"حيلة عظيمة".. هكذا أقنع بوتين بايدن بخط الغاز الروسي رغم فيتو ترامب

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على الانتهاء من أشغال خط الأنابيب "نورد ستريم 2"، وهي البنية التحتية التي ستنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر قاع بحر البلطيق، وبالتالي تجنب الأراضي الأوكرانية.

وقالت "لاراثون": إن "شركة غازبروم الروسية العملاقة أعلنت مؤخرا الانتهاء من بناء خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2".

وفي 6 سبتمبر/أيلول 2021، وضعت الشركة آخر أنبوب للخط الثاني من خط أنابيب الغاز في المياه الألمانية لبحر البلطيق، وبعد ذلك بقي فقط متصلا بالقسم الذي يربطه بالدنمارك.

تهديد أمني

يطمح الائتلاف التجاري الذي بنى "نورد ستريم 2-غازبروم" تشغيل خط أنابيب الغاز قبل نهاية العام 2021، وذلك بالاشتراك مع الشركات الفرنسية إنجي، والألمانية يونيبر ووينترشا، و"أو إم في" النمساوية وشل أنجلو الهولندية.

ونقلت الصحيفة الإسبانية أن الرئيس التنفيذي لغازبروم، أليكسي ميلر، أعلن أوائل سبتمبر/أيلول 2021 أنه يمكن أن تبدأ الإمدادات الأولى عبر نورد ستريم 2 بالفعل خلال فصل الشتاء المقبل.

من ناحية أخرى، تقدر غازبروم أن إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب قد تصل إلى 5.6 مليارات متر مكعب هذا العام، من إجمالي 55 مليار متر مكعب من الغاز التي ستكون قادرة على إيصالها إلى أوروبا سنويا.

لكن في أوروبا، يثير خط أنابيب الغاز مخاوف عدة دول، خاصة في الشرق، لأنه يزيد من الاعتماد الطاقي الأوروبي على روسيا، التي لم تعد تعتمد على أوكرانيا لنقل الغاز إلى القارة العجوز.

ونوهت الصحيفة بأن الولايات المتحدة أرادت إيقاف المشروع بالعقوبات لأنها تعتبر أن خط أنابيب الغاز يقوي روسيا، ومن هنا، عمدت إلى خلق مخاطر لأوروبا بسبب اعتمادها على الغاز الروسي وتهديد أمن الطاقة في أوكرانيا.

لكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سحبت معارضتها للمشروع في يوليو/تموز 2021، من خلال الاعتراف بأنه لم يعد هناك مجال لإيقاف المشروع.

من جانب آخر، أدت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة سابقا على المشروع، إلى تعليق العمل في ديسمبر/كانون الأولى 2019، عندما أعلنت شركة "كل البحار" السويسرية، المسؤولة سابقا عن بناء قسم الغواصات في نورد ستريم 2، انسحابها النهائي من بحر البلطيق.

لذلك أثارت جدوى المشروع شكوكا، لكن شركة غازبروم والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قالا دائما: إنه في حالة فشل أي شيء آخر، فإن موسكو ستتحمل مسؤولية كل المهام والتكاليف لإنهاء المشروع.

أقصر طريق

وبعد عام من التوقف والبحث عن بدائل أخرى، تولت روسيا في النهاية مسؤولية القسم الأخير من العمل، الذي يعبر المناطق الاقتصادية والمياه الإقليمية لخمس دول: روسيا وفنلندا والسويد والدنمارك وألمانيا.

ووفقا لما قاله ميلر في يوليو/تموز 2021، فإن خط الأنابيب سيخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأوروبيين نظرا لاعتماد أقصر طريق لنظام نقل الغاز الذي سيؤمنه نورد ستريم 2، فهو أقل بنحو ألفي كيلومترا إلى ألمانيا مقارنة بالطريق الذي يمر عبر أوكرانيا.

ويجادل أيضا بأن خط أنابيب الغاز يلبي المتطلبات البيئية الحديثة، وأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستكون أقل بحوالي 5.6 مرات من انبعاثات طريق العبور عبر أوكرانيا، بسبب قلة عدد محطات الضواغط.

ونقل موقع "ماس إينيرخيا" الأرجنتيني أنه بعد الانتهاء من خط أنابيب الغاز، لا تزال هناك تناقضات بين حكومات روسيا وألمانيا والولايات المتحدة وأوكرانيا.

وذكر الموقع أن موسكو وبرلين متمسكتان بهذا المشروع الضخم الذي تم الترويج لخطط بنائه عام 2015، رغم أنه منذ إنشائه، كان عليه أن يواجه العديد من العقبات السياسية والبيئية والاقتصادية بقيادة روسيا وألمانيا والولايات المتحدة وأوكرانيا.

في البداية، حذرت الحكومة الأميركية من أن نورد ستريم 2 قد يزيد من اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية، بحجة أنه يمكن استخدام المشروع "كسلاح تأثير" في المناطق القريبة من أوروبا.



في هذا السياق، كان الشاغل الرئيس للبلاد هو أن خط أنابيب الغاز سيؤدي إلى مشكلة اقتصادية في تعريفات العبور في أوكرانيا، لأنه من خلال المرور عبر بحر البلطيق، سيكون لدى روسيا القدرة على تصدير الغاز مباشرة إلى ألمانيا، مما يترك أوكرانيا معزولة عن الدول الحليفة الأخرى في شرق القارة.

ونوه الموقع الأرجنتيني بأن الولايات المتحدة تخشى أن تتوقف روسيا عن استخدام خط أنابيب الغاز الذي يمر عبر كييف، والذي يدر حوالي سبع مليارات يورو سنويا للعاصمة، أحد الشركاء الرئيسين لواشنطن، ويقلص حصة السوق الأوروبية من الغاز الطبيعي المسال الأميركي.

لهذا السبب، في ديسمبر/كانون الأول 2019، قرر الرئيس السابق دونالد ترامب فرض سلسلة من العقوبات ضد أي شركة كانت جزءا من بناء منشأة الغواصة التي تنفذها شركة غازبروم.

بالنسبة للبيت الأبيض، اعتبر المشروع "خطرا على أمن أوروبا"، لكن العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة تسببت في انزعاج الاتحاد الأوروبي.

ضمانات الحماية

في يوليو/تموز2021، توصلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى اتفاق مع بايدن لإنهاء النزاع وإعادة بناء العلاقات وإنهاء خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2.

ومن خلال الصفقة، ستسمح واشنطن بالاستمرار في بناء خط الأنابيب، في المقابل، ستوفر برلين ضمانات لحماية إمدادات الطاقة في أوكرانيا.

وفي بيان مشترك، تعهدت الولايات المتحدة وألمانيا "بضمان عدم استخدام روسيا بشكل غير صحيح لأي خط أنابيب غاز، بما في ذلك نورد ستريم 2، لتحقيق أهداف سياسية عدوانية باستخدام الطاقة كسلاح".

خلافا لذلك، ستنفذ الحكومة الألمانية تدابير ضد موسكو، والتي يمكن أن تؤثر على قدرتها في تصدير الطاقة إلى الاتحاد الأوروبي. في هذه المرحلة، كان المشروع الضخم قد اكتمل بالفعل بنسبة 98 بالمئة.

وأورد الموقع أن الاتفاق لاقى، رغم ذلك، مقاومة من وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، الذي قال: إنه لا تزال هناك "أسئلة كثيرة" وطالب بإجابات "أقوى" للمشاكل الأمنية التي ستنجر عن خط أنابيب الغاز.

من جهتها، أكدت الحكومة الروسية أنه مشروع "تجاري بحت" يهدف إلى تعزيز أمن الطاقة لألمانيا والدول الأوروبية.

ومن المقرر بدء تشغيل خط "نورد ستريم 2" نهاية العام 2021. وبعد تأكيد بنائه، سيكون أحد أطول خطوط أنابيب الغاز البحري في العالم التي ستعبر بحر البلطيق وستمر عبر المناطق الاقتصادية لروسيا وألمانيا وفنلندا والسويد والدنمارك.