ليس حبا فيها.. لماذا تدافع أصوات صهيونية عن اتفاقية المياه مع الأردن؟

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

على خلفية انتقاد مسؤولين أردنيين العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يهدد الكيان الصهيوني بعدم تمديد اتفاقية المياه مع عمان.

وفي أحدث صور ذلك، قال رئيس حزب "يسرائيل بيتنا" عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، إنه إذا قررت الحكومة تمديد اتفاقية إمدادات المياه مع الأردن فإن ذلك سيشكل إفلاسا آخر لها، وسيفسّر في المنطقة بأكملها على أنه ضعف آخر لـ"إسرائيل" غير القادرة على حماية مصالحها الحيوية.

وعلى جهة أخرى، كتبت صحيفة "زمان إسرائيل" مقالا تنتقد فيه تلك الدعوات، مشددة على الأهمية الإستراتيجية لتمديد تلك الاتفاقية.

وبموجب اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين عام 1994، تزود إسرائيل الأردن بـ50 مليون متر مكعب سنويا من مياه بحيرة طبريا، يتم نقلها عبر قناة الملك عبد الله إلى المملكة، مقابل سنت واحد (الدولار = 100 سنت) لكل متر مكعب.

وفي يوليو/ تموز 2021، توصل الأردن وإسرائيل إلى اتفاق تزود بموجبه الأخيرة المملكة بـ50 مليون متر مكعب من المياه الإضافية المشتراة، بموجب اتفاقية موقعة بينهما عام 2010، انبثقت عن اتفاقية السلام الموقعة عام 1994.

ووقَّع الأردن والإمارات وإسرائيل في 2021 "إعلان نوايا" للدخول في عملية تفاوضية لبحث جدوى مشروع مشترك لمقايضة الطاقة بالمياه، إلا أن العدوان على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، حال دون توقيع الاتفاقية.

علاقة حساسة

وتنقل الصحيفة في بداية تقريرها تصريح ليبرمان، حيث قال: "سيتعين على مُتخذي القرار في إسرائيل اتخاذ قرار بشأن استمرار توفير 50 مليون متر مكعب من المياه للأردن".

وعقبت قائلة: "يبدو أن من كان جزءا من (حكومة التغيير)، وشغل منصبا تحت قيادة رئيس الحكومة السابق يائير لابيد، وكان شريكا في التحالف مع منصور عباس، رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، يتخلى الآن عن بدلة الاعتدال التي ارتداها سابقا".

واتهمت الصحيفة ليبرمان بالتناقض، إذ قالت إنه "يحاول الآن أن يتحالف من اليمين مع بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير"، وقالت ساخرة: "إننا لا نصادف كل يوم مثل هذا التحول الأيديولوجي".

وتنتقل الصحيفة لسرد أهمية اتفاقية المياه مع عمّان، فقالت: “اتفاقية المياه بين إسرائيل والأردن تساعد في الحفاظ على النسيج الهش لمصالحنا المشتركة والجار الذي نتقاسم معه أطول خط حدودي”.

مؤكدة في الوقت ذاته على أن هذه المياه "لا تذهب للأردن كهدية، حيث تحصل إسرائيل على ثمن المياه كاملا".

وشددت على أهمية بقاء نظام الحكم الملكي في الأردن متماسكا للحفاظ على أمن إسرائيل، لافتة إلى "وجود عدد من الأطراف -من إيران إلى حماس- التي ستكون سعيدة بسقوط العائلة المالكة الأردنية"، على حد تعبيرها.

وأضافت: "إذا مات الشعب الأردني عطشا -وبدون المياه الإسرائيلية سيقترب من هذا الوضع- فإن استقرار النظام في الأردن سوف يتقوض أكثر، وبالتبعية سيهتز معه الاستقرار النسبي لخط الحدود الممتد من إيلات إلى البحر والجليل، هل هذا حقا ما نحتاجه الآن؟ هل نريد فتح جبهة أخرى؟".

وأشارت إلى أنه "خلال فترة ولاية حكومة بينيت لابيد القصيرة، توسعت علاقات إسرائيل مع الأردن بشكل كبير، بما يتجاوز النقل الدائم للمياه الذي بدأ كجزء من اتفاقية السلام بين إسحاق رابين والملك حسين".

وضربت الصحيفة على هذا التوسع بالتوقيع، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، على اتفاقية "الماء مقابل الكهرباء"، التي تعهدت إسرائيل بموجبها ببناء محطة لتحلية المياه تتدفق من خلالها المياه إلى الأردن، مقابل بناء حقل للطاقة الشمسية في الصحراء الأردنية يزود إسرائيل بالكهرباء النظيفة.

ورأت الصحيفة أن "هذا مثال كلاسيكي لحالة يُترجم فيها التعاون في مجال الموارد الطبيعية والبيئة إلى تعزيز التحالف والمصالح الجيوسياسية، ويستفيد الجميع".

وتنتقد "زمان إسرائيل" ليبرمان، فهو كان وزير المالية في الحكومة التي وقعت على هذا الاتفاق، بل وبحسب الصحيفة، فإنه "كان فخورا به آنذاك".

وسألت الصحيفة وزيرة الطاقة الإسرائيلية آنذاك كارين الحرير، التي وقعت الاتفاق، عما إذا كان ليبرمان قد أبدي اعتراضات بشأن الاتفاقية،  فأجابت: "لم أسمع مثل هذا التحفظ، ربما كان في قلبه".

وتضيف ساخرة: "يتبقى فقط أن يقترح ليبرمان على وزير الدفاع يوآف غالانت إبادة إسماعيل هنية في غضون 48 ساعة". 

وبحسب الصحيفة فإن "معضلة مقترحات ليبرمان تكمن في أنه يواجه منافسة شديدة من الحكومة الحالية في التصرفات الشعبوية المتجاوزة لكل القواعد"، مشيرة إلى أن "اقتراحاته قد  تلقى آذانا صاغية على حساب الأمن القومي".

معرضة للتوقف

وتقول الصحيفة العبرية إن "اتفاقية المياه مع الأردن كانت معرضة للإيقاف أساسا، لولا تصدي الأردن للصواريخ والمسيرات الإيرانية التي استهدفت إسرائيل".

فبعد وقت قصير من دخول إيلي كوهين إلى وزارة الطاقة في بداية عام 2024، صدرت تقارير من الوزارة مفادها أنه يتم النظر في وقف إمدادات المياه إلى الأردن على خلفية تصريحات قاسية لمسؤولين أردنيين بشأن سلوك إسرائيل في غزة.

لكن في لحظة الحقيقة، عندما أبحر سرب الطائرات الإيرانية بدون طيار نحونا وحلقت في سماء الأردن، أصبح من الواضح أن مصالح الأردن وإسرائيل لا تزال في نفس الجانب.

ثم قام الأردنيون بدور نشط في الاعتراض، وتراجع وزير الطاقة وأعلن أنه في ضوء ذلك يحق لهم الاستمرار في الحصول على المياه.

ورأت الصحيفة أن "دفاع الأردن عن أمن إسرائيل كاف لتجديد اتفاقية المياه"، بينما “ليبرمان لا يرى حقيقة أن الأردنيين حموا حياة سكان إسرائيل”.

وأوضحت أن الوزير اليميني "يعترض على التعاون مع الأردنيين طالما لا يتصرفون وفق الأجندة الصهيونية".

وتعترض الصحيفة على طريقة تفكير ليبرمان ، حيث تنقل سخرية أحد النشطاء، الذي قال معقبا على تصريحات الوزير السابق: "يمكنك القتال مع العالم كله، لكنني لا أعتقد أن الأمر سيكون ناجحا إلى هذا الحد".

كذلك وصفت الصحيفة حملة ليبرمان بأنها "خرقاء"، وعللت ذلك بأنها تجهل الحقائق ولا يصلها أي تحديثات. 

موضحة: "فبينما يتحدث عن 50 مليون متر مكعب سنويا، وفقا لبيانات سلطة المياه، تحول إسرائيل للأردن سنويا حوالي 105 ملايين متر مكعب، حيث ضوعفت الكمية منذ عدة سنوات".

وتختم الصحيفة مقالها بالحديث عن مستقبل اتفاقية الماء مقابل الكهرباء، فقالت: "يبدو أن الحرب وضعت الاتفاقية في حالة (تجميد عميق)". 

لكن تنقل الصحيفة عن مصادر ميدانية، أن "العلاقات بين المسؤولين الأمنيين والبيروقراطيين في إسرائيل والأردن يتم الحفاظ عليها طوال الوقت، حتى لو كانت منخفضة للغاية".

وتضيف "جُمدت الاتفاقية ولكنها لم تُلغَ، أي أن الأردنيين لم يتخذوا خطوات لا رجعة فيها، ويبدو أنهم ينتظرون ستة أشهر بعد الحرب ليعودوا إلى الترويج لها".

وأخيرا، تدعو ليبرمان للعدول عن مقترح إلغاء اتفاقية المياه، حيث رأت أنه يجب "حماية هذا النسيج الرقيق" من العلاقات الأردنية الإسرائيلية. 

وأضافت: "حقيقة أن هذا الاقتراح خرج من شخص يفترض أن يكون شريكا مهما في الحكومة في اليوم التالي للإطاحة بنتنياهو، هو أمر مقلق للغاية".