محمد زكي.. وزير دفاع مصري متورط في دماء الشعب ويتاجر باحتياجاته

أحمد يحيى | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

غيض من الأسئلة والاستفسارات أمطرت بها الساحة السياسية المصرية، ووسائل التواصل الاجتماعي، عن علاقة محمد زكي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، بالتجارة والأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد. 

ففي 23 فبراير/شباط 2022، وخلال كلمته في حفل تكريم المرأة المصرية والأم المثالية، تحدث رئيس النظام عبدالفتاح السيسي عن غلاء الأسعار، وتوفر السلع الأساسية، وقال: "احنا عاملين حسابنا، وكل السلع موجودة في الأسواق، عندنا الجيش نزل 2 مليون كرتونة، ومستعد ينزل 3 و4، وبلا حدود". 

لكنه فاجأ الجميع عندما وجه حديثه بلهجة الأمر والحسم إلى محمد زكي، وقال له: "تتباع للناس بنصف ثمنها"، ليرد وزير الدفاع "تمام يا افندم". 

ويعاني الاقتصاد المصري من توغل المؤسسة العسكرية، وهو ما خلق اقتصادا هشا بحسب تقارير ودراسات متعددة، ويبقى وزير الدفاع محمد زكي، رأس القوات المسلحة هو المعني بتلك الشؤون.

وللرجل تاريخ معروف في معرض الحياة السياسية، لا سيما وأنه من كبار الجنرالات الذين ساهموا بقوة في انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013، وأطاحوا بالرئيس المنتخب محمد مرسي، ونفذوا انتهاكات لا حصر لها على جميع المستويات الحقوقية والاقتصادية والسياسية. 

صعود متسلسل 

وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري، الفريق أول محمد أحمد زكي محمد، ولد في 29 يناير/كانون الثاني 1956، وحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية، بعدما تخرج في الكلية الحربية بالأول من أبريل/نيسان 1977، حيث انتمى للدفعة (69 حربية).

فهو بذلك من جيل العسكريين الذين جاءوا عقب مرحلة حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973، ولم يتسن لهم المشاركة فيها.

خلال مسيرته المهنية حصل زكي على جميع دورات التأهيل العلمي والعسكري بين أقرانه الضباط، فهو حاصل على سائر الفرق التأهيلية لسلاح المشاة.

وحصل كذلك على الفرق الفنية لسلاح المظلات، إضافة إلى دورة أركان حرب عام، ودورة كلية الحرب العليا، إلى أن نال الدورة العليا لكبار القادة، وهي أعلى دورة يمكن أن يصل إليها قائد عسكري في صفوف الجيش المصري. 

وقد تدرج محمد زكي، في جميع الوظائف القيادية، حيث عين قائدا لوحدات المظلات في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2008، خلال فترة رئيس النظام الأسبق محمد حسني مبارك. 

ورغم أنه لم يكن أحد أعضاء تشكيلة المجلس العسكري، الذي قاد البلاد عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، تحت قيادة المشير محمد حسين طنطاوي، لكن برز زكي بقوة بعد تعيينه قائدا لقوات الحرس الجمهوري بداية من 12 أغسطس/ آب 2012، خلال فترة حكم محمد مرسي. 

ووقف زكي أمام الرئيس مرسي وأقسم على حمايته وحماية النظام الجمهوري من جميع الأخطار التي يمكن أن تهدده. 

خان رئيسه 

كانت المهمة الأساسية لزكي تتمثل في تأمين جميع قصور ومقرات الرئاسة، وتأمين شخص رئيس الجمهورية (محمد مرسي) وأفراد أسرته، وعناصر موكبه. 

لكنه لم يؤد تلك الوظيفة أبدا، وخان القسم الذي أقسمه للرئيس عندما بدأت أولى بشائر الانقلاب العسكري.

إذ لعب قائد الحرس الجمهوري أحد أسوأ الأدوار عبر التاريخ المصري، عندما تعهد للرئيس بحمايته.

وطلب زكي من مرسي الانتقال إلى دار قوات الحرس الجمهوري بالقرب من القصر الرئاسي لتأمينه، وهو ما حدث بالفعل. 

وكتب عن ذلك الكاتب الصحفي الأميركي ديفيد كيركباتريك، المدير السابق لمكتب صحيفة نيويورك تايمز بالقاهرة، في كتاب له صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، أن: "الحرس الرئاسي التابع للعسكر (بزعامة محمد زكي) نقل الرئيس مرسي إلى قاعدة عسكرية خاصة بهم، بحجة الحفاظ على سلامته".

وبعد يومين فقط، في 3 يوليو/ تموز 2013، أعلن الجنرال السيسي انقلابه على الرئيس مرسي، وفق كيركباتريك

وكان زكي حينها يعتقل الرئيس وأعضاء الفريق الرئاسي وبعض المستشارين داخل مقر الحرس الجمهوري، ولاحقا جرى نقله إلى وحدة عسكرية خاصة بعيدة خارج القاهرة. 

متهم بالقتل 

لكن دور قائد الحرس لم يقف عند هذه النقطة الصادمة، بل تورط بشكل فج في المذابح التي رافقت العملية الانقلابية.

 ففي 29 يوليو/ تموز 2018، كشفت صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية تخاذل زكي عن حماية الرئيس، وتسهيله تسلق المتظاهرين لأسوار القصر الجمهوري، دون اتخاذ إجراءات أمنية، في مخطط كان الغرض منه وقتها اغتياله.

ثم تولى زكي مهمة اعتقال محمد مرسي ومساعديه، واحتجازه بدار الحرس الجمهوري ونقله فيما بعد إلى قاعدة بحرية بمدينة الإسكندرية، احتجز فيها لفترة، قبل أن يظهر في أول جلسة محاكمة علنية في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2013. 

تقرير لجنة تقصي الحقائق، التي شكلها مرسي عقب توليه السلطة، حول أحداث ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها، أكد تورط قوات المظلات بالجيش، التي كان يرأسها اللواء زكي، في استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين خلال أحداث محمد محمود الأولى، ومجلس الوزراء خلال شهري نوفمبر/ تشرين الثاني، وديسمبر/ كانون الأول 2011.

وفي 12 أغسطس/ آب 2014، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، المختصة بحقوق الإنسان، تقريرا تحت عنوان "حسب الخطة.. مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، أشارت فيه إلى تورط زكي.

وقالت المنظمة: "فاضت الكثير من ميادين مصر العامة وشوارعها بالدماء في أحيان كثيرة"، وأشارت إلى "استخدام قوات الجيش والشرطة، على نحو عمدي وممنهج، القوة المميتة والمفرطة في عمليات حفظ الأمن، مما أدى إلى مقتل متظاهرين على نطاق لم يسبق له مثيل في مصر". 

وأضافت أنه "خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن عمليات القتل لم تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، بل إنها ترقى على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، بالنظر إلى اتساع نطاقها وطبيعتها الممنهجة، وكذلك إلى الأدلة التي توحي بأنها كانت جزءا من سياسة تقضي بالاعتداء على الأشخاص العزل لأسباب سياسية". 

ووضعت المنظمة بشكل صريح 15 قياديا أمنيا وعسكريا، كمسؤولين مباشرين عن تلك المذبحة المروعة، ومن ضمنهم الفريق أول محمد زكي، الذي كان يشغل منصب قائد قوات الحرس الجمهوري، ووزير الدفاع حاليا، وشددت أنه ينبغي إقرار تحقيق دولي، مع هؤلاء ومحاسبتهم على جريمة لا تسقط بالتقادم. 

وزير الدفاع

بعد انقلاب 2013، بدأت تحدث تحولات في هيكلية قيادة القوات المسلحة، وكذلك المجلس الأعلى له.

ويتكون المجلس الأعلى من عدد من القادة برئاسة وزير الدفاع طبقا للقانون رقم 4 لسنة 1968 بشأن القيادة والسيطرة الصادر من رئيس النظام الأسبق جمال عبد الناصر.

وفي فبراير/شباط 2014 بتوجيه من قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، أصدر عدلي منصور (الرئيس المؤقت المعين من قبل العسكر) قانونا جديدا يتضمن تفاصيل تشكيل سلطات واختصاصات المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وكان محمد زكي من أبرز الأسماء الموجودة في قائمة المجلس، مع وزير الدفاع آنذاك صدقي صبحي، والفريق أسامة عسكر، واللواء ممدوح شاهين. 

وقد عمل زكي لمدة أربع سنوات أخرى كرئيس للحرس الجمهوري يحمي السيسي أيضا، قبل أن يحصل على مكافأته لدوره في الانقلاب في 14 يونيو/ حزيران 2018.

وبعد خمس سنوات من استيلاء الجيش على السلطة، يصبح وزيرا للدفاع والإنتاج الحربي، خلفا للفريق صدقي صبحي.