ارتفاع أسعار النفط.. هل ينهي الركود الاقتصادي العربي بعد كورونا؟

محمد عيد | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد عام كان هو الأسوأ لسوق النفط العالمي بسبب تداعيات جائحة كورونا، وحالة الركود الاقتصادي التي رافقتها، عاد الذهب الأسود للصعود من جديد مع اقترابه وصول سعر البرميل إلى 100 دولار، وهو ما سينعكس بالإيجاب على ميزانيات الدول المنتجة له.

ويعد النفط مصدر الإيرادات الرئيس لعدد من الدول العربية خاصة الخليجية منها، لذا فميزانياتها الاقتصادية تتأثر بشكل مباشر بارتفاع الأسعار وانخفاضها.

 وهو ما ظهر خلال جائحة كورونا، عبر العجز الواضح في ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي بسبب انهيار سوق النفط العالمي.

وشهد شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ارتفاعًا كبيرًا في أسعار النفط حيث وصل سعر البرميل الواحد إلى أكثر من 80 دولارا، وسط توقعات بأن يتجاوز الـ100 دولار، وهو ما سينعش اقتصاديات الدول العربية المنتجة للنفط.

وتقدم الدول العربية النفطية 28.4 بالمئة ونحو 14.9 بالمئة من حجم الإنتاج العالمي للنفط والغاز على ذات الترتيب.

أعلى إيرادات

وهنا يؤكد الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي، أن ارتفاع أسعار النفط يصب في مصلحة الدول المنتجة وعلى وجه الخصوص لصالح الدول الخليجية التي تعتمد بنسب كبيرة في إيراداتها عليه.

ويرى الشوبكي، في تصريحات لـ"الاستقلال" أن محرك الإيرادات الشهرية النفطية يرتفع في دول الخليج العربي إلى أعلى إيراد شهري منذ أكتوبر/تشرين الأول 2018، وينعكس ذلك إيجابا على عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي مع انخفاض حجم الإنفاق.

ويضيف: "بالتزامن مع عودة النشاط الاقتصادي وتحسن الميزان التجاري وزيادة الإيرادات غير النفطية، من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة من 2.6-3.1 بالمئة في السعودية".

كما يتوقع أن تمول إلى 2.2-2.7 بالمئة في الإمارات و2.2-2.5 بالمئة في الكويت وحول 2.5 بالمئة بسلطنة عُمان والبحرين.

وأظهرت بيانات من مبادرة البيانات المشتركة (جودي)، الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، أن صادرات النفط الخام السعودية ارتفعت في أغسطس/آب 2021 لرابع شهر على التوالي إلى أعلى مستوى منذ يناير/كانون الثاني لنفس العام.

وارتفعت صادرات المملكة من الخام بمقدار 0.123 مليون برميل يومياً على أساس شهري.

بلغت 6.450 مليون برميل يوميا في أغسطس/آب، قادمة من 6.327 مليون برميل يوميا في يوليو/تموز 2021.

وهنا بلغت الصادرات الإجمالية التي تشمل المنتجات النفطية 7.90 مليون برميل يومياً.

كما ارتفع إنتاج الخام في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، بواقع 88 ألف برميل يوميا.

وبهذا وصلت إلى 9.562 مليون برميل يوميا على أساس شهري، بما يشكل أعلى مستوى منذ أبريل/نيسان 2020.

الإمارات بدورها، رفعت إنتاجها النفطي خلال أكتوبر/تشرين الأول 2021، بمقدار 38 ألف برميل يومياً ليصل إلى 2.828 مليون برميل يومياً، عند أعلى مستوى منذ أبريل/نيسان 2020، وفق تقرير منظمة "أوبك" (منظمة الدول المصدرة للنفط) الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.

وحسب التقرير، ارتفع إنتاج الإمارات من النفط الخام من مستوى 2.79 مليون برميل يومياً في سبتمبر/أيلول 2021.

وأنتجت الإمارات نحو 87.668 مليون برميل يومياً في أكتوبر/تشرين الأول، مقارنة مع 83.7 مليون برميل يومياً في الشهر الذي يسبقه.

أيضا رفعت الكويت إنتاجها من النفط بمقدار 32-38 ألف برميل يوميا على التوالي.

 في حين زاد العراق إنتاجه بمقدار 7 آلاف برميل يوميا ليستقر إنتاجه عند 4.149 ملايين، إضافة إلى أن الجزائر زادت الإنتاج إلى 10 آلاف برميل يومياَ.

وحول دولة قطر، يتوقع الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة، أن تشهد أعلى نسبة نمو اقتصادي حول 3.6 بالمئة لتكون بذلك الدولة الخليجية الوحيدة التي تخرج من انكماش اقتصادها في العام 2020 وتحقق أعلى نمو و أداء اقتصادي.

وأرجع ذلك إلى اعتماد اقتصادها على الغاز الطبيعي المسال بعقود طويلة الأجل على عكس عقود النفط الفورية وقصيرة الأجل.

فرص قادمة

وتعد قطر منتجا صغيرا للنفط بنحو 610 آلاف برميل يومياً، وتأتي في المرتبة الحادية عشرة بين المنتجين في "أوبك" التي انسحبت منها مطلع عام 2019، ولا يتجاوز إنتاجها 2 بالمئة من إنتاج المنظمة.

وإلى جانب النفط، تسعى قطر لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 110 ملايين طن سنويا بدءاً من عام 2025، بزيادة سنوية تقدر بنحو 43 بالمئة، وباستثمارات تقدر بنحو 105 مليارات ريال (الدولار يساوي 3.65 ريالات قطرية).

ويشكل العام 2021 مع ارتفاع أسعار النفط القياسية، فرصة الدول العربية المنتجة للنفط، في الطريق إلى التعافي من جائحة كورونا وتأثيرها الاقتصادي العميق، وفق الشوبكي.

ويستدرك بالقول: "غير أن بعض هذه الدول قد يمتد فيها زمن التعافي الاقتصادي الكامل إلى العام 2022 مثل الكويت الذي انكمش اقتصادها بنسبة 7.3 بالمئة في العام 2020، والإمارات بانكماش 6 بالمئة".

وأشار إلى الانكماش في عُمان والبحرين وصل إلى 5 بالمئة، وبدرجة أقل السعودية بانكماش وصل إلى 4.4 بالمئة في العام 2020.

وسيحقق الاقتصاد السعودي، حسب الشوبكي، التعافي في منتصف 2022 قبل الدول الخليجية الأخرى، بينما تكون قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي يحقق اقتصادها نموا في العام 2022 يفوق اقتصادها في 2019 قبل جائحة كورونا.

وعن التفاوت الكبير والتذبذب في أسعار النفط، يقول الشوبكي: "الإيرادات النفطية لدول الخليج العربي من عام لآخر أصبحت تشكل معضلة لواضعي السياسات المالية في هذه الدول".

 لذا تسعى دول الخليج لتقليص اعتمادها الكبير على الإيرادات النفطية وفي مقدمتها الإمارات والسعودية وقطر.

 والملاحظ وفق الشوبكي، أنه في العام 2019 حققت دول الخليج العربي مجتمعة إيرادات نفطية بلغت 425 مليار دولارا عند معدل 64 دولارا لبرميل برنت.

بينما حققت 225 مليار دولارا في العام 2020 بمعدل 42 دولارا للبرميل مع تخفيض الانفتاح المتفق عليه في "أوبك بلس"

ويرى أنه على الرغم من تخفيضات "أوبك بلس" يتوقع أن تحقق أكثر من 400 مليار دولار مع نهاية العام 2021 وذلك مع تحسن أسعار النفط ليصل معدل سعر برنت إلى 70 دولاراً للبرميل بالمتوقع .

وتدعم مجموعة "أوبك بلس" زيادة محدودة لإنتاج النفط وعدم الالتفات إلى الدعوات الأميركية المطالبة بزيادة الإمدادات لمواجهة ارتفاع الأسعار.

وقرر هذا التحالف النفطي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إعادة التأكيد على خطة تعديل الإنتاج، التي تنص على زيادة بمقدار 400 ألف برميل يومياً خلال شهر ديسمبر/كانون الأول من ذات العام.

وجددت المجموعة وفق بيان لها استمرار التزام الدول المشاركة بضمان سوق نفط مستقرة ومتوازنة، وإمداد فعال وآمن للمستهلكين.

مع تأكيدها استمرار التزام الدول المشاركة بضمان سوق نفط مستقر ومتوازن وإمداد فعال وآمن للمستهلكين.

وهنا أكد وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، أن الزيادة التدريجية لإنتاج النفط هي الإجراء الصحيح.

وبعد قرارات "أوبك بلس" رد الرئيس الأميركي جو بايدن، في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بأن إدارته لديها سبل للتعامل مع أسعار النفط المرتفعة.

وتحالف "أوبك بلس" هو تجمع يضم أعضاء أوبك الـ13 مع 10 بلدان أخرى مصدرة للنفط، وهي روسيا، وأذربيجان، والبحرين، وبروناي، وماليزيا، وكذلك كازاخستان، والمكسيك، وعُمان، والسودان، وجنوب السودان.

وأمام سياسية "أوبك بلس" الهادفة إلى استمرار زيادة أسعار النفط، توقع بنك أوف أميركا أن يرتفع سعر خام برنت، إلى 120 دولاراً للبرميل بحلول يونيو/حزيران 2022. 

ونفلت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، عن "فرانسيسكو بلانش" رئيس قسم السلع العالمية في بنك أوف أميركا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021: "من السهل جداً أن ترتفع الأسعار عندما يختنق الطلب كما هو الآن".