أزمة تايوان تتصاعد.. ما احتمالية الصراع العسكري المباشر بين واشنطن وبكين؟

منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

بينما تواصل الصين تشديد موقفها تجاه تايوان، وترى أن أي دعم غربي للاستقلال التايواني يعد خرقا لمبدأ "صين واحدة"، فإن التوترات بين الصين والولايات المتحدة حول تايوان بلغت أعلى مستوياتها منذ عقود، مما يزيد من احتمالية الصراع العسكري المباشر.

وتستعرض صحيفة "إي ريفرانسيا" البرتغالية استعدادات القوات الخاصة الأميركية للتدخل المحتمل في حالة اندلاع نزاع بين الصين وتايوان.

تعاون رغم التوترات

تستهل الصحيفة البرتغالية تقريرها بالإشارة إلى أنه "على الرغم من أن السلطات الأميركية تؤكد أن الصراع مع الصين ليس وشيكا، إلا أن الولايات المتحدة سرعت من استعداداتها العسكرية".

وتدعي الصحيفة أن هذا الاستعداد جاء بسبب التحديث السريع للجيش الصيني، وذلك بعد أمر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بالاستعداد للسيطرة على تايوان بحلول عام 2027.

ونقلا عن صحيفة "فاينانشيال تايمز"، تقول الصحيفة البرتغالية إنه "في ظل هذا الوضع، تستعد وحدة نخبة من البحرية الأميركية لصراع محتمل يشمل الجزيرة".

ويشير تقرير الصحيفة الأميركية إلى أن وحدة "سيل تيم 6" تتدرب الآن على تنفيذ مهام لدعم تايوان في حال حدوث غزو صيني. 

وتجدر الإشارة إلى أن "سيل تيم 6" هي ذات الوحدة التي نفذت عملية قتل أسامة بن لادن في عام 2011، كما أن الفريق يعد إحدى قوات النخبة الرئيسة في القوات المسلحة الأميركية.

ولفتت الصحيفة البرتغالية إلى أن عمليات "التخطيط والتدريب" لصراع محتمل في تايوان مستمرة منذ أكثر من عام في قاعدة الوحدة في دام نيك، فيرجينيا بيتش، التي تقع على بعد حوالي 250 كيلومترا جنوب شرق واشنطن.

وعلى جانب آخر، تلفت الصحيفة إلى أن تعزيز العلاقات بين واشنطن وتايبيه أثار أحد أكبر التدريبات العسكرية الصينية حول تايوان، مع توغلات متكررة للطائرات والسفن الحربية الصينية بالقرب من الجزيرة.

ويوم الخميس، 12 سبتمبر/ أيلول 2024، أفادت تايبيه بوجود حوالي 29 طائرة صينية وثماني سفن حربية وسفينة رسمية تعمل بالقرب من تايوان، وفق ما ورد عن الصحيفة.

توترات متصاعدة

وعلى الرغم من ذلك، ووسط التوترات المتصاعدة، أعادت الصين والولايات المتحدة أخيرا الحوار العسكري. 

والأسبوع الماضي، عقد الجنرال "وو يانان"، رئيس قيادة المسرح الجنوبي للجيش الصيني، أول مؤتمر فيديو مع الأدميرال صامويل بابارو، قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ومن المتوقع -وفق الصحيفة- أن يزور الجنرال وقيادة القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ هاواي، خلال الفترة القادمة، للمشاركة في مؤتمر دفاعي ينظمه الأدميرال بابارو.

ومن وجهة نظر "إي ريفرانسيا"، يمثل حضور "وو" للمؤتمر السنوي لرؤساء أركان الدفاع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ خطوة مهمة في إعادة فتح مسار الاتصالات بين الجيشين.

وفي هذا السياق، تذكر الصحيفة أن وزارة الدفاع الأميركية تعمل منذ سنوات على الدفع نحو مزيد من التعاون مع قيادة المسرح الجنوبي للجيش الصيني، حيث زاد الأخير من نشاطه الحازم بالقرب من تايوان وأجزاء أخرى من بحر الصين الجنوبي.

كما اتفق الرئيس جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج في سان فرانسيسكو، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، على أن الجيشين بحاجة إلى إعادة فتح خطوط الاتصال كجزء من الجهود الرامية إلى استقرار العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. 

جدير بالذكر هنا أن الصين كانت قد أغلقت، في عام 2022، عددا من قنوات الاتصال بين الجيشين احتجاجا على زيارة نانسي بيلوسي لتايوان، وهي أول رئيسة لمجلس النواب الأميركي تزور تايوان منذ 25 عاما.

علاوة على ذلك، كشف مدير وكالة المخابرات المركزية، بيل بيرنز، لـ "فاينانشال تايمز"، أن 20 بالمئة من ميزانية الوكالة مخصصة الآن للصين، وهو زيادة بنسبة 200 بالمئة خلال ثلاث سنوات.

قضية حساسة

وفي إطار ما ذُكر سابقا، تؤكد الصحيفة البرتغالية على أن "تايوان هي قضية حساسة من الناحية الإقليمية بالنسبة للصين".

كما تشدد على أن "الصراع بين بكين والغرب بسبب الادعاء الذاتي لاستقلال الجزيرة يخلق بيئة متوترة، مع التهديد المتزايد بغزو القوات المسلحة الصينية بهدف ضم تايوان رسميا". 

وهنا، تنوه الصحيفة إلى أن الصين تعد الدول الأجنبية التي تعامل الجزيرة كدولة مستقلة خارقة لمبدأ "الصين الواحدة"، الذي يعد هونغ كونغ أيضا جزءا من الأمة الصينية.

ورغم أن الولايات المتحدة، مثل معظم الدول الأخرى، لا تربطها علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان، إلا أنها تعد أهم ممول دولي وأكبر شريك عسكري لتايبيه. 

وهذه الظروف -وفق الصحيفة- أدت إلى توتر العلاقات بين بكين وواشنطن، وتصل إلى أسوأ حالاتها منذ عام 1979، عندما أعادت الدولتان العلاقات الدبلوماسية.

وردا على التقارب بين الولايات المتحدة وتايوان، تقول الصحيفة إن "الصين صعدت خطابها، وتبنت موقفا عدائيا في محاولة للسيطرة على الوضع". 

حيث أصبحت الطائرات العسكرية الصينية تجري تدريبات عسكرية في المناطق الحدودية مع تايوان وتخترق بانتظام المجال الجوي التايواني، مما يعني أن بكين لن تقبل الاستقلال الرسمي لتايوان "دون حرب".

وتضيف الصحيفة البرتغالية أن "الأزمة اكتسبت بعد ذلك طابعا أكثر درامية بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة في عام 2022".

وردا على ذلك، نفذ الجيش الصيني أحد أكبر تدريباته العسكرية حول الجزيرة، حيث أجرى إطلاق نار حقيقي واختبارات صواريخ في ست مناطق مختلفة.

وحسب ما ورد عن الصحيفة، عملت هذه التدريبات كحصار فعال، مما أعاق النقل البحري والجوي حول الجزيرة. 

ونتيجة لذلك، أُلغيت الرحلات الجوية، كما مُنعت السفن من الإبحار بسبب الوجود العسكري الصيني.

ومنذ ذلك الحين، تصاعدت التوقعات العالمية بحدوث غزو صيني بشكل كبير، على حد قول الصحيفة. 

ولكن رغم ذلك، تنقل "إي ريفرانسيا" عن بعض الخبراء، مثل وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أن "الهجوم ليس وشيكا". 

وفي هذه النقطة، تستحضر الصحيفة تأكيد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بأن "بكين مصممة على السعي لإعادة التوحيد في جدول زمني أسرع بكثير".