ذراع أوروبية وخليجية.. صحيفة إسبانية: المغرب يتحول إلى مركز للتجسس

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على "آلية التجسس المكثفة التي يلجأ لها المغرب، عبر برنامج بيغاسوس الإسرائيلي، والتي تستهدف مواطنيه والقادة الأجانب على حد السواء".

وقالت صحيفة "الإندبندينتي"، إن "صحفيي وضحايا التجسس المغربي، عبر برنامج بيغاسوس، تحدثوا في هذا الصدد، عن الطريقة التي حولت الرباط إلى مركز تجسس دولي". 

ولفتت إلى أن "الكشف عن تعرض هواتف رئيس حكومة إسبانيا، بيدرو سانشيز، والعديد من وزرائه إلى الاختراق عبر فيروس بيغاسوس عام 2021، تميز بوصول زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، ودخول عدد كبير من المهاجرين إلى مدينة سبتة بشكل غير نظامي، جعل المغرب المشتبه به الرئيس في عملية التجسس".

إستراتيجية السيطرة

وأفادت الصحيفة الإسبانية بأن "المغرب يمارس في الواقع، عمليات تجسس ممنهجة تستهدف مواطنيه وأيضا المسؤولين الأجانب، حيث إنه قبل أن يعاني قصر مونكلوا الإسباني من ذلك، كان الإليزيه ضحية أيضا". 

وفي هذا السياق، كشفت "الإندبندينتي" عن إستراتيجية السيطرة المطلقة للنظام المغربي استنادا على عدد من الشهادات للضحايا، حيث إنهم "الجهة التي تدرك جيدا آلية المراقبة القاسية للنظام الملكي والنخبة السياسية والشرطة". 

ونقلت الصحيفة أن الصحفي المغربي المنفي في فرنسا، هشام منصوري، حذر خلال حواره معها من أن "بيغاسوس يمثل جزءا مما يمكن تسميته إستراتيجيات القمع الجديدة التي يستخدمها العاهل محمد السادس".

وكان منصوري، المؤسس المشارك للجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية، لسنوات "تحت دائرة ضوء الديكتاتورية المغربية، إلى درجة أنه لم يكن لديه خيار سوى الفرار من البلاد"، تقول "الإندبندينتي".

وأوضحت أن "العاهل الراحل الحسن الثاني استخدم إستراتيجية القمع العنيف، ومن هنا، يمكن الحديث عن (سنوات الرصاص)، التي يمثلها سجن تازمامارت السري خير تمثيل، لكن على عكس والده، تبنى محمد السادس إستراتيجية تهدف إلى (التشويه قبل العقاب)".

وواصلت: "بالنسبة لبرنامج بيغاسوس، فهو جزء من هذه الآلية، حيث يسمح بإجراء تحليل مفصل للغاية للحياة الخاصة لأهداف النظام وحتى الأهداف المحتملة، علاوة على ذلك، تعمل هذه الآلية عن طريق القمع المبكر، قبل التشهير بهم عبر وسائل الإعلام الخاصة بالنظام أو مقاضاتهم على جرائم مثل الزنا أو الاغتصاب أو غسيل الأموال...". 

ونقلت الصحيفة أنه خلال يوليو/تموز 2021، كشف التحقيق الذي أجرته مؤسسة (فوربيدن ستوري) ومنظمة العفو الدولية وغيرهم عن "فضيحة، ألا وهي الاستخدام المكثف والقهري لبرنامج بيغاسوس من قبل المخابرات المغربية، بتجسسها على أكثر من 50 ألف رقم هاتفي".

وتضم القائمة صحفيين مغاربة و20 جنسية ومسؤولين أجانب، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أو الدبلوماسي الأميركي روبرت مالي، مفاوض الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، وتضم القائمة أكثر من 200 هاتف محمول إسباني. 

مثير للاستغراب

وبينت الصحيفة أن "المعلومات أظهرت أن الرباط كانت أحد العملاء الرئيسيين للبرنامج، المملوك لشركة (إن أس أو) الإسرائيلية، الذي تستخدمه أيضا الأنظمة الاستبدادية في الخليج العربي لملاحقة معارضتهم".

من جهة أخرى، تمثل الشرطة السياسية المغربية من خلال المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (المخابرات الداخلية)، الجهة التي تتحكم في هذا البرنامج الذي حصلت عليه المملكة عام 2017. . 

في السياق، شرح الصحفي المغربي المقيم في إسبانيا، علي المرابط، لصحيفة "الإندبندينتي"، أن "المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني" تعد الهيئة التي تسيطر وتتجسس على النشطاء والصحفيين والسياسيين وحتى أفراد الجيش.

وأوردت "الإندبندينتي"، أن الصحفي يربط بعض الأحداث التي حدثت خلال العام بالاستخدام المتواصل للتطبيق الإسرائيلي من قبل السلطات المغربية.

وتساءل المرابط قائلا: "كيف علم المغرب أن إبراهيم غالي كان في إسبانيا؟ كيف قتل المغرب قائد درك البوليساريو بطائرة مسيرة إسرائيلية؟".

وواصل: "نعلم اليوم أن المغرب قد تجسس على مئات الهواتف الخاصة بالمسؤولين المدنيين والعسكريين الجزائريين، وكان هذا أحد الأسباب التي دفعت الجزائر إلى قطع العلاقات مع الرباط". 

ونقلت الصحيفة عن الصحفي المغربي، أبوبكر الجامعي، أن "عدد الأشخاص الذين تجسس عليهم الرباط يمكن أن يكون مثيرا للاستغراب، لكن، يصبح منطقيا عند الأخذ بعين الاعتبار أن المغرب لا يتجسس لصالحه فقط، بل من المحتمل أنه يعمل لصاله جهات أخرى".

وتابع: "يمكن أن تكون إسرائيل ودول الخليج العربي أولى الجهات المحتملة، وهذا من شأنه أن يفسر سبب شراء مثل هذه الأداة باهظة الثمن من قبل بلد ليس، إلى حد بعيد، الأغنى في العالم".

دائرة غامضة 

وأوضحت الصحيفة أن "فرضية تحول الرباط في السنوات الأخيرة إلى ذراع التجسس لدول أخرى استعانت بها للاستخدام المثير للجدل لبيغاسوس، أمر يتفق عليه أولئك الذين جرى مقابلتهم من ضحايا بيغاسوس".

وواصل الجامعي: "من المنطقي الاعتقاد أن المغرب لم يدفع التكلفة الكاملة للبرنامج، ولكنها وقعت على عاتق الدول الأخرى". 

فيما رأى منصوري أن "بيغاسوس جزء من إطار له أبعاد دولية، والتي تتمثل في النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، التي تستند على تطبيع العلاقات".

وتابع: "ربما يكون المغرب قد عمل كمقاول لإسرائيل للتجسس على رؤساء الدول والسياسيين الأوروبيين، مقابل التطبيع والتعاون الاقتصادي والإفلات من العقاب في استخدام بيغاسوس في مطاردة مواطنيه في الداخل والخارج". 

ويرى منصوري أن "المغرب لن يجرؤ على التجسس على (أصدقائه وحلفائه) الأوروبيين دون موافقة أو طلب من دولة عظمى أخرى (...)، النظام المغربي براغماتي وطموح، لكنه ليس انتحاريا". 

واستطرد: "إذا تصرف المغرب على هذا النحو، فذلك لأنه يتمتع بضمانات تسمح له بعدم إدارة أزمة محتملة ناتجة عن سوء استخدام بيغاسوس لوحده، وهذا ما يفسر الصمت ورد الفعل الخجول، على الأقل حتى الآن، من جانب الأوروبيين".

وأضاف أن "آلية المراقبة المكثفة، المصنعة في تل أبيب والتي تعتمد عليها الرباط، تدار من قبل رئيس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، وهو أيضا المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني وأجهزة الاستخبارات، كما يعمل مستشارا لمحمد السادس في شؤون مكافحة الإرهاب". 

وشرح منصوري الأمر قائلا: "نظام الأمن معتم للغاية، يسيطر الحموشي على كل من الشرطة والمخابرات، من المفترض أن يكون ذلك فضيحة في حد ذاته، إنها دائرة مغلقة للغاية يديرها ثلاثة أو أربعة أشخاص دون أي محاسبة (..)، عموما، لا تملك الحكومة سيطرة على عمل أجهزة الاستخبارات وهو الحال أيضا بالنسبة للبرلمان".