زهير رمضان.. فنان داعم للأسد مارس دورا مخابراتيا على المعارضين السوريين

مصعب المجبل | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

"النجم الأوحد بسوريا هو الرئيس بشار الأسد"، "بدي قص لسان كل فنان معارض"، هذه بعض من الجمل التي حفظها السوريون عن الممثل الموالي زهير رمضان ونقيب الفنانين الذي توفي في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بعد صراع مع مرض الرئة.

واشتهر زهير رمضان بمغالاته في الدفاع عن رأس النظام السوري، عقب اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، لدرجة أن السوريين وصفوه بأنه "ضابط أمن برتبة فنان".

وبدا رمضان من أشد الفنانين الموالين للأسد في مهاجمة الفنانين، الذين وقفوا إلى جانب الشعب السوري في مطالبه، واعتبروا أن رئيس النظام قاتل وعليه أن يرحل.

فما كان من رمضان إلا أن انبرى لهؤلاء ووصفهم بـ "الغربان"، ولم يكتف بذلك، بل وصل به الأمر بعد أن أوصلته المخابرات إلى عضوية مجلس الشعب، لأن يصرح بشكل علني في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بأنه أبلغ الأجهزة الأمنية عن الفنانين الذين "لديهم تصريحات ومواقف مخزية تجاه سوريا والشعب السوري".

المولد والنشأة

ولد زهير لبيب رمضان في مدينة اللاذقية في 21 يونيو/حزيران 1959، وتخرج في قسم التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وانتسب لنقابة الفنانين السوريين منذ العام 1983.

شغل رمضان منصب نقيب الفنانين في سوريا منذ عام 2014، وحصل على مقعد في برلمان النظام السوري عام 2016.

ولعب العديد من الأدوار في الأعمال الدرامية السورية، أشهرها دور المختار "البيسه"، في مسلسل "ضيعة ضايعة" الشهير، وبدور "أبو جودت" كرئيس مخفر شرطة في مسلسل البيئة الشامية الشهير "باب الحارة".

كما شارك منذ ثمانينيات القرن المنصرم في عدة أفلام سورية وتقلد بطولة بعضها مثل: "ليالي ابن آوى"، و"رسائل شفهية".

في مقابلة معه على إذاعة موالية قال في 6 يونيو/حزيران 2021 ردا على سؤال يتعلق بهجرة الممثلين السوريين خارج البلاد: "من سحبوا النجوم من سوريا، نسيوا أنه النجم الأوحد فيها هو السيد الرئيس بشار الأسد"، وفق تعبيره.

لم يكن اختيار زهير رمضان كنقيب للفنانين لشهرته الفنية ومكانته الدرامية، بقدر ما كان لقدرته على تنفيذ ما تمليه عليه أجهزة المخابرات ضمن إطار ملاحقة الفنانين وتكميم أفواههم نظرا لقربهم من الشارع وقبول الناس لرأيهم.

ملاحقة المعارضين

أول خطوة أقدم عليها رمضان في أغسطس/آب 2015 حينما فصلت نقابة الفنانين عشرات الممثلين والمخرجين والموسيقيين، بحجة تخلفهم عن تسديد اشتراكهم لأكثر من ستة أشهر، على الرغم من أن قانون النقابة يجيز تجميد العضوية لمن يتأخر عن الدفع وليس الفصل.

 لكن السبب الحقيقي وفق ما رأى متابعون بهذا الشأن، كان سياسيا، ويتمثل في مساندة هؤلاء للثورة السورية ولا سيما أن جميع الأسماء التي ذكرت أبدت مواقف مناهضة للأسد وطالبته بالتنحي عن السلطة.

ومن أبرز هؤلاء الفنانين الذي وقفوا بجانب الثورة: "جمال سليمان، عبد الحكيم قطيفان، يارا صبري، الراحلة مي إسكاف، فارس الحلو، واحة الراهب، مكسيم خليل، جهاد عبدو، محمد آل رشي، الراحل عامر السبيعي، محمد أوسو، سمر كوكش، جلال الطويل، كندا علوش، عزت البحرة، عبد القادر منلا، حميد الحويج".

ويرى فنانون انحازوا لركب الثورة السورية، أن زهير رمضان طائفي بطبعه ويرتكز في تحصيل أدواره الفنية على العلاقات الأمنية وليس لقدراته الفنية، لكونه من الطائفة العلوية.

وينظر هؤلاء إلى الفنان على أنه كتلة من الإحساس وصاحب رسالة لا يمكنه تجاهل قتل المتظاهرين من قبل أجهزة الأمن بدم بارد، ورمي الطائرات الحربية الصواريخ والبراميل المتفجرة على رؤوس المدنيين دون تسجيل موقف رافض لهذه الدموية بحق الشعب.

ويعتبر كثير من النقاد أن ظهور زهير رمضان بأدوار تدل على السلطة الأمنية كرئيس المخفر بمسلسل "باب الحارة" ومختار مسلسل "ضيعة ضايعة"، بمثابة تجسيد لصلته بتلك الأجهزة.

أخلاق المخابرات

وكتب الكاتب والناقد السوري محمد منصور على صفحته بفيسبوك في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021: "رحل زهير رمضان إلى أعدل الحاكمين، رحل من كان يهدد بمنع زملائه من العودة إلى سوريا، رحل من كان يقول إذا الدولة سامحت فأنا لا أسامح".

وتابع: "رحل إلى المكان الذي سيسأل فيه حقا وصدقا (مين ربك ولاه) فهناك لا فرع أمن يشفع ولا ولاء لبشار الكيماوي ينجي".

وأضاف منصور: "الموت حق على الأنذال والشرفاء وعلى الأحرار والمخبرين، ولا يشمت بالموت إلا أحمق، لكن كل امرئ يذكر بما قدم وأفضى، ولم نجد لك يا زهير إلا هذا العار الذي كنت تفخر به"، وفق تعبيره.

من جانبه كتب الكاتب والباحث السوري أحمد دعدوش، منشورا على فيسبوك في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 قال فيه: "زهير رمضان ممثل سوري، من الطائفة العلوية التي تحتكر السلطة بسوريا منذ خمسين سنة، كان معروفا بكونه عنصرا أمنيا في الوسط الفني".

وزاد بالقول: "وبعد قيام الثورة بثلاث سنوات كافأه النظام بمنحه رئاسة نقابة الفنانين، ليتحول إلى شبيح بمنصب رسمي، ويشتهر أكثر بمواقفه الحقيرة ضد الممثلين الذين عارضوا النظام السفاح، هذا الشبيح هلك أمس بعد معاناة مع المرض".

وفي لقاء مصور مع الممثل السوري المعارض عبد الحكيم قطيفان في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وردا على سؤال عن رأيه بزهير رمضان قال: "هذا لا يتمتع بأخلاق فنان بل يتمتع بأخلاق قاتل وضابط مخابرات ورجل مافيوي وليس له علاقة بالفن".

ووظف زهير رمضان صلاته الأمنية في شن حملات ضد زملائه المحسوبين على المعارضة السورية وانتقادهم، إذ إنه ورغم كل مواقفه "المخابراتية" فاز بمنصب النقيب لدورة ثانية سنة 2020.

وحينها صعق الوسط الفني في سوريا بفوز رمضان برئاسة النقابة رغم كل حملة الرفض والدعوات لعدم انتخابه، وذلك بعد تعويل الفنانين الموالين على الانتخابات الجديدة لتغيير ما وصفوه بالوضع الكارثي الذي تعانيه نقابتهم من عمليات فساد ومحسوبيات.

وفي إحدى جلسات برلمان الأسد مطلع يناير/كانون الثاني 2017 صرخ زهير رمضان بوجه رئيس الوزراء آنذاك عماد خميس مخاطبا إياه: "لماذا تستفزوننا وتذلوننا بعرض عبد الحكيم قطيفان، ومكسيم خليل، وجمال سليمان على الشاشات الوطنية".

وتساءل رمضان: "ليش أنا غصب عن أبو اللي خلفني كمواطن سوري أشوف كل يوم عبد الحكيم قطيفان على شاشاتنا الوطنية أليس ذلك معيبا؟"، وفق تعبيره.

"شبيح" مؤذ

وضمن سياق رأي الفنانين السوريين بمن وقف في صف "قاتل السوريين"، أغلظت الفنانة السورية المعارضة ليلى عوض التي اعتقلها النظام إبان اندلاع الثورة عام 2011 قبل أن تفر خارج البلاد، بوصف على زهير رمضان، معتبرة أن الوسط الفني تخلص من شبيح كانت مهمته الإساءة للفنانين.

وكتبت على صفحتها الشخصية في فيسبوك 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قائلة: "قديش صعب إنك تتحكم بعواطفك وتحاول تسيطر على نفسك من الغضب عندما تسمع بفنان شبيح لم يترك إساءة اتجاهي واتجاه غالبية زملائه الفنانين المؤيدين قبل المعارضين وحتى الصامتين".

وأضافت: "قديش لازم تضغط على نفسك مشان ما تروح باتجاه التشهير والتسفيه الذي قام به زهير رمضان، لكي يثبت للنظام السوري ولاءه الأكبر، إلى جانب آخرين من الفنانين الشبيحة وكأنهم في سباق الماراثون لشدة نفاقهم".

وألمحت عوض إلى أن "كل إنسان له الحق بأن يقول رأيه، لكن الإساءة للزملاء واتهامهم بالخيانة لمجرد معارضتهم للنظام والتصريح عن رأيهم، هذا شيء يندى له الجبين هو ومن والاه في رأيه".

وأبدت الفنانة المعارضة استغرابها من طلب البعض عدم التعرض لزهير رمضان بعد وفاته بقولها: "إذا كان هو لم يحسب حاسب لهكذا ساعة (الموت)، فلماذا تطلبوا من الآخرين أن يسامحوه؟"

وختمت بالقول: "أنا أول فنانة لا أريد أن أسامحه، ولكن الموت ليس فيه شماتة، عند الله تجتمع الخصوم يا زهير رمضان ومعك كل شبيح.. عليك من الله ما تستحق".