مجلة إيطالية: أوروبا ستدفع ثمنا باهظا لخسارتها منطقة الساحل الإفريقي

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

دقت مجلة "فورميكي" الإيطالية ناقوس الخطر بشأن التطورات في منطقة الساحل الإفريقي جنوب البحر المتوسط، داعية إلى ضرورة عدم تركها فريسة لروسيا ومرتزقتها.

وذكرت المجلة أن قادة البلدان بتلك المنطقة التي شهدت عديدا من الانقلابات في الشهور الأخيرة، تميل إلى التعامل مع روسيا بدلا من القوات الأوروبية والأممية، وتتجه لتقليص التعاون مع الغرب مستقبلا.

وتضم منطقة الساحل الإفريقي دول موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والنيجر، وتواجه عديدا من التهديدات الأمنية والاقتصادية في ظل انتشار جماعات مسلحة عديدة.

مسألة أوروبية

وقالت المجلة إنه إذا كان استقرار منطقة الساحل الإفريقي جزءا من استقرار البحر المتوسط، فهذا يعني أن مشاكل عدم الأمان التي قد تنشأ تعد مسألة أوروبية.

وللتأكيد على ذلك، أوردت ما قالته الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي في المنطقة الإفريقية الدبلوماسية الإيطالية السابقة إيمانويلا ديل ري "نحن، بصفتنا الاتحاد الأوروبي، نرى فرصا في منطقة الساحل حتى في خضم عدم الاستقرار والاتجار غير المشروع والأنشطة الإرهابية والحوكمة الضعيفة".

وأضافت ديل ري خلال مشاركتها في حلقة نقاشية عبر الإنترنت انعقدت خلال الأيام الفارطة بتنظيم مشترك مع المهمة الأوروبية لمراقبة تنفيذ حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا "إيريني"، بالقول "سنستمر في أن نكون شريكا موثوقا ومهتما بدول الساحل".

كما شددت نائبة وزير الخارجية الإيطالي السابقة على أهمية وضع المبادئ التي يجب أن تستند إليها الإستراتيجية "بوضوح شديد" مؤكدة بأنه بالنسبة للاتحاد الأوروبي، "أحد المبادئ التي توجه النهج العام حقا هو مسألة الملكية والمسؤولية المتبادلة".

وأوضحت بأن الملكية "بالطبع، هي الطموح الكبير للتأكد من أن كل ما نقوم به يتم إدارته بالفعل ويمر إلى أيدي سكان الساحل ومن الضروري أن يواصل المجتمع الدولي الاستجابة للاحتياجات الملحة للسكان".

كما عدت ديل ري أن هذه المنطقة تشكل الحدود الأوروبية "الحقيقية"، لذا من الضروري الحديث عنها والاهتمام بها".

وعدت المجلة مسألة الاستقرار والعلاقات الأوروبية مع منطقة الساحل ساخنة وحساسة لا سيما وأن المنطقة يمكن أن تكون واحدة من بين المناطق التي ستعاني بشكل مباشر وربما الأكثر من آثار الأزمة العالمية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأوضحت أن موسكو تسجل حضورها في إفريقيا وعلى وجه الخصوص في منطقة الساحل، حيث حصلت في مالي على نتيجة في إطار الصراع بين النماذج القائم ضد الغرب.

في هذا الصدد، ذكرت بأن المجلس العسكري الانقلابي في باماكو، اختار مرتزقة فاغنر الروس وتعاقد معهم لتوفير الأمن ضد الجماعات المسلحة بمختلف أنواعها بدلا من التعاون مع مهام الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الموجودة بالفعل في البلاد.

وفي 2 مايو/ أيار 2022 ، أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي إلغاء الاتفاقات الدفاعية الموقعة مع فرنسا وشركائها الأوروبيين وذلك بعد توتر العلاقات بين الجانبين منذ الانقلاب الذي نفذه في أغسطس /آب 2020.

استقرار مشترك

واستنتجت المجلة بأن ما ذهبت إليه الحلقة النقاشية لمهمة إيريني يكمن في أنه من المستحيل التعامل مع منطقة الساحل دون نهج موسع خصوصا وأن المسألة تتعلق بـ"استقرار مشترك"، مرتبط بشكل وثيق بالأمن  في ثلاث مناطق مترابطة وهي وسط البحر المتوسط ​​ومنطقة الساحل الإفريقي بالإضافة إلى خليج غينيا.

من جانبه، علق الأدميرال الإيطالي ستيفانو توركيتو، قائد مهمة إيريني بالقول إنه "حتى لو كان حظر الأسلحة إلى ليبيا مهمتنا الرئيسة، لا تقل المهمات الأخرى أهمية على الساحة الدولية وذلك لآثارها على الأمن البحري لوسط البحر المتوسط ​​وعلى استقرار ليبيا ولكني أضيف أيضا على منطقة الساحل".

ويؤكد ترركيتو بذلك "الروابط الحالية بين هذه المناطق الجيوسياسية حيث يمثل الالتزام السياسي والعسكري والاقتصادي والإنساني لتحقيق الاستقرار أولوية إستراتيجية لا يمكن للاتحاد الأوروبي تجنبها، رغم  تعقيدات الأوضاع الحالية مثل تلك في أوكرانيا".

ويذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد أطلق عملية إيريني البحرية الجوية العسكرية  تحت مظلة سياسة الأمن والدفاع المشتركة في 31 مارس/آذار 2020 بهدف فرض حظر  الأمم المتحدة على توريد الأسلحة إلى ليبيا.

وبحسب المجلة الإيطالية، اكتسبت منطقة شمال إفريقيا بأكملها في الوقت الحاضر أهمية متزايدة للسياسة الخارجية المشتركة التي يقوم الاتحاد الأوروبي ببلورتها.

 وبالمثل، تعد منطقة الساحل النقطة الرئيسة لأمن المنطقة الواقعة على حدود أوروبا بفضل موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي يربط بين إفريقيا جنوب الصحراء وحوض البحر المتوسط.

خلال الندوة الافتراضية، التي ترأسها خبير الأمن والدفاع في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية دانييل فيوت، أوضح نائب أمين عام الأمن وسياسة الدفاع المشترك والاستجابة للأزمات تشارلز فرايز، أن "الاتحاد الأوروبي بصدد تكييف وتكثيف التزامه مع تطور التهديدات والتحديات التي يواجهها غرب إفريقيا ووسط البحر المتوسط​​".

ويضيف فرايز "نحن الشريك الأول لمنطقة الساحل ونتوقع أن يظل التزامنا طويل الأمد ويمتد إلى الدول الساحلية لاحتواء الأزمات المتعددة التي تواجهها المنطقة والتغلب عليها".

جريمة منظمة

من جهته، عد الممثل السامي للاتحاد الإفريقي لمالي والساحل مامان سامبو صديقو، أن الجريمة المنظمة هي "أحد أقوى التهديدات للسلام والأمن في غرب إفريقيا وفي منطقة الساحل ومناطق أخرى".

ولهذا السبب أيضا، يشجع الاتحاد الأوروبي بشدة على زيادة الشراكات الدولية والإقليمية لتعزيز القدرات الوطنية للاستجابات العالمية لمواجهة ظاهرة الإتجار بالبشر، ولا سيما على مستوى المجتمع بالتركيز على النساء والشباب على وجه الخصوص، تذكر المجلة الإيطالية.

وأشارت إلى أنه على مدى العقد الماضي، أصبحت الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية في منطقة الساحل والصحراء وغرب إفريقيا مسألة ذات اهتمام إقليمي ودولي كبير.

وأضافت بأن هذه الظاهرة تمثل تحديا للتنمية المتوازنة والمستدامة للبلدان وتشكل أيضا تهديدا للاستقرار والأمن العام.

وأكدت أن هناك أيضا حاجة إلى تعاون إقليمي من جانب أوروبا، التي تقع مباشرة على الضفة الشمالية من ساحل البحر المتوسط في إشارة بشكل خاص إلى دول إيطاليا وفرنسا وإسبانيا.

وأوضحت فورميكي بأن شبكات الإتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات في منطقة الساحل،  تستفيد من طرق التجارة الحالية، التي لا تسيطر عليها الحكومات بالشكل المطلوب وكذلك سهولة اختراق الحدود وذلك  من أجل تطوير أنشطتها.

في الختام، بينت المجلة بأن هذا التهديد العابر للحدود يشمل شبكات إجرامية أخرى مثل الجماعات المتطرفة ويتغذى عليها.