بعد سقوط الأسد.. هل تسمح سوريا الجديدة للفصائل الفلسطينية بالعمل داخلها؟

تزعم الصحيفة أن هيئة تحرير الشام طلبت من الفصائل الفلسطينية تسليم أسلحتها
تنظر صحيفة إيرانية بكثير من السلبية إلى موقف هيئة تحرير الشام من إسرائيل والفصائل الفلسطينية فضلا عن سلوكها وسياستها الداخلية في سوريا.
وتناقش صحيفة "جوان أون لاين" الإيرانية بروز هيئة تحرير الشام، بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، بعد سقوط نظام بشار الأسد، كلاعب رئيس في المشهد السوري.
إذ أعلنت الهيئة عن توجه جديد يحمل وعودا بالاستقرار، لكنه يثير في الوقت نفسه الكثير من التساؤلات حول نواياها الحقيقية، وفق وصف الصحيفة.
وفي موقف لافت، صرح الجولاني بأن الهيئة لا تنوي الدخول في مواجهة مع إسرائيل، مقدرا أن الذريعة الإسرائيلية للتدخل في سوريا -المتمثلة في الوجود الإيراني- قد انتهت مع سقوط النظام.
ومن ناحية أخرى، تزعم الصحيفة أن هيئة تحرير الشام طلبت من الفصائل الفلسطينية المسلحة في سوريا، مثل حركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي، تسليم أسلحتها وإغلاق معسكراتها.
وفيما يخص التحديات الداخلية، فرغم وعود الجولاني بالاستقرار، شهدت سوريا موجة من الاعتقالات بحق العلويين ومصادرة ممتلكاتهم، مع تقارير عن إعدامات علنية، وهو ما قد يعيد إنتاج أنماط الصراع والانقسامات ما بعد الأسد، وفق زعم الصحيفة.

نهج غير معلن
وبالحديث عن الإجراءات ضد حماس والجهاد الإسلامي، تقول الصحيفة إن هذا النهج لن يكون سارا بالنسبة للفصائل الفلسطينية التي احتفلت بسقوط نظام بشار الأسد.
وفي الحقيقة، أغلقت مكاتب الفصائل الفلسطينية ومن بينها حماس والجهاد الإسلامي عام 2012 بعد شهور قليلة من اندلاع الثورة السورية، وذلك لرفضها دعم بشار الأسد ضد شعبه.
ومع ذلك، احتفظ العديد من الجماعات، مثل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، بمكاتبها في سوريا، بحسب ما ورد عن الصحيفة.
ولكن الآن، يبدو أن بقية الجماعات الفلسطينية الموجودة في سوريا ستواجه قيودا إضافية تحت حكم الجولاني، وفق الصحيفة.
ووفقا لمصادر سورية وفلسطينية، طلبت إدارة العمليات العسكرية التابعة لهيئة تحرير الشام من الجماعات الفلسطينية تسليم قواعدها العسكرية خارج المخيمات الفلسطينية في سوريا.
وذلك مع السماح فقط بالإبقاء على مكاتبها داخل المخيمات دون امتلاك سلاح فصائلي واقتصاره على الأسلحة الشخصية فقط.
وبخلاف ذلك، تنقل الصحيفة الإيرانية عن موقع "إرم نيوز" الإماراتي أن الفصائل الفلسطينية عقدت اجتماعا مع الجولاني في مخيم اليرموك بدمشق.

السياسة تجاه إسرائيل
ومن ناحية أخرى، تذكر الصحيفة أنه في أحدث تصريحاته، أوضح الجولاني أيضا أنه "لا يعتزم الدخول في مواجهة مع إسرائيل".
وردا على الهجمات الإسرائيلية، تنقل الصحيفة الإيرانية تصريح الجولاني، في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2024، خلال مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، بقوله إن "سوريا استُنزفت بسبب الحرب ولن تعود إلى ما كانت عليه".
وأضاف: "لقد تعب الناس من الحرب، وبالتالي فإن البلاد ليست مستعدة لحرب أخرى، ولن تدخل في أي صراع جديد".
وفي تصريح حديث، قال الجولاني: "ليس لدينا نية للدخول في مواجهة مع إسرائيل".
وبين أن "إسرائيل كانت تسعى للدخول إلى سوريا بحجة وجود إيران، وهذه الحجة انتهت الآن".
وفي تطور يعكس التوجه الجديد للحكومة الانتقالية، أفادت بعض المصادر بأن قافلة عسكرية تابعة لهيئة تحرير الشام، كانت تتحرك من دمشق باتجاه جنوب سوريا، مرت قرب مناطق احتلتها إسرائيل حديثا دون أي اشتباك، وتوجهت نحو مركز "نصيب" الحدودي مع الأردن، وفق الصحيفة.
وبعد عدة أيام من الهجمات الإسرائيلية المستمرة على البنية التحتية السورية، وتوغل قوات الاحتلال لمسافة تصل إلى 20 كيلومترًا داخل الأراضي السورية، أفادت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية بأن الحكومة المؤقتة بعثت برسالة غير علنية إلى مجلس الأمن الدولي.
ووفق ما ورد عن الصحيفة، فإن الحكومة المؤقتة تطالب مجلس الأمن الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على سوريا فورا، والانسحاب من المناطق التي توغلت فيها في انتهاك لاتفاقية عام 1974.
وذكر ممثل سوريا في الأمم المتحدة قصي الضحاك، أن "هذه المطالب جاءت بناء على تعليمات من الحكومة".
وفي هذه النقطة، تسلط "جوان أون لاين" الضوء على أن "إحجام الحكومة الانتقالية عن الإعلان العلني عن هذه الرسالة يعكس النهج الذي تتبناه الإدارة المؤقتة بقيادة الجولاني تجاه إسرائيل".
توتر ميداني
وفي 10 ديسمبر 2024، صرح رئيس وزراء المرحلة الانتقالية محمد البشير، بأن “زمن الاستقرار والهدوء قد حان في سوريا”، مضيفا: "لقد حان الوقت ليعيش الشعب السوري في طمأنينة".
ومع ذلك، وبعد أيام قليلة من الهدوء النسبي الذي يبدو أنه كان بمثابة شهر عسل للحكومة الانتقالية، تنوه الصحيفة إلى أن تقارير مقلقة ظهرت بشأن تعاملها مع الجماعات العرقية المختلفة.
إذ أفادت بعض المصادر، في 14 ديسمبر 2024، بأن قوات تابعة لهيئة تحرير الشام تستعد لمهاجمة الجماعات التي لم تقبل الخضوع لقوى الثورة.
بالإضافة إلى ذلك، تزعم الصحيفة الإيرانية، نقلا عن مصادر سورية، أن "عناصر من هيئة تحرير الشام نفذوا حملة اعتقالات واسعة استهدفت العلويين في ست مدن سورية، حيث اعتُقل أكثر من 120 شخصا حتى الآن".
وأشارت المصادر السابق ذكرها إلى أن "ممتلكات أكثر من 50 شخصا، من بينهم شخصيات بارزة في سوريا، صُودرت من قبل هذه العناصر".
علاوة على ذلك، أكدت المصادر أن "هذه الهجمات ضد العلويين زادت من الشكوك حول وعود الجولاني الأولية عند توليه السيطرة على سوريا".
في الوقت نفسه، ذكرت مصادر إعلامية سورية أخرى أن "عمليات الإعدام الميدانية التي ينفذها تنظيم الدولة عادت إلى الواجهة مجددا، حيث قُتل أكثر من 100 شخص في المناطق الغربية والشرقية من حمص خلال أربعة أيام فقط".
ونشر عناصر من التنظيم مقاطع فيديو توثق هذه الجرائم على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق مزاعم الصحيفة الإيرانية الأصولية.
وأشارت المصادر الإعلامية إلى أن التنظيم يرتكب هذه الجرائم دون أي رد فعل من هيئة تحرير الشام أو غيرها من الفصائل، بحسب زعم الصحيفة.

الموقف الأميركي
وفي ظل هذه الظروف، تنوه الصحيفة الإيرانية إلى أن عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري البارز جيم ريش، صرح قائلا: “لا يزال من المبكر الحديث عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وعلينا أن نتأنى ونتابع ما يحدث بدقة”.
وأكد أنه من المبكر القول إن الحكومة المقبلة في سوريا ستتصرف بطريقة مغايرة لنظام الأسد.
وتضيف الصحيفة أن السيناتور كريس مورفي، رئيس قسم الشرق الأوسط في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أكد أنه "من المبكر التفكير في رفع العقوبات عن سوريا".
وأوضح في الوقت نفسه أنه "من الضروري أن تبدأ الولايات المتحدة بالتواصل مع السلطات الجديدة في سوريا".
وشدد السيناتور على أنه "ليس من الحكمة أن تتجاهل الولايات المتحدة الوضع الحالي في سوريا".
وكان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب قال إن “سوريا في فوضى، لكنها ليست صديقتنا”.
وأضاف: "لا ينبغي للولايات المتحدة أن يكون لها أي علاقة بما يحدث، هذه ليست معركتنا، لندع الأمور تجري، دون أن نتدخل".
وتحتفظ الولايات المتحدة حاليا بنحو 900 جندي في سوريا، شرقي نهر الفرات وفي منطقة "فض الاشتباك" بطول 55 كيلومتراً على الحدود مع العراق والأردن.
وحاول ترامب سحب الجنود خلال ولايته الأولى لكنه لم ينجح، فيما تسود توقعات كبيرة باحتمال تكرار المحاولة بعد تسلمه منصبه في يناير/كانون الثاني 2025.