ديكتاتور يحتقر شعبه وجيشه.. تسريبات للمخلوغ يسب فيها السوريين وجنود النظام والغوطة

"دقائق قليلة تظهر لك شخصا جبانا حكم دولة قادها إلى الخراب"
في الذكرى الأولى لانهيار النظام السوري وفرار رئيسه بشار الأسد من دمشق نتيجة هجوم واسع شنته فصائل المعارضة وقادته "هيئة تحرير الشام" بدعم من الجيش الوطني السوري، ظهر فيديو مسرب للأسد يسب فيه منطقة الغوطة، ويسخر من جنود في قوات النظام.
وانتشرت فيديوهات متداولة للمخلوع الأسد منصات التواصل الاجتماعي في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2025، إثر بثّ قناة "العربية/الحدث" تسجيلات قالت: إنها حصرية، وتظهره برفقة مستشارته السابقة لونا الشبل خلال حديث خاص داخل سيارة خلال جولة في أحد شوارع سوريا.
وأشارت العربية إلى أن هذه المقاطع تكشف جانبا من طبيعة النقاشات الخاصة داخل الدائرة المقربة من الأسد، لافتة إلى أنها باتت حديث الشارع السوري؛ لأنها كشفت بالصوت والصورة سخرية الأسد من مآسيهم وآلامهم.
وبحسب ما نقلته القناة، فإن التسجيلات تتضمن مواقف حادة وسخرية صريحة يوجّهها الأسد والشبل تجاه جهات أمنية وعسكرية وشخصيات في النظام، إلى جانب تعليقات مسيئة بحق سكان الغوطة الشرقية؛ حيث ظهر الأسد في أحد المقاطع وهو يقول: "يلعن أبو الغوطة".
وذكرت مصادر القناة أن أمجد عيسى، معاون لونا الشبل، كان يجلس في السيارة إلى جانب الأسد خلال التصوير، مرجّحة أن التسجيلات التُقطت في وقت سابق قبل أن يجري تسريبها.
وتُظهر المقاطع حديثا بين الأسد ولونا الشبل حول أداء حزب الله؛ إذ قالت الأخيرة: إن الحزب كان يتباهى بقدراته، "والآن لم نسمع له صوتا"، كما يسجّل الفيديو سخرية متبادلة من جنود سوريين ظهروا في مناسبات سابقة وهم يقبّلون يد الأسد.
وفي مشهد آخر، سألت الشبل الأسد عن شعوره عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن، ليجيب: "لا أشعر بشيء"، قبل أن يضيف في سياق تقييمه للوضع السوري: "لا أشعر بالخجل فقط بل بالقرف".
كما تتضمن التسجيلات انتقادات لاذعة للشرطة ووزير داخليته؛ إذ تقول الشبل: "شو مبسوط وزير الداخلية بالشرطة تبعه، وكل شوية ينزلوله خبر على الفيس".
ويظهر الأسد في المقاطع أيضا وهو يسخر من اللواء سهيل الحسن، بعد تعليق من الشبل قالت فيه: إن الحسن "مو فاضي، حاطط رجله على جبل قاسيون وعم يتصور ومعه مرافقين روس"، ليصفه الأسد بأنه "صاحب النظريات الغريبة".
ووصلت السخرية إلى حدّ تطرق الأسد لاسم عائلته قائلا: "يجب تغييره باسم حيوان آخر"، قبل أن يتحدث باستخفاف وسخرية عن السوريين قائلا: "ينفقون على المساجد وما معهم ياكلوا".
بدورها، سخرت الشبل من نداء عسكري للأسد عبر اللاسلكي، ووصفت الشعب السوري بأنه "مهذب" بطريقة ساخرة، كما ظهرت في فيديو آخر تقول للأسد: "شبابنا عفشوا جوبر وما خلوا فيها شي".
كما بينت التسجيلات المسربة الحصرية للشبل تقول للأسد: أنت "مالك نفس بالحديث عن المواضيع الإنسانية أما المواضيع العسكرية يالطيف"، وذلك أثناء جولة بالسيارة بين مبانٍ مدمرة وشوارع خالية من المارة.
وفي فيديو آخر، ظهر لواء في نظام الأسد يقول لبشار أمام عدد كبير من الجنود: "أقبل يدك وقدمك".
وأفاد مراسل العربية محمود الواوي، بأن هذه التسريبات كانت موجودة في القصر الجمهوري بمظروف مكتوب عليه "سري للغاية"، إضافة إلى وثائق شخصية للشبل. مشيرا إلى أن بعض الأشخاص عثروا على فيديوهات الغوطة في 8 ديسمبر 2024.
وتجدر الإشارة إلى أن الثوار السوريين تمكنوا في 8 ديسمبر 2024، من دخول العاصمة دمشق، معلنين الإطاحة بنظام بشار (2000 - 2024)، الذي ورث الحكم عن أبيه حافظ (1970 - 2000).
وأثارت تسريبات الأسد والشبل موجة غضب عارمة بين الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، وبرزت توصيفات عدة لرئيس النظام المخلوع منها أنه "خائن، عميل، ديكتاتور، مستبد، سيكوباتي، معتل نفسيا"، وغيرها من التوصيفات الأخرى.
وذهبوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #بشار_الأسد، #تسريبات_بشار_الأسد، #لونا_الشبل، وغيرها، إلى أن التسريبات كاشفة لشخصية الأسد الحقيقية وما يعانيه من اضطرابات شخصية ومشاكل نفسية.
فيما رفض آخرون الذهاب لهذه المنطقة ووصم الأسد بأمراض وصفات نفسية والتعامل معه كـ"مريض" أو معتل نفسيا؛ لأن هذه الصورة تغسل يده من الجرائم التي ارتكبها بحق السوريين طوال فترة حكمه، مستنكرين تعجب البعض من هذه التسريبات والإصابة بالصدمة منها.
ديكتاتور مستبد
وتعليقا على التسريبات المنسوبة للأسد، رآها الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج، أن كاشفة لحقيقة الديكتاتور الذي يحتقر شعبه، وجيشه، ومن يحارب دفاعا عنه، وحتى حلفاءه، مؤكدا أنهم كذلك يكنون له نفس مشاعر التحقير والكره والاستخفاف.
وقال: "لم تكن يوما العلاقة بين الديكتاتور والآخرين مبنية على ثقة أو محبة أو انتماء أو أي بعد أخلاقي، وإنما هي منظومة الخوف والمصلحة والارتزاق". مؤكدا أن هذا حال كل دكتاتور، فليس الأسد هنا بدعا منهم، وإنما هو مجرد نموذج كاشف شارح، بعيدا عن ادعاءات الإعلام ووسائل التواصل وأكاذيبهما.
وعد المدير العام السابق للإيسيسكو عبدالعزيز التويجري، تسريبات لونا وبشار "فضيحة ثقيلة العيار تكشف جوانب من شخصية مجرم حقير جثم على صدر الشعب السوري ردحا من الزمن، وانخدع به رهط كثير".
وأكد خبير إدارة الأزمات مراد علي، أن التسريبات المنسوبة للأسد "تكشف الوجه الحقيقي للطغاة".
وقال: "رجل يعبّر عن قرفه من وطنه سوريا، ويسخر من جيشه وشعبه ومساجده، بينما يتبادل المزاح مع إعلامية مقربة منه بصورة لا تليق لا بمقامه الرسمي ولا بعلاقة محترمة بين رجل وامرأة، فضلا عن أن تكون بين رئيس دولة ومذيعة".
وأضاف أن هذه اللقطات تُسقط قناع "القائد الأسطورة" الذي يصنعه الإعلام، وتُظهر أن خلف تلك الصورة المزوّرة شخصيات هشّة وتافهة لا تحترم شعوبها ولا مسؤولياتها.
وأشار علي إلى أن الطغاة غالبا ما يختبئون خلف خطاب القوة، ولكن لحظة الانكشاف -بتسريب أو سقوط أو شهادة داخلية- تكشف تفاهة البنية النفسية التي تحكم مصائر الشعوب.
ولفت إلى أن التاريخ يخبرنا أن ما يظهر اليوم مع الأسد سيتكرر مع غيره، فكل نظام استبدادي ينهار يترك خلفه طوفانا من الفضائح يكشف سوء التقدير وحجم الفساد والفراغ الأخلاقي في قمة السلطة.
وذكر علي، أن "الشبل المذيعة التي تتبادل المزاح مع الأسد في الفيديو ماتت في ظروف غامضة وسط شائعات مثيرة". متسائلا: “ماذا تتوقعون حين يسقط طغاة آخرون يحكمون بلادنا؟ ماذا سنكتشف؟”
دأب الطغاة
وتأكيدا على أن ما قاله الأسد هو دأب الطغاة والمستبدين، قال السياسي المصري يحيى موسى: "كلهم بشار، ذات الخسة والدناءة، ونفس المصير المحتوم طالما تمسكنا بحق بلادنا في العدل والحرية والكرامة".
وأشار عز الدين دويدار إلى أن الكلام الذي قاله الأسد خلف الكاميرا، وظهر كتسريبات، يقوله رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي أمام الكاميرا عادي.
وأشار إلى أن السيسي "ياما سخر من مصر والمصريين، ياما عاير مصر والمصريين، ياما تعجرف علي مصر والمصريين، ياما تسربت له حوارات وكلام يكشف سطحيته وتفاهته وأمراضه النفسية!!".
ورأى إبراهيم خليل إبراهيم، أن لا غرابة في تسريبات الأسد، مؤكدا أن "كل دكتاتور دموي يعاني بمشاكل نفسية ودماغية تجعله يميل لاستحقار شعبه وتقسيم المواطنين والاستهتار بالحكم (..)".
وقال: إن "سقوط الأسد مستحق؛ لأنه لم يحترم شعبه ولم يوفي بالإصلاحات كما وعد، بل زاد الفساد والمحسوبيات بعهده وأصبحت سوريا أرضية سهلة للاختراقات الاستخباراتية بسبب سوء الحكم والإدارة".
معتل نفسيا
وفي تحليلات نفسية لشخصية الأسد، قال استشاري الطب النفسي ملهم الحراكي: إن شخصية كبشار الأسد لا تحتاج إلى طبيب نفسي ليكشف عللها الواضحة لأي إنسان، كبيرا كان أم صغيرا، ولا أعتقد أنه مريض نفسي، كما يمنحه البعض شيئا من الشرف، أو حتى التبرير لكل إجرامه على هذا الأساس.
وأضاف: "على الأقل، لو كان كذلك، لكان انتحر بعد كل هذه الإهانات التي وُجِّهت إليه، والفضائح، ثم الهروب المُذلّ، واللجوء الأكثر إذلالا في موسكو، ليستمر فيها كلاعب gamer على جهاز، بعد أن كان يلعب ببلد كامل ومصير ملايين البشر".
وتابع الحركي: "ها هو يصف نفسه وعائلته بالحيوانات! والله أبرأ بالحيوانات من هذا الوصف، بل الحيوانات أعلى وأكرم، وهم أضلّ منها وأسفل".
ورأى أن أقرب ما يكون لوصف الأسد، بأن لديه خلطة من سمات شخصية نرجسية سيكوباتية، تشكّلت وأسّس عليها في ظلال طفولةٍ مليئة بتعلّم الشر، ومع كثيرٍ من الإهانة من وحشٍ بشريّ هو أبوه المجرم، مع تمييز أخيه باسل الأكثر إجراما؛ لكنه تفوّق عليهما في الإجرام والإفساد، ولكن بمنتهى الغباء والسذاجة.
وأوضح الحراكي، أن النتيجة لإهانات والد الأسد له، أنه لعن بلدا عظيما كسوريا. مشيرا إلى أنه قال: "يلعن الغوطة الذي ذبحته ذبحا".
وأوضح الصحفي قتيبة ياسين، أن ما عرض ليست تسجيلات مسربة بل المشاهد التي تم قطعها من الفيديوهات التي كانت تنشرها صفحة رئاسة الجمهورية. قائلا: “أي إن بشار يعرف أن الكاميرا تصوره وهو يقول ذلك، فتخيل ماذا يقول دون كاميرات؟”
ورأى أنها "دقائق قليلة تظهر لك شخص سيكوباتي معتل نفسيا جبان ويحكم دولة قادها مع مؤيديه إلى الخراب".
وقال المغرد نايف: إن التسريبات تكشف عن معتل نفسيا يحمل اضطرابات نفسية متناقضة مثل النرجسية ويقابلها احتقار الذات والانفصال عن الهوية والثقافة.
وأكد المغرد إياد، أن İالفيديوهات المسربة للمجرم بشار والمقبورة الشبل لا تعبّر سوى عن شخص مخبول ومجرم كان يتحكم في أرواح البشر في سوريا، ليس لديه أي ذرة انتماء لسوريا ولا لشعبها، شخصية مريضة كان مكانها الحقيقي السجن ومشفى الأمراض النفسية والنرجسيةİ.
وأضاف: "الآن تأكدت من التسريبات السابقة التي تحدثت عن أنه يقضي وقته في ألعاب الفيديو في روسيا، بعد تدمير سوريا لديه من البلاهة التي تجعله يقضيها ألعاب".
في المقابل، تحفظ المحامي عادل خليان، على الترويج للأسد ومحاولة تقديمه كمختل عقليا أو أبله مستهتر، وعدها أكبر خدمة مجانية تُقدَّم للجلاد؛ لأنها تهدف إلى نزع صفة الإجرام الممنهج عنه وتحويلها إلى مجرد جنون فردي، وتخفف وطأة الجرائم من قرار نظام متكامل في الإجرام إلى فعل فرد غير مسؤول.
وأكد أن هذا الطاغية كان يعمل بدقة، بحسابات باردة ومدروسة، بعقل شيطان أزرق، وأن دمار 14 سنة، وقتل مليون إنسان، واختفاء قسري للآلاف، وتشريد الملايين، لا يتم بقرار أبله، بل بخطة شيطانية من مجرم حرب حقيقي.
وقال خليان: "يجب أن يبقى الأسد في ذاكرة أطفالنا كما هو، المجرم الذي دمر البلاد وقتل الناس بدم بارد، وليس شخصية كرتونية ساخرة"، معربا عن قناعة بأن الأسد هو من دفع بتسريبها ليرى العالم أنه "مجرد ساخر أبله" لا يعرف ما يحصل.
وحذر بالقول: "لا تغركم المظاهر، ولا تسمحوا بتحويل السفاح إلى نكتة.. هو مجرم حرب قذر، كان يدفع راتب جنوده الذين يُقَبِّلون يده، وفواتير الكهرباء والخبز والسلاح، من تجارة المخدرات، وكان يتغذى على دم الأطفال ويتلذذ بمشاهد البراميل".
واستنكر أبو محمد، أن أرواح أزهقت وبلد خرِّبت من أجل رئيس معتوه كان يلعن شعبه ويسخر منهم ويسب حلفائه، واصفا ذلك بأنه "شيء مخزٍ ومقزز".
ورأى الناشط تامر قديح، أن لا غرابة فيما حدث في تسريب الأسد، مؤكدا أن مَن لا ولاء له لشعبه وبلده لن يكون له ولاء لأحد.
وأشار إلى أن الأسد سخر من بلده ودمّرها، وسخر من جيشه وهو يُقبّل يديه، وسخر من كبار ضباطه الموالين له، بل وحتى من حلفائه ومن ضمنهم حزب الله، وكل ذلك أثناء خوضهم معركة من أجل بقائه في السلطة، بينما لم يكن على دراية حتى بتوزيع القوات على الأرض.
واستنكر أن من أجل هذا النكرة قُتل مئات الآلاف من السوريين وهُجِّرَ الملايين، وقد دفع حزب الله ثمنا باهظا لذلك ولا يزال يدفعه حتى يومنا هذا.
صدمة مستنكرة
واستنكارا لتعليقات البعض التي تتحدث عن "صدمة" الناس مما فضحته التسجيلات المسرّبة للأسد مع الشبل، قال الباحث لقاء مكي: "لا أستطيع تفهم سببا لهذه الصدمة، فاحتقار الرعية من طبائع المستبدين".
وأكّد أن “ذلك لم يكن ليحصل أصلا لولا هوان بعض الرعية ممن يقبلون الأيادي والأقدام، وينكلون بأبناء شعبهم على أمل إرضاء الحاكم”.
وقال مكي: "بين المستبد ورعيته صورة الإنسان الخارق التي يمتهن بها وعي الناس ويسيطر عليهم، وقدر الثورات أنها تكسر هذا الزيف وتضع الحاكم حيث يجب أن يكون، كما هو قدر العبيد أن يجرموا أو يموتوا في سبيله فيضحك عليهم في سره، كما فعل بشار ولونا".
وعلقت فاطمة الألمعي، على تسريبات الأسد والشبل، بالقول: "مجرم قذر لا أستغرب من بشاعة أخلاقه وطبعه، بل إني أستغرب أن السوريين يعيشون صدمة بسبب هذه التسريبات على حسب كلام مراسل قناة العربية"، متسائلة: "ما الذي تتوقعونه ممن قتل شعبه بدم بارد؟!!!".












