إسرائيل بالخلفية.. تساؤلات مصرية عن مقابل صفقة مليارية غامضة مع الإمارات

ما المقابل؟.. تساؤل طرحه بقوة ناشطون على منصة إكس، عقب إعلان النظام المصري، توقيع صفقة "استثمار مباشر" بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات، تهدف إلى تنمية منطقة رأس الحكمة بمحافظة مطروح شمال غربي مصر.
رأس الحكمة تقع شرق مطروح بنحو 70 كيلو وعلى بعد نحو 200 كيلو متر غربي الإسكندرية، وهي منطقة منتجعات سياحية راقية وشواطئ تشتهر بالرمال البيضاء يقصدها الأثرياء خلال أشهر الصيف.
وزير الإسكان المصري عاصم الجزار ووزير الاستثمار الإماراتي محمد ﺣﺴﻦ اﻟﺴﻮﻳﺪي، وقعا في 23 فبراير/شباط 2024، عقود مشروع تطوير وتنمية منطقة رأس الحكمة، باستثمارات إماراتية قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إنها قد تدر في النهاية ما يصل إلى 150 مليار دولار.
وأوضح في مؤتمر صحفي، أن المشروع سيتضمن استثمارا أجنبيا مباشرا بقيمة 35 مليار دولار تدخل الدولة خلال شهرين، منها الدفعة الأولى 15 مليار دولار، والثانية 20 مليار دولار، وسيكون للدولة المصرية 35 بالمئة من أرباح المشروع.
وجاء الإعلان عن الصفقة المصرية الإماراتية بينما تشهد مصر أزمة اقتصادية حادة ونقصا في العملة الأجنبية وانخفاضا في قيمة الجنيه المصري، وارتفاعا غير مسبوق في أسعار السلع والمنتجات الغذائية، وتضخما في الديون الخارجية ونقصا في إيرادات قناة السويس.
وأثارت الصفقة موجة غضب واستياء واسعا بين الناشطين وعدوها بمثابة تفريط في الأرض المصرية مقابل تسديد الديون التي تسببت السياسات الاقتصادية الفاشلة للنظام الحالي في تضخمها وتبديدها على مشاريع فاشلة لم تدر عائدا اقتصاديا.
وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #رأس_الحكمة، #مشروع_رأس_الحكمة، وغيرها، خلصوا إلى أن الصفقة ثمن يدفع رئيس الإمارات محمد بن زايد، للسيسي لقبول تهجير الغزاويين من أرضهم إلى سيناء خدمة للاحتلال الذي يشن حرب إبادة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ما المقابل؟
وتفاعلا مع الأحداث، قال الكاتب قطب العربي، إن صفقة رأس الحكمة تطرح استفهامات كثيرة تحتاج إلى شفافية والحد الأدنى أن تطرح الاتفاقية على البرلمان (رغم تشوهه).
وأضاف: "لا نعرف بالضبط كم المبلغ الجديد الذي سيدخل البنك المركزي؟ هل هو 35 مليارا كما تدعي الحكومة أم 24 مليارا أم فقط 11 مليارا كما تقول الشركة الإماراتية؟"
وتساءل: "ماذا عن (الديون الإمارتية التي جرى حديث بشأنها) هل تم إسقاطها تماما أم تحويلها إلى العملة المصرية فقط كما يظهر من بعض الشروحات؟ وهل سيتم توفيرها في هذه الحالة من خلال طبع بنكنوت جديد ما يزيد التضخم في السوق؟ أم كيف سيتم ذلك؟ وإذا كانت هذه الـ ١١ مليارا ستسحب من البنك المركزي فمعنى هذا أن الاحتياطي الأجنبي سيفقد هذا المبلغ، وكيف سيتم استثمارها في مشاريع متنوعة في عموم محافظات مصر؟"
وتابع العربي تساؤلاته: "هل مبلغ الـ 35 أو الـ 24 مليارا هي ثمن أرض المشروع أم قيمة حق الانتفاع وما مدته؟ ما الضمانات لعدم تكرار ما فعلته شركة إعمار الإماراتية أيضا بانسحابها من العاصمة الإدارية بعد الاتفاق معها وما صاحبه من ضجة إعلامية مماثلة؟"
ورأى أن السؤال الأهم: "بما أن هذا الاستثمار هو استثمار سياسي لإنقاذ نظام السيسي فما هو الثمن السياسي الذي ستدفعه مصر ؟ وهل سيكون داخل مصر فقط أم سيمتد إلى مواقف إقليمية يختلف فيها الموقف المصري مع الإماراتي مثل السودان والصومال وأثيوبيا الخ؟"
وأشار الحقوقي حسام بهجت، إلى أن المسؤولين المصريين والإعلام الرسمي كانوا حتى أسابيع قليلة يصرخون ويلمحون إلى أن الإمارات تحارب مصر عبر دعم إثيوبيا وتسليح ومساندة حميدتي ضد الجيش السوداني ونشاطها العسكري في القرن الإفريقي، قائلا: "من حقنا نسأل ماذا تغير؟ ما المقابل؟"
ووصف الصحفي وائل جمال، الصفقة بأنها "حقنة منشط تعيد النفس في مواجهة أزمة طاحنة"، مؤكدا أن ضخ 185 مليار دولار لا يمكن إلا أن يكون قرارا سياسيا له أبعاد إقليمية.
وذكر بأن موقف الإمارات الإقليمي واضح وتحالفاتها واضحة في لحظة فيها حرب إبادة في غزة وحرب حقيقية على لبنان، قائلا إن "المستور أكبر بكثير من المكشوف".
وتساءل سعد الدوسري: "ما المقابل الذي يطلبه ابن زايد على المستوى السياسي أمام هذه الأموال بعيدا عن الأراضي والمنتجعات في رأس الحكمة؟ هل لذلك علاقة بغزة؟"
البيع لإسرائيل
وفي إشارة إلى أن الإمارات مجرد واجهة للكيان الإسرائيلي لشراء الأرضي المصرية، أكد الناشط يحيى غنيم، أن أي صفقة أو عمل مشترك مع الإمارات التي وصفها بـ"العبرية" هو ضد المصالح المصرية.
وأوضح أن "الإمارات هي الوجه الوقح لإسرائيل، وكل وجود لها في مصر هو وجود إسرائيلي ولا يمكن أن يكون لمنفعتنا، قائلا: "لا يأتي الغراب بغير الخراب".
وتساءل فارس طاب: "ما مقدار الاحتياطي النقدي الإماراتي عشان تعقد صفقة بقيمة 150 مليارا؟ ودفعة أولية 35 مليارا؟ هل الإماراتي يستطيع بيع هذا الاستثمار المزعوم للكيان الصهيوني دون الرجوع للمصري؟"
وواصل تساؤلاته: "هل هذه الصفقة هي ثمن موافقة النظام المصري على تهجير أهل غزة بشكل غير مباشر يجنب النظام سخط الشعب؟"
وقال المغرد مازن: "كده رأس الحكمة انضمت لأختها أم الرشراش المحتلة".
وكتب الناشط هيثم أبو خليل: "نصرخ ونعلن رفضنا بيع مصر لوكلاء الاحتلال الذين يتآمرون على مصر في السودان وإثيوبيا وليبيا، حتى لا يقول التاريخ يوما صمتم يوم باعت العصابة قلب مصر في تيران وصنافير ورأس الحكمة بينما أهدروا تريليونات في الصحراء وقبلها في توشكي".
خيانة وتفريط
وتحت عنوان "الصفقة المشبوهة والمغشوشة"، تعجب الإعلامي أحمد عطوان، من احتفال المسؤولين المصريين ببيع أرضهم وسعادتهم بالتفريط في مدن كاملة بدولتهم وإقامتهم الأفراح ابتهاجا بنقل ملكية تراب بلادهم إلى بلد أخرى، مؤكدا أنهم يكذبون على أنفسهم وعلى الناس ويسمون ذلك "استثمارا".
وأضاف أن "البيع للأرض والتفريط في الملكية، والتنازل بثمن بخس، ليس استثمارا، وإنما خيبة وخيانة كبرى".
وقال الحقوقي أسامة رشدي: "عندما يعقد بن زايد صفقة بـ 35 مليار دولار مع نظام السيسي كما أعلن ضعوا أيديكم على قلوبكم، كل صفقات ابن زايد كانت دائما ثمنا لأغلى ما تملكه مصر".
وأضاف أن أبرزها التنازل عن حقوق مصر التاريخية والقانوني في النيل والتي وقع عليها السيسي على بياض في اتفاق مبادئ سد النهضة مع إثيوبيا في مارس 2015 والتي كتبت في الإمارات بوساطة محمد دحلان، وجميعكم تعرفون الباقي والآثار الكارثية التي مست أمن مصر المائي، والذي ستعاني منه كل الأجيال القادمة والتي ستلعن السيسي وعهده الكئيب.
وأكد رشدي: "الحداية ما بترميش كتاكيت!! فانتظروا ما سيحدث قريبا في سيناء ومشاريع الصهاينة بتهجير أهل غزة وصفقة القرن".
وقالت الإعلامية سمية الجنايني: "الإمارات انتهت من الاستحواذ عليها وعلى المطار هناك بالإضافة لموانئ البلد، وستسحب وديعتها من البنك المركزي وتدخلها كاستثمار، وعارفين مصر ستحصل على كم مقابل كل هذه المدينة؟"
وأضافت: "في صفقات الغاز والبترول تصل نسبة الشريك الأجنبي في بعض الأحيان لنسبة 95 بالمئة - تخيلوا.. متزعلوش بقى لما تيجي الأجيال القادمة وتقول إن المصريين باعوا بلادهم للصهاينة، وتعرفوا مين اللي باع أرضه المصريين ولا الفلسطينيين المتمسكين بأرضهم رغم القتل والجوع".
وذكر رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، بأن أرض رأس الحكمة أملاك الشعب المصري، قائلا: "عندما تقوم حكومة بعمل صفقة على أملاك الشعب المصري، خاصة مع جهة أجنبية، فمن حق الشعب المصري أن يعرف تفاصيل الصفقة، وأن يطلع على عقود الصفقة، فهي مشروع استثماري وليست سرا حربيا، إلا إذا كان في الصفقة أسرار مشينة يخافون أن يطلع عليها الشعب المصري".
وأشار إلى أن كلمة رئيس وزراء مصر مصطفى مدبولي عقب توقيع اتفاق رأس الحكمة كانت محصورة في أنها ستحل مشكلة النقد الأجنبي، أزمة العملة.
وأضاف أن لم يتكلم عن توظيفها لأي تنمية اقتصادية حقيقية، كتطوير الصناعة أو الزراعة أو التصدير أو التعليم أو الصحة أو البحث العلمي، وكل ما في رأسه أزمة العملة، متسائلا: "هل هذا يبشر بخير؟"
أكاذيب النظام
ورفضا لترويج النظام أكاذيب عن جدوى الصفقة، أشار الإعلامي أسامة جاويش، إلى أن الإعلام لديه أوامر وتوجيهات للترويج إلى انخفاض أسعار السلع والمنتجات بعد توقيع أكبر صفقة استثمار في تاريخ مصر.
ولفت إلى ترويج الإعلاميين إلى أن الصفقة سيتبعها انهيار في السوق السوداء، وتراجع أسعار السيارات في دكرنس وميت غمر، وتعيين مئات الآلاف من المصريين في مشروع رأس الحكمة، وعدم وجود تعويم وغلاء أسعار ثاني.
وسخر الكاتب أحمد بيومي من الصفقة قائلا: "تصور في الوقت اللى بيبشروا فيه الغلابة إنهم باعوا رأس الحكمة وأن الدولار بينهار.. وبكرة كمان الأسعار.. تقرأ خبر أن البرلمان بيناقش قرار الحكومة لرفع سعر جواز السفر من 250 جنيها إلى ألف جنيه.. طب يا إخونا اصبروا شويه لحد ما الناس تنسى الكذبة".
وتهكم الأكاديمي ثروت نافع، على الصفقة بالقول: "حاجة كدة زي تفريعة قناة السويس اللي حتنقل مصر إلى دولة غنية!"، مضيفا: "طالما ليس هناك شفافية معلومات ومراجعة من جهة حيادية مفيش فايدة في أي فلوس تدخل البلد.. سيبتلعها الفساد كالعادة!".
كما تهكم السينمائي عمرو واكد قائلا: "لو كانت فلوس تيران وصنافير نفعت يبقى فلوس رأس الحكمة تنفع"، مؤكدا أنها نفس بالونة ضربة معلم بكل تفاصيلها، مع اختلاف أننا في حال أسوأ بكتير، لكن ذاكرة السمك أقوى من ذاكرة الكثير".