يتنافسون على الهيمنة على آسيا الوسطى، مشيرا إلى أن لندن غزت الهند وكانت في موقع مهيمن.

في المقابل، أرادت روسيا بأي ثمن منفذا إلى البحار الدافئة، ولا سيما تركيا والبوسفور. 

وقال إن هذه "اللعبة الكبيرة"، كما جرى تسميتها تعني أن الروس صرفوا انتباه البريطانيين إلى أماكن أخرى من أجل الوصول إلى البحار الدافئة.

وعما إذا كان القصد من ذلك أن السياسة التوسعية كانت دائما سمة من سمات الروس في العصر القيصري والسوفيتي والآن مع الرئيس الحالي فلاديمير بوتين، أوضح القنصل الأرميني بأن أوجه التشابه مع ما يحدث اليوم تتمثل في محاولة روسيا إعادة فتح تلك اللعبة الكبيرة.

وبين أن "كازاخستان بلد كبير مثل القارة الأوروبية كما أنه أرض غنية وهي الأولى في العالم باليورانيوم والأتربة النادرة وكذلك الغاز وثروات عديدة أخرى". 

ويعتقد أن "موسكو تتعمد إلهاء العالم الغربي بما يحدث في أوكرانيا لصرف انتباهه عن استعادة الهيمنة في كازاخستان ولهذا السبب ستستمر الحرب الدائرة في كييف لفترة طويلة". 

وعما إذا كانت كازاخستان حليفا لروسيا التي تملك موقعا مهيمنا هناك، قال "صحيح أن هناك قواعد عسكرية وموسكو تمارس نفوذًا قويًا، لكن الرئيس الحالي قاسم جومرت توكاييف يحاول الابتعاد مسافات عن موسكو، على سبيل المثال فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا".

وعن تدخل الجيش الروسي لوضع حد للاحتجاجات الشعبية المندلعة في يناير/كانون الثاني، أوضح كوتشوكيان أن سببها الرئيس الزيادة في أسعار الطاقة على وجه التحديد بسبب مناجم البيتكوين، لكن السكان كانوا يطالبون بشكل خاص بمزيد من الحقوق المدنية. 

وأشار إلى أنه "لكونهما عضوين في منظمة معاهدة الأمن الجماعي (تحالف عسكري حكومي دولي في أوراسيا يضم دول ما بعد الاتحاد السوفيتي)، تدخل الروس بقمع الاحتجاج وهو نوع من التحذير للحكومة أيضا لكي لا تبتعد كثيرا عن موسكو".

وأضاف بأن "التدخل الذي قادته روسيا أكد دورها الرئيس كضامن رئيس للأمن في آسيا الوسطى".

وفيما يتعلق بالدور الذي يلعبه الغرب، يرى "بأن تركيا، التي يجب ألا ننسى أنها عضو في الناتو (حلف شمال الأطلسي)، تتطلع إلى نفوذ في كازاخستان".

لكن تقف جورجيا كعقبة أمامها وكذلك أرمينيا التي تشكل خطوة حاسمة بالنسبة لتركيا وهذا هو سبب الحرب مع أذربيجان (حول إقليم قره باغ ومناطق كانت تحتلها يريفان)، بحسب قول القنصل الأرميني.

وعن الكيفية التي تنسجم بها هذه "اللعبة" مع الإطار الأوكراني، قال كوتشوكيان إن "روسيا على الرغم من الصعوبات التي تواجهها في أوكرانيا، تواصل رفض المفاوضات لتجبر الغرب على التزام أكبر هناك بهدف الاستعداد للسيطرة الكاملة على كازاخستان".