بدون اتفاق.. موقع أميركي: إثيوبيا تستعد لتوليد الكهرباء من سد النهضة
.jpg)
قال موقع أميركي إن إثيوبيا تستعد لأول مرة لتوليد الطاقة من سد "النهضة" العملاق للطاقة الكهرومائية الذي تبنيه على النيل الأزرق (أحد الرافدين الرئيسين لنهر النيل)، في خطوة "من المرجح أن تزيد التوترات الحالية مع مصر والسودان".
وذكر "المونيتور" نقلا عن تقارير صحفية إثيوبية، أن "أديس أبابا جاهزة الآن لبدء اختبار توليد الطاقة من السد".
وتابع أن مسؤولين حكوميين قالوا إن "إثيوبيا، التي أكملت بناء أكثر من 80 بالمئة من السد المثير للجدل، تسعى إلى إنتاج 700 ميغاوات من خلال تشغيل أول توربينين، وبالتالي تغطية 20 بالمئة من احتياجاتها الخاصة".
تهديدات متكررة
وفي 5 يناير/كانون الثاني 2022، عقد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اجتماعا موسعا لمجلس الوزراء، في موقع بناء السد بمنطقة بني شنقول، الواقعة على بعد 900 كلم شمال غرب العاصمة أديس أبابا، لمتابعة تنفيذ خطته الأولى.
وبعد 100 يوم من إعادة انتخابه رئيسا للوزراء في يوليو/تموز 2021، تفقد آبي أحمد أيضا أعمال بناء السد حيث بدأ العمل فيه قبل 11 عاما.
وفشلت إثيوبيا مرارا وتكرارا في البدء في توليد الطاقة من سد النهضة، وكان مسؤولو أديس أبابا يأملون في توليد الكهرباء من السد بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2021، لكن ذلك لم يتحقق أيضا، وفق موقع "المونيتور".
وتبلغ طاقة إنتاج الكهرباء في إثيوبيا حاليا 4967 ميغاوات.
ومنذ 10 سنوات، دخلت مصر والسودان وإثيوبيا في نزاع مرير بشأن سد النهضة، وسط محاولات فاشلة متكررة من جانب الاتحاد الإفريقي منذ يونيو/حزيران 2020؛ للتوسط في صفقة لإنهاء الجمود في المفاوضات.
وكانت المحاولة الأخيرة في عاصمة الكونغو الديمقراطية، كينشاسا في أبريل/نيسان 2021، وفشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن استئناف المفاوضات ودفعت الأطراف إلى تبادل الاتهامات بعرقلة المحادثات.
وفي 19 يوليو/تموز 2021، أعلنت إثيوبيا استكمال الملء الثاني لخزان السد، وهو ما يكفي لتوليد الطاقة الكهرومائية، رغم رفض مصر والسودان للقرار الأحادي الجانب.
وتأتي هذه الخطوة الإثيوبية بعد أشهر من تصعيد دبلوماسي بلغ ذروته بتهديدات مصرية متكررة بالقيام بعمل عسكري ضد السد، في حال شرعت أديس أبابا في هذه الخطوة.
ورغم التراجع الأخير في المؤشرات على أن مصر ستتخذ إجراء عسكريا ضد السد، إلا أن البيانات الدبلوماسية المتبادلة بين البلدين لا تزال تشير إلى أن الصراع قد ينشب في أي لحظة، مع تداعيات من المحتمل أن تؤثر على منطقة مضطربة بالفعل.
تأثير سلبي
وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراكي، لـ"المونيتور"، إن إصرار إثيوبيا على تشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء دون التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان "يثبت تعنت أديس أبابا المستمر، وهذا يعقد المفاوضات".
وتابع: "رغم أن توليد الطاقة يتطلب تمرير ثلاثة مليارات متر مكعب من المياه المخزنة عام 2021 والتي كانت ستنتهي في مصر والسودان، تظل هذه خطوة تحاول إثيوبيا من خلالها فرض أمر واقع".
وتقول أديس أبابا إنها أكملت بنجاح المرحلة الثانية من ملء السد بطاقة 13.5 مليار متر مكعب من المياه كما هو مخطط لها.
لكن خبراء المياه المصريين والسودانيين يقولون إنها تمكنت فقط من تخزين ثلاثة مليارات متر مكعب بالإضافة إلى 4.9 مليار متر مكعب من المياه التي تم تخزينها خلال مرحلة التعبئة الأولى في يوليو/تموز 2020.
واعتبر شراكي أن عقد اجتماع لمجلس الوزراء الإثيوبي في موقع السد ينقل رسالتين، الأولى إلى الإثيوبيين ومفادها بأن الحكومة على وعدها بإتمام المشروع في أسرع وقت، والأخرى لمصر والسودان، ومفادها بأن أديس أبابا مصممة على المضي قدما، رغم الفشل في التوصل إلى اتفاق مع دول المصب بشأن ملء السد وتشغيله".
وبينما تقول إثيوبيا إن السد الذي تبلغ تكلفته خمسة مليارات دولار، وهو الأكبر في إفريقيا "له أهمية قصوى" في التنمية الاقتصادية وتوليد الطاقة، فإن مصر تعتبره "تهديدا خطيرا" لإمداداتها من مياه النيل، حيث تعتمد عليها بالكامل تقريبا لتلبية احتياجاتها من المياه العذبة.
وتوقع تقرير حكومي مصري حديث، أن ملء السد وتشغيله بناء على الخطط الإثيوبية دون التوصل إلى اتفاق، سيؤثر سلبا على إنتاج الطاقة الكهرومائية التي يولدها السد العالي.
وتمثل الطاقة الكهرومائية حوالي ستة بالمئة من إنتاج الكهرباء في مصر، ويأتي معظمها من السد العالي.
كما حذر وزير الموارد المائية والري التابع للنظام المصري، محمد عبد العاطي، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، من أن "أي نقص في المياه القادمة إلى مصر، سيؤثر على العاملين في القطاع الزراعي، مما يتسبب في عدم الاستقرار الأمني والاجتماعي في المنطقة مع زيادة الهجرة غير الشرعية".
كسر الجمود
من جهته، يسعى السودان، الذي يرى أن السد ينظم مياه النيل الأزرق ويولد طاقة يمكن أن يستفيد منها، للحصول على ضمانات بشأن تشغيله بشكل آمن ومناسب حفاظا على سدوده، بما في ذلك سد الروصيرص؛ أكبر سد سوداني.
ومنتصف سبتمبر/أيلول 2021، أصدر مجلس الأمن بيانا رئاسيا دعا الدول الثلاث إلى "استئناف المفاوضات بطريقة بناءة، تحت رعاية الاتحاد الإفريقي؛ للانتهاء بسرعة من نص اتفاق ملزم ومقبول لكل الأطراف بشأن ملء وتشغيل السد".
ومنذ ذلك الحين، تسعى الكونغو الديمقراطية، التي تترأس الاتحاد الإفريقي حاليا، إلى حث الدول الثلاث على استئناف المفاوضات "دون جدوى".
وزاد من تعقيد إمكانية استئناف المفاوضات الاضطرابات في السودان وانشغال إثيوبيا بحربها الأهلية مع متمردي إقليم تيغراي.
وتضغط الولايات المتحدة من أجل استئناف المفاوضات بين الدول الثلاث؛ للتوصل إلى اتفاق قبل الملء الثالث لخزان السد المقرر في يونيو/حزيران 2022.
وتعتقد واشنطن أن حرب تيغراي أثرت سلبا على المفاوضات، لكنها تأمل أن يساهم إنهاء الحرب في إحياء المفاوضات الثلاثية.
وعلى العكس من ذلك، يعتقد السفير الأميركي السابق لدى إثيوبيا، ديفيد شين، أن "تسوية آبي أحمد لحربه مع تيغراي ليست في مصلحة مصر".
وقال شين لـ"المونيتور" إنه من مصلحة مصر أن تظل الحكومة المركزية الإثيوبية في حالة من الفوضى.
وأوضح أن "أي عودة لآبي أحمد للسيطرة على الوضع ستقوي يد الحكومة الإثيوبية وقدرتها على الصمود في وجه مصر".
وتابع شين: "استمرار عدم اليقين السياسي في السودان يعزز أيضا من يد آبي أحمد (في نزاع السد)، حيث انحاز السودان إلى مصر بشأن قضية سد النهضة، وهو الآن منهك بمشاكل سياسية داخلية".
وبينما يعتقد الأستاذ شراكي أن استئناف المفاوضات بشأن أزمة السد "سيكون صعبا في الوقت الحالي، نظرا للوضع السياسي المتدهور في السودان"، فقد توقع أن يقوم المبعوث الأميركي الخاص الجديد للقرن الإفريقي، ديفيد ساترفيلد، بإجراء جولة تشمل الدول الثلاث، "قد تساهم في كسر الجمود الحالي في المفاوضات".