اعتراف روسيا بالجمهوريات الانفصالية في دونباس.. لهذا صدم العالم

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

قال موقع إيطالي إن فرضية الاعتراف الروسي بجمهوريات دونباس الشعبية الانفصالية "دونيتسك ولوغانسك"، بدت حتى وقت قريب بعيدة كل البعد عن الواقع.

وأضاف "إنسايد أوفر" أن كل شيء تغير في غضون ثمانية أيام، مشيرا إلى أن المحادثات بشأن هذا الاحتمال انطلقت لأول مرة في الدوما في 14 فبراير/شباط 2022 في إطار مقترحين محددين. 

وأفاد بأن أحدهما قدمه نواب الحزب الشيوعي المعارض للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والآخر قدمه حزب رئيس روسيا الموحدة. 

وفي كليهما، طلب من الرئيس بوتين تقييم الاعتراف بدونيتسك ولوغانسك.

كما ناشد الشيوعيون الرئيس الروسي بإجراء محادثات مع قيادة "دونيتسك" و"لوغانسك" في أقرب وقت ممكن من أجل إنشاء أساس قانوني للعلاقات بين الدول وتنظيم جميع جوانب التعاون والمساعدة المتبادلة.

في اليوم التالي للاقتراح المفاجئ للحزب الشيوعي، جرى تمريره بأغلبية كبيرة ومنذ ذلك الحين تغير الوضع جذريا إلى غاية الساعات القليلة الماضية التي قرر خلالها الكرملين الاعتراف رسميا بالجمهوريتين.

المناطق الانفصالية

ذكر الموقع بأن الأزمة في دونباس لم تندلع فقط في الأسابيع الأخيرة وإنما تعود جذورها إلى العاصفة السياسية التي اجتاحت أوكرانيا في عام 2014. 

وتابع بأن برلمان كييف كان قد عزل في 21 فبراير من ذلك العام، أي قبل ثماني سنوات بالتحديد، الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش من منصبه.

وهو ما وضع حدا لحكومة حزب المناطق المتجذرة في شرق البلاد ذي الأغلبية الروسية وعلى إثر ذلك بلغت أزمة الميدان الأوروبي ذروتها. 

حتى تلك اللحظة، ظلت منطقة دونباس، أي المنطقة الواقعة في أقصى شرق البلاد، بعيدة تماما عن التوترات التي اجتاحت كييف بدلا من ذلك، يذكر الموقع الإيطالي. 

ولفت إلى أن المشاكل بدأت في الظهور عندما طغت مسألة السياسات الداخلية التي تنفذها القيادة الجديدة الموالية للغرب في السلطة على مسألة التوجه الجيوسياسي الجديد لأوكرانيا.

على وجه الخصوص، أدى إلغاء "الروسية" كلغة رسمية والترويج للاستخدام الحصري للغة الأوكرانية إلى خلق مخاوف لدى السكان الناطقين بالروسية في الشرق.

لذلك، خرجت مظاهرات في دونيتسك، وكذلك في لوغانسك ومدن أخرى في دونباس ضد سلطات كييف قبل أن تندلع الحرب في أبريل/نيسان 2014 بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا.

 وفي تلك الفترة، أعلنت اللجان الشعبية التي تأسست في تلك الأسابيع استقلال دونيتسك ولوغانسك بعد أن بات الجيش الأوكراني غير قادر على استعادة السيطرة. 

لذلك نشأ وضع معقد للغاية، في شرق أوكرانيا على إثر تشكل جمهوريتين انفصاليتين تسيطر عليهما سلطات مستقلة ومرتبطة ثقافيا وسياسيا بروسيا، وفق تعبير الموقع. 

في سبتمبر/أيلول 2014، جرى التفاوض على وقف إطلاق النار بين الأطراف في مينسك، والتوقيع على اتفاقات مينسك في فبراير 2015 في مسعى لوضع حد للنزاع الذي اندلع بمنطقة دونباس. 

في الوقت نفسه، جرى تصور عملية سلام تهدف إلى ضمان وحدة الأراضي الأوكرانية وبالتالي عودة الجمهوريتين تحت سيادة كييف، مقابل منح حكم ذاتي واسع النطاق لدونباس إلا أن ذلك لم يحدث وبلغ مرحلة التصعيد الحالي، يلاحظ الموقع.

ولم تفكر موسكو قط في فكرة الاعتراف رسميا بالجمهوريتين الانفصاليتين، وهو موقف مختلف مقارنة بما حدث في عام 2008 في جورجيا، عندما اعترف الكرملين بأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وهما الكيانان المستقلان بحكم الواقع ولكنهما جزء لا يتجزأ من الأراضي الجورجية بالنسبة للمجتمع الدولي. 

ويأتي الخلاف من حقيقة أن روسيا أشارت دائما إلى اتفاقيات مينسك كأساس لتسوية الخلافات، وبالتالي إلى احتمال أن تعود دونيتسك ولوغانسك إلى السيادة الأوكرانية في حالة التوصل إلى حل إيجابي لعملية السلام الموقعة في عام 2014.

انقلاب الأوضاع

بدأ التصعيد السياسي والعسكري في يناير/كانون الثاني 2022، وأثار مخاوف من إمكانية الغزو الروسي لأوكرانيا بسبب رغبة كييف في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وفي أعقاب ذلك، نظر مجلس الدوما في الاقتراحين البرلمانيين في 15 فبراير المطالبين باعتراف رسمي للكرملين بالجمهوريتين الانفصاليتين. 

ألمح "إنسايد أوفر" إلى أن التصديق على المقترحات بأغلبية كبيرة لم يؤثر في البداية على موقف بوتين الذي واصل الدعوة إلى حل النزاع في إطار اتفاق مينسك. 

وبعد أيام قليلة من التصويت في دوما، بدأ إطلاق النار بكثافة على طول خط التماس وأتبعه إعلان حالة الطوارئ في دونيتسك ولوغانسك في 17 فبراير.

 في اليوم التالي، صدرت أوامر بإجلاء المدنيين وفي غضون أيام قليلة، حزم أكثر من 60 ألف شخص حقائبهم وتوجهوا إلى منطقة روستوف في روسيا. 

وفي الوقت نفسه، تقدم في لوغانسك ما يقرب من مليون ساكن للحصول على الجنسية الروسية وجرى قبول هذا الطلب في أكثر من 80 بالمئة من الحالات.

أشار الموقع الإيطالي إلى أن نقطة التحول حدثت في 21 فبراير، على إثر طلب مجلس الشيوخ بالاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين بأغلبية كبيرة.

من جانبه، اعتبر بوتين بعد اجتماع طارئ لمجلس الأمن أن عملية السلام التي تحكمها اتفاقيات مينسك "بلا آفاق". 

وفي المساء، أبلغ بوتين رسميا الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز بالاعتراف بالجمهوريات الانفصالية ليلقي بعد نصف ساعة خطابه.

بالنسبة لبوتين، تعتبر أوكرانيا جزءا لا يتجزأ من التاريخ الروسي، وهو ما أكد عليه في بداية الخطاب لتبرير مصالح موسكو في المنطقة، وفق تعليق الموقع الإيطالي. 

وخلال الخطاب، أعلن  بوتين الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد في شرق أوكرانيا، وذلك رغم التهديد الأوروبي بفرض عقوبات في حال اتخذت موسكو هذا القرار.

وطالب بوتين الجمعية الفدرالية في روسيا بتوقيع اتفاقيات الصداقة والتعاون مع الجمهوريتين، قائلا "نطالب من احتل السلطة في كييف بوقف العمليات العسكرية، وإلا فالمسؤولية عن استمرار النزيف في هذه المنطقة تقع على عاتق أوكرانيا".

واتهم بوتين كييف بسرقة الغاز الروسي واستخدام الطاقة لابتزاز موسكو، قائلا إن "أوكرانيا تديرها قوى خارجية، وهذا يؤثر على جميع مستويات السلطة فيها".