مناضل تونسي: زمن الزعامة الفردية انتهى.. وسعيد سيواجه ثورة أشد

"لا يوجد شخصية وطنية لها ثقلها تقف اليوم إلى جانب سعيد"
قال المناضل اليساري التونسي عز الدين الحزقي: إن أمل تونس ينعقد على الشباب في مواجهة الاستبداد القائم الآن في البلاد بسبب حكم رئيس النظام الحالي قيس سعيد، معربا عن تفاؤله بدورهم لاستعادة الثورة والدولة الحقيقية في البلاد.
وفي حوار مع "الاستقلال"، أكد الحزقي أن هؤلاء الشباب يمثلون العمل الجماعي الذي يعاديه قيس سعيد ويعاديه كل مستبد يرى في نفسه الزعيم الأوحد، موضحا أن زمن الزعامة الفردية قد انتهى.
وأوضح أن العقلية التي يحكم بها قيس سعيد تونس تعود إلى القرون الوسطى خصوصا على مستوى التعامل مع المعتقلين في سجون البلاد.
وأكد “شيخ المناضلين التونسيين” أن مخابرات من دول عدة تدخلت في الشأن التونسي وأوصلته إلى هذا الحال، مبينا أن سعيد كان المستفيد الأول من هذه التدخلات.
وفي هذا السياق، لفت إلى أن قصف أسطول الصمود أخيرا (المتجه نحو قطاع غزة لكسر الحصار عنه)، قبالة السواحل التونسية، عمل من صنيعة متعاونين مع إسرائيل موجودين داخل تونس، حسب رأيه.
وعز الدين الحزقي (79 عاماً) من أبرز مناضلي اليسار التونسي منذ السبعينيات، برز نشاطه عبر حركة آفاق/برسبكتيف.
تعرّض للاعتقال مطوّلًا بين 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1973 ومايو/أيار 1979 بسبب نشاطه السياسي، ووثّق تلك التجربة في كتابه "نظّارات أمي".
كما ترشح ذات مرة للانتخابات الرئاسية ضد رئيس النظام الأسبق زين العابدين بن علي، فضلا عن تأسيسه شبكة "دستورنا" للحقوق والحريات.
وعارض أيضا حكومات ما بعد الثورة بمختلف رؤسائها وانتماءاتهم، ويعارض بشدة حاليا انقلاب 25 يوليو/تموز 2021 الذي نفذه قيس سعيد.

استبداد سعيد
في أغسطس 2025، تعددت حالات الوفاة الغامضة في سجون تونس.. برأيكم هل وصل الأمر بقيس سعيد إلى عدم الاكتراث بمثل هذه الأحداث؟
مبدئيا سعيد لا يهتم بالإنسان، فالمواطن آخر همه وليس ضمن حساباته، هو يريد أن يبقى في السلطة حتى إن كان مقابل ذلك القضاء على الإنسان التونسي وحتى غير التونسي.
سعيد احتكر دواء وباء كورونا ثم أفرج عنه بعد الانقلاب (تجميد البرلمان وإقالة الحكومة وتوليه السلطة التنفيذية بالكامل في يوليو/تموز 2021) بيومين.
وفي أثناء تلك المدة توفي 20 ألف تونسي، فهل ننتظر منه أن يكون حريصا على المواطن المسجون أو غير المسجون؟ الديكتاتور لا يملك قلبا ولا عقلا.
الديكتاتور الذي يحكم تونس يظن نفسه نبيا مرسلا وجاء لينقذ الإنسانية وبالتالي من يموت فهذا قدره في نظر قيس سعيد وهو يبرئ نفسه من مثل تلك الجرائم.
أما على مستوى السجون فنحن في تونس نعيش سياسة سِجنية تعود إلى القرون الوسطى (عقلية قروسطية)، بمعنى أن القائمين على السجون في البلاد مشبعون بأفكار وقوانين قروسطية.
الطاقة الاستيعابية للسجون في تونس هي 17 ألف مسجون، ولكن اليوم يوجد 33 ألفا منهم.
طبعا هذا يترتب عليه نقص في كل المرافق داخل السجون من الأسِرة والمراحيض والخدمات والطعام والشراب وحقوق المسجون بشكل عام، فطبيعي أن يموت المريض ويمرض الصحيح.
الرسالة واضحة من قيس سعيد للمسجونين: موتوا أو اذهبوا إلى الجحيم! وطبعا المسؤولون في السجون عندما يرون رئيس الدولة لا يكترث ولا يهتم بحياة المسجون فلن يهتموا به إذا رأوه يشرف على الموت، بل قد يحاولون أن يتخذوا إجراءات تؤدي إلى موته.
والقاضي الذي يحكم الآن في عهد سعيد لا يحسن تطبيق المبدأ العام للقانون وهو مبدأ "الحرية هي الأصل".
القاضي الآن أيضا بل ووزارة العدل التونسية لا يهمها الإنسان ولا يشعرون به. أي أحد الآن يُقبض عليه مبدئيا يدخل إلى السجن ثم بعد ذلك يُنظر في أمره! هذه مهزلة يعيشها التونسيون.
خلاصة ذلك أن عقلية قيس سعيد ومن معه هي عقلية قروسطية بكل ما تحمله من صفات.
في أغسطس 2025، جرى إغلاق آخر برنامج سياسي على الإذاعة التونسية بسبب تناوله لحالة الاقتصاد والواقع السياسي.. ما تعليقكم؟
أي مجال يعبر عن الناس سيعمل سعيد على إغلاقه، الإعلام، الثقافة، العمل المدني والمجتمعي، هذه عادة المستبدين في العالم كله، وذلك لأنه يعيش هواجس بأنه يحمل الحقيقة المطلقة.
لم نر من قبل أن القوانين تتم كتابتها على المكاتب ويتم التوجيه بتنفيذها في الحال، هذه ليست دولة.
ما الرسائل التي توجهها إلى الذين وقفوا إلى جانب قيس سعيد في تجربته وما زالوا يناصرونه؟
هؤلاء أذكرهم بالذين وقفوا مع (رئيس النظام الأسبق الحبيب) بورقيبة من قبل والذين وقفوا مع بن علي أيضا والذين وقفوا مع كل الطغاة.
اليوم لا نجد إنسانا مثقفا حقيقيا أو شخصية وطنية لها ثقلها تقف إلى جانب سعيد، كلهم تركوه مع أنصاف المثقفين والمدعين والمنتفعين والانتهازيين، لا أحد من الشخصيات المعتبرة معه، لأن من يفعل ذلك يكون مكانه في مزبلة التاريخ.
الذين وقفوا مع بن علي من قبل اختفوا فورا عندما هرب. وسعيد يعيش بمفرده في قصر قرطاج محاط بمجموعة صغيرة جدا، وهو يستغل حاجتهم ومدى استعدادهم للانتفاع فقط. هؤلاء أقول لهم أنتم في المكان الذي يليق بكم.

غياب الديمقراطية والعدالة
ترددت أنباء أخيرا عن مبادرة أميركية لاستعادة الديمقراطية في تونس.. كيف ترون هذا الأمر؟
مبدئيا الولايات المتحدة والغرب لهما تاريخ استعماري واستغلالي معروف على مدار الزمان، لا أحد من هؤلاء سيقدم لك هدايا أو أمورا إيجابية دون مقابل.
وخصوصا أميركا صاحبة التاريخ البشع في قتل شعب بأكمله، والتي أشرفت ودبرت لعشرات الانقلابات في المجتمعات المتخلفة، تاريخها كله عنف ومضاد للديمقراطية. هذا مبدئيا وتلك ثوابت لا خلاف عليها.
إذن هل سننتظر من هؤلاء أن يتعاونوا من أجل نيل حريتنا وإسقاط هذا الانقلاب الغاشم وإعادة الديمقراطية إلى بلادنا؟ إن فعلوا ذلك أهلا وسهلا بهم وإن كنت أستبعد أن يدفعوا قيس سعيد نحو ذلك.
وذلك لأن تاريخهم يقول إنهم مع مصالحهم وإن كانت تحققت بالاستبداد وقهر الشعوب.
الحقيقة نحن لسنا بحاجة إلى تدخل أميركي أو غيره، نحن نحتاج إلى دولة والدولة بمعناها الحقيقي هي دولة المؤسسات الفعلية التي لا يتحكم فيها فرد واحد. وهذا عكس ما يفعله سعيد.
هل من الممكن أن نلقي الضوء على قضية نجلكم الخبير الدستوري جوهر مبارك الحزيقي؟
كما هو معروف جوهر مناضل مستقل يعمل في حقل المجتمع المدني ألقي القبض عليه في فبراير (شباط 2025)، كالوا له الاتهامات بأنه متآمر على أمن الدولة ومحاولة قتل سعيد وحوالي 17 تهمة باطلة له ولمجموعة أخرى.
قاضي التحقيق سرد عليه 17 تهمة دون أن يسمح له بالكلام أو يستمع إليه، وأحاله إلى الإيقاف في خلال مقابلة لم تتجاوز أربع دقائق.
ومنذ ذلك الحين إلى يومنا وهو معتقل، وتم الحكم عليه ومعه أكثر من أربعين شخصا آخرين بـ 18 سنة سجنا دون أن يراهم القاضي! ووضعه الصحي في تراجع ويعاني أمراضا عديدة.
جوهر مبارك فقد وظيفته وراتبه وحياته ولا يستطيع أن يرى ابنه أو يتواصل معه خلال الزيارة بسبب المرض.
وهذه الحالة تنسحب على المئات من المعتقلين، لا لشيء سوى أن قيس سعيد اختلق تهما ولفقها لهم.
استبداد ضد المعارضة
برأيكم كيف استطاع قيس سعيد أن يفرض حالته الاستبدادية على تونس رغم زخم الحالة الثورية فيما قبل؟
هذا الديكتاتور اعتمد على العديد من المشكلات التي واجهها الثوار وأرباب الفكر الثوري عندما أصبحت الدولة في أيديهم وهم كانوا يحتاجون إلى مزيد من الوقت وهو لم يمهلهم ذلك.
وذلك لأن عشر سنوات في عمر الشعوب قليلة، وقيس سعيد ومن معه لم يسمحوا بأن تكتمل هذه المسيرة وقطعوا الطريق على الشعب وثورته.
مهما كانت الخلافات التي وقعت بين الثوار وأصحاب التغيير فهم كانوا في حاجة إلى الوقت لإرساء دعائم دولة واضحة المعالم وقوية.
ومن العوامل المهمة أيضا في هذا السياق عدم خبرة من تحملوا مسؤولية الدولة في تلك الفترة لأنهم لم يتحملوا مسؤوليات بهذا الحجم من قبل.
لذلك بقي الكثير من الثغرات، بحيث استطاعت بقايا نظام بن علي والثورة المضادة أن تنفذ وتندس في قلب تكتلات الثورة لتفسد هذه المسيرة الشعبية الثورية وهذا كله بمساعدة دول عميقة أخرى تعادي الثورات والربيع العربي مثل الإمارات والسعودية ومصر.
هؤلاء دعموا تونسيين على أن يبثوا الشكوك في الثورة والمسار الديمقراطي ويقنعوا الشعب بأن العودة إلى دولة الظلم والقهر هي أولى وأفضل لتونس حتى تستقر الأوضاع وتحت ادعاءات باطلة كثيرة استطاعوا أن يحققوا ذلك بنسبة كبيرة.
بالتالي أصبح هناك خلل كبير سمح بأن تتحكم القوى المعادية للثورة في المشهد.
المواطن التونسي وجد نفسه بين المطرقة والسندان، بين سعيد الشعبوي وبين المافيا والدولة العميقة ومع الأسف اختاروا الأول وإن كان الخياران بالأساس في غاية المرارة.
لكن هذا فخ نصبه له السعوديون والإماراتيون بل والجزائريون أيضا والمافيات التونسية وبخاصة أعداء الربيع العربي المصريين الذين انقلبوا على الثورة في بلادهم أيضا وأصبحوا مذعورين من حكم أي منهج ثوري في المنطقة العربية بل وفي العالم أجمع.
هل ترى أن إجراءات قيس سعيد ضد المعارضة قد قضت عليها بالفعل؟
المعارضة التي سيواجهها قيس سعيد فيما بعد ستكون أشد فتكا وقدرة على الثورة مقارنة بالتي قضى عليها أو يحاول القضاء عليها.
العشر سنوات التي مارسنا فيها الحرية بالإضافة إلى التآمر على الثورة والانقلاب ثم خلق حراك شبابي وإن كانت ملامحه ما زالت لم تتجل بعد، ثم وجود مناضلين في سجون المستبد، ثم ظهور أشكال مختلفة من النضال.. كل هذا يشارك في صهر وخلق معارضة من نوع جديد.
وهذه المعارضة ستكون بمذاق وفعل شبابي صاحب رؤية نوعية لن يتحملها سعيد ولا غيره.
لذلك أقول حتى وإن ظن أنه قضى على المعارضة فإن ازدهار معارضة جديدة لن يكون في صالحه ولا صالح داعميه.
أنا متأكد ـ وهذا ليس مجرد كلام أمنيات أن حوالي 90 بالمئة الآن من الشعب التونسي لديه موقف مُعادٍ للانقلاب ولسعيد ولمن معه.

مستقبل الثورة
كيف تسبب الاستقطاب في تونس في تراجع الثورة والوصول إلى الحالة الحالية؟
الاستقطاب بالأصل تقويه أجهزة مخابرات خارجية مساندة لقيس سعيد وهم من مصلحتهم أن تستمر هذه الحالة التي تجذر الانقسام بين الناس وبالتالي ينشغلون بخلافاتهم حتى يستمر الوضع الحالي.
هذه من وسائل الانقلابيين عادة وهناك دول مخابراتها لا تهدأ من أجل مساندة سعيد لأنهم يخافون ويحذرون التغيير في أي دولة، والاستقطاب أحد أسلحتهم في ذلك.
مرت خمس سنوات على انقلاب سعيد على الديمقراطية.. هل ترون أملا في استعادة الثورة قوتها وإزاحة الاستبداد عن كاهلها؟
هذا الأمر يخضع لعزيمة ومشيئة المواطن التونسي، والحل في يده، لكن هناك واقع الآن متمثل في أن القيادات التي كانت تحرك الشارع وضعها سعيد في المعتقلات لأنه يخشاهم ويخشى تأثيرهم في الناس.
وهو يعلم مدى كفاءتهم من الاتجاهات السياسية كافة، وقد اختلق لهم تهما باطلة بل مضحكة من أجل أن يسجنهم ظلما.
كان لدينا اتحاد للعمال ينحاز للشعب ولثورته، إلا أنهم الآن متواطئون ومنحازون لقيس سعيد بشكل أو بآخر.
المهم أنهم لا يعول عليهم في تحريك الشارع، بقي الأمل في حوالي مليون و800 ألف شاب الذين كانت أعمارهم بين العاشرة والاثنتي عشرة سنة أيام الثورة، اليوم هم أمل الثورة.
شباب وشابات العشرينيات، هم أمل تونس من وجهة نظري، لأنهم فتحوا أعينهم في جو من الحرية المطلقة.
تونس عاشت عشر سنوات من الحرية التي كانت تشمل تعدد أحزاب وانتخابات وبرلمانات حقيقية وصراعات فكرية وجدالات على وسائل التواصل الاجتماعي، أي أنه كان جو حرية.
هذا الجيل عاش في تلك الأجواء من الحرية بحيث يصعب جدا على أي مستبد أن يقمعهم أو يستمر في كبتهم وقهرهم مدى الحياة، هذا صعب جدا وهؤلاء هم أمل تونس برأيي والقرار بأيديهم.
وأنا أتوقع أنهم سينقذون تونس وينتزعون بلادهم من بين أيدي هذا الديكتاتور الظالم ليؤسسوا مؤسسات ديمقراطية ودولة حقيقية.
الميزة عند الشباب الآن أنهم يؤسسون للعمل الجماعي الذي هو ضد فكرة الفرد الواحد، شباب هذا الجيل الذين يستخدمون وسائل التواصل يعلمون جيدا أنهم أيديهم في أيدي بعضهم سيكونون رقما صعبا في وجه قيس وفي وجه أي مستبد. لذلك تجد المستبد دائما يكره العمل الجماعي.
وفكرة الزعامة الفردية التي يتبعها قيس سعيد هي عدو طبيعي للعمل الجماعي وللعلم.
الرسالة التي يجب أن يستوعبها سعيد الآن أن عصر الزعامة قد انتهى، والذي يدعي أنه زعيم أوحد يستطيع أن يفعل كل شيء هو إنسان كذاب ومفلس، لذلك عندي أمل في الشباب أن ينقذوا البلاد.

قضايا أخرى
أشارت الإحصاءات أخيرا إلى نمو الاقتصاد التونسي 3.2 بالمئة مقارنة بالربع الأول من هذا العام.. هل تتوقعون تحسنا خلال الفترة القادمة؟
أنا أراه نموا وهميا والواقع يؤيد ذلك، الأرقام التي تبثها الدولة غير صحيحة ووهمية من أجل تخدير الناس والواقع هو الذي يتكلم ويثبت ذلك.
وما يؤيد ذلك أيضا أن من لا يمتلك خطة واضحة ورؤية واضحة للإصلاح الاقتصادي وبرنامج تنمية وطني وأؤكد على كلمة "وطني" من المؤكد أنه سيفشل.
من أين سيأتي النجاح لقيس سعيد وهو بهذه الحالة من التردي والأداء الهزلي الضعيف؟! هذا الرجل سيبقى تابعا.
سعيد تسول من غيره 33 قرضا خلال السنوات الماضية، من البنوك التي تفرض على تونس فوائد مجحفة، فهو يقترض ليسدد قروضه! فمن أين ستأتي التنمية إذن؟! لذلك نجد الشباب يهاجر ويلقي بنفسه في البحار محاولا الهجرة.
بالتالي الغضب يتزايد لدى الشباب لأن أسس التنمية أصلا مفقودة. وهذا الفشل يأتي رغم أن سعيد يسيطر على كل مقدرات الدولة ومصادرها ولا أحد يشاركه فيها، وهذا يدل على أنه لا يصلح أبدا لقيادة الدولة التونسية.
الرجل عاجز حتى عن حل المشكلات البسيطة جدا، لذا أقول هذا فخ وقد وقعنا فيه وعلى الشعب أن ينتزع حريته بنفسه.
بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2024 تكلمتم عن ورقة برنامج وطني ينقذ تونس على مستويات عديدة.. هل من فكرة حول هذه الورقة؟
نعم، قدمنا برنامجا براغماتيا، لا يعتمد على الأحلام والأوهام مثلما يفعل سعيد، قلنا يجب أن نكون واقعيين ونحصر إمكاناتنا بشكل جديد ونحشد طاقاتنا في كل مجال.
وفعلا قدمت دراسات ضمن هذه الورقة أو البرنامج حول مقدرات تونس وكيف ندعمها على المستوى الاقتصادي بأن نقوم بمراجعة شاملة لاقتصادنا الذي فشل في تحقيق التنمية.
ثم ضرورة فتح السوق وإنهاء احتكار الدولة للتوريد والتصدير، وإنهاء استغلال ما يسمى بالأراضي الدولية وإلغاء البيروقراطية التي تستنزف البلاد.
وسياسيا من خلال بلورة تصور جديد يعيد التوازن والفصل الحقيقي بين السلطات ويمنع عودة الديكتاتورية بأي شكل.
وإعلاميا من خلال تأسيس إعلام حر ومسؤول بعد استعادة الديمقراطية، وتعليميا من خلال إصلاح جذري للمنظومة التعليمية ووضعنا لذلك خططا واضحة.
هذا كله فضلا عن باقي المجالات التي وضعنا فيها تصورات أيضا، ولكن حتى الآن لم يهتم بها أحد لأن السلطة في يد الاستبداد.
لدينا أمل أن تنتفع تونس في يوم من الأيام بهذه الورقة أو البرنامج، والخلاصة في هذا الأمر أن أي تحرك للتنمية يجب أن يكون علميا وواقعيا ووطنيا، أن نتخلص من الاقتصاد التابع الذي يجعل الآخرين يحددون مصيرنا.
ما تعليقكم على الهجوم الأخير الذي شنته إسرائيل على أسطول الصمود قبالة سواحل تونس وما دلالاته برأيكم؟
لا أعتقد أن إسرائيل هي التي ضربت الأسطول قبالة سواحلنا، تونس الآن ترتع فيها أجهزة مخابرات مختلفة ما بين مصرية وفرنسية وإماراتية وإسرائيلية وغيرها.
عجز الدولة وعجز الأجهزة عن كشف هؤلاء هو ما يجب أن يشغلنا أكثر، فيجب أن تُطرح هذه الأسئلة كيف يكون لرئيس أياد داخل بلادنا وتشغلها وتحركها كيف تشاء؟!
الذين ضربوا الأسطول هم أعوان لإسرائيل وللموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) وعندما نكون دولة حقيقية سنستطيع أن نمنع هؤلاء ونكشفهم.