العراقي مؤيد اللامي.. من عازف طبلة إلى رئيس الاتحاد العام للصحفيين العرب

يوسف العلي | منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

"عازف طبلة، متملق شهير، ومتهم بالتزوير والسرقة"، كل هذه المسميات تطلق على مؤيد اللامي، رئيس الاتحاد العام للصحفيين العرب، ونقيب الصحفيين العراقيين، الذي يُتهم بتحويل النقابة إلى ملكية خاصة تعمل إلى جانب السلطات ضد الإعلاميين في العراق بدلا من وقوفها إلى جانبهم.

ويشغل اللامي منصب نقيب الصحفيين في العراق منذ عام 2008 والتي من المقرر أن تنتهي دورته الحالية في عام 2025، وهي أطول مدة يشغلها نقيب في تاريخ النقابات العراقية، واختير رئيسا لاتحاد الصحفيين العرب (مقره القاهرة) منذ عام 2016 وحتى اليوم. 

شهادات مزورة

منذ تولي اللامي نقابة الصحفيين العراقيين خلفا لنقيبها السابق شهاب التميمي على يد مجاميع مسلحة في بغداد عام 2007، تحوم حوله شبهات تزوير الانتخابات التي أوصلته إلى كرسي النقيب ثم إحكام قبضته عليه وإحاطة نفسه بمجموعة من المنتفعين، وفق إعلاميين عراقيين.

عملية انتخاب اللامي نقيبا للصحفيين عام 2008، شكك في شرعيتها 80 بالمئة من أعضاء الهيئة العامة للنقابة والمراقبون لعملية الانتخابات، حيث تخللت الجلسة الكثير من الانتهاكات العلنية والاعلانية والدعائية داخل القاعة، وفق مقال للصحفية العراقية زكية المزوري، نشره موقع "كتابات" عام 2011.

الكاتبة تؤكد أن اللامي مزوّر لشهادة الإعدادية (الثانوية العامة)، وأن مديرية تربية مدينة العمارة (مسقط رأس اللامي) جنوب العراق لم ترد على خطاب كلية الإعلام بجامعة بغداد، والذي تستفسر فيه عن صحة صدور وثيقة التخرج من الثانوية باسم الأخير.

وذكرت المزوري أن اللامي عرف في مرحلة ما قبل الاحتلال الأميركي بالتملق لرئيس النظام العراقي السابق صدام حسين، ونجله عدي، حتى كانت آخر مقالاته التي كتبها في 24 أبريل/ نيسان 2022 بصحيفة "ميسان" التي كان يدريها، بعنوان "أصبع من جفك (كفك) يسوه أميركا وما بيها".

وفي عام 2015، أثار اللامي حفيظه العراقيين عندما تحدث بلغة الطائفية عن مدينة الأعظمية ذات الغالبية السنية، بل تمادى باستهزائه بالرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدين، من خلال سرد النكات الساخرة مع مجموعة من الأشخاص.

وعلى إثر ذلك، استنكرت لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في البرلمان العراقي اساءة اللامي، ودعت مجلسي النواب والوزراء والقضاء بوقفة جادة لمحاسبته على هذا الاستهزاء والتجاوز، فضلا عن إقالته من منصبه.

لكن نقابة الصحفيين أصدرت في وقتها بيانا ادعت فيه أن ما نسب إلى نقيبها مؤيد اللامي هو "تسجيل مزور ومدبلج"، مشددةً على أن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) خط أحمر ومدينة الأعظمية لكل العراقيين.

"فساد وسرقة"

وفي هذا الصدد، يقول الصحفي عدي الكعبي لـ"الاستقلال" إن "اللامي حوّل النقابة من منظمة غير حكومية، تدافع عن الصحفيين، إلى دائرة مرتبطة برئاسة الحكومة، ونقيبها أشبه بوزير فيها". 

وأوضح: "لو جربت مراجعة النقابة، لما وجدتها تختلف عن أية مؤسسة حكومية، من بداية الاستعلامات، أما إذا أردت مقابلة معالي النقيب، فعليك أن تخترق الحرس الحديدي لمكتبه المحصن. فقد تحول اللقاء إلى حالة ولادة عسيرة، لأي صحفي من الهيئة العامة". 

وأكد الكعبي أن "النقابة لا تقف إلى جانب أعضاء الهيئة العامة، في كل ظروفهم وخصوصا المرضية كونهم تقدم بهم العمر، لكنها والحق يقال تخط له أكبر لافتة لنعيه، أما الاعتداءات التي يتعرض إليها الصحفي، فلا نشعر بوجود النقابة في ظهرنا، فما قيمة المبنى والهيلمان المحاطة به؟".

وأشار إلى أن "النقابة لا تقدّم أي شيء للصحفيين، فإن لجنة مراجعة طلبات الزملاء، لا سيما الذين رقنت قيودهم بسبب عدم التجديد، فهذه اللجنة معطلة من سنتين، وبالتالي إجراءاتها بهذا الشأن متوقفة بانتظار القرار السامي لمجلس النقابة الموقر باستئناف عملها".

وبيّن الكعبي أن "عمل النقابة حاليا يقتصر على جمع الاشتراكات وهي مبالغ طائلة سنويا، إضافة إلى أن قصر السجود الرئاسي في الأعظمية ببغداد، والذي منحته الحكومة ليكون ناديا للصحفيين قام اللامي بمنحه لأحد المستثمرين، ولا نعلم إلى أين تذهب كل هذه الأموال". 

وتساءل الصحفي العراقي، قائلا: "من سرق مكافآت ثلة من الصحفيين، الذين لم يحصلوا على المكافأة الحكومية في عيد الأضحى لعام 2024، والتي ادعت النقابة أنه كان مجرد خطأ إداري، أم أنها ذهبت لصالح (المول) الذي يمتلكه اللامي في منطقة زيونة ببغداد".

ولفت إلى أن "اللامي منذ قدومه إلى النقابة كان مسنودا من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وأنه كان يعمل لصالحه رغم أن الأخير عرف بطائفيته وعبثه في العراق، كونه من كان سببا في جلب تنظيم الدولة ليسيطر على ثلث مساحة البلد".

"عازف طبلة"

وبخصوص بدايات اللامي في العمل الصحفي، أكد الإعلامي العراقي المعروف مؤيد عبد القادر رئيس تحرير صحفية "الصوت" العراقية، أن "نقيب الصحفيين الحالي ليس له علاقة بالمهنة الصحفية، لأنه كان طابل يعزف على الطبلة، وباللهجة البغدادية (دمبكجي)".

وأضاف عبد القادر خلال مقطع فيديو نشره على قناته في "يوتيوب" عام 2022، أن "اللامي يرفض تجديد هويتي الصحفية لأنني انتقد نوري المالكي (رئيس الوزراء الأسبق)"، واصفا النقيب الحالي بأنه يشكل "علامة سوداء" في تاريخ نقابة الصحفيين العراقيين.

من جهته، قال مقدم البرامج السياسية الإعلامي العراقي حسام الحاج، إن "نقابة الصحفيين حاليا هي بمثابة شرطي السلطة على المهنة، وبالطريقة ذاتها على ما كانت عليه في عهد نظام البعث بقيادة صدام حسين".

وأضاف الحاج خلال مقابلة على "يوتيوب" في 28 فبراير/شباط 2025، "النقابة فيها فساد، وحالة من الإثراء غير المشروع للأشخاص القائمين عليها، وهذا بحاجة إلى مساءلة حقيقية، وهذا واقع".

وتابع: "نقابة الصحفيين أصبحت امتدادا طبيعيا للحالة التي رسمت بنظام البعث، لأن الدستور العراقي في عام 2005 لم يرد منها أن تكون بهذا الشكل، لأنه ضمن التعددية النقابية وفصل النقابات عن جسد الدولة".

وأكد الحاج أن "دور نقابة الصحفيين حاليا يقتصر فقط على الإثراء غير المشروع، وأن قصر السجود الرئاسي في الأعظمية (إحدى القصور الرئاسية التي شيدها الرئيس الأسبق صدام حسين)، أعطى استثمارا والأموال تدخل إلى جيوب القائمين على النقابة".

وأشار إلى أن "معظم الدعاوى القضائية التي ترفع ضد الصحفيين تقف النقابة إلى جانب الجهة التي رفعتها بالضد من الصحفي، وبالنتيجة تحتاج هذه النقابة إلى هدم وبناء من جديد بطريقة حقيقية". 

"مواقف مخزية"

ولد مؤيد عزيز جاسم اللامي بمحافظة ميسان جنوب العراق عام 1962، خريج كلية الإعلام في جامعة بغداد، متزوج ولديه ثلاثة أبناء، وكان في مطلع عقد الثمانينيات يعمل مراسلا لحساب صحيفة (العراق) وإذاعة "بغداد" وصحيفة "بابل" ومدير تحرير لصحيفة (ميسان).

يواجه اللامي أيضا، انتقادات بسبب صمته حيال حرب الإبادة التي يتعرض لها قطاع غزة على يد الاحتلال الإسرائيلي، فإن النقابة صدر عنها بيان واحد في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حين استنكرت استهداف صحفيي وكالة "رويترز" وقناة "الجزيرة" في جنوب لبنان.

وبعد هذا البيان الوحيد، التزم اللامي الصمت، وبالتالي لم يصدر أي موقف عن نقابة الصحفيين العراقيين أو إقامة فعاليات ضد الاحتلال الإسرائيلية وجرائمه، التي استمرت تنال الأبرياء، إضافة إلى العاملين في مجال الإعلام، منذ عام 2023 وحتى اليوم.

وحتى موقف "الاتحاد العام للصحفيين العرب" الذي يتهم اللامي أنه يرأسه منذ عام 2016 بفعل الأموال التي اشترى بها أصوات من انتخبوه، اقتصر على بيانات إنشائية ينشرها موقعه الإلكتروني.

وعلى ضوء كل ما تقدم، فإن حالة الغضب بين الصحفيين العراقيين تتصاعد ضد نقيب الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي الذي يشغل المنصب منذ عام 2008 وحتى اليوم، خصوصا مع تخطيط الأخير للإتيان بشخصية ضعيفة لتحل محله في منصب نقيب الصحفيين بالانتخابات المقرر في 2025.

وأكد مصدر من الهيئة العامة في نقابة الصحفيين لـ"الاستقلال"، طالبا عدم الكشف عن هويته، إن "اللامي يسعى إلى تقديم شخصية ضعيفة لتحل محله حتى يبق هو من يتحكم به لحين انقضاء ثلاث سنوات، ثم يعود هو ليرشح نفسه مجددا للعودة إلى المنصب".

ولفت إلى أن "اللامي يرفض تغيير صفة آلاف الصحفيين حتى لا يصعدوا إلى مرتبة عضو عامل التي تؤهله لأن ينتخب النقيب ومجلس النقابة، لأنه حاليا حصرها بعدد قليل نسبة إلى مئات الآلاف من الصحفيين".

وبحسب المصدر، فإن "اللامي أسوأ من شغل منصب نقيب الصحفيين، وأصبح رجل أعمال ويلتقي بأمراء وشيوخ دول الخليج، ورؤساء الدول العربية، وليس له علاقة بالعمل الصحفي والدفاع عن جميع الإعلاميين".

وكشف المصدر عن تحرك العديد من الصحفيين المعروفين في العراق، للتحضير لاحتجاجات أمام مقر النقابة في بغداد ضد مؤيد اللامي، الهدف منها تحرير هذه المؤسسة من قبضته وإحالته للقضاء للكشف عن السرقات التي جرت طيلة مدة توليه المنصب.